Ads by Google X

قصة العتب على النظر كاملة بقلم ياسمين جمال ابو السعود

الصفحة الرئيسية

 قصة العتب على النظر كاملة بقلم ياسمين جمال ابو السعود

قصة العتب على النظر كاملة

قصة العتب على النظر كاملة

- آسف .
تمسكت بصحنها جيدا وقالت
- مفيش مشكلة .
سألها متحرجا
- بتدوري على طربيزة .
- اه .
- تعالي ندور على واحدة . خليك ماشية على الخط ده .
ظلت وراءه تتلمس بقدمها وعورة الأرض تحتها فهي مرشدهم الوحيد تمتمت
- كان يوم ما يعلم بيه إلا ربنا !
سمع كلمتها وعلق
- بتقولي حاجة ؟
اندفعت كعادتها
- أصل أنا غلطانة ؛ حد يجي لمطعم اسمه ضلمة .. أنا مش شايفة كف إيدي !
ضحك وسمعت هي ضحكته وأردف بعدها
- طب وإيه اللي غصبك .
- فضول .
وعقبت
- فضول منيل .

- طب تعالي اقعدي لقينا واحدة .
جلست وجلس هو قبالتها ، يتلمسون الطريق بخشونة الأرض وتلك اللمبات الصغيرة جدا التي تدل على مكان المنضدة الفارغة ، وما إن يجلس على تلك الأخيرة حتى تطفئ اللمبة . ويكأنها كانت تفعل شيئا !

وضعت صحنها وسمعته يقول
- الحمد لله على نعمة النظر.

ردت
- أهو ده بقى سبب كفاية إنك تيجي هنا ، صح؟
- لا ، مش ده السبب .
وضعت طعاما لم ترى شكله في فمها وقالت
- أمال إيه سببك ؟

ولم تمهله الوقت ليرد حتى قالت بتلذذ
- لذيذ أووي الطبق ده .
وأكملت بتهكم
- مع إني ولا أعرف له شكل ولا اسم .

ووضعت الملعقة للمرة الثانية
- بس طعمه إيه ، حكاية !

تلمست ضحكته من قوله
- يعني ايه متعرفيش له اسم ؟ هو مش انت اللي طلباه بردك !؟

- أيوة أنا ، بس أنا قلت للنادل هات الطبق الرئيسي للنهاردة ، وهو جاب ده .
عقب
- غريب .
أردفت هي
- الشيطان .

سأل
- انت بنت وللا متزوجة ؟

أجابت سريعا
- بنت طبعا .
- آسف إني بسأل سؤال زي ده بس ...
رفعت عنه حرجه
- كمل ، كمل ..
- طيب بما إنك بنت .. انا أعرف عن البنات مبيسبوش تفصيلة .. يعني مثلا لما يجي مثلا حد يخطبها بتعرف يوم ما تولد ، وأمه عايشة وللا ميته ، بيحب يلبس إيه .. هو كاجوال وللا لا .. طيب مقاس جزمته كبير ولا صغير وووو

- بس ، بس .. هو في إيه . ده كله ليه .. لو في نصيب بكره هتعرف لما يتجوزوا ، مفيش .. يبقى ملوش لازمة .

رد باستغراب
- معقول !

ردت عليه و كأنه يغني
- لا مش معقوووول ! .. هو إيه بقى اللي معقول ؟

- إن في بنت مبتحبش الحجات دي .. أو مش عايزة تعرفها .

ردت بانكسار لا حظه في نبرتها
- اه في بنات مش فضولية كدة ..

حاول تغيير نبرتها
- مش هو الفضول اللي جابك هنا بردك ..
ردت
- من ناحية الأكل .. مفيش لا للفضول ، وللا إيه ؟

ضحك عليها بملئ صوته ، وهي لأول مرة لا تتضايق من أحد يضحك عليها .. ربما لأنه لا يراها . وسألت
- مقلتش ، إيه اللي جابك في الضلمة دي ؟
- تعرفي إن الضلمة دي نور عن برة !

سألت وكأنها تعرفه منذ زمن
- ازاي بقى يا فليسوف زمانك!

- الضلمة هنا حوالينا .. عارفين إنها ضلمة ، لكن برة الضلمة متخفية في وشوش الناس .. مش عارف تفرق بين اللي جوة واللي برة .. حالة كدا كل ما تحاول تنورها تلاقيها ضلمة أكتر .. ومشكلتك الكبيرة انك مش عارف كمية الضلمة اللي جوة وكل ما تحاول تنور جزء تلاقي في جزء أكبر جايلك . فهنا أحسن .

- بس مش كل الناس ضلمة .

- النور قليل ! قليل أووي .

- دور على القليل وهتلاقي اللي يناسبك .

- أنا عامل زي المغناطيس مبجذبش إلا الضلمة ..
ورد بألم أكثر
- ضلمة بس !

ردت مازحة
- ياعم ما انت جذبتني أهو .. يبقى مش كله ضلمة .
قبل مزحتها و قال
- هو انت مش شايفة النور اللي حوالينا وللا إيه .. دا انا حتى مش شايف كف إيدي .

- شفت بقى علشان أقولك .. دا أنا منورة الدنيا كلها .

سمعا أحد النادلين يقول
- آسف يا جماعة ، بس أحب أقولكم إن الكهرباء قطعت في المدينة لمدة نصف ساعة .. استمتعوا بوقتكم .

قال لها
- شفت نورك غطى على المدينة كلها .
لم تستطع إمساك نفسها من الضحك وقالت من وسط ضحكاتها
- والله أول مرة تحصل ... أنا فعلا فقر !
هدأت قليلا
- هو بيعرفنا ليه !
أجابها ساخرا
- شكله سمعك .

تمتمت
- حاجة غريبة !
انتهت من طبقها وحمدت ربها وقالت
- استئذنك بقى .. هروح للضلمة إللى برة .

سألها بود
- هشوفك تاني هنا .

- قصدك تسمع صوتي تاني !
- بالظبط !

- خليها للصدفة .

وذهبت تحاسب على طبقها. وهو ظل يتمتع بظلمته التي يعرف هيئتها .

بعد أسبوع
- لا بقى ، دا انا مقصودة أتخبط هنا .
- الصوت ده مش غريب علي .

أجابت بعفوية
- أخيرا يا أخي ..دا أنا غلبت خبطات في الناس ..

- يعني إيه !

- تعالى بس نقعد .. مش انت بتاع الضلمة بردك ..

- ببعها وللا إيه .. إيه بتاع الضلمة دي .

- يبقى انت .. يللا بينا .

تلمسا الطريق وجلسا
- انت كنت بتدوري علي ليه ؟

- تقدر تقول ...
سكتت وحثها هو
- أقول إيه !

- بصراحة ملقتش كلمة مناسبة.

- فضول !

- هو ده .
وضحكت .. قال
- هو انت الفضول دايما كدة ممشيكي .

- أعمل ايه .. وكمان لولا الفضول مكنش حجات كتير اتكشف أو بانت أو حتى اتخرعت .. يعني من الآخر الفضول اللي ممشي الدنيا دي كلها .

- طيب ، اتخبطي في كام واحد قبلي ؟

- متعدش !
-يعني إيه .
- أنا كنت عاملة زي قطر اصطدام .. كل ما اتحرك خطوة ألبس في حد .. ست بقى راجل .. أي نيلة أدامك تلبس فيها .

- ومزهقتيش !

- أبدا .
- ليه .

- مش عارفة .. بس أظن الناس هنا حفظوا صوتي.. دول كل يوم بقوا يسمعوه .

- إنت كارثة متحركة يا بنتي .

-تؤ تؤ .. قطر اصطدام.. أنا خلصت هقوم امشي بقى

- خليك شوية .

- مينفعش .. صاحب الشغل مستقصدني . مش عارفة أعمل معاه إيه .. ؟ معندكش حد يعمل عمل يخليه يحبني مثلا .

- مرة واحدة كدة يحبك ! طب قولي يهدى ، يبطل استقصاد .. لكن حب ! فلتت منك دي !!

- شكلي مش طايلة منك حاجة . إنت جاي بكرة صحيح !

- طبعا هاجي .
وكان هذا قرارا لحظيا .. فهو لا يأتي سوى هذا اليوم .. ولكنه سيأتي غدا .. ربما هو مجرد فضول !
___________
في الظلمة نور ، وفي النور ظلام .
وفي العين دموع تأبى أن تسال .
وفي الوجه نور دون جمال .
والعين باصرة فقط للحِسان .

وفي الفؤاد ألم وتخبط وانهيار .
والقلب آمل أن هناك نهار .
ودليله محط اختبار
فمن سينظر لها وهي بهذا الكم كيلوا جرام !!

نزلت من على الميزان
- زدت مرة أخرى !!
وفي النهاية إحباط ثم قرار
من الغد ستبدأ في الحمية وعليها الالتزام .

_____

الفصل الثاني 

مدت يدها من خارج الغطاء ، فتمسك بهاتفها ، نظرت للساعة ثم أغمضت عينيها ، وفجأة صرخت ، منفصلة عن سريرها في وداع لساعات فقط وما على لسانها سوى كلمة
- يا نهار اسود اتأخرت .
وبسرعة مهولة لا تدرك أنها تمتلكها كانت خارجة من شقتها ، تحاول ارتداء حذاءها وبيد تمسك ساندويتش والأخرى تملك حقيبة سوداء كبيرة إلى حد ما.
حمدت ربها ؛ فهي حضرت بعد موعدها المحدد فقط بخمس دقائق ، تستحق جائزة لذلك.
- بسرعة ، خلصي الورق ده .. المدير محتاجه .

تبا لتلك جائزة !
أخرجت بعض سكاكر ، وضعتهم أمامها ، ومثلت أنها تشمر عن ساعديها
- استعنا على الشقى بالله .

نظرت للملف كنظرة أخيرة راضية ، وإلى سكاكرها الفارغة والمنتهية بنظرة غير الأولى .
- ها خلصتي ؟
انفرجت أساريرها
- طبعا يا بنتي ؛ هو في زيي .
ألقت السكرتيرة نظرة خاطفة على الملف
- على الله يعجبه .

ردت بثقة تمتلكها في عملها
- طبعا هيعجبه دا تيسير اللي عملاه .

ألقت السكرتيرة عليها نظرة تهكم
- إما نشوف يا ست تيسير .

وخرجت من الغرفة التي تحتوي الأخيرة متجهة إلى المدير ، خبطة رتيبة ثم فتح الباب تتبعها ابتسامة زائفة لشد الانتباه _إن وجد من الأساس _ . انتبه المدير لدخولها
- اوعي تقول لي خلصتي الملف !

ردت بثقة
- طبعا يا فندم ، حضرتك تطلب حاجة ومنفذهاش.
مدت يدها له بالملف
- اتفضل ، راجع بنفسك وشوف إنك مش مشغل أي حد عندك .
استلقى الورق منها ، موزعا بصره بنظرات دقيقة
- والله دايما بتبهريني ؛ سرعة وإنتاجية .

مثلت التنفس والراحة ثم استلقت كلمات مدح أكثر ، يالله كم التمثيل أمامه بالصعب .
وجدته يخرج من مكتبه على غير العادة
- حضرتك كنت عايز حاجة ؟

أجابها
- خليك ، خليك .. في مطعم قريب من هنا هتغدى فيه وهاجي .
- مش كنت فيه امبارح؟
وجدت منه الاستغراب ، فأعطته الجواب
- مش سكرتيرة !
ولم يعقب ، واكتفى بالانسحاب .
_______
- رايحة فين يا تيسير ؟
ولم تجاوب الأخيرة فردت على السائل زميلتها
- دا وقت غدا ؛ طبعا رايحة تاكل .
وابتسامة لم تصل للعين من تيسير ثم هروب
- يا ترى مستنيني وللا لا ؟

ركبت المصعد وبجانبها المدير ، ثم افترق الاثنان .

وصلت هي المطعم أولا ، ووقفت على بابه قليلا ثم تريث في الدخول لتعتاد الظلام ، ويكأنها لا تخبط في الناس كل يوم .
طبقا رئيسيا لليوم طلبت .
وبجانب مكان الطلب انتظرت .
وبعد وقت ليس بالكثير .
صوته رن في أذنها ؛ فسمعت .
- ها أنت ..كنت أنتظرك .
تبسم ولم ترى هي الابتسامة
- خبطي في حد انهاردة ؟
- لا ، فضلت واقفة هنا مستنياك .
-طب تعالي نقعد .
وما إن حصل الأخير
- اليوم أنا اللي مستعجل .
ألقت محتوى معلقتها
- ليه ؟
أجابها ببساطة
- عندي شغل كتير، بس علشان وعدتك أجلت كل حاجة .

توقفت عن الكلام .
والأكل والإحساس.
أهذا هو الاهتمام !

- إنت ساكتة ليه ؟
أجبرت على الجواب
- باكل .
ضحك بملئ صوته
- إنت فظيعة .. اسمك إيه ؟
- تيسير . وإنت ؟
- محمد . أنا خلصت .

سألته قبل الرحيل
- هتيجي تاني بكرة .
- رغم إن عندي meeting مهم بس هاجي . اسمع صوتك على خير .
___________

نظرة خاطفة في المرآة ، تنبئها عن سوء الحال .
قررت اليوم التغيير ، فكان مصيرها الأكل الكثير.
ليست عن حالها راضية ، ولا هي بجمالها مشرقة.
خبئته تحت الدهون ، وفي اللبس الواسع ، وعن الألوان كارهون .

هي ليست نفسها ، ولا تلك هي حياتها.. شاطرة هي في عملها ، ولكن ماذا عن نفسها؟
تشعر بالنقص في روحها ، وأين يكمن جمالها ، لم يخلقها هكذا ربها ، فأي سواد سولت لها نفسها ..
علي أنا كتيسير ، علي أنا التغيير .
وأغلقت مفكرتها ، لتسحب في بحر أحلامها ، متمنية من ربها ، أن يحدث التغيير لحياتها .

__________________

داخلها راحة بقربه ، وتنتظر اليوم للقائه ، تهرب من العمل كالعادة، لتفعل شيئا على غير العادة.

مطعم ضلمة كان لها بصيص نور، لقت فيه شحصا لا يرى فيها غير روح ، تتحدث معه غير خائفة من التنمر أو النفور ، بسبب ما تملكه هي من الدهون !

هناك الكثير ممن حولها مثلها ، ولكن بينها وبين نفسها ، ليست ما تريده هي ..
ترى نفسها في سجن محكوم ، أغلقته على نفسها ومعها مفتاح الخروج ، فتكسل أن تمسكه وتسمح لنفسها بالهروب .
فلا هي راضية عن نفسها ،ولا هي تأخذ خطوة نحو الهروب .

ملابس لا تستطيع أن ترتدي ما تريد .
ألوان ، في السواد والبني والغامق هي ما ترتاد .
بحجة بسيطة ، أنهم لا يبينون تفصيل الأجساد .

في المواصلات تخاف من نظرة الركاب .
هي سمينة فلن نأخذ راحتنا
وعلى مسمعها ، يصل كلمتهم إليها .
تحزن في نفسها ، ولكن هل تأخذ هي خطوتها ؟

والزواج ، أريد الشباب .
وليس أنثى في مرحلة المشيخ
تمرض مني ونطلب لها الطبيب
أريدها حيية ، أريدها نشيطة ، أريدها أيقونة من الجمال .. وليست تلك التي تعتبر مجموعة من المنحنيات .

والكثير ... وفي كل درب أسباب كثير.
تلاحظ كل هذا وتضع حنقها في الأكل .
فتأتي النتيجة عليها بالسلب .
دائما للأسوأ.

سألته
- هل يحب الرجل المرأة السمينة أم الرفيعة ؟

رد عليه بأدب واحترام
- أذواق !

- وأنت ؟ واعذرني في السؤال .

- عايز النشيطة ، عايز اللي تحول ضلمتي لبهجة وألوان .

- جوابك ، غير مريح .

- أخاف عليك من التجريح .

- عايزة الصراحة .

- عايز واحدة لا تحركها شهواتها ، وتعمل اللي هي عوزاه.. الأكل شهوة و لما بتزيدي فيها ؛ يبقى الشهوة هي اللي بتتحكم في الإنسان . وأي عاقل يقبل هذا الكلام ! عايزها منضبطة تعرف امته تعمل الحاجة وامتى لا !

ردت بانكسار
- الرفيعة باختصار !

ردت عليها مهونا
- وربما السمينة ، بعد أن تحصل على القرار .

سألته
- أي قرار ؟

أجاب
- الانضباط !

حزنت ، رغم امتلاك المفتاح ، وأغلقت على نفسها كل الأبواب . فلا عمل ولا مطعم ولا شيء هذه الأيام .
هي وحزنها ودموعها وشهقاتها المرتفعة والمنخفضة سيبقون على هذا الحال .

_________

في الشركة
- إلهاااااااام !

دخلت السكرتيرة
- نعم يا فندم !

- مجبتيش ليه الملف ؟

- بخلص فيه يا فندم .

- انت بقيتي بطيئة ليه كدا .. انجزي عندي اجتماع كمان نص ساعة ..

- حاضر، حاضر .

خرجت إلهام ولا تعرف ماذا تفعل؟ أين تلك البائسة ، لم لم تأتي اليوم ؟؟

يتبع الفصل الثالث اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent