Ads by Google X

رواية ملك عمري المشهد التاسع والأخير بقلم سارة علي

الصفحة الرئيسية

رواية ملك عمري البارت التاسع والأخير بقلم سارة علي

رواية ملك عمري كاملة

رواية ملك عمري الفصل التاسع والأخير

في احدى المستشفيات الخاصة ..
كانت ملك تجلس على احدى الكراسي الموضوعة في ممر المشفى تبكي بصمت بينما ريم تسير ذهابا وعودة وهي تشعر بقلق شديد ..
توقفت عن سيرها وهي تستند على الحائط وتدعو الله ان يحفظ لها والدها .. لقد فقدت وعيها تماما وتفوهت بكلمات صعبة لم يتحملها والدها .. كيف فعلا هذا ..؟! كيف وصل بها الحقد الى هنا ..؟! هي لن تسامح نفسها ابدا اذا حدث لوالدها شيء ما ..
انتبهت الى خالد الذي تقدم نحويهما راكضا قبل ان ينحني نحو ملك ويسألها بلهفة :
" عمي ماله يا ملك ..؟! حصل ايه ..؟!"
رفعت ملك وجهها الباكي نحوه وهتفت بحزن :
" معرفش .. قلبه وجعه فجأة ووقع عالارض .."
ثم اكملت بنحيب :
" انا خايفة يحصله حاجة .. خايفة يموت ويسيبني هو كمان .."
جلس خالد بجانبه يواسيها متجاهلا ريم الواقفة تنظر الى غرفة العمليات بصمت ودموعها تنساب على وجنتيها بغزارة .. شعرت بملك بأحدهم يتقدم منهم فرفعت بصرها لتجده جاسر فقفزت نحوه ورمت نفسها بين احضانه بإنهيار ..
احتضنها جاسر وهو يرمق خالد بنظرات حادة قبل ان ترق نظراته وهو يرى انهيار ملك الواضح فيشدد من احتضانها محاولا مواساتها ..
اشاح خالد بوجهه بعيدا عنهما وهو يشعر بالإختناق .. ود لو ينهض ويرحل لكن عمه في الداخل ولا يجوز ان يتركه هو وبناته في وضع كهذا ..
خرج الطبيب بعد فترة قصيرة وهو ينظر لهم بأسف قبل ان يخبرهم بوفاة حامد ..
انهارت ريم باكية بينما لم تتحمل ملك الصدمة ففقدت وعيها بين احضان جاسر ..
.........................................................................
انتهت ايام العزاء وريم تعتزل كل شيء حيث تجلس في غرفتها بينما ملك مع اخويها تحاول أن تلهيهما عما حدث .. لا تعرف اذا ما كان عليها ان تواسيهما او تواسي نفسها .. كانت هبة معها طوال الوقت تساندها وجاسر ايضا بجانبها يحاول طمأنتها والتخفيف عنها ..
عاد جاسر بعد انتهاء اليوم الثالث الى منزله ليجد المنزل خاليا لا يوجد احد سوى سيلين التي نهضت تستقبله وهي تبتسم له برقة فسألها بجمود :
" فين امي واخواتي ..؟!"
اجابته بجدية :
" كلهم فأوضهم .. ليه فيه حاجة ..؟!"
اقترب منها وقال فجأة :
" تعرفي .. لولا انك بنت خالتي انا كنت هعرف ازاي اتصرف معاكي .. بس هقولك حاجة واحدة .. تلمي هدومك وتسافري لأهلك فأقرب وقت .. "
صدمها كلامه فسألته بقلق :
" ليه يا جاسر ..؟! انا عملت ايه ..؟!"
رد عليها بهدوء مخيف : 
" انتِ هتستهبلي .. فاكرة اني مش عارف انك انتي اللي بعتي الصور اياها لريم عشان تلغي الجوازة .."
ابتلعت ريقها وهي تهتف بعدم فهم :
" صور ايه ..؟! انت بتتكلم عن ايه ..؟!"
رد بنفاذ صبر :
" سيلين انا فاهمك وحافظك كويس .. مش جاسر اللي يتلعب عليه .. من ساعة ما ملك حكتلي موضوع الصور وانا ابتديت ادور لحد ما اتأكدت إنك انتِ ورا الموضوع .."
اكمل وهو يرمقها بنظرات محتقرة :
" انت ايه ..؟! معجونة بمية ايه ..؟! فاكرة بالطريقة دي هحبك واتجوزك .. ؟! للاسف انتِ بتحلمي .. لو ستات العالم كلهم خلصوا وفضلتي انتِ مش هتجوزك بردوا .. "
ثم اكمل وهو يبتسم :
" بس تعرفي انا بشكرك .. حقيقي بشكرك .. لولا عملتك دي مكنتش اتجوزت ملك وشفتها على حقيقتها وحبيتها .. سبحان الله كنتي بتخططي لإيه وربنا عمل ايه .. عشان تعرفي بس انوا الخباثة والخطط الحقيرة بتاعتك مش هتفيدك .."
مسكته من ذراعه عندما هم بالتحرك وهتفت به بترجي :
" بس انا عملت كده عشان بحبك .. بحبك من زمان اوي ..  والله العظيم عملت كل ده عشان كنت عايزاك ليا .."
ابعد ذراعه من قبضتها بنفور وقال :
" انت عمرك محبيتيني .. انتِ بس حبيتي فلوسي والمركز والعيلة .. كنتِ عاوزة تتجوزي واحد من نفس مستواكي تتباهي بيه قدام صحابك .. انا اكتر واحد عارف تفكيرك .." 
ثم اكمل وهو يرمقها بنظرات مشمئزة :
" سافري يا سيلين .. والا هفضح عملتك قدام الكل .. سافري بنفسك بدل ما اطردك من هنا قدام الكل .."
ثم تركها ورحل الى غرفته لتسقط دموعها بغزارة وقد حسمت امرها .. سوف تسافر في اول طائرة وتعود من حيث اتت فيبدو ان جاسر لن يكون لها ابدا ..
........................................................................
حل الصباح مجددا ..
استيقظ جاسر من نومه واخذ حمامه سريعا قبل ان يرتدي ملابسه ويذهب الى عمله فهو تركه طوال الثلاث ايام السابقة ..
هبط الى الطابق السفلي ليجد الجميع متجمع على طاولة الطعام ..
القى تحية الصباح عليهم وجلس في مكانه لتقول والدته :
" سيلين قررت تسافر بالليل يا جاسر .. بحاول اقنعها تفضل معانا بس هي مش راضية .."
تطلع جاسر الى سيلين التي اخفضت انظارها نحو طبقها ثم رد على والدته بفتور :
" سيبيها على راحتها .. طالما هي حابة تسافر خليها تسافر .."
ثم تناول القليل من الطعام قبل ان ينهض متجها الى عمله .. نهضتا كلا من زينة ورزان وقررتا ان تذهبا الى الحديقة الخارجية يتمشيان قليلا بينما نظرت جلنار الى سيلين وقالت :
" احنا مش اتفقنا آنك هتفضلي هنا .. ملك خلاص طالبة الطلاق .. وانا هقنع جاسر انوا يتجوزك .."
ردت سيلين بتوتر :
" ملوش لزوم يا خالتو .. انا مبقتش عاوزة اتجوز جاسر .."
رمقتها جلنار بنظرات متعجبة قبل ان تسألها بعدم فهم :
" يعني اني مبقتيش عاوزة تتجوزي جاسر ..؟!"
ردت سيلين بهدوء :
"عشان جاسر مش بيحبني ولا عمري هيحبني .. وانا مش مستعدة اهين كرامتي اكتر من كده .."
ثم اكملت بوجوم :
" واظن انك مش هترضي ليا اتجوز واحد مش عاوزني .. كمان جاسر بيحب ملك .. وانا مش هتجوز واحد بيحب غيري .."
تطلعت جلنار اليها بإحباط ثم قالت بضيق :
" يعني ابني يصوم يصوم ويفطر على ملك .. ايه الحظ ده ..؟!"
ابتسمت سيلين وقالت :
" سيبيه على راحته يا طنط .. عالاقل ملك طيبة مش زي ريم .."
هزت جلنار رأسها بعدم اقتناع وفي داخلها تتمنى لو تصر ملك على طلب طلاقها من جاسر كي تزوجه هي بمن أفضل منها ..
.....................................................................
تقدمت هبة نحو ملك الجالسة على سريرها بملامح مرهقة .. وضعت صينية الطعام امامها وهتفت بها :
" انا جبتلك الفطار لحد عندك ... لازم تاكليه كله .. انتي مكلتيش حاجة طول الايام اللي فاتت .."
ردت ملك بخفوت :
" مليش نفس .."
رمقتها هبة بحزن وقالت :
" عشان خاطري يا ملك .. لازم تاكلي حاجة .. كده هتوقعي من طولك واخواتك محتاجينك .."
ادمعت عينا ملك وهي تقول :
" مش مصدقة اني بقيت يتيمة الاب والام خلاص .. فقدتهم هما الاتنين فأكتر وقت محتاجاه فيهم .."
ربتت هبة على ذراعها وهي تهتف بمواساة :
" معلش يا حبيبتي .. ده نصيبهم .. ادعيلهم بالرحمة .."
ثم اكملت بجدية :
" صحيح .. ماما عايزة تاخذكم عندنا .. تعيشوا معانا بدل مانتوا هنا لوحدكم .."
ردت ملك بجدية :
" احنا مش هنسيب بيتنا ونروح لأي حتة يا هبة .. ده بيتنا واحنه هنفضل فيه .. كمان مفيش اي قلق علينا .. معانا الحراسة والخدم .."
أومأت هبة برأسها وقالت بتفهم :
" انا قلتلها كده بردوا .. وقلتلها إنك لو رفضتي هفضل معاكي الفترة الجاية لحد ما تتحسني وترجعي بين جوزك .."
ابتسمت ملك بمرارة وهي تقول :
" بيت جوزي ..؟! مانتي عارفة اني طلبت الطلاق .."
قالت هبة بجدية :
" الكلام ده ملوش معنى .. احنه ملحقناش نتكلم بالموضوع ده .. مفيش حد يستاهل تطلبي الطلاق عشانه .. "
هطلت دموع ملك بغزارة وهي تكمل :
" ريم طلعت انانية اوي .. عمري ما اتخيلت انها تكون بالأنانية والحقارة دي .. انا كنت مستعدة اسيب جاسر عشانها .."
ثم اكملت بجدية :
" بس انا مينفعش اكمل معاه فكل الاحوال .. مش عشان ريم .. لا عشان اخواتي .. اخواتي مبقاش ليهم حد .. انا الوحيدة اللي بقيت ليهم .. مش هتخلى عنهم .."
ردت هبة بسرعة :
" مين قال انك لو رجعتي لجاسر تبقي بتتخلي عنهم .. جاسر بيحبك وبيحب اخواتك وهياخد باله منكم كلكم .،"
ردت ملك بجدية :
" جاسر مش مجبر بأخواتي .. هما مش ولاده عشان يبقى مسؤول عنهم .."
ردت هبة بجدية :
" طب مش تسأليه الاول .. يمكن هو ليه رأي تاني .."
قالت ملك :
" لا مش هسأله .. مش هحرجه بسؤال زي ده .. انا هصر على الطلاق وخلاص .. وهو هيطلقني وينساني وربنا يوفقه مع وحدة تناسبه متبقاش مرتبطة بمسؤولية طفلين .."
تطلعت هبة اليها بعدم اقتناع بينما اخذت ملك تتناول قليلا من الطعام الموضوع امامها محاولا منها ان تثني هبة عن اي كلام يخص هذا الموضوع ..
.................................................................
حل المساء مجددا ..
خرجت ملك من غرفة اخويها بعدما تأكدت من نومهما ثم اتجهت الى الحديقة الخارجية واخذت تسير بها وهي تفكر فيما حدث معها بالأونة الاخيرة ..
سمعت اصوات خطوات تتقدم منها فوجدت خالد يسير نحوها وهو يبتسم بتردد ..
بادلته ابتسامته وقالت :
"ازيك يا خالد ..؟!"
رد بنفس الابتسامة :
" بخير الحمد لله .. وحشتيني يا ملك .."
ارتبكت ملك قليلا لكنها ردت بهدوء :
" ميرسي .."
حل الصمت بينهما وخالد يحاول ان يخبرها بما يجول داخله لكنه متردد حتى نطق اخيرا :
" عرفت من عمي الله يرحمه انك طالبة الطلاق من جاسر .."
سيطر الوجوم على ملامحها وهي ترد :
" ايوه صحيح .."
انبعث الامل داخله وهو يقول :
" انا ممكن اساعدك فالموضوع ده واوكلك محامي .."
قاطعته ملك بجدية :
" ملوش لزوم لده كله يا خالد .. احنا هنتطلق بهدوء من غير ما حد يدخل فالموضوع .."
اومأ خالد برأسه متفهما وحل الصمت بينهما مجددا قبل ان تجد ملك نفسها تقول فجأة:
" بس الطلاق ده مش هيغير حاجة يا خالد .."
" يعني ايه ..؟!"
سألها خالد بعدم فهم لترد بجدية :
" يعني انا مش هتجوز بعد جاسر .."
قال خالد بسرعة :
" عشان اخواتك صح .. اخواتك دول ولاد عمي وانا مسؤول عنهم وعن رعايتهم لحد ما يكبروا .."
قالت ملك بهدوء :
" لا مش عشان كده .. انا عارف انهم ولاد عمك وانت قد المسؤولية دي .."
" امال عشان ايه ..؟!"
سألها خالد بعدم استيعاب ليظهر الارتباك جليا على ملامح وجهها فردد خالد بعدم تصديق :
" حبتيه ..؟! عشان بتحبيه يا ملك ..؟!"
هزت ملك رأسها وهي تجيبه بأسف :
" انا اسفة يا خالد .. انا بحبه ومش هقدر اكون لراجل تاني غيره .."
صاح بها بعدم وعي :
" طب والوعد اللي بينا .. ووعدك ليا .."
ابتلعت ريقها وهي تجيبه باعتذار صادق :
" انا اسفة على ده بردوا .. اسفة بجد يا خالد .. كل حاجة حصلت غصبا عني .."
رمقها بنظرات هازئة وقال :
" غصبا عنك .. ملقتيش الا جاسر يا ملك .. ده لا شبهك ولا من نفس طينتك .. حبيتيه ازاي ..؟!"
ردت بحزن :
" حبيته وخلاص .. حبيته زي ماهو .."
قال بمرارة :
" حبيتيه زي ماهو .. انا كنت حاسس بس كنت بكدب نفسي .. قلت ملك مستحيل تحب واحد زي جاسر .. بس يظهر اننا فزمن المعجزات .."
" خالد انا .."
قاطعها ببرود :
" متقوليش حاجة .. الحب مش بالعافية يا ملك .. واضح اني اخترت الانسانة الغلط .. او يمكن انا كنت شايفك وفاهمك بشكل غلط .."
قال كلماته الاخيرة وانسحب من امامها وخرج من الفيلا بأكملها لترفع رأسها عاليا فتجد ريم تنظر اليها من شرفتها بملامح حزينة لتشيح ملك وجهها بعيدا عنها فهي لا تطيق رؤيتها ..
تقدمت هبة مسرعة من ملك وهي تخبرها :
" جاسر جه يا ملك .. وهو قاعد فالصالون مستنيكي .."
توترت ملك وهي تقول :
" تمام هروح اشوفه .."
ثم اتجهت بخطوات بطيئة نحو صالة الجلوس لتجد جاسر جالسا على احد الكراسي قبل ان ينهض من مكانه ويقترب منها ويسألها بحنان :
" عاملة ايه دلوقتي ..؟!"
ردت عليه بضعف :
" بقيت احسن الحمد لله .."
ثم اتجهت نحو الكنبة وجلست عليها فجلس جاسر في مكانه ليجدها تسأله :
" جاي ليه يا جاسر ..؟!"
رد جاسر بجدية :
" جاي عشان اشوف مراتي واطمن عليها .."
اطلقت ملك تنهيدة طويلة قبل ان ترد :
" انا قريب مش هبقى مراتك وانت عارف كده .."
رد جاسر بجمود :
" انا قلت لحامد بيه الله يرحمه اني مش هطلقك وهتفضلي مراتي لاخر يوم فعمري وانا لسه متمسك بكلامي ده ومش هرجع عنه .."
ردت ملك بقوة :
" خلاص وانا مش هرجع ليك .. خلينا كده .. متجوزين وكل واحد عايش لوحده .. لحد ما تزهق وتطلقني .."
حاول جاسر تغيير الموضوع فسألها :
" علي ومنى عاملين ايه ..؟!"
ردت ملك وهي ترسم على شفتيها ابتسامة حزينة :
" الحمد لله كويسين .."
منحها ابتسامة خفيفة وقال :
" ربنا يخليكي ليهم .."
بادلته ابتسامة بأخرى وهي ترد :
" يارب .."
ظلت صامتين لمدة طويلة حتى نهض جاسر من مكانه وقال :
" الوقت أتأخر ولازم اروح .. هجيلك بكره بعد الشغل .."
ردت ملك بهدوء :
" ملوش لزوم تجي يا جاسر .."
قاطعها جاسر بقوة :
" هاجي يا ملك .. هاجي كل يوم عشان اطمن على مراتي ... واطمن على اخواتك كمان .."
اقترب منها وطبع قبلة دافئة على جبينها قبل ان يتحرك خارج المكان ..
كان يسير متجها نحو سيارته حينما سمع احداهن تلحق به وهي تنادي عليه ..
التفت ليجدها هبة فنظر لها بحيرة قبل ان يبتسم برسمية وهي يسألها :
" خير يا هبة ..؟!"
ردت عليه بجدية :
" اسفة بس انا لازم اقولك حاجة مهمة .."
" قولي .."
قالت هبة بجدية :
" ملك مصرة على الطلاق .."
قاطعها بجمود :
" وانا قلتلها وبقولهالك .. طلاق مش هطلق .."
ابتسمت هبة وقالت :
" انا كنت واثقة انك متمسك بيها .. بس انا مش جيالك عشان اقولك ده بس ..انا جاية اقولك سبب طلبها ده .."
رد جاسر بسرعة : 
" بسبب ريم طبعا .."
قاطعته هبة :
" لا .. ريم كانت سبب فعلا لكن السبب دلوقتي اتغير .."
عقد جاسر حاجبيه وسألها بعدم فهم :
" اتغير ازاي ..؟!"
اجابته هبة :
" ملك عايزة تطلق عشان اخواتها .. عايزة تهتم بيهم وتراعيهم .. هما مبقاش حد ليهم غيرها .. وهي مش عايزة تبعد عنهم .."
قال جاسر بسرعة :
" ومين قال انها هتبعد عنهم .. ملك هترجع معايا ومعاها اخواتها .."
قالت هبة :
" انا قلتلها نفس الكلام .. بس هي قالت انك مش مجبر تتولى مسؤوليتهم وهما مش ولادك .. ولما قلتلها تصارحك بده قالت مش هتحرجك بحاجة زي كده .."
نظر جاسر اليها وقال :
" الموضوع مفيهوش احراج .. انا بحب ملك وبالتالي بحب اخواتها وبعتبرهم اخواتي .."
" انا عارفة ده .. بس المهم انك تثبت ليها ده .. وتثبت انك حابب وجودهم هنا الاتنين معاكم .. وانك عاوز تبقى مسؤول عنهم بس من غير متبينلها انك عرفت سبب اصرارها على الطلاق .. ملك حساسة اوي ولو عرفت بكلامنا ده هتزعل جامد .. فاهم ..؟!"
ابتسم جاسر وقال :
" فاهم يا هبة .. انا عارف هتصرف ازاي .. سيبي الموضوع ده عليا .. "
ضحكت هبة وقالت :
" انا واثقة فيك وهعتمد عليك .."
قال جاسر بإمتنان :
" انا بشكرك جدا .."
تنهدت هبة وهي تجيبه :
" لا شكر على واجب .. ملك دي اختي وهي تستحق كل خير .."
ربت جاسر على ذراعها بأخوة قبل ان يتجه نحو سيارته ويركبها ويبدأ في قيادتها وهو يفكر في الطريقة التي يجعل بها ملك تعود اليه وتثق به ..
.........................................................................
بعد مرور اسبوعين ..
كانت ملك تجلس في غرفتها تقرأ في احدى الروايات الجديدة حينما سمعت طرقات على باب غرفتها فسمحت للطارق بالدخول ..
وجدت ريم تتجه نحوها فنهضت ملك من مكانها وقالت بضيق :
" ايه اللي جابك هنا ..؟!"
ردت ريم بألم :
" مكنتش اعرف انك قاسية اوي كده يا ملك .."
ردت ملك بجمود :
" القساوة دي تعلمتها منك يا ريم .."
ابتسمت ريم بإنكسار وقالت :
" استاهل .. استاهل كل كلامك ده .. واستاهل كل حاجة تعمليها فيا .. انا استحق كل ده واكتر كمان .."
ثم هطلت دموعها بغزارة وهي تقول :
" بس لازم تعرفي اني ندمانه .. ندمانه جدا .. وضميري بيأنبني .. انا مش عارفة ازاي عملت كده .. ازاي سمحت لنفسي اتصرف معاكي كده وازاي قلت لبابا الكلام ده .. انا زي ما كنت بغيبوبه وفقت منها .. والله العظيم انا مكنتش واعية للي بعمله .. انا صحيح مكنتش قد المسؤولية وكنت متسرعة دائما فكل تصرفاتي .. كنت شايفة نفسي عالكل وفاكرة اني احسن من الكل .. بس انا مش وحشة .. كل الحكاية اني لما اتولدت بابا وماما دلعوني زيادة خصوصا اني كنت بنتهم الوحيدة ل12 سنة .. مكانش فيه غيري وماما مكانتش عارفة تخلف غيري فكان الاهتمام كله ليا .. عشان كده بقت شخصيتي كده .. كل طلباتي كانت مجابة .. مكانش فيه حد بيزعقلي لما بغلط ولا فيه حد بيقولي ده مش ليكي او مينفعش تعملي كده .. انا مش بحملهم المسؤولية بس انا بشرحلك حاجات يمكن انتي اول مرة تاخدي بالك منها .."
ادمعت عينا ملك ورق قلبها لتكم ل ريم بوجع شديد :
" انا عمري مهسامح نفسي عاللي عملته فيكي وفبابا .. انا هسافر يا ملك .. هروح امريكا واستقر هناك .. مش هقدر افضل فالبلد دي بعد كده .. "
قالت ملك بسرعة :
" لا يا ريم متسافريش .. خليكي معانا .. احنا محتاجينك .."
ردت ريم :
" انتوا مش محتجاني يا ملك .. علي ومنى عندهم انتي .. وجاسر كمان معاكم وهياخد باله منكم .."
ردت ملك بجدية :
" انتي عارفة اني هطلق منه قريب .."
قاطعتها ريم :
" اياكي تعملي كده .. انتي مش عارفة هو بيحبك قد ايه .. بيحبك لدرجة صعب تتخيلها .. انتي عمرك مهتلاقي حد بيحبك كده .."
" انتي اللي بتقولي كده يا ريم ..؟!"
قالتها ملك بتعجب لتومأ ريم برأسها وهي تكمل :
" ايوه انا اللي بقول كده .. عشان لو سمعتي كلامه ه
عنك وشفتي نظراته ليكي هتفهمي انا بقول ايه .. متضيعيش حب زي ده من ايدك .."
نظرت ملك اليها بحيرة وقالت :
" طب وانتي ..؟!"
ردت ريم بجدية :
" انا هسافر امريكا واشتغل هناك .. نور هتكون معايا .. متقلقيش عليا .. وهنفضل على تواصل وهزوركم بين فترة والتانية اطمن عليكوا .."
" متسافريش يا ريم .. بلاش نتفرق .."
ردت ريم :
" انا محتاجة السفر ده اوي يا ملك .. محتاجة ابعد وأبدأ من جديد .. جايز الاقي نفسي هناك .. وانا والله هزوركم دائما ... وانتي بردوا ممكن تجي تزوريني .. انا هحجز طيارة بعد يومين .."
" بالسرعة دي ..؟!"
قالتها ملك بدهشة لترد ريم :
" احسن .. خليني ابعد عن هنا واحاول انسى اللي حصل .. متقلقيش عليا .. نور هتكون معايا وهنفضل على تواصل .."
اقتربت ملك منها وضمتها اليها بقوة لتتساقط دموعها بغزارة كذلك ريم التي اخذت تبكي بحزن شديد قبل ان تبتعد عنها وتحتضن وجهها وتقول :
" سامحيني يا ملك .. سامحيني ارجوك .."
قبلتها ملك من وجنتيها وقالت :
" مسامحاكي .. بس اوعديني انك هتتواصلي معايا يوميا وتزوروني بين فترة والتانية .."
ابتسمت ريم رغم دموعها وقالت بصدق :
" اوعدك .."
ثم خرجت من الغرفة وهي تكفكف دموعها وتدعو الله ان يغفر لها جميع ما فعلته ..
........................................................................
بعد مرور اسبوعين اخرين ..
كانت ملك تجلس في صالة الجلوس وهي تقرأ في احد الكتب بجانبها هبة تتابع احدى مسلسلاتها المفضلة على التلفاز وعلي ومنى يلعبان فالايباد الخاص بهما ..
رن جرس الباب فسارعت منى لفتحه تسبق الخادمة ويحاول علي اللحاق بها فهما يتسابقان حول من يفتح الباب الاول ..
فتحت منى الباب لتجد جاسر فصرخت بسعادة :
" ابيه جاسر .."
رفعت ملك عينيها عن الكتاب ونظرت الى هبة التي ابتسمت لتقول :
" موعد زيارة كل يوم .."
رفعت هبة حاجبها وقالت :
" مش جاي يطمن على مراته .."
ردت ملك بتذمر :
" انا مش عارفة هو ناوي على ايه .."
ثم اكملت بضيق :
" لا والولاد فجأة بقوا متعلقين بيه .."
قالت هبة بخبث :
" مهو بقى فمقام أبوهم.."
رمقتها ملك بنظرات حادة لتعدل هبة حديثها ؛
" اقصد اخوهم الكبير .."
" مساء الخير .."
قالها جاسر وهو يتقدم منهما ويجلس على احد الكراسي لترد الاثنتان تحيته قبل ان يسأل ملك بهدوء :
" عاملة ايه يا ملك ..؟!"
ردت ملك بهدوء :
" كويسة الحمد لله .."
ابتسم جاسر لها بينما نظرت هبة له وقالت وهي تنهض من مكانها :
" هقوم اجيب طبق الحلو اللي عملته ملك .. اصلك متعرفش ملك بتعمل حلويات لذيذة ازاي .."
ارتبكت ملك بينما قال جاسر بتعجب :
" مكنتش اعرف انك بتطبخي .."
ردت  منى :
" دي بتطبخ وبتعمل حلويات وكل حاجة .. طبخها الذ من اكل الطباخ .."
ابتسم جاسر وهو يقول :
" بجد ..؟! ده انا طلعت محظوظ بقى .."
ردت ملك بتوتر :
" دول بيبالغوا .."
جاءت هبة بطبق الحلو ومعها اطباق صغيرة ثم بدأت تضع الحلو في الاطباق حيث اعطت جاسر الطبق واعطت الصغار وكذلك اعطت ملك طبقها واخذت هي طبقا ايضا ..
تذوق جاسر الحلو فنظرت ملك اليه بقلق وخافت الا يعجبه طعمه الا انه ابتسم وهو ينظر لها ويقول :
" بجد طعمه حلو اوي .. مكنتش اعرف انك شاطرة اوي كده .."
ابتسمت ملك وهي تتذوق قليلا من الطعام قبل ان تشعر بالغثيان فتبعده عنها بسرعة ..
سألتها هبة بقلق :
" مالك يا ملك ..؟! فيه حاجة ..؟!"
وضعت ملك يدها على معدتها وقالت :
" مفيش حاجة .. شوية غثيان .."
ثم حملت كوب الماء الموضوع على الطاولة وشربت منه القليل ليسألها جاسر :
" اخذك الدكتور يشوف مالك ..؟!"
هزت رأسها نفيا وقالت :
" لا انا كويسة متقلقش ...يمكن بس قلبت معدتي من الحلو ..."
نظر اليها جاسر بقلق بينما ابتسمت هي واكملت :
" بجد مفيش حاجة .. انا كويسة .."
قالت هبة بمرح :
" شغلتينا بيكي ونسينا ناكل الحلو .. يلا يا جماعة الكل يخلص الطبق بتاعه لاحسن ملك تفتكر انوا الحلو مش عاجبنا وتزعل .."
المشهد العاشر والاخير 
مر اسبوعين اخرين وجاسر يزور ملك يوميا ويقضي معهم الكثير من الوقت ..
تعلق به علي ومنى بشكل كبير فهو كان يهتم بهما ويجلب معه لهما الكثير من الاغراض والالعاب ..
كانت ملك تتابع كل هذا بضيق فهي لا تريد لأخويها ان يتعلقا بجاسر ويريان فيه الاب الذي حرما منه ..
في احد الايام كانت ملك تجلس في الحديقة وتعبث في هاتفها حيث تقلب في مواقع التواصل الاجتماعي بملل حينما وجدت الخادمة تقترب منها وتسألها :
" تحبي احضرلك العشا يا هانم ..؟!"
سألتها ملك بجدية :
" شوفي الولاد جاعو ولا لسه واسألي هبة كمان .."
ردت الخادمة :
" الولاد لقيتهم نامو بعد ما كلوا الشيبسي والشوكولاته وهبة هانم قالتلي من شوية انها ملهاش نفس تتعشى .."
قالت ملك بجدية :
" وانا مش حابة اتعشى لوحدي .. يبقى متعمليش عشا وانا لو جعت هاكل اي حاجة .."
ثم عادت تعبث بهاتفها حينما شعرت باحدهم يقترب منها فالتفتت للخلف لتجده جاسر الذي ابتسم ما ان رأها والقى التحية عليها فبادلته التحية ..
جلس بجانبها على الكنبة الموضوعة في منتصف الحديقة لتسأله ملك :
" كنت فالشغل .."
اومأ برأسه وهو يقول بإرهاق :
" كان فيه صفقة مهمة والحمد لله كسبناها .."
ابتسمت له وهي تقول :
" الحمد لله .."
سألها وهو يبحث عن الصغار بعينيه :
" امال الولاد فين ..؟!"
رمقته ملك بنظرات باردة وقالت بضيق :
" ناموا .. بتسأل ليه ..؟!"
سألها بدوره متعجبا من نبرتها ونظراتها :
" مالك بتكلميني كده وبتبصيلي كده ليه ..؟!"
تنهدت ملك وصمتا قليلا قبل ان تجيبه :
" عشان كل اللي بتعمله مش عاجبني .."
" بعمل ايه ..؟!"
سألها جاسر بدهشة لترد بعصبية :
" متعملش نفسك مش فاهم حاجة .."
قال جاسر بصرامة :
" مترفعيش صوتك وانتي بتكلميني .. وانا فعلا مش فاهم انتي بتتكلمي عن ايه .."
ردت بقوة :
" بتكلم عن تصرفاتك مع الولاد واهتمامك المبالغ بيهم .. بتعمل معاهم كده ليه ..؟! عاوزهم يتعلقوا بيك ليه ..؟! فاكر انوا بالطريقة دي هرجعلك .."
اجابها جاسر بغضب من تفكيرها هذا :
" لو فاكره اني بستغلهم عشان ترجعيلي تبقي غلطانه .. انا بعمل كده عشان انتي مراتي وهما اخوانك .. وانا زي ما مسؤول عنك مسؤول عنهم .. لو انتي شايفة حاجة غير كده تبقى مشكلتك مش مشكلتي .. عن اذنك .."
نهض من مكانه بعصبية فشعرت بمدى فداحة ما قالته .. ركضت خلفه وهي تنادي عليه لكنه لم يبال بها حتى شعر بشيء قوي يرتطم بالارض فالتفت للخلف لينصدم بها ممددة على الارض فاقدة للوعي ..
حملها بسرعة محاولا افاقتها فاستجابت له بعد لحظات وهي ما زالت تشعر بدوار شديد يسيطر عليها ..
سألها بقلق :
" انتي كويسة ..؟!"
أومأت برأسها وهي تحاول التماسك امامها والنهوض بينما لسانها يقول :
" انا اسفة يا جاسر .."
رد جاسر بسرعة :
" مش وقت اسف دلوقتي .. المهم انك تكوني بخير .."
ثم امسكها من يدها وقال :
" تعالي معايا .."
سألته بقلق :
" انت واخدني فين ..؟!"
رد بجدية :
" هنروح المستشفى .. نخلي الدكتور يفحصك ويفهم سبب الاغماء ده .."
ردت بسرعة :
" دي اول مرة تحصلي .."
قال بضيق :
" وانا هستنى لمًا تتكرر .. تعالي يلا معايا .."
" يا جاسر الوقت متأخر .."
قال بجدية :
" الساعة لسه مجاتش عشرة .. تعالي يلا .."
" طب خليها بكره .."
قالتها وهي تنظر اليه برجاء ليتطلع اليها بضيق قبل ان يقول على مضض :
" تمام نخليها بكره .. بس بكره الساعة تسعه الصبح هكون عندك نروح الدكتور عشان يفحصك ويطمني عليكي .."
أومأت برأسها بينما اكمل هو بحزم:
" ودلوقتي روحي نامي وارتاحي ..."
ابتسمت وقالت :
" حاضر .. تصبح على خير .."
بادلتها ابتسامتها وهو يقول :
" وانتي من اهل الخير .."
.......................................................................
في صباح اليوم التالي ..
ركبت ملك السيارة بجانب جاسر والقت عليه تحية الصباح ثم قالت بضيق :
" كنت أخرت الموعد شوية .. منمتش كويس .."
ضحك وهو يرد :
" عايز اطمن عليكي بأسرع وقت .."
نظرت اليه وقالت :
" انا كويسة واللي حصل امبارح دوار عادي بيحصل لأي حد .."
اومأ برأسه وهو يقول :
" هنعرف دلوقتي اذا كان دوار عادي او حاجة تانية.."
وصلا الى المشفى بعد حوالي ربع ساعة ليهبطا من السيارة ويتجها الى عيادة الطبيب الذي قام بفحص ملك قبل ان يبتسم لها وهو يقول :
" متقلقيش يا مدام .. مفيش حاجة خطر .."
تنهد جاسر براحة بينما قالت ملك بمرح :
" مش قلتلك مفيش حاجة .. مجرد دوار .."
رد الطبيب بجدية :
" انا قلت مفيش حاجة خطر بس احتمال فيه حاجة حلوة .."
تطلعت ملك اليه بعدم فهم ليكمل بإبتسامة :
" الاعراض اللي عندك بتقول انك حامل .. لازم تعملي تحليل دم عشان تتأكدي .."
ابتسم جاسر بعدم تصديق بينما اتسعت عينا ملك بصدمة قبل ان تهتف بدهشة :
" حامل ..؟!"
اومأ الطبيب برأسه وقال :
" احتمال كبير .. لكن لازم تعملوا التحليل عشان تتأكدوا .."
نظرت ملك الى جاسر وهي تبتسم بشرود ليمسكها جاسر من يديها ويشكر الطبيب قبل ان يسير بها نحو مركز تحليل الدم وهو يهتف بحماس :
" لازم نعمل التحليل بسرعة .."
أومأت برأسها بلا وعي لتقوم بالتحليل فعلا وتجلس بجانب جاسر وهي تبتسم ببلاهة ...
ظلا ينتظران نتيجة التحليل التي ظهرت بعد فترة طويلة نوعا ما ليأخذ جاسر التحليل من الموظفة ويشكرها بلطف لكن ملك سبقته وسحبت منه النتيجة وفتحتها واخذت تقرأ ما بها بلهفة شديد قبل ان تصرخ بمرح :
" انا حامل .. انا حامل .."
واخذت تقفز بعدم تصديق ليمسكها جاسر من خصرها وهو ينظر الى الناس المندهشة من حولها ثم همس لها بسعادة :
" اهدي يا حبيبتي .. مينفعش تتنططي كده وانتي حامل .."
ضحكت بخفوت بينما احتضنها جاسر وهو يهمس لها :
" انتي مش عارفة انا مبسوط قد ايه بالخبر ده .. مبسوط جدا .."
رمقته بنظرات فرحة وقالت :
" انا فرحانه اوي .. فرحانه بجد .."
قبلها من جبينها ثم سحبها خلفه وهو يهتف بها :
" من النهاردة تسمعي الكلام .. وتاكلي كويس .. وكل حاجة اقولها تنفذيها من سكات .."
ثم قال بسرعة وقد تذكر شيئا :
" احنه لازم نشوف دكتورة نسائية تفحصك وتتابعي معاها الحمل .."
" تمام انا هسأل .."
قاطعها بجدية :
" لا هنشوف دلوقتي .."
رمقته ملك بتعجب وقالت :
" دلوقتي .."
اومأ برأسه وهو يقول :
" ايوه عشان نتطمن عالبيبي وعلى صحتك .."
ابتسمت بخفة وقالت :
" تمام شوفلنا دكتورة بقى نروحلها لاحسن انا عمري مرحت دكتورة نسائية قبل كده .."
....................................................................
مساءا ..
مدد جاسر ملك على السرير وغطاها باللحاف جيدا بينما علي ومنى يحيطانها وهما يبتسمان بسعادة ..
قالت منى وهي تشير نحو بطن ملك :
" يعني هنا فيه بيبي .."
أومأت ملك برأسها وهي تبتسم لها بحنو ليكمل علي :
" طب هو ولد ولا بنت ..؟!"
وقبل ان تجيب ملك قالت منى بثقة :
" بنت طبعا .. "
رد علي بضيق :
" ليه بنت ..؟! مش جايز ولد .."
ردت منى بعناد :
" انا متأكده انها بنت وهتبقى شبهي .."
قال علي بغضب :
" لا ولد .. احساسي بيقول كده .."
ضربته منى على رأسه وقالت :
" انت معندكش احساس اصلا .."
شدها علي من شعرها فصرخت منى عليه ليفك جاسر شعرها من يدي علي التي تضغطان عليه بقوة قبل ان يبعدهما عن بعضيهما ويهتف بهما بجدية :
" كده بردوا ..  بتتخانقوا وناسيين انوا ماما ملك لازم تكون مرتاحة على طول ومتتعبش خالص .. "
ثم اكمل :
" ولا انتوا عاوزينها تتعب والبيبي يزعل .."
قالت منى بسرعة :
" لا كله الا البيبي .."
ثم ربت علي على بطن ملك وقال :
" متزعلش يا بيبي .."
ضحك جاسر على افعالهما الطفولية بينما نظرت ملك اليهما بحنو لتقول منى :
" بس هي هتبقى بنت صح يا ابيه ..؟!"
هز جاسر رأسه مدعيا التفكير وقال :
" لسه مش عارفين يا منى .. بس ان شاءالله هتكون بنت زي مانتي عاوزة .."
ابتسمت منى برضا بينما ظهر الضيق جليا على ملامح علي فقالت ملك بحب :
" او ممكن ولد شبهك يا علي .. قول يارب .."
قال علي وهو يرفع يده نحو الاعلى :
" يارب يا ماما .."
اقتربت هبة منهم وهي تحمل كوب الحليب وتضعه بجانب ملك قبل ان تهتف بالصغار :
" يلا كلنا نخرج ونسيب ملك لوحدها عشان ترتاح .."
نهض الصغيران بطاعة واتجها خلف هبة نحو غرفتهما بينما نظرت ملك الى اثرهما وقالت بخوف :
" تفتكر هلحق اربي ثلاث ولاد من غير ما اهمل اي حاجة تخصهم .."
ابتسم وهو يربت على كتفها :
" هتقدري وانا هكون معاكي فكل لحظة .. احنه هنربيهم سوا يا ملك .."
ابتسمت بتوتر وقالت :
" بس علي ومنى مش ولادك وانت مش مجبر .."
قاطعها بسرعة :
" علي ومنى ولادي .. انا بحسهم كده حقيقي .. "
سألته بترددد:
" يعني مش هتفرق بينهم وبين البيبي اللي هيجي .."
قال بصدق :
" وحياتك عمري مهفرق بينهم .. هما الثلاثة هيكونوا عندي واحد .."
تنهدت براحة فهي تثق بكلامه بينما سألها هو :
 " افهم من كده خلاص .. هترجعي تنوري حياتي من تاني .."
ابتسمت وهي تومأ برأسها ليتنهد بسعادة قبل ان تقول :
" لازم تشكر ابنك .. مكنتش هرجع لولاه .."
ربت على بطنها وهو يهمس بمرح :
" متشكرين يا بيبي .."
ضحكت بخفة قبل ان ترمي نفسها وسط احضانه تستنشق رائحته وهي تهتف بحب :
" وحشتني اوي يا جاسر .. وحشتني فوق ما تتصور .."
.....................................................................
في صباح اليوم التالي ..
استيقظت ملك من نومها على صوت جاسر الذي كان يحوي اتصالا مع احد موظفيه ..
اغلق الهاتف معه ثم اتجه نحو ملك وهو يبتسم بحب قبل ان يجلس بجانبها ويهتف بجدية :
" كويس انك صحيتي .. كنت عاوز اخذ رأيك فحاجة ..؟!"
" حاجة ايه ..؟!"
سألته بحيرة ليرد بجدية وهو يفتح الهاتف امامها ويعبث به لتظهر امامها مجموعة من الصور التي تخص منازل راقية للغاية :
" دي كلها صور لارقى البيوت فالقاهرة .. عاوزك تختاري اكتر واحد يعجبك عشان اشتريه ونستقر فيه .."
لمعت عيناها وهي تسأله بعدم تصديق :
" يعني احنه مش هنرجع الفيلا ..؟!"
اطلق جاسر تنهيدة وقال :
" لا .. احنه هيكون لينا بيتنا الخاص بينا .. كده احسن لينا كلنا .. "
ابتسمت بعدم تصديق وهي تقلب في الصور قبل ان تعقد حاجبيها بتفكير وتلتفتت نحوه تسأله بجدية :
" طب ليه مناخدش بيت قريب من القصر بتاعكم .. عالاقل تبقى قريب من امك واخواتك وتزورهم وقت متحب .."
تطلع جاسر اليها بتفكير قبل ان يقول :
" تصدقي فكرة .. انا افتكرت دلوقتي انوا جارنا عماد بيه عاوز يبيع الفيلا بتاعته هي بنفس الشارع بتاعنا بتبعد ثلاث بيوت عن قصرنا .. ممكن ناخذها وبكده اكون قريب من ماما والبنات .."
قبلها من جبينها وهو يهتف بحب :
" انتي حقيقي مفيش زيك .."
ضحكت بنعومة قبل ان تقول :
" طب قوم خلينا نفطر عشان انا جعانة .."
نهض من مكانه وهو يقول :
" هنزل حالا اقولهم يحضرولك الفطار .. وانتي اجهزي بسرعة .."
ثم خرج من الغرفة لتنهض ملك من مكانها وتغير ملابسها بسرعة ..
.................................................................
بعد مرور عدة اشهر ..
في احدى المستشفيات الخاصة ..
حملت ملك طفلها وهي تنظر له بسعادة بالغة غير مستوعبة ان هذا الكائن الصغير هو ابنها من جاسر ..
اخذت الذكريات تتدفق اليها منذ هروب ريم واجبارها على الزواج من جاسر .. تذكرت كرهه ومعاملته السيئة لها ونفوره الواضح منها ثم حبه الجارف لها ومعاملته التي تغيرت مئة وثمانين درجة .. كان عاما حافلا بالكثير من التطورات والتغيرات اهمها انها نجحت في تكوين عائلة رائعة اثبتت من خلالها انها ام مثالية ..
افاقت من افكارها على صوت رزان تسأل :
" هتسموه ايه يا ابيه ..؟! 
ابتسم جاسر وهو يجيب :
" احنه اتفقنا نسميه زين .."
" حلو زين .."
قالتها زينة بحب قبل ان تصرخ فجأة :
" الله زين يعني مشتق من زينة .. ميرسي اوي يا ابيه .. مكنتش اعرف انك بتحبني كده .."
مطت رزان شفتيها بضيق وقالت :
" اشمعنا زين يا ابيه .. مكنت تسميه اي اسم تاني .."
ابتسمت ملك رغم تعبها وقالت :
" ولا يهمك يا رزان .. المرة الجاية هجيب بنت ونسميها رزان .."
" ميرسي يا قلبي .. ولو مش حابة رزان ممكن تسميها روز مشتق بردوا من اسم رزان .."
ابتسمت ملك بخفة وهي تحتضن الصغير بينما اخويها يحيطانها من الجانب وينظران اليه بإندهاش متعجبين من هذا الكائن الصغير ذو العينين البنيتين الواسعتين اللتان تشبهان عيني والدته ..
تقدمت جلنار نحو ملك وقبلتها من وجنتيها وهي تهتف بسعادة بالغة ظهرت عليها منذ رؤيتها لحفيدها :
" مبروك يا ملك .. "
ثم التفتت نحو جاسر واحتضنته :
" مبروك يا حبيبي .. يتربى فعزك .."
قبلها جاسر من جبينها واحتضنها بينما نظرت ملك اليه بحب قبل ان تطبع قبلة على جبين الصغير وهي تتنهد بعمق ..
..........................................................................
بعد مرور خمس سنوات ..
ربتت ملك على بطنها المنتفخ وهي تنظر من خلف النافذة الى صغارها الاربعة ..
علي ومنى اللذان اصبحا في الحادية عشر من عمرهما وزين الذي اتم عامه الخامس منذ اسبوعين وروز التي اتمت عامها الثالث منذ ثلاثة اشهر ..
تأملت بطنها المنتفخ بضيق فهي باتت تضايقها كثيرا ولا تستطيع النوم الا قليلا ..
ثم ابتسمت حينما تذكرت انها تحمل هذه المرة توأم بنات وكم سعدت في بادئ الأمر حينما علمت انها ستنجب توأم مثل والدتها ..
نظرت مرة اخرى الى الصغار اللذين يلعبون بمرح وهي تفكر بأن المسؤولية زادت عليها فقريبا سوف تصبح مسؤولة من ستة اشخاص .. لا تنكر ان جاسر اثبت وبجدارة انه اب رائع والذي يحاول قدر المستطاع ان يعينها في تربية الصغار رغم شغله الدائم والكثيف ..
التفتت الى الخلف لتجده يتقدم نحوها وهو يبتسم بخفة قبل ان يحتضنها من الخلف ويقبلها من رقبتها ..
توردت وجنتاها وهي تقول :
" بناتك تعبني اوي .. هما هيجوا امتى ..؟!"
ضحك بخفة وقال :
" كلها ثلاث شهور ويوصلوا بالسلامة .."
قالت بضيق :
" انا مش ناوية اخلف تاني خلاص .. كفاية علينا كده .."
قال جاسر بمكر :
" ودي تجي بردوا .. احنه مش اتفقنا نكمل الفريق .."
التفتت نحوه وهي ترمقه بغيظ :
" فريق ايه .. ؟! انت مش شايف انا بقيت عاملة ازاي ..؟! ده انا مش بلحق اخذ نفسي .."
ابتسم وهو يقول بمرح :
" مانتي الا حملتي ثلاث مرات خلال خمس سنين .. لو كنت متجوز ارنبة كانت استنت شوية عن كده .."
ضربته على ذراعه وهي تقول بضيق :
" ارنبة .. انت شايفني كده .. لا بجد زعلت .."
ثم ادمعت عيناها وهي تكمل :
" انا مليش ذنب على فكرة .. انت السبب.."
جذبها نحوه وهو يحتضنها برقة قبل ان يقول :
" بهزر يا حبيبتي .. متخليش الهرمونات تقلبك عليا .."
ردت بزعل :
" لا كلامك هو اللي بيقلبني .."
ابتسم وهو يقبل شفتيها برقة ثم ينحني صوب عنقها ويقبلها بشغف لتبعده عنها وهي تهتف :
" مش وقته .."
رد بخبث :
" بالعكس ده احسن وقت .. عشان الولاد تحت .."
نظرت الى الاسفل لتجدهم منشغلين باللعب فقالت وهي تبتسم بخجل :
" هو انت مملتش مني بجد واحنه مع بعض طول السنين اللي فاتت ..؟!"
ابتسم وقال :
" مفيش حد بيمل من روحه يا ملك .."
ربتت على وجنته وقالت :
" حتى وانا شبه البطيخة كده .."
ربت على بطنها وقال :
" انتي متعرفيش بتبقي جذابة ومغرية قد ايه فبطنك اللي شبه البطيخة دي .."
ضحكت بخجل بينما جذبها هو نحو السرير في عناق لم يكن بريء اطلاقا ..
انتهت بحمد الله
تمت النهاية روايتي الجديدة رواية عروس من باريس كاملة عبر دليل الروايات للقراءة والتحميل.
google-playkhamsatmostaqltradent