Ads by Google X

رواية ابتليت بعشقك الفصل السادس عشر 16

الصفحة الرئيسية

رواية ابتليت بعشقك الفصل السادس عشر 16 بقلم بسنت علاء وبسمة عبد العظيم

رواية ابتليت بعشقك الفصل السادس عشر 16

إبكِ يا عيني فلائق لنظرتك تلك البكاء ... حرري تلك الدموع المتحجرة من مقلتيك واطلقي لها العنان لعلها تغسل القلب من همومه وشروره فيرتاح أو لعلها تنزل عليه كأسيد حارق فتكويه كويًا لا شعور بعده ولا ألم
أصدر هاتفه صوت أزيز يعلن عن قدوم رسالة ففتحها بهدوء وروتينية ليجد ما جعل حدقتيه تتوسعان حتى كادتا أن تخرجا من محجريهما..
ظل محدقًا في الهاتف عدة دقائق غير واعيًا أنه كان حابسًا لأنفاسه إلَّا عندما شعر بالاختناق فخرجت أنفاسه على هيئة جمرات مشتعلة كالتي تلتهب في صدره الآن ! 
أخذ يكبر حجم الصور أمامه ليتأكد مما يرى ... يشعر أنه في حلم ، الدنيا من حوله توقفت ولم يبق إلَّا تلك الصور ! مع صدى لكلمات تغافل عنها ولم يصدقها لأنه... 
-: غبي ! 
نطقها بهمس عالٍ وهو يعتصر الهاتف في يده حتى كاد يهشمه ثم وبجمود لا يعرف كيف تلبسه ... اتصل بها !! فردت هي سريعًا بنبرة شعرها ... مبتسمة ! 
-: صباح الخير على عيون حبيبي الجميلة 
سألها بصوت مظلم 
-: أين أنتِ ؟ 
عقدت حاجبيها من نبرته وهي ترد 
-: أنا في المنزل استعد للذهاب إلى العمل ! هل.....
قطع جملتها بلهجته الآمرة 
-: تعالي إليّ في الشركة ... على الفور 
وقبل أن تنطق بحرف كان قد أغلق الخط وهو يفتح الرسائل من جديد حتى وصولها ... يغذي ذلك المارد الذي وُلِد داخله ، يؤكد لنفسه أنها هي ، يؤجج تلك النار بداخله ... يشعلها ويزيدها اشتعالًا حتى تحرقها وتحرقه معها ، 
ثم همس بشر وحقد وكأنه تحول واحدًا آخر 
-: تأخري قدر استطاعتك حبيبتي ، أخري مصيرك الأسود الذي لا فرار منه !
**
دلفت إلى المكتب بقلق بدون أن تطرق الباب قائلة بتوتر لرؤيته في جلسته تلك
-: غيث حبيبي ! ماذا هناك لقد أقلقتني ولم أذهب للعمل حتى ! 
وضع الهاتف في جيبه وهو ينهض بهدوء ذاهبًا باتجاه الباب يوصده جيدًا بالمفتاح ، بينما هي كان التوتر قد وصل بها أقصاه فقالت وقد ارتفعت نبرة صوتها قليلًا 
-: غييث ماذا هناك أخبرني الآن ! 
أخرج الهاتف من جيبه بهدوء وفتحه ثم اتجه نحوها بخطوات متمهلة كخطوات الفهد قبل اقتناص فريسته ، وقف بجانبها وهو يناولها الهاتف هامسًا بجوار أذنها 
-: لقد وصلتني هذه منذ سويعات قليلة .... حبيبتي ! 
ارتعشت يدها الممسكة بالهاتف لسماعها نبرته تلك قبل أن تنظر له لتتسع عينيها على الفور بذعر وتتجمع بهما الدموع من هول ما رأت ... ظلت بهذا الوضع لدقيقة قبل أن يسألها غيث بهدوء شديـــد ، ذلك الهدوء الذي يصفونه بالهدوء الذي يسبق العاصفة ! و أي عاصفة !! 
-: ما تفسيرك ؟ 
التفتت نحوه وهي تهز رأسها بقوة علامة النفي وقد انسابت دموعها هاتفة بنبرة مرتعشة 
-: إ...ياك غيث أن تفكـ...ر ولو للـ...حظة 
و تحرر المارد المشتعل من مكمنه ، تحرر باسطًا عضلاته مقسمًا على حرق الأخضر واليابس ، أمسك شعرها بقوة في قبضته هامسًا بجوار أذنها بنبرة ... كارهة !!
-: إياي أن أفكر في ماذا ؟ 
شدد قبضته على شعرها حتى صرخت بتأوه وهي تحاول التملص منه فجاءت صرخته التي جعلتها تتجمد مكانها 
-: في أنك تخونينني ! 
جرها من شعرها خلفه بقوة كالشاه المساقة إلى الذبح ليحجزها بينه وبين الحائط غير مبالٍ بصراخها وتأوهاتها ومحاولتها للتملص منه مثقال ذرة مرددًا بهيستيريا 
-: تخونينني أنا ... أيتها القذرة تخونيننـــــي  
بالرغم من كل ما يفعله كانت تحاول الشرح له ! لم تتوقف عن محاولة ثنيه عما يفعله ... تحاول إخباره باستحالة ذلك ، بأنه الوحيد الذي يسكن قلبها مهما حصل إلَّا أن ذلك الذي أمامها لم يكن غيث ! لقد كان كالذي أصابه مس من الشيطان ... عيناه حمراوتان ، ملامحه متوحشة بشر .. لا بالتأكيد لم يكن هو !! 
أخذت يده تجول على جسدها بقسوة آلمة ، باشتهاء كاد أن يجعلها تتقيأ وهو يهدر في وجهها 
-: ماذا ؟ أكان يلمسك هكذا ؟... هل احتاج الكثير لإغواءك أم أنك تقبلتي عرضه بصدر رحب !! أم كنتِ أنتِ صاحبة العرض صحيح ! 
ضحك بهيستيريا وهو يكمل بفحيح مقربًا فمه من أذنها
-: ألهذا كنتِ تتهربين مني ومن حبي ؟ لِمَ لم تخبريني ببساطة أنك ..... أنك قذرة خائنة 
هدر بتلك بأعلى ما يملك حتى كاد يصم أذنها فهاجت كرامتها من إهانته ... ثارت مما يحصل ! هي شغف الهواري توضع في هذا الموقف ! هي تُذل هكذا وعلى يد من !!
صاحت به وهي تنفض ذراعيه عنها بقوة غير مبالية بدموعها التي تنساب بغير إرادتها
-: أخرس ... أنت القذر ولا غيرك أيها الحقيـ..... 
قبل أن تكمل كلمتها كانت يده قد هوت على وجهها في صفعة هوت بها أرضًا !! 
نظرت له بذهول وهي تضع يدها على وجنتها غير مصدقة ! هل غيث صفعها للتو ! تلك اليد التي لم تعرف سوى حنانها وتدليلها تصفعها ! بينما هو رأي خيط الدماء المنساب من جانب شفتها المشقوقة وفجأة رغب بالدماء أكثر ... رغب أن يدميها كلها لتشعر بإدماء قلبه اللعين ، قبض على شعرها ثانية وهو يقيمها من جلستها حاجزًا إياها ثانية ولكن تلك المرة بجسده كله فأخمد كل مقاومة تبقت لديها وهو يخبرها بضحكة شيطانية وعينان ينبعث منهما اللهب
-: منذ متى شغفي ؟ منذ متى و أنتِ تخدعين خطيبك الأبله ؟ منذ متى سلمتِ نفسك له ؟ هل أحببتِ الرخص ؟ أشعرك بالسعادة ها ؟ كنتِ أخبرتني بدلاً من الغريب كنت خدمتك بدلًا من دور الشرف الذي كنت تمثلينه !
كانت جامدة بين يديه كجثة فاقدة للحياة ... في الحقيقة هي كذلك بالفعل ، فقد فقدت الشعور بكل شيء عدا كلماته المسمومة كالشوك يغرزه في قلبها ببطء شديد ... واستمتاع ، يتلذذ بعذابها بين يديه كالمجنون ، وها هي يداه تتجولان على جسدها من جديد مع استمرار غرزه للشوك 
-: كيف كنتِ تشعرين و أنتِ بين يديه ؟
بالسعادة ؟ بالرخص ! أخبريني فأنا أكاد أجن ، لكن .... ما رأيك إذًا أن نجرب!! 
قالها وأخذ شفتيها عنوة بالرغم من رفضها ومقاومتها .... قبلة انتقام تشبعت بكره بقدر الحب الذي كان ! ذلك الحب الذي تبخر في ثوانٍ مثبتًا أنه لم يكن سوى ... محض سراب !
لم يترك شفتيها إلا عندما شعر بطعم الدماء بفمه فابتسم لعينيها ... ابتسامة لا تمت لأي من معاني الابتسام بصلة ، ثم ببساطة نفضها عنه بقوة حتى سقطت ثانية و ذهب ليجلس أمام مكتبه وهو يمسح فمه ، تاركًا إياها في الزاوية ترتعش كالشريدة بمنظر مزري ، أخذ ينظر لها مطولًا ولا يعرف أي الشعورين بداخله ينتصر ! 
انتشاء الانتقام أم وحشة الروح ووجع القلب الذي يشعره سيتوقف ، ثم وببساطة خلع حلقته الفضية ورماها أمامها أرضًا قائلًا بازدراء
-: أقرف حتى من ارتدائها ... أخرجي فمكتب غيث الهاشمي لا تدخله السافلات....
أيطردها بكل بساطة الآن !! هل هي في حلم ! كابوسًا أسودًا ستصحو منه جزعة ! أم هو الواقع !
و لكن كم من واقع تمنيناه حلمًا وكم من حلم تمنيناه واقعًا لكن يظل الحلم حلمًا والواقع واقعًا بجمال وبشاعة كل منهما ، أخذت نفسًا عميقًا ثم رفعت ذقنها وهي تنهض بصعوبة و تمشي بكبرياء مناقض لحالتها ثم تقف أمام مكتبه ، خلعت حلقتها هي الأخرى ورمتها في وجهه قائلة بصوت خرج .. ميتًا ، صوت خرج وكأنه نواح وعويل من أعماقها التي ترثيها 
-:   أتعلم ماذا كانت تشبه علاقتنا؟؟... أكملت وهي تتقدم نحو المكتب حتى التصقت به وسط نظراته المتحفزة المحترقة
-: كانت تشبه القميص الذي يخطئ صاحبه في تزريره فلا يكتشف أنه أخطأ إلَّا في آخر زر .. وقتها يفك كل الأزرار ويبدأ من جديد
تحولت نظراتها من السخرية إلى الجرح المرافق للتصميم يغلفهما القسوة وهي تصفق بيدها على المكتب 
-: لكن الفرق هنا .. أنني سأرمي هذا القميص .. سأقتلاعه اقتلاعًا ... ثم أقوم بحرقه و نثر رماده في الهواء حيث لا يكون له وجود.... 
ثم التفتت متجهة نحو الباب وقبل أن تفتحه التفتت له وبابتسامة هادئة كانت دخيلة على الموقف قالت مشددة على كل كلمة  
-: كل حرف قلته ، كل فعل صدر منك ، ستدفع ثمنه غاليًا ... جدًا جدًا ... أعدك بهذا 
ثم وببساطة ... خرجت ! خرجت تاركة إياه يحدق في خيالها وصدى كلماتها يتردد بداخله 
**
بمجرد أن خرجت قابلتها ياسمين التي كانت واقفة أمام المكتب غير متجرئة على الدخول ، شهقت بقوة وهي تضرب على صدرها فور رؤيتها ثم احتضنتها بسرعة قائلة بجزع 
-: شغف حبيبتي ماذا بك ؟ ماذا حصل بالداخل ؟ 
ظلت واقفة وكأنها تمثال من جليد ، تحافظ بصعوبة بل بمعجزة على ملامحها الهادئة ثم همست لها بجمود 
-: أريد أن أدخل الحمام ، و أعطيني أحمر شفاه 
عقدت ياسمين حاجبيها ولولا حالة صديقتها لألقت بتعليق من تعليقاتها اللاذعة إلَّا أنها نفذت طلبها بسرعة وهي تقودها ناحية الحمام الصغير الملحق بمكتبها....... 
دخلت إلى الحمام ببطء ثم أغلقت الباب ، لتتقدم نحو المرآة بتثاقل ، بخوف بل برعب داخلي ، تعلم أنها ستكرهه فور النظر لانعكاس صورتها ... وحدث ما توقعته ففور نظرها في المرآة تجمدت عيناها على صورتها ... ليست هي ! بل إنها صورة لإمراة غيرها تحاكي قهرها ،ألمها ، وجعها ! صورة تحكي باستفاضة عما حل بها !
صورة لو كانت رأتها على موقع من مواقع التواصل الإجتماعي لاكتفت بوضع تعليق بسيط لتنساها في وقتها ، إلَّا أن تلك الصورة قد حفرت حفرًا في ذاكرتها ، وشمت على قلبها ، لتذكر نفسها بها كل يوم وكل ساعة ! 
دمعة ... دمعة واحدة تعلقت على رمشها تأبى النزول ، دمعة حملت كل قهرها و الحريق الذي ينشب بداخلها ، لكنها سقطت في النهاية عندما أسبلت جفناها فتمتزج بقطرة من الدماء لتتدحرج على طول وجنتها كقطرة من أسيد حارق يكوي قلبها قبل وجنتها وتسقط في الهواء مع قسم أن تكون آخر دمعة ! فيكفيها رثاءً لمن لا يستحق الرثاء...
أخذت نفسًا عميقًا وهي تفتح الماء ، تغسل وجهها ... ببطء ... يتسارع شيئًا فشيئًا ، ثم بعنف ، تكاد تقطعة .. تفركه بأظافرها بقوة ، تزيل رائحة أنفاسه منه  ثم وضعت أحمر الشفاه بقوة على مكان ... قبلته !! لتعقص شعرها الذي كان معقوصًا في ... قبضته بيدها ، تهندم ملابسها وهي تحمد الله أنه عطف عليها ولم يمزقها ... 
ابتسمت بسخرية داخلها ثم خرجت لياسمين التي نظرت لها بذهول لكن قبل أن تتكلم كانت قد اتجهت للخارج برأس مرفوع كعادتها وهيئة خارجية تشبه التي دخلت بها تداري بها حطامها الداخلي وروحها المهشمة التي أضحت شبحًا يتخبط داخلها ... وجملتها التي لم تدرك مدى صحتها إلَّا الآن تتردد بداخلها
"الحب ليس كل شيء..."
**
طرقت على الباب بارتعاش بانتظار إذنه للدخول لكن لا صوت ! 
فتحت الباب ودخلت ببطء وحذر مهيئة نفسها للهرب إلَّا إنها وجدته مسندًا رأسه على المكتب حابسًا إياها بين ذراعيه فنادت بخفوت قلق 
-: سيد غيث ! 
لم يرد أيضًا !! مشت باتجاهه بخوف وفي كل خطوة تخطوها ينتفض قلبها بذعر في صدرها ، أخذت ترفع يدها وتنزلها عدة مرات إلى أن حسمت أمرها وهزته بخفوت متسائلة 
-: سيد غيث أأنت بخير ؟ 
استقام في جلسته بسرعة أجفلتها وهو يقبض على معصمها هامسًا بفحيح وعيناه الحمراوتان تقدحان شررًا 
-: كنتِ تعلمين أليس كذلك ؟ 
هزت رأسها نفيًا بذعر قائلة 
-: أ....أعلم ماذا ؟
نهض بقوة وهو يصيح ويهزها 
-: لا تتغااابي الآن ! كنتِ تعلميين ؟ 
هزت رأسها نفيًا وقد تجمعت الدموع في عينيها قائلة بارتعاش 
-: لا ... أقـ..سم لم أكن أعـ...لم لا 
ظل محدقًا فيها لبضعة دقائق حتى كادت تهوي ذعرًا بين ذراعيه لكنن تركها  وهو يرتمي بقوة على مقعده قائلا وهو يستدير عنها 
-: أرحلي الآن 
همست بارتعاش وهي تهز رأسها مهرولة نحو الباب
-: حسنًا 
ولم تكد تخطو عتبة الباب حتى سمعت صوته الجهوري ينادي 
-: ياسمييين 
ردت وهي تكاد تبكي 
-: نـ...عم سيدي 
-: ما حصل ... إن علم به مخلوق عن طريقك .... لن يمكنك التخيل ولو جزءً صغيرًا مما سأفعله 
هزت رأسها بقوة هاتفة 
-: بالطبع ... بالطـ..بع سيدي ، بعد إذنك 
وهرولت نحو الباب تكاد تجري حتى خرجت فاستنشقت الهواء بقوة وهي تسرع ذاهبة نحو المنزل 
**
طرقت على الباب هاتفة بخفوت 
-: زياد حبيبي ؟ 
لم يرد ! ، لولا أن سيارته بالخارج لكانت اعتقدت أنه في العمل !! ففتحت الباب وهي تنادي
-: زيااااد !! 
جالت بنظرها في أنحاء الغرفة لتجده مكومًا في الزاوية ضامًا ساقيه إلى صدره دافنًا وجهه بينهما فهرعت نحوه هاتفة 
-: زياد حبيبي أأنت بخير لماذا تجلس هكذا ؟ 
رفعت رأسه بيدها رغم ممانعته فهالها عيناه الحمراوتين ! وكأنهما بركتين من الدماء فشهقت لتقول بألم جم 
-: ماذا بك بني ؟ لماذا توجع قلبي عليك ! 
تدحرجت دمعة وحيدة من عينه على وجنته بقهر قبل أن يقول بصوت مختنق 
-: لقد أخبرتها أمي ، أخبرتها أي مسخ أكون ، عريت نفسي أمامها بكل بشاعتي تاركًا لها الإختيار ! بغبائي 
ضحك بسخرية مشبعة بالقهر وتلك الدمعة يصاحبها العديد والعديد 
-: أوهمني قلبي الأحمق أنها يمكن أن تغفر ولم أوقن حجم ما فعلت إلَّا بعدما حكيت 
جلست بجانبه تسحب رأسه إلى صدرها وهي تبكي بحرقة فشهق بقوة ثم أكمل 
-: لقد لوثت براءتها ، شوهت صورتي في عينيها أكثر مما هي مشوهة و استرجعت أشباح الماضي بداخلي ... هنا 
قرع على صدره بقوة وهو يكمل بصوت عالٍ
-: هنا أشعر بزياد الماضي يرجع ، يتشعب بداخلي ثانية حاثًا إياي على الرجوع 
أخرج رأسه من حضنها ثم وثب بقوة صائحًا بوجع وهو يشير لنفسه بقوة آلمة 
-: أخبريني أمي ! كيف تتحملين العيش معي ؟ رؤية وجهي اللعين كل يوم ! كيف لا تكرهيني ، تزدريني أخبريني كيف ؟!
ثم تهاوى على فراشه بتهالك ضاحكًا بسخرية مريرة 
-: على الأقل أنتِ أمي ، بنوتي تشفع لي عندك لكن عندها ماذا سيشفع !! عند حياة ماذا سيشفع ! 
ألجم لسانها بكلامه وما يتشبع به فباتت غير قادرة إلَّا على البكاء ، لتسمعه يردد وهو يتلحف بالغطاء بارتعاش تشعر به في أوصالها 
-: ماذا سيشفع ؟ ماذا سيشفع.... 
لتمسح دموعها بقوة وتتجه إلى غرفتها وسط همساته المرتعشة عاقدة العزم على إنهاء عذاب ابنها فإن كان هو غير قادرًا على التصرف فهي أكثر من قادرة...
**
أذنت للطارق على باب غرفتها بالدخول بفتور كالعادة إلَّا أن الزائر من لم يكن عاديًا ! لقد كانت أمه !! أم زياد ، تلك المرأة ذات الوجه البشوش الطيب التي تشعرها كأمك الثانية فور رؤيتها لكن ولأول مرة تراها غير مبتسمة ! يا ليت هذا فقط بل ملامح وجهها التي تحكي عن حزن دفين وتلك الهالات تحت عينيها ، ببساطة لم تكن هي ! 
استقامت بسرعة جالسة من نومتها قائلة باحترام وهي تحاول الابتسام
-: سيدة آمال كيف حالك ! آ....آنرتي المكان ، تفـ...ضلي 
أشارت لها بالجلوس فجلست على نفس المقعد الذي كان يجلس عليه ... هو ! 
دار بينهما حديثًا خافتًا متوترًا بدأ بالسلام والمجاملات إلى أن حل الصمت وقد نفذ الكلام فأخذت السيدة آمال نفسًا عميقًا ثم قالت بهدوء 
-: ملاك يا ابنتي ، أرجح أنك تعلمين سبب مجيئي ... بالتأكيد زياد ، في البداية أرجو منك ألَّا يعلم بهذه المقابلة 
أماءت برأسها وهي تزدرد ريقها بقلق فأكملت السيدة 
-: مبدئيًا بالتأكيد أنا لم آتِ لاستثارة عطفك أو لتوسلك بالقبول بأبني لا.... 
أخذت نفسًا عميقًا تمنع غصة البكاء تلك التي تدفعها بداخلها غريزة الأمومة وهي تكمل 
-: ولن أصف لكِ كيف حاله الآن فبالتأكيد لديك فكرة ولو بسيطة ، أنا أعلم أنه حكى لكِ عما حدث في الماضي وسؤالي هو .... هل بعد كل ذلك العذاب لكلاكما يمكن أن تقبلي به ؟ يمكنك إعطاء فرصة ثانية بعيدًا عن الماضي بحلوه ومره ؟ أيمكنك المغفرة والنسيان أم لا ؟
هزت ملاك رأسها نفيًا والدموع تسيل من عينيها بدون إرادتها ، تحاول الكلام لكن تلك الغصة في حلقها تمنعها ، فأكملت السيدة آمال تلقي كل ما بجعبتها لتترك لها القرار 
-: إن كنتِ ستقدرين فأعطيه الإشارة وأنا متأكدة من أنه سينتظرك لآخر العمر ولو إجابتك هي لا 
صمتت لثوان قبل أن تكمل
-: إن كانت إجابتك لا أيضًا أخبريه وأقعطي حبل الشك باليقين فخير له أن يتعذب قليلًا بالبعاد من العذاب طوال حياته معلقًا بين السماء والأرض هكذا 
ثم أضافت بعاطفة أمومية غلبتها 
-: انه يتألم ... و أنا أتألم لأجله فاخبريني يا ابنتي بقرارك إن كنتِ تخشي مواجهته 
انفجرت ملاك بالبكاء المقهور فهرعت نحوها السيدة آمال بحنانها الفائض تحتضنها مربتة على رأسها ليزداد بكاءها أكثر حينما شعرت بنفسها بين أحضانها وتسربت الكلمات المتقطعة من فمها بغير إرادتها مختلطة بشهقاتها الموجوعة
-: أ...نا أحبـ...ه جدًا لكـ...ن لا أ.. أعرف
أخذت تهدهدها حتى هدأت وأكملت
-: لا أدري إذا كان حبه حقيقًا أم عطف وشفقة ، لا أدري ما سر تحوله فجأة بعد الحادث من حال إلى النقيض ، لقد أخبرني بأنه لا يحبني و... طردني من مكتبه ليأتي بعد الحادث متغنيًا بحبي فكيف بالله عليك لا أكون مشتتة مجروحة الكرامة خصوصًا بعدما حل بي ! كيف لا أظن الذنب هو من يحركه كيف لا أخاف عند علمي أن فارس أحلامي منذ صباي كان واحدًا آخر ! أنا أعلم أنه يتألم لكنني أيضًا أتعذب وأنا عاجزة عن تصنيف مشاعري واتخاذ القرار 
ثم أخذت تبكي ثانية فمسحت السيدة أمال دموعها قائلة وقد انفطر قلبها لحال تلك الصغيرة التي لا تقل وجعًا عن ابنها 
-: أنا أؤكد لك أن زياد لا يحبك بل يهيم بكِ عشقًا ، كان يبعد نفسه عنك طيلة السنوات الماضية لاعتقاده بأنه لا يستحقك لما ارتكبه لكنه تاب والله تاب وأضحى واحدًا آخر أفتخر أنه ابني 
ثم ربتت على وجنتها وهي تبتسم لها مطمأنة 
-: اتبعي قلبك حبيبتي وأي كان خيارك  صدقيني سأتقبله أنا وهو بصدر رحب لكن فقط أريحيه و أريحي نفسك 
ثم نهضت من الفراش متمتمة بوداع خافت ثم رحلت تاركة ملاك التي سينفجر عقلها من التفكير عكس قلبها الذي يهدر صارخًا بإجابة واحدًا لا ثاني لها..
**
شركة الهواري_الهاشمي.....
كان جالسًا مغتاظًا يعمل بحنق ، يتعامل مع الأوراق المسكينة بقسوة حتى كادت تستغيث صارخة ، إلى أن شعر بوجود أحدهم يراقبه ، رفع وجهه بحدة وهو يستعد لإلقاء بضعة كلمات منتقاه جيدًا لها على تأخرها المتكرر والذي زاد عن حده لكنه وجد في وجهه ... غيث !! 
تعجب قليلًا وهو يعقد حاجبيه إلَّا أنه نهض وبابتسامة دبلوماسية تخفي كثيرًا مما يجول بنفسه قال بهدوء
-: مرحبًا سيد غيث تفضل 
دخل غيث وهو يجول بنظراته التقييمية في المكتب واضعًا كفيه في جيبه يخفي ارتعاشهما وتآكلهما للكم هذا الحقير ثم قال وهو يبتسم بسماجة 
-: مرحبًا  "سيف" ! أعذرني جئت بغير ميعاد ، أليست شغف هنا ؟ 
امتعض من نطقه لاسمه مجردًا إلَّا أنه حجم غضبه بصعوبة وهو يرد بصوت حيادي 
-: لا ، لم تأتِ للآن ، حتى أنها لم تأخذ إجازة أو إذن 
التفت له غيث حتى بات في مواجهته وهو يقول ببوادر شر و .. جنون !
-: صحيح ؟ ألم تأتِ لتحتمي بحبيب القلب إذًا من بطش الوحش الكاسر ؟! أم أنك رفيق سرير فقط يا صديق ! 
قالها غيث بابتسامة ساخرة ولم يكن يعرف معنى العبث مع سيف الغمراوي الذي يتعامل بقبضته أولًا ليأتي التفكير في الخلف، فسرعان ما كانت قبضته  الضخمة تزين وجه غيث الذي سقط أرضًا من قوة اللكمة وهو يصيح 
-: ماذا تقول هل جننت !! 
وثب غيث من مكانه بقوة وهو يباغته بلكمة مماثلة جعلته يترنح للخلف وهو يصيح بقوة هو الآخر 
-: بالطبع جننت أيها القذر ! ألست متزوجًا أيها الحقير الخائن لماذا تتعدى على ممتلكات غيرك أم أن القذارة تجري بدمك ؟ 
لكمه غيث ثانية مع ضربة في قصبة ساقه وهو يدفعه حتى سقط أرضًا بقوة مع سقوط بعض المقاعد ، اعتلاه وهو يكيل له اللكمات بغل ، يلكمه بكل قوته لعل تلك اللكمات التي هرم لها قلبه تختفي 
-: أقسم أن أحيل حياتك جحيمًا ، ليس أحد يتعدى على ممتلكات غيث الهاشمي ويمر الأمر مرور الكرام 
نفضه سيف عنه وهو يستقيم ممسكًا بتلابيبه صارخًا في وجهه وهو يوقعه على ... مكتبها ! 
-: أخرس ، أخرس أنت على ماذا تتحدث وما تلك القذارة التي تتفوه بها أنا أشرف منك و.....
ضربه غيث بقدمه بقوة فتأوه وهو يفلته لثوان فوثب غيث وهو يضربه بجنون صارخًا بكلمات متقطعة ، فدخل أخيرًا العديد من الموظفين و أبعدوهم عن بعضهم البعض بمعجزة ، كل منهما في جهة ينظر للآخر بأعين ينطلق منها الشرر غير شاعران بالدماء والجروح التي تغطي وجه كل منهما قبل أن يصيح غيث موجها كلامه له بكره وهو ينفض عنه الأيدي الممسكة به
-: أخبرها عندما تأتيك .. في المرة القادمة ، أن غيث سيجعلها تندم وتبكي دمًا بدلًا من الدموع ، و أنت أيضًا والله لتندمن أشد الندم أيها القذر 
ثم خرج كالعاصفة لا يرى أمامه إلَّا اللهب لتتوجه كل الأنظار في المكتب نحو سيف الذي يلهث بقوة ونظرات سوداء مسلطة نحو الباب ليصرخ بهم فورًا
-: اخرجوا الآن ... جميعكم 
وفي ثوان كان المكتب فارغًا ليرتمي هو بقوة على المقعد واضعًا رأسه بين ركبتيه يفكر بتشوش في تلك المصيبة التي حلت به ، المصيبة التي لم يفهم أبعادها للآن !!
**
صفق باب سيارته بعنف وهو يبحث عن هاتفه بجنون حتى وجده فاتصل بزياد وهو ينطلق بالسيارة بسرعة جنونية متوعدًا 
-: أقسم أن أحيل حياتك جحيمًا أيها القذر ، سأجعلك تتمنى لو أنك لم تولد 
ثم رمى الهاتف بقوة على أرض السيارة صائحًا بجنون وهو يضرب على المقود
-: تبًا لك يا زياااااااد لماذا لا ترد 
أسرع بالسيارة أكثر وهو مازال يصرخ ويتوعد متجهًا إلى جهة محددة لعله ... يجد السكينة......... 
وصل إلى وجهته بعد وقت ليس بكثير ، أخذ يتجول في المكان بأعين جامدة ، يتذكر كل حدث ، كل كلمة وكل شعور أحس به هنا ... برفقتها 
اعترف لها بالحب لأول مرة هنا ، أقاما ذكرى هذا الاعتراف هنا منذ مدة قصيرة ، التفت خلفه وهو يبتسم بوجع ... هنا خجلت واحمر وجهها عند اعترافه وجرت لتحتمي بأمها ، يلتفت للناحية الأخرى وعقله يتحالف مع قلبه مقسمين على تعذيبه ، هنا ظل يراقصها طوال الليل حتى أشرقت الشمس عليهما ، هنا تغنى وتغنى بحبها حتى بح صوته ، هنا وهنا وهنا ، أخذ يدور حوله كالمجنون وهو يراها في كل شبر ، يرى كل تلك الذكريات المثالية لعشاقين من الطراز الأول ، ولكم هو موجع أن تتحول كل ذكرياتك الرائعة في لحظة لأسوأ لحظات حياتك ، أن تتحول ابتسامة الحنين عند التذكر لدمعة تشق الوجنتين بوجع ... كما هو حاله الآن ، دموعه تسيل من عينيه بغير إدراك منه وهو يحدق في الشاطئ ، جلس على الرمال مسندًا ذراعيه ٱلى ركبتيه قائلًا بصوت جامد ميت 
-: طعنتني يا ابنة خالي ، طعنتي رجولتي ، كبريائي ، طعنتي قلبي وجعلتيه ينزف لآخر قطرة فيه حتى مات يحتضر ، لماذا ؟ فقط لماذا !
ثم هب من مكانه وهو يصارع الهواء تقريبًا صارخًا 
-: لماااااذا ياا شغف لماذا ماذا فعلت لك لتقتليني هكذا ؟ 
غطى وجهه بكفيه ليستشعر دموعه الغزيرة فينظر إلى يديه بتعجب ، ثم أخذ يضحك كالممسوس هادرًا من بين ضحكاته التي كانت وكأنها شهقات محتضرة ، شهقات قلب يعاني سكرات الموت ، يحاول استرجاع الحياة لكن عبثًا ! قال أخيرًا بتنهيدة خافتة 
-: أضيفي أنك أبكيتني لثاني مرة في حياتي يا ابنة خالي 
ثم وبدون مقدمات وبأمر سريع من عقله جرى نحو البحر ورمى نفسه فيه بكامل ملابسه ، يحتضن أمواجه ، يضربها بكل قوته ، يغمر نفسه فيها لعل ناره تبرد أو لعل روحه تخرج ويرتاح
**
دخل إلى المنزل متجهم الوجه وهو يمشي ببطء قليلًا للألم الذي يشعر به في قدمه ، في الواقع جسده كله ينبض بالألم ... بالتأكيد امتلأ بالكدمات ، حاول أن يسرع الخطى نحو غرفته .. لا يريدها أن تراه في هذه الحالة ، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ففور أن سمعت صوت إغلاق الباب خرجت من غرفتها كالعادة وسرعان ما تحولت ملامحها للجزع وهي تضرب على صدرها قائلة بخوف وهي تهرع إليه 
-: سيف !!! ماذا حدث لك يا الله ما هذا ؟ 
كانت تضرب بيدها على وجنتها وهي تبكي فتنهد بضجر وقبل أن يستدير ذاهبًا لغرفته ثانية كانت تمسك بذراعه تسحبه بقوة نحو الأريكة هاتفة وهي مازالت تبكي
-: هيا لنطيب جراحك 
لا يعلم لما أذعن لها وهو يجلس منتظرًا إياها وما هي إلَّا دقيقة حتى جاءت تركض ومعها الأدوات اللازمة ، أخذت قطعة من القطن وهي تملأها بالمعقم وتضعها على جرح في وجهه بسرعة فصاح من الألم ، ابعدت يدها بسرعة وانهمار دموعها يزداد هاتفة 
-: آسفة آسفة لم أقصد 
أخذت تؤدي عملها ببطء وحرص ، بصعوبة طفيفة في الرؤية كان سببها غلالة الدموع التي تغطي مقلتيها ، همست بدون وعي من وجعها لمظهره وما حل به 
-: سلامتك يا سيد الرجال ، يا ليتني كنت أنا ولا أنت يا حبيبي.... 
سمعها بتقاربهما الشديد ! سمعها وكذب أذناه في حين هي لم تعِ أنها نطقتها سهوًا من الأصل ! 
غلى الدم في عروقه ، لا يعلم كيف يتأثر بها هكذا ! حركات يديها الخرقاء على وجهه تفقده صوابه ، ملمس أصابعها ، بركتا الشوكولاتة الغارقتان في الدموع ... لأجله !! ، خصلات شعرها الطويلة العالقة بذقنه والتي يستنشقها بقوة بلا وعي ، وما زاد الطين بلة هو نطقها لتلك الكلمة بكل بساطة محملة بكل تلك المشاعر!! ، كل شيء فيها يثيره ، والأدهى أنه يستحقر نفسه لتأثره الأرعن هذا ، ماذا يحدث بحق الله هل جن !! 
نفض يديها عنه وهو يصيح 
-: كفى ... كفى لست طفلًا صغيرًا تشاجر قي المدرسة لتأتي أيتها الجنية الطيبة وتضمدين جراحه ! لم أطلب خدماتك المجانية ، و... أبحثي عن مهنة أخرى غير التمريض ففشلك فيها ذريع أشعر بوجهي يلتهب كله !! 
نهضت من جلستها على الأرض أمامه ويداها الممسكة بالمعقمات ترتعش حتى أسقطتها أرضًا ، نظراتها التي يغلفها الجرح تخترقه اختراقًا فيود لو يضرب نفسه أضعاف ما به عقابًا لكلماته المسمومة ! لكن هناك شيء خفي بداخله يريد دفعها عنه دفعًا ، ذلك الجزء الغبي من العقل ! فقال وهو ينهض متكئًا على الأريكة 
-: أخبرتك من قبل أن زواجنا صوريًا ، نعيش في منزل واحد لكن لا يتحتم علينا التخالط ، فرجاءً اهتمي بشؤونك الخاصة فقط وابتعدي عني 
كانت كلماته كطلقات نارية يصوبها نحو قلبها بمهارة لتصيبه في الصميم فيتصدع وجعًا لينقله إلى ... كلها ! 
أخفضت رأسها أرضًا تمسح دموعها بقسوة قائلة بصوتها الرفيع الذي خرج تلك المرة ... مهتزًا ! 
-: آسفة ، أعدك أنها آخر مرة ولن تشعر بوجودي ثانية أبدًا...
ثم التفتت ذاهبة نحو غرفتها بخطوات بطيئة فاقدة للحياة وقد نجح في مهمته بجدارة كما يفعل دائمًا بينما هو كان واقفًا يراقبها بألم لا يعرف مصدره..
**
اليوم التالي صباحًا 
فتح عينيه بصعوبة كان سببها آشعة الشمس الساقطة على وجهه ، انقلب على جانبه وهو يتأوه ، يشعر بالوجع في جميع أجزاء جسده وكأنه كان في حرب ، صداع شديد في رأسه سيفتك به ،  وصلت يده لهاتفه بصعوبة يريد رؤية الساعة لكن عيناه اتسعت فور رؤيته لهذا العدد من المكالمات الفائتة ! 
فتحها عاقدًا حاجبيه ليجدها كلها من غيث لكن لفت نظره ذلك الرقم غير المسجل ! فتحه وسرعان ما توسعت عيناه بصدمة ، أخذ يحدق في ذلك الرقم الذي يحفظه عن ظهر قلب ليهمس أخيرًا بنبرة مبهوتة 
-: ملاك !!!
google-playkhamsatmostaqltradent