نوفيلا عبث باسم الحب الفصل السابع 7

الصفحة الرئيسية

رواية عبث باسم الحب الفصل السابع 7 بقلم الكاتبة رحمة سيد

نوفيلا عبث باسم الحب كاملة

نوفيلا عبث باسم الحب الفصل السابع 7

كلمات "أحمد" كانت كعود الكبريت الذي سقط على هيكل الثبات الواهن الذي رممه مروان داخله، ليحرقه حرقًا في ثوانٍ معدودة..!
وتلقائيًا كانت يده تستجيب لنداء الوحوش التي اهتاجت داخله، فكان يلكم أحمد في غل شديد، ثم أوقعه أرضًا لتتوالى ضرباته له بعنف وهو يزمجر بشراسة:
-وديني ما هسيبك يا كلب.
لم يهم أحمد بالهجوم على مروان، كان يحاول أن يدافع عن نفسه فقط، فيما كانت رهف تصرخ في فزع محاولة اثناء مروان عن توريطهما في فضيحة جديدة بالطبع ستكون هي العنوان الرئيسي لها...!
-كفاية يا مروان بالله عليك سيبه كفاية.

بينما مروان بدا كالأصم، وكأنه محبوس داخل مغارة لا يسمع فيها سوى التعاويذ المتمثلة في كلمات أحمد، والتي تغذي جنون شياطينه..
ثم دوت ضحكات متقطعة لأحمد الذي قال بأنفاس لاهثة من وسط العراك:
-أنت مفكر إنك كده راجل بقا ومحدش قادرك، أنا بس سايبك بمزاجي عشان أجيب أخرك.
ازدادت ضربات مروان غلًا وراح يصيح بانفعال مفرط:
-هات أخرك يا كلب، وريني تقدر تعمل إيه؟
استمر العراك قليلًا ثم تابع أحمد صياحه المهتاج:
-لا أنا مش هقول أنا هاوريك بس مترجعش تقول ياما ارحميني.
ارتفعت نواقيس القلق داخل رهف التي إنتبهت لما يقول وترآى لها خيالات الفضيحة القادمة التي ستلتصق بها من جديد بعد أن خرجت من مكمنها..!
اقتربت من مروان بسرعة تمسك بكتفه وهي تغمغم بنبرة أقرب للبكاء:
-مروان ماتعملهوش اللي هو عايزه بالله عليك خلينا نمشي ونسيبه.
ولكن مروان دفعها بعيدًا عنه وهو يزجرها بحدة:
-إبعدي أنتي ماتتدخليش.
فوقف أحمد أمام مروان يلهث بعنف وهو يُطالعهم بنظرات غاضبة متضادة لجملته الباردة الساخرة وهو يقول:
-أيوه ماتتدخليش أنتي وأنا هعرف أعلمه الأدب.
بدأ الناس يتجمعون من حولهم متسائلين عما يحدث، فحاولت رهف ردعهم بعيدًا عنهم حتى لا يكونا البارود الذي سيشعل الفضيحة:
-دي مشكلة خاصة مفيش حاجة.
-مشكلة خاصة إيه يا مدام دا شوية وهيموتوا بعض.
هتف بها أحد الأناس المتجمعين، ثم بدأوا بالفعل يحاولون الفصل بين أحمد ومروان، فنظر أحمد تجاههم وتابع بنبرة شابها الغل:
-شاهدين، عشان لما أسجنه هتشهدوا باللي شوفتوه واللي عمله الهمجي دا.
شق الهلع طريقه في قلبها من جملته الأخيرة، فيما إلتوت شفتا مروان في سخرية تامة غير مبالية وتمتم:
-أعلى ما في خيلك أركبه.
تحركت رهف بسرعة تمسك كف مروان وكأنها تحاول تحجيم أعصار الغضب الذي اكتسح كيانه كله، وهمست في صوت مكتوم تسرب لداخل مروان ينفض عنه رداء اللاوعي ويضعه على أرض الواقع من جديد فينتبه أنه كان على الحافة :
-مروان عشان خاطري أنا مش حمل أي فضايح تاني ولا بلاوي جديدة ممكن يجرالي حاجة والله العظيم، خلينا نمشي أرجوك.

ضغط مروان على يديها وكأنه يحاول تهدئتها في صمت، ثم أغمض عينيه.. يحاول أن يكتم زئير الغضب الذي يعلو داخله وأن يرفع من صوت العقل الذي خفت كثيرًا في ظل وجود هذا الكم الهائل من الطاقة السلبية النافرة.

ثم سحب رهف وتحرك بها عائدًا للشقة دون أن ينطق بكلمة اخرى، فنظر أحمد نحوهما وقبل أن يدخلا عَلى صوته بنبرة ذات مغزى:
-الحوار مانتهاش على كده يا مروان وحقي مش هسيبه.
عضت رهف على شفتيها مغمضة عينيها في قهرة حقيقية تدرك جيدًا صدق وعيده فمن غيرها أدرى بالحقد الذي يتربص داخله بالمرصاد لأي تهاون أو طيبة قد تزوغ نحو قلبه..!

فيما تحرك أحد الرجال الحاضرين نحو أحمد يربت على كتفه بخفة قائلًا:
-أنت ساكن بعيد مش كده؟
اومأ أحمد مؤكدًا برأسه دون رد بملامح منكمشة في غيظ وحدة، ليتابع الآخر في هدوء:
-متهيألي الأحسن إنك تروح دلوقتي، ولو هو مفتري فعلًا تاخد حقك بالقانون.
اومأ أحمد برأسه ثم بدأ يتحرك بالفعل مغادرًا، وشبح ابتسامة خبيثة يتسلق نحو شفتاه، سعيدًا بما حققه من مخططه الشيطاني.

****

في داخل الشقة....

بمجرد أن رأى مروان مغادرة الجميع من أمام الشقة، حتى إلتفت بعينين تقدحان جنونًا نحو رهف التي كانت تقف في ترقب تعلم أن ما حدث لن يمر مرور الكرام، وأن أحمد لن يغادر سوى بعد أن يترك زوبعة سوداء من المشاكل خلفه..

وما إن بدأ يقترب منها حتى هتف بحروف مهتزة من التوتر، تحاول إسكان الهدوء بين ثنايا هذا الجنون:
-مروان اهدى وأنا هفهمك كل حاجة.
فيما تحرك مروان نحوها وبحركة مباغتة كان يقبض على ذراعها بعنف يهزها متسائلًا في زمجرة مخيفة:
-هو عرف منين إن عندك وحمة في رقبتك؟
هزت رهف رأسها نافية للإتهام الذي يلوح لها من عينيه ولم تنطق به شفتيه:
-بالصدفة وغصب عني والله العظيم مش أكتر.
فصرخ مروان في استنكار تجلى بين حروفه التي إنطلق الشرار منها:
-أنهي صدفة دي اللي تخلي راجل غريب عنك يشوف رقبتك.
انتاب اجابتها دوار التوتر الذي يُصيبها حين يهتاج بهذا الشكل، ثم نطقت بعدها بحروف متعثرة تسترجيه الهدوء:
-ما أنت لو هديت هفهمك كل حاجة والله.
ازدادت أعصابه استنفارًا، ولم يزده كلامها سوى انفعالًا، فزمجر بلهجة عنيفة:
-أهدى إيه أنتي مابتحسيش! واحد جاي يقولي على حاجة خاصة بمراتي وتقوليلي اهدى؟!

-أنت عارف إنه بيدور على أي فرصة عشان يخرب علينا حياتنا.
غمغمت من وسط الخناق الذي يفرض حصاره على مكنونات قلبها وروحها، فاستطرد مروان في استنكار قاسٍ:
-وهو مين اللي اداله الفرصة دي غيرك؟!
ثم صمت برهه وعيناه تحفر ملامحها حفرًا بحثًا عن كذبة جديدة ربما تكون الحفرة التالية التي سيسقطا فيها في علاقتهما:
-وياترى إيه تاني مخبياه وهيجي بعد شوية يفاجئني بيه؟
فأجابته مسرعة دون لحظة تفكير قد تكون سلاح للشك الذي يتمختر بعقله:
-مش مخبية حاجة يا مروان والله ومحصلش أي حاجة من اللي في دماغك.
ضيق عينيه متسائلًا بصوت أجش:
-هو إيه اللي في دماغي؟
-إنه قرب مني بأي طريقة.
غمغمت بها في قهرة حقيقة غلبت على نبرتها؛ تكره أحمد وتكره ما تسبب به، وتكره نفسها لأنها أوصلتها أن تبرر ما يخص شرفها، ولا تستطع إلقاء اللوم عليه حتى..!
تنهد مروان تنهيدة طويلة تحمل في طياتها الكثير، ثم قال في جدية صادقة رغم أن الغضب لازال في صدره يهدد بالهجوم:
-أنا لو شاكك إنه قرب منك ولو ١٪ مكنتش اتجوزتك.
لم تعلق رهف على جملته، واستكملت بنشيج باكي لم تستطع السيطرة عليه:
-أنا يمكن غلطت في حاجات كتير لكن...
قاطعها مرون يلقي عبء هذا السؤال عن كتف احتماله، يود إنهاء هذا النقاش المُستهلك للروح والعقل في آنٍ واحد:
-شاف الوحمة اللي على رقبتك ازاي؟

ابتلعت ريقها واجابت وتلك الرعشة التي تصرخ بالقلق مازالت تفرق بين حروفها:
-ساعتها كنت منزله صورة ليا على الواتساب، بس كانت بالحجاب والله وآآ...
-شافها ازاي لما هي كانت بالحجاب؟
قاطعها بقسمات يحتلها التجهم وكلمات مثلها مشدودة في حدة كسن سيف، فازداد توترها وهي تتابع قائلة:
-مهو أنا ساعتها كنت لابسة بونيه مش طرحة.
إتسعت حدقتاه في إنفعال مُخيف قبل أن يهدر فيها بقسوة موبخًا:
-وهو البونيه حجاب؟ مين اللي فهمك كدا؟ الحجاب يا هانم مايبينش منك أي حاجة لا رقبتك ولا خصلة من شعرك.
فاعترفت في نبرة مكتومة نافذة من الصبر:
-قولتلك اني كنت عبيطة وغلطت في حاجات كتير وكنت مأمناله.
فسألها متهكمًا بمرارة:
-إيه علاقة إنك مأمناله بأنك تسمحيله يتخطى الحدود اللي ربنا أمرك بيها ؟
هزت كتفاها دون أن تنظر له، وبكل الإرهاق الروحي الذي يمزقها غمغمت تتمنى لو تبتلعها الظلمة في دوامة من فقدان الوعي لتنهي كل هذا:
-غلطت، انا انسانة مش ملاك.
لم يجد مروان ما يجيب به سوى هزة من رأسه ثم تحرك مغادرًا من أمامها ولم ينطق بكلمة اخرى لا يجد ما يعبر به عما يجيش بصدره دون أن يؤذيها أكثر، فيكفيها الجروح التي لم تلتئم من الماضي تاركة خلفها ندبات بليغة...!

****

بعد فترة....

إنتهت رهف من تحضير الغداء في حالة مُريبة من الصمت الذي تناثر بينهما بعد التدخل الكارثي من "أحمد" والذي فجر شحنات سلبية بينهما، كلاهما يشعرا أن هنالك حواجز رماها ذاك الأحمد بشظايا كلماته الخبيثة..
نهض مروان ليجلس على الطاولة، يتناول غدائه معها دون كلمة واحدة، تنتظرها هي ولوعة الانتظار تُلهبها...
كانت مترقبة مترصدة لكل شيء يصدر عن مروان؛ تنتظر أي شيء يُسكن تلك اللوعة داخها، تنتظر رد فعل مخالف لذلك الصمت المستفز..!

أنهى مروان طعامه ونهض مغادرًا الطاولة، متمسكًا بهذا القناع الجامد الصامت، فلم تجد رهف مفر من قطع خيط ذلك الصمت بكلماتها الأجشة التي شابهت مقص حاد:
-أنا عايزه ارجع.
توقف مروان مكانه وكلمتها جمدته، ثم استدار في اداء بطيء وكأنه يستوعب جملتها، ثم أنذرت عيناه بعاصفة لازالت في مهدها ولكنها تهدد بالظهور حين سألها في لهجة حادة مستنكرة:
-يعني إيه عايزه ترجعي؟
إرتفعت نواقيس الخطر داخل رهف تحذرها من الإنغماس في تيار جديد من غضبه هي ليست في حالة استعداد له بتاتًا، فتلجلجت وهي تخبره متراجعة:
-ماما وحشتني!
فالتوت شفتاه في استنكار ساخر:
-أنتي ناسيه إن عندك بيت ولا إيه ؟!
صمتت رهف تدرك ضعف حجتها، فازداد ضغط مروان بغية معرفة السبب الحقيقية:
-خليكي صريحة معايا.
تنفست بصوت مسموع، وكأنها تحاول وزن خطوتها التالية في ساحة مشتعلة، ثم قالت مستجمعة كل إنش متناثر من الشجاعة والجمود داخلها:
-أنا حاسه إن أحنا مش هنقدر نكمل مع بعض.
عقد مروان ما بين حاجبيه في صمت بملامح جامدة صلبة لا تستطع اختراقها لقراءة رد فعله، ثم هز رأسه بمعنى "ثم؟" فأكملت هي بصوت مبحوح:
- أنا مش هقدر أستحمل وأعيش بالطريقة دي، وحاسه إن حياتنا مش هتستقر ابدًا.
عاد الجنون يتولى قيادة مقاليد لسانه الذي إنطلق يردف في قسوة مستهجنًا:
-ولا أنتي لما شوفتيه بقيتي مش هتقدري تكملي؟!
فاندفعت رهف تخبره في إنفعال مغتاظ:
-اهي الجملة دي بالظبط والطريقة دي هي اللي مخلياني متأكده إننا مش هنقدر نكمل.
لم يتراجع التهكم الهجومي الصريح من احتلال نبرته وهو يسألها:
-مش فاهم قصدك، يعني أنتي عايزاني ابقى عامل ازاي؟
-عايزاك زي ما أنت وعدتني.
تمتمت بها في نبرة مرتعشة يستوطنها الضعف، فناطحها هو دون تردد قائلًا:
-أنا عمري ما وعدتك بحاجة ومعملتهاش.
لتهز رأسه نافية تواجهه بما يدور بخلدها وقلبها موترًا إياهما:
-وعدتني إن هنبتدي حياة جديدة وإنك مش هيفرق معاك اللي حصل قبل كده.
ثم صمتت لحظة وتابعت بحروف فاح منها شيء من الرجاء:
-متوصلنيش لمرحلة أحس إن أنا خدعتك.
اغمض مروان عيناه مبتلعًا ريقه، يحاول الوصول لفرشاة الحروف التي تستطع رسم الحريق الذي تأجج داخله، واخيرًا خرج صوته مهزوزًا رغم حدته:
-أنتي ماخدعتنيش وأنا موافق بس أنتي مش عارفة الاحساس اللي أنا بحس بيه أنا حاسس كأن حد مولع فيا نار.
تمتمت رهف يائسة تحاول زج تلك الحقيقة في بقاع استيعابه:
-بس هو مش هيقطع من حياتنا.
زمجر فيها هو منفعلًا بقلب رجل شرقي اكتوى بالغيرة والقهر:
-وأنا من حقي إني محدش يجيب سيرة مراتي، أنا راجل حر ومش قادر أستحمل كده وابقى هادي زي ما أنتي عايزه.
-عشان كده أحنا مش هنقدر نكمل وعشان كده بقولك عايزه ارجع لأهلي.
خرج صوتها مهزوزًا يغرق في بحر من اليأس والظلمة بعدما ظنت أنها ستطفو بحياتها الجديدة معه..
فأمسك مروان كتفاها يهزها بقوة وهو يصيح والتملك يحد بطرفا حروفه:
-قولتلك مليون مرة أحنا قدرنا خلاص واحد وهتفضلي معايا مهما حصل.
هزت رهف رأسها نافية تصيح فيه:
-أنت اللي مش قادر تستحمل.
-حتى لو مش قادر أستحمل لازم هستحمل غصب عني عشان بحبك.
عمَ الصمت في الارجاء، يشبه صمت القاتل بعد إنفجار قنبلة مدوية، قنبلة بعثرت دقات قلب رهف الذي أخذ ينتفض بينما هي ترمش بعينيها دون أن تجد القدرة على استيعاب ما فجرته حروفه...
وهو لم يدري كيف نطقها دون تفكير أو تخطيط، وكأن تلك الكلمات هربت خفيةً من عقله دون أن يتنبه لها، ولسانه تحالف ضده مع قلبه الذي يأن بذلك العشق منذ آمدٍ بعيد..!

وقبل أن تستوعب ما وقع على اذنيها كان يتشدق هو بعاطفة عنيفة تستطع رؤيتها تحوم عينيه الآن بينما يضغط على كتفيها حتى تأوهت بخفوت:
-وأنتي هتستحملي غصب عنك عشان أنا بحبك ومعملتش دا كله عشان أخسرك.
فهمست هي كالطفلة الشريدة تتلاطم فيها الصدمات:
-أنا مش فاهمة.
-هز مروان رأسه ليتابع وعيناه تلمع كعاشق مغوار لن يقبل بالهزيمة بعدما وصل للنصر نازف الروح:
-مش لازم تفهمي، الحاجة الوحيدة اللي لازم تفهميها إني مش هسيبك تبعدي عني ومش ههد حلم وصلتله بعد عذاب، ومش هتهدي سعادتي دلوقتي.
-بس أنت مش سعيد.
نطق عقلها، وليس قلبها الذي مازال يرفرف كعصفور جريح كان على حافة الموت وبُثت فيه الروح.. فقال هو مستنكرًا:
-مين قالك؟! أنا سعيد.
لتهز رهف رأسها نافية وبشيء من المنطق تستطرد وازيال اعتراف تتعلق بحروفها:
-أنت طالما بتحبني الموضوع هيبقى أصعب ومش هتقدر، وكل اللي هيحصل إني هتعلق بيك زيادة مش اكتر.
سألها مروان بنبرة أجشة صلبة لا ترغب سوى بإجابة واضحة دون أن تلاعب بها:
-أنا مش هسألك السؤال دا تاني، أنتي عايزه تسبيني عشانه ولا عشان كلامك دا ؟!
له ما أراد، فالأول مرة يرى بُنيتيها الشهتين تنضحان بالكره والنفور الذي استطاع تهدئة قسطًا لا بأس به من هياج أعصابه وروحه:
-أنا بكرهه ولو هو أخر راجل في الدنيا مستحيل أرجعله، أنا عندي أموت ولا أكون معاه ثانية واحدة تاني.
تنهيدة عميقة صدرت عن مروان قبل أن يجيب في هدوء طال غيابه:
-وأنا هصدقك وأنتي لازم تستحمليني وتيجي على نفسك زي منا باجي على نفسي، هي محنة وهنساعد بعض نعديها، ولازم تفهمي إن الإنسحاب مرفوض، حياتنا ابتدت مع بعض وهتنتهي مع بعض.

اومأت رهف موافقة في استسلام، هي لا ترغب سوى بهدوء نفسي لا يستهلك المتبقي من طاقة روحها والذي يوشك على النفاذ، فلمَ تستكثر الدنيا عليها هذه الرغبة البسيطة ؟!...

اقترب مروان منها في هدوء، ليجذبها برفق دافنًا رأسها في صدره، وكأنه يخبرها دون كلام أن مكانها هنا، بين ضلوعه وعلى دقات قلبه النابضة بأسمها.
فأغمصت هي عينيها تستمتع بمذاق تلك اللحظات التي سرعان ما تنقلب، ليُقبل مروان قمة رأسها بعمق وشفتاه تطبع اعتذارًا غير منطوق؛ اعتذارًا لإنفجار لم يكن له قدرة على كتمانه ولم يكن لها قدرة على التصدي له.

****

بعد أيام معدودة..

عاد كلاً من "مروان" ورهف من شهر عسلها في " مرسى مطروح " لعش الزوجية في القاهرة، قاطعين شهر العسل الذي ادركا أنه لن يكتمل، بل أنه أصبح بابًا من أبواب الجحيم في ظل وجود هذا الكائن المدعو بـ " أحمد" ..

كان مروان في عمله في المعرض الخاص به، وكانت رهف في المرحاض ثم خرجت لتجفف يديها حين سمعت رنين هاتفها يعلو، فتوجهت نحوه في هدوء، لتجد رقم غريب، نظرت له لبرهه ثم أجابت برقة فطرية:
-السلام عليكم، مين معايا ؟
أتاها صوت رجولي خشن لم تتعرف عليه اذناها سريعًا:
-معقولة مش عرفاني؟
ولكن لم تكد تمر سوى لحظة حتى أدركت صاحب هذا الصوت، والذي لم يكن سوى "أحمد"، فتغضنت ملامحها في انزعاج ونفور وهمت أن تغلق الخط، فسمعته يقول مسرعًا في مكر:
-استني قبل ما تقفلي الخط مش يمكن أقول حاجة تهمك ؟
-عايز إيه؟
سألته في حدة، فلم يتأخر رده كثيرًا بل إنطلق هاتفًا:
-أنتي اللي هتعوزي لما تعرفي إني مانسيتش اللي حصل في مطروح وإني هعمل محضر وهحبس المحروس اللي إتجوزتيه، إلا إذا...
-إلا إذا إيه ؟
سألته فأكمل بابتسامة خبيثة لم تراها:
-إلا إذا أتفقنا.
-نتفق ازاي؟
-نتقابل وهتعرفي.
عَلت نبضات قلب رهف في خوف، لا تدري ماذا عساها تفعل، أتذهب له وتخاطر بمعرفة مروان، او لا تفعل وتخاطر بفضيحة جديدة تدق بابها ؟!..
يتبع الفصل الثامن اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent