Ads by Google X

رواية اغلال لعنته الفصل السابع 7 - بقلم اسراء علي

الصفحة الرئيسية

رواية اغلال لعنته البارت السابع 7 بقلم اسراء علي

رواية اغلال لعنته كاملة

رواية اغلال لعنته الفصل السابع 7

من هنا بدأت الأحداث الجديدة
وهل الخيانة و الهروب من لغة القلوب؟!
ظلت تُحدق بـ شاشة حاسوبها الشخصي حتى بعد إنتهاء المقطع التصويري و إظلام الشاشة تماماً

مصدومة! أجل وكيف لا وهي تجد الدليل القاطع على جريمة السرقة، إما أن ترضخ له أو تقضي فترة عقوبة لا تعلم متى ستنتهي

تنهدت بـ ذُعر مع عنين مُتسعتين ثم إرتمت إلى الفراش خلفها مُحدقة بـ سقف غُرفتها و همست بـ حيرة

-هعمل إيه دلوقتي؟ أنت ناوي على إيه يا مُتحرش أنت!…

"عودة إلى وقتٍ سابق"

-يلا يا كِنانة بسرعة، أهم شريك ليا هيجي النهاردة…

صرت كِنانة على أسنانها ثم بـ إبتسامة مُتكلفة

-و هو مفيش حد غيري يعمل الحاجات دي!...

إقترب هيثم منها ثم وضع يديه على كتفها فـ إنتفصت مُبتعدة إلا أنه أردف دون أن يلتفت لغضبها

-أنتِ أكتر واحدة مُتميزة و شاطرة عندي
-لأ أنت كدا بتستغلني
-ضحك هيثم وقال:إستحملي يا كِنانة دا شُغلك، ماذا وإلا…

ترك عبارته مُعلقة فـ ضيقت عيناها بـ نفاذ صبر ثم هتفت وهي ترحل بـ خطوات غاضبة

-دلوع بابي معقول!!…

دلفت كِنانة إلى غُرفة الإجتماعات و هي تتبرم قاطنة على رئيسها ليهتف هيثم بـ تحذير

-سمعتك يا كِنانة، سمعتك و بطلي تشتميني، أنتِ بتشتغلي عندي ولا ناسية!…

أشارت له بـ يدها ثم همست بـ إستنكار

-كدا المفروض أنت اللي تشتغل عندي، لأ و كمان بعمل الشُغل من غير مُساعدة دكتاتوري ظالم...

جلست فوق المقعد المُخصص لها بـ إرهاق كبير، بعد أن أوكل لها رئيس عملها المُدلل مُهمة إعداد قاعة الإجتماعات دون مُساعدة ها هي تُنهيها أخيرًا

القاعة فارغة تمامًا فـ قد أنهت الإعداد في وقتٍ قياسي، لذلك إبتسمت بـ فخر ثم أرجعت رأسها إلى الخلف وتأرجحت قليلًا

همست كِنانة لنفسها وهي تنظر من أسفل جفنيها إلى زُجاجة المياه الموضوعة أمامها

-أنا عطشانة من زمان و بسبب الشُغل نسيت أشرب…

إعتدلت بـ جلستها ثم إلتقطت الزُجاجة ورفعتها إلى فمها، وما أن رفعت رأسها لتشرب حتى علقت المياه بـ حنجرتها ومنها تسللت إلى القصبة الهوائية وهي ترى ذلك الوجه الرجولي يتكئ بـ مرفقيهِ إلى ظهر المقعد ويُحدق بها من علو بـ إبتسامة لعوبة

سعلت كِنانة الماء باصقة إياها كما خرجت الماء من أنفها، إحمر وجهها وهي تستمر بـ السُعال حتى طفرت العبرات من عينيها

أما هو سريعًا مد يده إلى عبوة المناديل الورقية وإلتقط بضعةً منها يمسح أنفها وقال بـ قلق

-أنا كان قصدي أفاجئك، مش أقتلك، أنا آسف …

أمسكت كِنانة يده وهدرت بـ سُعال

-أنت بتعمل إيه بالله عليك؟ في المواقف اللي زي دي المفروض تمسح دموعي مش مناخيري، كدا اسمه قرف…

هدأ قلقه وهو يرى لسانها لا يكف عن إطلاق السهام، لديها القُدرة على الهجوم حتى وإن كانت بـ حالٍ مزرية كما هي الآن، ليُجيب ضاحكًا وهو يضع يديه بـ جيبي بِنطاله جملي اللون

-بتقرأي روايات رومانسية كتير و كدا هتتجنني، غلط عليكِ
-زمت شفتيها بـ إمتعاض:ملكش دعوة بـ إيه اللي هيجنني، ملكش دعوة…

نهضت كِنانة وأكملت مسح وجهها ثم تساءلت وهي تُحدق به بـ إزدراء

-بتعمل إيه هنا فـ الشركة!! بتراقبني! ولا ناوي تفضحني فـ مكان شُغلي!...

لم يرد وقاص بل ظل صامتًا يُحدق في تفاصيلها التي لم يُساعده ظلام المكتب تلك الليلة في التشرب منه، ولكنه إكتفى بـ ذلك التلامس الجسدي والذي لم يقصده أبدًا ولكنه أسعده تمامًا

أما الآن فـ ملامحها الشقية تظهر أمامه بـ وضوح يجعلها شهية فـ أعين رجل لم تأسره أُنثى هكذا من قبل، سنواته التي قاربت على مُنتصف الثلاثين بـ سنتين لم يرَ خلالها فتاة آثرة كـ تلك، حقًا هو مُلتزم ولكن كِنانة بها من السحر ما يجعله يُبدي أفعال لا تتناسب مع شخصيته

إتسعت إبتسامته وهو يرى عيناها تضيق بـ شر ثم سألته بـ حنق

-بـتفكر فـ إيه؟ و لا مفيش داعي أسأل أكيد بتفكر فـ أول مُقابل لينا يا مُتحرش
-مط شفتيه ورد بـ بساطة:هو مش المُقابلة كلها بس لو هتقولي عليا مُتحرش فـ نفتكر أول لحظة فيه بس، و أكتر لحظة حرجة و مُهمة تليق على لفظ مُتحرش…

مال وقاص إليها بـ جزعهِ العلوي فـ لم تستطع التراجع بسبب الطاولة خلفها ليهمس هو بـ مكر قُرب وجهها

-يا حرامية صاحبة الأخلاق الحميدة و النوايا السليمة
-دفعته صارخة بـ إنفعال:أنت مين قولي؟! بتطاردني ليه! ثم إن الفلوس تُخص مُديرك مش تخصك أنت
-رفع كتفاه وقال:فـ الواقع هي فلوسي أنا مش فلوس مُديري لأن أصلًا مليش مُدير، و أحب أعرفك بـ نفسي…

وضع يده على صدرهِ ثم أردف بـ نبرةٍ ماكرة ونظرة مُتسلية

-اسمي وقاص مُحي الدين، صاحب الشركة و صاحب الفلوس اللي سرقتيها…

أسقطت يداها و فغرت فمها بـ ذهول جعل الدماء تفر من وجهها لتتراجع بـ صدمة قائلة

-أنت كذاب، أنت بتكدب عليا…

إقترب وقاص منها ثم أخرج بطاقته الشخصية و هتف بـ تسلية

-دي بطاقتي الشخصية، إتأكدي بـ نفسك لو حابة…

إنتشلت من بين يديه البطاقة و قرأت اسمه و جميع البيانات لتضرب وجهها قائلة بـ فزع

-ياربي، لأ قول إنك بتهزر!
-أخذ بطاقته وأردف:معنديش وقت للهزار يا آنسة حرامية…

إبتلعت ريقها الذي جف من الأساس ثم تساءلت بـ إهتزاز

-عـ عاوز إيه!…

صمت وقاص ثم إقترب منها حتى حاوطها من الأمام و المنضدة من الخلف، يضع يديه حولها متكأ إلى زجاج الطاولة و إدّعى التفكير هامسًا بـ تسلية

-يا ترى هعوز إيه من حرامية مُغفلة زيك!
-أجابت بـ حدة مُرتعبة:بطّل تقول عليا كدا و إنجز قول عايز إيه مني؟!...

حدق وقاص بـ ملامحها الشهية و بدأ يفقد سيطرته تدريجيًا إلا أنه تمالك نفسه و قال بـ إتزان يُحسد عليه

-أوكيه بما إنك مُصممة فـ هفهمك، هتشتغلي عندي لحد أما تسددي دينك
-صاحت بـ إنفعال:نعم؟ بتقول إيه؟…

وضع إصبعه على شفتيها يمنعها من الإنفعال ثم همس بـ مكر

-اللي سمعتيه، و بعدين وطي صوتك، أنتِ مش عايزة حد يعرف هنا إنك حرامية ولا إيه!!...

ضربت يده فـ قهقه وقاص و صمت بينما هتفت هي من بين أسنانها

-بطّل تضغط عليا بـ كلامك دا، و بعدين مش هقدر أسيب شُغلي، المُدير مش هيسمحلي أصلًا…

إبتعد عنها ثم وضع يديه في جيبي بِنطاله و قال بـ نبرةٍ واثقة

-سيبي الموضوع دا عليا…

كادت أن تعترض ولكنه أوقف حديثها و أكمل مُخرجًا مظروف صغير

-قبل ما تعترضي، إتفرجي على الفيديو دا فـ البيت و قرري بعدين بلغيني قرارك…

تركها و سحب مقعد ليجلس عليه ثم هتف وهو يتأرجح بـ مقعدهِ

-و دلوقتي نادي لهيثم مُديرك نبدأ الميتنج…

"عودة إلى الوقت الحالي"

-همست بـ قلة حيلة:يعني يا أوافق يا هيرميني فـ السجن، معتش فيه نخوة…

********************

-تمام يا ماما، كونوا بخير بس و أنا مش عايزة أكتر من كدا…

إنتظرت حوراء قليلًا تستمع لحديث والدتها ثم هتفت وهي تضحك

-متقلقيش مش بعمل مشاكل خاالص، أنا عايشة معاهم نسمة محدش حاسس بيا
-ضحكت والدتها وقالت:حاسة إنك بتكدبِ…

عاودت والدتها الحديث بصرامة حنونة قبل أن تتحدث حوراء

-متنسيش دواكِ يا حوراء، عايزة أبقى مطمنة
-إبتسمت حوراء و ردت:متقلقيش يا ماما، في. حد كدا مش بيخليني أنسى أبدًا
-قطبت والدتها جبينها وسألت:مين؟ كيان؟…

حمحمت حوراء و هي تتذكر تلك الرسائل التي تُرسل من رقم قُتيبة المُسجل يُذكرها بـ دواءها كل نصف ساعة فـ أخبرته أنها تأخده مرتين فقط قبل تناول وجباتها ولكنه لم يتوقف أبدًا.. يتصرف كما لو أنه والدها و هي تسمح له عله يعوضها عن إبتعادهم عنها

إستفاقت حوراء على صوت والدها لترد هي بـ صوتٍ متوتر

-جد كيان،حبيبتي مش عايزاكِ تقلقي نفسك خالص، هنا كُلهم واخدين بالهم مني كويس أوي، خصوصًا كيان…

دار حديث طفيف بينما حتى أغلقت حوراء و قررت الوقوف قليلًا بـ الشُرفة

وضعت فوق كتفيها كنزة صوفية خفيفة و خرجت من غُرفتها و بـ طريقها تذكرت حديث نوح وأنها ذهبت للإعتذار، فـ تفاجئت براحبة صدرهم و أنهم لا يُحِملونها أي ذنب

خرجت إلى الشُرفة و حدقت بـ السكون حولها حتى وقعت عيناها على قُتيبة الذي يقف أسفل شُرفة كيان، ينظر إلى أعلى و من طريقة وقوفه يبدو وكأنه يتحفز للإنقضاض على فريسة

وضعت يدها على شفتيها تمنع شهقة قد تخرج و يستفيق على إثرها عُميّر والذي تقع غُرفته قريبًا من الشُرفة

بحثت حوراء عن هاتفها ولكنها تذكرت أنها تركته بـ الغُرفة، لذلك توجهت إلى غُرفة كيان تطلب منها أن تجعل قُتيبة يرحل إلا أنها وهي تستدير وجدت عُميّر خلفها يسألها بـ إبتسامة

-بتعملي إيه فـ الوقت المتأخر دا؟ الجو بارد…

وقفت حوراء أمامه كـ الصنم عيناها مُتسعتان من الصدمة و تسارعت نبضات قلبها، من طارف عيناها نظرت إلى حيث يقف قُتيبة فـ وجدته لا يزال كما هو بل و صوته قد بدأ يصلها

شهقت فـ رفع عُميّر حاجبه و تساءل بـ حيرة

-إيه في إيه مالك؟…

تلعثمت بـ البداية إلا أنها أحاطت نفسها وهتفت بـ توتر قد بلغ منها مبلغه

-حسيت بـ البرد دلوقتي، ممكن ندخل!…

خطوة واحدة و عُميّر سيرى قُتيبة و قبل أن يقترب دفعت حوراء بـ نفسها عليه ليختل توازنه فـ سقط وهي فوقه

تأوه عُميّر بـ خفوت بينما حوراء كانت مُتجمدة من الصدمة، فعلتها و إرتماءها فوقه و يده المُلتفة حول خصرها بـ عفوية جعلت منها لوحة مُلهمة لتعابير الصدمة المُرتسمة بـ أبهى طلةٍ لها

و عُميّر يضع يده الأُخرى على جبينه يُدلكه ثم بعدها نظر إلى حوراء، لأول مرة يراها بـ هذا القُرب، بشرتها البيضاء الصافية و جسدها الذي يُلامس جسدها بـ أكملهِ عليه و خُصلاتهِا الكستنائية المموجة شيئًا آخر

إنها طفلة صغيرة مُقارنة بـ إيزيل، لا تمتلك المقومات التي تجعلها مُغرية كما طليقته ولكن بها ما يجذب أي أحد إليها، إنها و فقط بسكويتة هشة و شهية

-أنت كويس؟…

أجفل من شرودهِ على سؤالها المُتهز كما حدقتيها الكبيرتين تمامًا والذي ميز لونها، قهوة وكأنها مُمتزجة بـ الشيكولاه الذائبة فـ أنتج ذلك المزيج المُهلك

أجلى عُمير حلقه ثم أجاب وهو يُبعد نظراته العابثة بـ الفطرة عنها

-أه كويس، أنتِ كويسة؟
-أجابت بـ خفوت:أنا اللي وقعت فوقك فوقك…

ضحك عُميّر و عاود النظر إليها ثم هتف بـ مكر وهو يضع يده أسفل رأسهِ

-و بـ مُناسبة إنك أنتِ اللي وقعتِ فوقي، مش المفروض تقومِ عشان المنظر كدا مش لطيف أبدًا…

توردت وجنتيها بـ خجل و إرتفعت نبضاتها الهادرة قبل أن تُجيب بـ تلعثم

-بس أنا، مش مـ مش عارفة أقوم
-سأل بـ غرابة:نعم؟؟…

توًا إنتبه ليدهِ التي حاولت حوراء إبعادها عن خصرها فـ أبعد يده بـ ذهول عنها لتنهض هي سريعًا مُبتعدة عنه قدر المستطاع.. وكذلك هو نهض يحك عنقه من الخلف و تمتم بـ صوتٍ هادئ

-آسف
-تلاعبت أصابها بـ خجل وهي تُجيب:محصلش حاجة…

أومأ وهي عدلت ثيابها ثم أردف بـ إبتسامة عله يُزيل ذلك التوتر

-إيه رأيك. تشربِ معايا كوباية الأعشاب؟
-إبتسمت بـ خجل و قالت:بس أنت اللي هتحضره
-إتفقنا…

أشار بـ يدهِ كي تتقدمه فـ تقدمت بـ خطواتٍ متوترة و هو خلفها يُحدق بها بـ ذهول مُبتسم ثم هتف بـ صوتٍ خفيض

-مش معقول، دي بتشتتك يا عُميّر؟!…

********************

ساد الصمت بينهما عدا صوت أنفاسها المُتسارعة، يدها مُنقبضة على الهاتف تأبى تركها وعيناها وكأنها تحت سيطرة نظراته الحارقة فلا تجد القُدرة على إشاحتهما بعيدًا عنه

كاد الصمت أن يقتلها خوفًا لا منه بل عليه و هي تضربه بـ قسوة، بـ سوطٍ من الذكريات القاتلة لتهمس بعدها بـ صوتٍ ميت

-إمشي يا قُتيبة، معنديش طاقة للجدال أو للخناق معاك…

لم يرد و لم يُشح بـ نظراتهِ عنها بل صمت و ظل يُحدق بها بـ نظراتهِ المُظلمة لتزدرد ريقها بـ صعوبة بالغة و هي تستمع لنبضات قلبها المُتزايدة وكأنها تعدو بـ سباق

إنتفضت كيان على صوت قُتيبة والذي كان جامدًا كـ جمود الصخر، صلب كـ صلابة الحديد ولكنها تعلم أن ذلك الجمود و الصلابة يُخفيان غضب و خوف

-أنتِ حقيرة…

إتسعت عيناها بـ صدمة و أجفلت لتلك الإهانة والتي لأول مرة ينعتها بـ ذلك همت تتحدث بـ صوتٍ متوتر من الغضب

-إخرس، أنت اللي هـ آآآ
-هدر قُتيبة بـ حدة:إخرسي، إخرسي خالص متخلنيش أقول حاجة أندم عليها...

قبض قُتيبة على هاتفهِ يُخفف غضبه حتى لا يخرج عليها و حينها حقًا سيندم لأنه بـ بساطة سيخسرها، فـ أكمل هاتفًا بـ صوتٍ أكثر قسوة من الصخر

-لأول مرة تخليني أندم على اليوم دا، لأول مرة تخليني أندم إني كُنت هناك عشانك، و لأول مرة يا كيان أحس إني عايز أكرهك…

تمسكت بـ حاجز الشُرفة بـ قوة ناشبة أظافرها بها فـ أكمل قُتيبة حديثه بـ جمود قاتل

-مكنتيش بـ القسوة و الجحود دا، ليه مُصرة توجعيني!
-همست بـ إهتزاز:أنت قتلت أبوك بسببي…

أجفلت كيان على صوت ضحكته المُرعبة و أقربها إلى السُخرية.. وهذا ما يجعلها مُرعبة.. إنتظرته حتى هدأ ثم إستمعت لحديثهِ

-يبقى دا وهم لازم تفوقي منه…

تجمدت مكانها وهي تفغر فاها بـ صدمة ثم همست بـ عدم تصديق

-قصدك إيه؟
-وصلها صوته هادئ:اللي سمعته، مكنتيش غير آخر قشة قضمت ضهري فـ خلتني أتحرك يا كياني…

الآن تعلم ما معنى التناقض، جزء منها يشعر بـ الراحة لأنها لم تكن سبب رئيسي في موت والده و جزء آخر يشعر بـ الإحباط لعدم كونها بـ هذه الأهمية بـ النسبةِ له فلم يقتل والده لأجلها

عاود قُتيبة الضحك ثم هتف بـ سُخرية مقيتة

-إيه خير! ليه حاسة بـ الإحباط؟ يمكن عشان فكرتِ إني قتلته من الأول بسببك بس!!…

قهقه بـ سوداوية و أردف مُكملًا بـ نبرةٍ سوادء

-أنتِ فاكرة إني بقتل لأي سبب! و لا قتلت لأني حابب أقتل! هي دي فكرتك عني! مجرد حيوان بقتل عشان مجنون!

تداركت كيان نفسها لقد ساقها خيالها إلى ما هو أبعد من حد المعقول، فـ إعتدلت ثم قالت بـ صلابة وهي تتجه إلى الداخل

-إمشي يا قُتيبة، معتش فيه حاجة أسمعها…

توقفت ثم إستدارت وعادت إلى الشُرفة لتردف وهي تضع عيناها عليه وتدعو الله بـ داخلها ألا تخذلها قوتها

-أنت شيلت ذنب كبير عن كتفي، ذنب كان بيقتلني كُل يوم بس دا خلاص إنتهى هنا، و دا الحاجة الوحيدة اللي هشكرك عليها و بس…

أغلقت الهاتف و رمقته بـ نظرةٍ أخيرة قبل أن تدلف مُغلقة الشُرفة خلفها ثم إرتمت على الفراش تبكي بـ قوة

بينما بـ الأسفل حدق قُتيبة بـ الهاتف بـ نظرات ساخطة، سوداء و هو يستعيد جُزء من الماضي بـ عقلهِ

"عودة إلى وقتٍ سابق"

بعد عودته إلى الحي بحث بـ عينيه عنها بـ المكان الذي إعتادا اللقاء به ولكنه لم يجدها، فـ ركل الحصى بـ غضب و همس بـ صوتٍ ساخط

-بتضحكِ عليا يا كيان! بتخلفي معادنا! تمام. متلوميش غير نفسك بقى…

مر أمامه طفل يعرفه جيدًا فـ أوقفه و تساءل

-أنت شوفت كيان يا مُعاذ؟
-أجاب مُعاذ وهو يُشير إلى البعيد:أيوة شوفتها، كانت مع عمو شاهين ركبت عربيته معاه و طلعوا برة المنطقة بس معرفش راحوا فين…

قطب قُتيبة جبينه قبل أن تتسع عيناه بـ هلع ليترك الطفل و يركض سريعًا لقد وقعت بـ يد والده الذي حذره مُسبقًا بـ الإبتعاد عنها قبل أن يُبعدها عنه قسرًا، تُرى هل نَفذَ تهديده!

ركض وهو يعرف وجهته جيدًا دون أن يتوقف حتى تخدرتا ساقيه إلا أنه لم يتوقف، كان يلهث بـ صوتٍ عال جعل المارين ينظرون إليه بتعجب حتى وصل إلى البناية التي بها أحد الشقق الخاصة بـ ملكية والده

صعد الدرج كل درجتين معًا حتى وصل إلى الشقة، لم ينتظر إخراج المفتاح بل دفع الباب بـ كتفهِ عدة مرات حتى كُسر ثم هدر بـ صوتٍ قوي

-كيااااان!!...

سمع صُراخها يأتي من أحد الغُرف و كأنها بين فكي أسد

-حد يساعدني…

كانت عروقه نافرة بـ درجة مُرعبة وعيناه بها جحيم أسود مُستعر فـ ركض ولكنه توقف حينما صادف سكين

لم يُفكر مرتبن بل إلتقط السكين و ركض يدفع باب الغُرف بـ ساقهِ و ليته لم يرَ ما رآه

"عودة إلى الوقت الحالي"

عاد من ذاكرته على صوت هاتفه يفيد بـ وصول رسالة على أحد التطبيقات الخاصة بـ المُراسلة ليجدها حوراء تقول بها بـ وضوح

"إمشي من هنا يا قُتيبة، عُميّر لو شافك. مش هيسيبك غير و هو قاتلك يا قُتيبة"

إبتسم قُتيبة رُغمًا عنه ثم بعث هو الآخر بـ رسالتهِ المُعتادة

" متنسيش الدوا يا بسكوتة"

وضع قُتيبة الهاتف بـ جيب بِنطاله ثم نظر إلى شُرفتها مُجددًا ليهمس بـ إنفعال

-ياريتك مرجعتيش يا كيان، ياريتك ما رجعتِ و ألاقي كُل الكُره و القرف منك دا من نصيبي…

ركل حصى صغير ثم تابع طريقه و بـ داخلهِ يهمس

-أنا مش عايز أكرهك…

********************

-سايب شُغلك و بتتفرج على إيه؟…

سأل نوح صديقه وهو يضع كوب فارغ على الطاولة الخاصة بـ موظفين المقهى والذي بدى وكأنه مُهتم بـ شئٍ بالغ الخطورة

لم يرد عليه صديقه ليعود و يسأله نوح ملوحًا بـ يدهِ أمام وجههِ عله يلفت أنظاره إليه

-يا بني آدم أنا بكلمك
-زفر الآخر بـ غيظٍ وقال:بس أسكت يا نوح، خليني أشوف إيه اللي هيحصل…

تساءل نوح وهو ينظر في إتجاه نظر صديقه لعله يرى ما الشئ المُهم الذي يسترعى إنتباهه لهذه الدرجة

-و هو إيه اللي بيحصل؟…

توقفت أنظاره عند تلك الطاولة، مشهد مُعتاد بين شابٍ و فتاة يجلسان بـ كُل رُقي وحتى الشجار المُعتاد راقي جدًا حتى كاد يشك أنه شجار من الأساس، الفتاة تجلس تُعطيه ظهرها وكأنها تأبى أن يراها أحد الآن بـ إنها تبكي

ذم نوح شفتيه وقال بـ سُخرية و لا تزال أنظاره عالقة بـ تلك الطاولة

-بلاش اللي بتعمله دا، كدا اسمه شُغل بنات و بعدين دي مش أول مرة تحصل
-هتف صديقه بـ إمتعاض:طالما مش مُتهم روح شوف شُغلك و سيبني أنا أكمل فُرجة…

حرك نوح رأسه بـ يأس ثم هَمّ بـ الرحيل إلا أن صوت أنثوي أستوقفه ليستدير فـ يجد أنها تلك الفتاة بـ الطاولة المُراقبة من قِبل صديقه

إتسعت عيناه بـ دهشة وهو يرى فتاة بـ الكاد تمت الواحد و العشرين من العُمر، بيضاء البشرة، و سمراء العينين بـ شكل مُبهر وكأنك تُحدق بـ السماء ليلًا تملأها النجوم اللامعة، حاجبان معقودان بـ أناقة و بـ نبرةٍ تفيض قوة و رقة بـ الوقت ذاته

-جرسون، بعد إذنك…

إقترب نوح بـ سكونٍ تام ثم رسم إبتسامة مُهذبة على شفتيهِ وأردف

-إتفضلي يا هانم، تؤمري بـ إيه؟…

رفعت الفتاة فنجان قهوتها إلى نوح فـ إلتقطه منها ثم قالت

-فنجان قهوتي برد، ينفع تبدله بـ واحد تاني سُخن؟
-أكيد طبعًا يا فندم، لحظة بس
-إبتسمت الفتاة وقالت:لو سمحت متتأخرش…

أومأ نوح ثم سُرعان ما إنسحب و بدأ في إعادة تحضير فنجان القهوة، ضربه صديقه بـ كتفهِ و هتف بـ خُبث

-جميلة مش كدا! ياريت كُنت أنا، حظك فـ رجلك مع البنات كُل واحدة أجمل من التانية…

لم يرد نوح وآثر الصمت ليتأفف الآخر ثم قال بـ ضيق

-يا صاحبي إتعلم الهزار شوية، متبقاش قفل كدا تمام!!
-و دا لأني غريب فـ بلد مش بلدي و مش سهل ألاقي شُغل، عشان كدا حاول تتعلم تفصل ما بين الشُغل و الهزار يا صاحبي…

إلتقط نوح فنجان القهوة ثم عاد إلى الطاولة ولكن قبل أن يقترب سمع صوت الرجل يهتف بـ صوتٍ عال و نبرةٍ وقحة

-أنتِ عارفة أصلًا أنا وافقت أخطب واحدة زيك ليه! بس عشان جميلة لا أكتر و لا أقل و بالمرة أستمتع شوية…

تردد نوح في التقدم لذلك وقف قليلًا من الوقت عل ذلك الوقح يتوقف عن إهانة خطيبته إلا أنه لم يتوقف بل قال بـ فظاظة

-أنتِ متعرفيش خاتم خطوبتك كلفني أد إيه، على الرغم إنك. متستحقيهوش…

رفعت الفتاة حاجبها صامتة دون أن تتحدث فـ أكمل بـ برود

-و بعدين مين أنتِ عشان تحاسبيني سواء خُنتك أو لأ! أنتِ فاكرة إن ليكِ الحق أصلًا تدخلي! أنتِ مجرد واحدة مقبلش بيها حد فـ شفقت عليها و خطبتها…

إمتعضت ملامح نوح بـ إشمئزاز و تقزز من تلك الشخصية وكيف يُمكن لفتاة أن تتحمل كُل تلك الإهانة في سبيل الحُب؟ إن كانت هي ستتحمل فـ إنه لن يفعل لذلك تقدم و كان على وشك الرد إلا أن الفتاة أخذت فنجان القهوة و قالت بـ هدوء لا يتناسب مع ما يحدث

-شكرًا…

قربت الفنجان من فمها تتحسس حرارته فـ إبتسمت ثم رفعت أنظارها إلى الذي يجلس أمامها وسألت بـ برود صقيعي

-خلاص كدا خلصت كلامك؟
-أجاب بـ نزق:أيوة…

أومأت بـ رأسها ثم دون أي مُقدمات سكبت محتوى الفنجان بـ وجههِ ليصرخ بسبب الحرارة ناهضًا بـ فزع، أما نوح تراجع بـ دهشة أصابته كما أصابت جميع من بـ المقهى

وهى، إلتقطت حقيبتها الأنيقة و وضعتها فوق كتفها ثم هدرت بـ صوتٍ على الرغم من هدوءهِ إلا أنه جعل القُشعريرة تُصيبه و تُصيب نوح

-أنا مين؟ هتعرف لما نتقابل المرة الجاية فـ المحكمة، بـ النسبة للخاتم!!...

نزعته من إصبعها ثم ألقت به بـ سلة المُهملات بـ دون أن يرف لها جفن و قالت بـ سُخرية

-بنصحك تبيعه عشان تعرف تعيش بعد كدا و أنت عارف ليه، و من اللحظة دي متفكرش إنك بتمن عليا بـ خطوبتك بيا فـ أنا خلاص معتش بحبك يا حيوان، مكنتش أول مرة خيانة و لا هتكون الأخيرة و بصراحة مليت…

ثم رحلت و صوت حذاءها يضرب الأرض بـ أنوثة فتاكة و بـ قوة مُخيفة لأُنثى قررت الإنتفاضة

ملامح وجه نوح كانت تشي بـ سعادة كبيرة وهو يرى تلك. الصفعات التي نالها أثجلت قلبه قبل قلبها

إلتفت على صوت الرجل و هو يركض وراء الفتاة و يُناديها

-ايفا!!..ايفا إستني هنا متمشيش، أنا لسه مخلصتش كلامي…

اسم غريب، أتى صوت صديقه من خلفهِ وهو يحتضن نوح ثم قال بـ مُشاكسة

-واو عجبتني بصراحة، مفكرتش إنها مُمكن تعمل كدا، اسمها غريب ممكن متكنش مصرية!
- و أنت مالك يا أخي؟
-رفع صديقه كتفاه وقال:لا مفيش حاجة، بس اسمها مش مصري و مش لايق على حجابها…

ايفا!! إنها حواء
يتبع الفصل الثامن 8 اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent