Ads by Google X

رواية طيف السلطان الحلقة الثالثة 3 بقلم قسمة الشبيني

الصفحة الرئيسية

رواية طيف السلطان الحلقة الثالثة 3 بقلم قسمة الشبيني

رواية طيف السلطان كاملة

رواية طيف السلطان الفصل الثالث

تطلعت لصاحب الصوت فوجدته ذو بنية جسدية تقل كثيرا عن المتعدى ..زاد ضيقها وتوجست خيفة أن هذا الضخم سيبرح هذا الشاب ضربا وسيكون يومها الأول هو الأخير .

اشاح الضخم بكفه : مالاكش فيه يا سلطان .. دى بت عاوزة تتربى علشان تعرف مين كبير الطريق .

اقترب الشاب فوقف بينها وبينه : ومن امته الطريق ليه كبير يا نمر ؟؟ انت علشان سكتنا عليك هتسوق فيها ولا إيه ؟؟

زاد غضب هذا النمر وتحول نحو المدعو سلطان ناهرا : انا كبير الطريق يا سلطان ومفيش حد هيقف يسترزق هنا غير بإذنى وبعد ما يدفع المعلوم كمان

رفع صوته ناظرا حوله : والكلام للكل .. من النهاردة فى معاملة جديدة .

عاد ينظر لها : وانت كفاية عليكى البريزة اللى اخدتيها من الزبون وباقى العيش معلوم الأسبوع ..

جذب سلطان منه الوعاء بنفس الطريقة التى سلباها إياه بها .. اتسعت عينيه وهو ينظر لكفيه خاويين وفى لحظة كان الخبز بين يديها لتتراجع بخوف .

رفع نمر كفه وقبل أن يتمكن من لكم سلطان كان الاخير يضربه بتلك العصى الغليظة التى يحملها .

اسرع البعض يقترب لكن زاد الأمر سوءا مع اندفاع نمر نحو سلطان ليطرحه أرضا .

أمسك رجلين نمر يعيدانه للخلف لينتفض سلطان واقفا على قدميه مجددا .

اسرع بعصاه يعيد الكرة لكن أحدهم طوق خصره واعاده للخلف : خلاص يا سلطان ده واد شرانى .

لكن سلطان دفع ممسكه عنه : هملنى يا حكيم .. هو فاكر هيعمل علينا كبير ..

أحاط الجميع مجموعة من الرجال أشداء البنية وقد بسطوا اذرعهم الغليظة ليقول أحدهم أمرا : كله عند الحج رماح يلا .

ربت هذا الشاب فوق كتف صاحبه يهدأ من غضبه واحدهم يشير لها : وانت معاهم يا ست .

تحرك الجميع وعلى رأسهم نمر نحو مبنى جانبى مكون من دور واحد وقد تراصت أمامه العديد من السيارات والتى كما يبدو لها معدة للبيع .

فى غرفة جانبية أغلب جدرانها من الزجاج جلس رجل فى عقده السادس خلف مكتب فخم .. دارت عينيه على الأوجه لتتوقف عند نمر : وبعدين يا نمر ؟؟ كل يومين خناقة ودوشة وهتلم البوليس على المنطقة وكلنا نتأذى فى اكل عيشنا علشان جشعك .

نظر نمر أرضا : يا حج رماح ماينفعش الطريق مايبقاش له كبير .. وانا احق واحد محدش شغال هنا زيى .

ابتسم رماح بتهكم : هو انت بتشتغل اصلا ؟؟ انت واقف تترازل على خلق الله وقلت لك قبل كده بلاغ صغير هتتسحب لوحدك والطريق يفضل نضيف .

فهمت من الحوار أن هذا النمر حديث العهد بوجوده هنا لكنه ترك أثرا سيئا فى نفوس الجميع ، فعمله الذى يتشدق به ينحصر فى جباية المال من الضعفاء فى الغالب وقد كسدت بضاعته التى لم تزد عن علب السجائر والمناديل الورقية فيبدو أن ملامحه الفظة تنفر الزبائن منه أو ربما هيئته التى يبالغ فى إظهار قوتها .

تحذير شديد اللهجة من هذا الوقور كان كافيا لتنكيس رأسه والاذعان .

نظر لها الرجل اخيرا بعد أن اشبعه توبيخا : وانت يا بنتى إيه رماكى الناحية دى ؟؟

تلفتت حولها وكأنها تتأكد أنه يتحدث لها ثم قالت : اكل العيش يا حج .. انا بخبز طول الليل فى الرغيفين دول وماحلتيش غير تمنهم عاوزة ارجع بيه وكنت واقفة فى حالى والله.

اعترض نمر : لا واقفة جمب نصبتى هى تبيع وانا ينخرب بيتى .

نظر له رماح مستخفا ثم عاد لها قال : هو صعب تلاقى حد يرضى تقفى جمبه والجيهة زى ما انت شايفة مافيهاش متر فاضى .. شوفى لك حتة تانية اقفى فيها .

اعترضت هى أيضا : دى أقرب منطقة لنواحينا وانا باجى وهروح مشى .. اروح فين بس ؟؟

اسرع شاب من الموجودين : تقف قدام قهوتي يا حج وربنا يرزق الجميع .

أومأ الحاج مستحسنا : ماشى يا حكيم اقله زباينك كلهم يشوفوها . اتفضلوا يلا

لاحظت أنه لم يتحدث طيلة تواجدهم بمكتب هذا الوقور .. كان نمر اول المغادرين أيضا ليناديه رماح : سلطان .

نظر له الفتى بتأدب : أمرك يا حج

ابتسم الرجل بمودة بالغة : يسلم دراعك .. سكوت الناس وخوفهم هو اللى بيكبر أمثاله .

ابتسم سلطان وأفسح الجميع لها مجالا لتمر أولا لتشعر أن هذا المكان رغم كل آفاته إلا أن هؤلاء الرجال يعلمون كيفية معاملة امرأة .وهى لم تحظ كثيرا بتلك المعاملة الراقية .

*******

وقفت أمام المقهى حيث حدد لها حكيم ، على الطرف الآخر يقف نمر متربصا لها ناقما عليها ويتمنى أن يحصل على فرصة أخرى لتأديبها .

بدأ بعض رواد المقهى من السائقين يسأل عن خبزها والبعض ابتاع منها بعضا منه .

اقترب منها حكيم ليقدم لها كوبا من الشاى : خدى يا بنت عمى اعدلى راسك .

تناولته منه برحابة : إن شاء الله يسعدك .. بكام الشاى ؟
ابتسم حكيم : المرة دى علينا من بكرة تدفعى .بس انت إيه رماكى على الغلب ده ؟

هزت رأسها : اكل العيش ما هو اللى ياكل قطمة يلطم لطمة .

ضحك حكيم : بس الكلام ده مش للحريم لامؤاخذة .. انت مش متجوزة ولا إيه ؟

الشاحت برأسها : ولا متجوزة ولا عاوزة اتجوز .

ضحك حكيم مجددا : عملت طيب هههههه .. لو عوزتى حاجة نادى عليا .بس اى حاجة إلا الجواز

ضحكا معا وعاد لعمله وعادت تنتظر زبائن يلقى بهم الجوع فى طريق ارغفتها التى يتضاءل عددها مع مرور الوقت.

*************

كان يراقبها منذ جلست بمحاذاته ولحسن حظه كان مقعده مقابلا لها من الأساس فلم يضطر إلى إظهار اهتمامه بها .. سعد لمجرد رواج خبزها الذى بدا له شهيا واخترقت رائحته المحملة بإحتراق الحطب صدره حين انتزعه من نمر الذى لم يخف عليه تربصه بها وسوء النية الواضح بنظراته المتوعدة .

تشجع بدفع من معدته ليتجه نحوها متسائلا : انت يا... اسمك ايه ؟

رفعت رأسها تنظر له : طيف أسمى طيف .

ردد بتعجب : طيف !! اسم غريب .. تعرفى طيف يعنى إيه ؟؟

تصادف مرور حكيم الذي ضحك مجددا : ههههه يعنى عفريت هههههه .

شهقت ونظرت له وكأنها تستنجد به لرفع هذا المعنى عنها لينهره برفق : بس يا جاهل .. طيف يعنى خيال

ابتسمت بخجل : هو انت متعلم ؟؟ هو انت اسمك سلطان .

هز رأسه مبتسما : السلطان .. أسمى السلطان مااعرفش ابويا كان نفسه فى الحكم ولا إيه ؟

اتسعت ابتسامتها لينظر نحو الخبز وينحنى ليحمل بعضا منه : امى هتفرج بالعيش ده جوى جوى .

عادت تتطلع لوجهه : لا هو انت صعيدى ؟؟

رفع حاجبا واحدا : ايوه صعيدى .

اشاحت وجهها عنه : اجدع ناس ..
ابتسم وقدم لها المال لتحاول رفضه لكنه أصر على أن يدفع وهو فى الواقع كان يستزيد من وقته معها .

**********

جمعت المال الذى حصلت عليه بسعادة غامرة ، إنه اكبر مبلغ تحصلت عليه بحياتها صرته بمنديل قماشى قديم ودسته بجيبها لتنهض حامدة الله على فيض كرمه .. اتجهت نحو القهوة تخبر حكيم أنها ستغادر وتعود فى الصباح ثم انصرفت .

وقف حكيم يراقب عبورها الطريق ثم هرولت تجاه منطقة زراعية ولم تمر لحظات حتى كان نمر يتلفت حوله ويتبعها .

اسرع حكيم نحو سلطان : شايف يا سلطان ؟؟
اتجه سلطان نحو الطريق وعصاه بكفه : خد بالك من الفرشة

عبر الطريق مسرعا ليتخذ نفس الإتجاه والذى لم يكن صعبا عليه السير فيه ولم يكن صعبا أيضا تتبع نمر .

سارت لدقائق قبل أن يلحق بها نمر : استنى عندك يا مقصوفة الرقبة .

نظرت للخلف لترى نمر فتقف أمامه بتحدى : انت عاوز ايه يا جدع انت ؟؟

مد كفه لها : هاتى الفلوس اللى معاكى وحسك عينك ترجعى للطريق تانى .

ابتسمت بتهكم : لا تكون فاكرنى خايفة من طولك ولا من عرضك .. انا ما صدقت لاقيت مكان استرزق فيه وبموتى انكسر قدام واحد زيك .

رفع نمر حاجبيه بدهشة : لا ده انت لازم تتربى .

التقطت حجرا من الأرض ورفعته مهددة : لو قربت لى هجيب خبرك .

استمر نمر يتقدم منها ببطء ليخرج سلطان عن صمته رغم إعجابه بتلك القوة التى تتصدى له بها إلا أن قوتها لن تصمد أمام ثور بجسد بشرى مثل نمر : وبعدها لك يا نمر ؟؟

دار نمر على عقبيه ينظر له : ده الحكاية كبيرة على كده .. ونازلين الغيطان كده عينى عينك ؟

تجهم وجه سلطان وقد وصل إليه ما يقصده من معنى : انت ايه شيطان ؟؟

هجم عليه نمر لينحنى متفاديا هجومه ثم يبدأ رده بعدة ضربات مستخدما عصاه التى يتقن استخدامها والتى أوقفت محاولات نمر لصدها مما منحه الوقت ليتقدم نحوه .

ألقى العصى أرضا و أمسك رأسه بكفيه وبضربة رأسية قوية زلزل صرح قوته المتصدع .. تراجع نمر ليتقدم سلطان ويضربه أخرى فأخرى حتى أسقطه أرضا .. انحنى يمسك مقدمة ملابسه يجذبه نحوه بقوة : عارف إن شوفتك فى طريقها تانى يا نمر ...

قاطعه نمر : مش هتشوفنى يا سلطان مش هتشوفنى .

جذبه مجددا حتى إلتصق وجهيهما .. رأى نمر احتراقا بعينى سلطان وكأنهما مرجلين اشتد لهيبهما .. شعر سلطان برجفة نمر فقال بحدة مشيرا لها وبهمس لم تسمعه هى : دى طيف السلطان فاهم .

أومأ نمر ليدفعه بحدة ويستقيم .. وجدها تقف مبتسمة ببشاشة ممسكة بعصاه الذى أسقطه وكانت تلك الابتسامة كخزات المطر التى تساقطت فوق حطب مشتعل فاخمدت لهيبه بتروى .
يتبع الفصل الرابع اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent