رواية ابتليت بعشقك الفصل الخامس 5

الصفحة الرئيسية

رواية ابتليت بعشقك الفصل الخامس 5 بقلم بسنت علاء وبسمة عبد العظيم

رواية ابتليت بعشقك الفصل الخامس 5

ﺗﻨﺎﻇﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺁة بشرود ، تنظر إلى  ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮة ... ﻫﻞ ﻫﻲ 
جميلة ؟ اﻻﺟﺎبة ﻫﻲ ﻻ هي ليست جميلة !... 
ﺗﻤﺘﻤﺖ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ 
-: ﻻ ﻳﺎ ﺳﻨﺎﺑﻞ انتِ عادية ... ﺑﻞ ﻭأقل من العادية حتى... ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻤﻴﺰﻙ ﻭﻻ ﻳﻤﻴﺰ ﻏﻴﺮﻙ ؟ 
ﺗﻨﻬﺪﺕ ﻭﻫﻲ ﺗﺒﺘﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺮﺁة ﺛﻢ ﺗﻌﻮﺩ ﻟﺘﻨﻈﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺘﺪﻗﻴﻖ ﻭﻫﻲ ﺗﻠﻮﻡ ﻧﻔﺴﻬﺎ على ... على ﻣﺎﺫﺍ ﻫﻲ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ! 
عقدت حاجبيها وهي تخاطب صورتها في المرآة 
-: ﻻ ﺟﺴﺪ ﻣﻐﺮﻱ ! ﺑﻞ أقرب إلى ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﻥ 
ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻔﺘﻴﺎﺕ ، ﻻ ﻋﻴﻮﻥ ﻭﺍسعة كحيلة ، ﻻ بشرة ﺑﻴﻀﺎء ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺐ ﺍﻏﻠﺐ الرجال ، لا شفتان ﻣﻐﻮﻳﺘﺎﻥ... 
اكملت ﺑﺼﻮﺕ أعلى وهي تتلمس شفتاها بدون وعي 
-: ﻻ ﺷﺊ ... ﻻ ﺷﺊ إلا ﺷﻌﺮ ﺑﻨﻲ طويل ... طويل جدًا ﻋﺪﻳﻢ الفائدة ﻭﻳﺨﺘﻔﻲ 
ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ 
ابتسمت بسخرية ﻭ هي تقرب وجهها أكثر من المرآه وهي تفرد شعرها على طول يدها 
-:حتى ﺍﻟﻤﻴﺰة ﺍﻟﻮﺣﻴﺪة ﺑﻚ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻲ ﻟﻔﺖ ﺍﻧﻈﺎﺭﻩ ﺑﻬﺎ ... ﻭﻛﻴﻒ ﻭﻫﻮ يجول هنا وهناك ويرى فتيات العاصمة اللواتي لا ترقي لمستوى المقارنة بهم حتى! 
تنهدت بهم ﻭﺣﺰﻥ ﻇﺎﻫﺮ ﻓﻲ عينيها البنية ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺮﻣﻮﺵ ﺍﻟﻜﺜﻴﻔﻪ ﻭﻫﻲ تفكر بتنهيدة 
"ﺍﺭﺿﻲ ﺑﻘﺪﺭﻙ يا فتاة لن ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻚِ ﻭﻟﻮ 
ﺑﻌﺪ ﺃﻟﻒ ﻋﺎﻡ" 
اكملت افكارها وهي تبتسم بسخرية لإنعكاس صورتها متلمسة طاولة الزينة 
"وحتى ان حصلت معجزة ورآني وأعجب بي ماذا سيحدث ! لن ينفع ... بالتأكيد لن ينفع" 
تمتمت بألم داخلى معقودة الحاجبين 
-: سامحك الله يا أبي 
ﻗﺎﻃﻊ ﺷﺮﻭﺩﻫﺎ ﺑﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭ....ﺑﻪ ! ﺻﻮﺕ أمها ﻭﻫﻲ ﺗﺼﻴﺢ ﺑﻬﺎ من الخارج 
-:ﺳﻨﺎﺍﺑﻞ .... ﻫﻴﺎ ﻟﺘﻨﺠﺰﻱ ﺍﻟﻤﺘﺒﻘﻲ ﻣﻦ أعمالك ﻭﺗﺬﻫﺒﻲ ﻟﺠﺪﻙ ﺑﺎﻹﻓﻄﺎﺭ 
ﺻﺎﺣﺖ ﻭﻫﻲ ﺗﻠﺒﺲ ﻋﺒﺎﺋﺘﻬﺎ ﻭﻭﺷﺎﺣﻬﺎ على عجل 
-: ﺁﺗﻴﻪ ﺍﻣﻲ... 
ﻭﺧﺮﺟﺖ ﺗﻠﺒﻲ ﻃﻠﺒﺎﺕ أمها ﻓﻤﺎ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻭﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻴﻞ ﺑﻤﺮﺽ ﻻ ﺷﻔﺎء منه!! 
********* 
واقفة بعد أن دقت الجرس أمام بوابة البيت الكبير الذي يماثل بيتهم حجمًا لكن بيتهم اكبر قليلًا  .... لقد جاءت لزيارتها فقد أهملتها كثيرًا في خضم ما حصل وملاك بالرغم من أنها تكبرها بثلاث سنوات كاملة إلا أنها ليس لديها أصدقاء غيرها ... دائمًا كانت لا تحب الاصدقاء ... لكن شغف كانت تفرض عليها صداقتها فرضا دائمًا ... وتوطدت هذه الصداقة عندما توفى والديها رحمهما الله ... قاطع افكارها صوت ملاك القائل 
-: هل ستظلين عندك كثيرًا يا فتاه؟ ابتسمت وهي تدخل وتحتضنها 
-:كيف حالك حبيبتي ...اشتقت اليك جدًا 
ضمتها ملاك اليها بالمقابل قائلة بصوت عاتب 
-: نعم نعم ... اشتياقك واضح في السؤال عني كل يوم 
اتبعتها شغف لغرفتها وهي تتنهد قائلة 
-: صدقيني مشغولة جدًا في العمل تعرفين بالطبع و مع....اخيك ! 
قالتها بتنهيدة أطول وهي ترتمي على الفراش بغرفة ملاك التي اغلقت الباب وذهبت لتجلس بجانبها قائلة بأشفاق حاولت اخفائه 
-: حبيبتي انها فتره وستمر ... تذكري أن ما حدث لم يكن سهلًا 
ردت شغف بإرهاق وهي تستقيم 
-: اعلم ... وهذا هو ما يجعلني اصبر عليه 
ثم اردفت بحماس مع تحول ملامحها وكأنها تذكرت شيئًا مهما 
-: وانت اخبريني صحيح هل حقًا ستفتتحين مكتبًا للمحاماة ؟ لقد اخبرني اخيك البغيض بشكل عابر البارحة فقط 
ابتسمت ملاك بفرحة وقليل من الزهو 
-: نعم سوف اباشر العمل به من الغد وقد روج له غيث بين معارفه ... 
ارتسمت ابتسامة محبة على ثغر شغف وهي تربت على كتفها 
-: وفقك الله حبيبتي .. هل ستعملين به بمفردك..؟ 
-: لا بالتأكيد .. لقد اعلنت عن حاجتي لسكرتيرة وفريق عمل من المحامين الصغار لكن مازال هناك وقت ليأتي احد للتقدم 
همت شغف بالرد عندما قاطعها صوت رجولي قائلًا بسخرية مبطنه وهو يستند على جانب الباب الذي فتحه بهدوء في خضم حديثهما 
-: يا مرحبا يا مرحبا ... وأنا من كنت اتساءل ما هذا النور الذي يشع من البيت ! واخيرًا الأميرة شغف تنازلت و شرفت بيتنا المتواضع 
كانت سترد عليه رد يحرجه من ردودها اللاذعة فقد طفح بها الكيل عندما وجدته يقترب من ملاك مقبلًا جبينها بحب 
-:كيف حالك حبيبتي؟ 
فردت ملاك وهي تضع يدها على وجنته
-: بخير حبيبي....عدت باكرًا اليوم 
ابتسم غيث قائلا قبل ان يستقيم
-: انهيت عملي باكرًا كما امرتي سيدتي وجئت باكرًا لكي لا تغضب الأميرة 
ضحكت ملاك بخفه وهي تضربه على كتفه برقه و كل هذا وشغف تناظرهم بشئ من الحسرة و ... الغيرة ! نظر غيث إلى ساعته قائلًا 
-:حسنًا سأترككما الآن و.... 
نظر إلى شغف بنظرة لم تفهمها قائلًا قبل أن يستدير ليرحل 
-: سأنتظرك في مكتبي بعد خمسة عشر دقيقة 
ثم مضي ولم يسمع ردها حتى وكأن ليس لها حق الرفض ! أما هي فنظرت لملاك قائلة بغيظ متفاقم وهي توشك على البكاء غيظًا وكمدًا 
-: أرأيت ملاك كيف اصبح يعاملني ! هل يصح هذا ؟ 
عقدت ملاك حاجبيها بتعجب وهي تنظر للباب الذي خرج منه للتو 
-:لا  أدري كيف اصبح هكذا ؟ 
ثم أردفت تشجعها بابتسامة محبة 
-: لكن كل شئ له حل ... اذهبي ورائه وأكسبيه حبيبتي  باللين لا بالعنف ... لكن لا تجعليه او اي شخص أن يعاملك هكذا ابدًا 
حسنًا ... لقد صبت الزيت على النار دون أن تدري بكلماتها الرقيقة هذه !.... 
نهضت بقوة وذهبت له تتوعد في سرها
"حسنًا يا غيث.... أنا قادمة وسأريك ... لن اصمت هذه المرة لقد طفح الكيل منك" 
*****
دخلت المكتب بدون استئذان بخطواتها النارية وهي تقول بعصبية مفرطة وقد أحمرت وجنتاها البيضاويتان من الغضب 
-: كيف تكلمني بهذا الشكل أمام ملاك ؟ بل كيف تكلمني هكذا اصلًا !! أأنا اعمل عندك؟! أم ربما اكون خادمتك وأنا لا ادري! 
قالت جملتها الأخيرة وهي تبتسم بسخرية مشتعلة بينما هو جالسًا بهدوء على كرسيه شابكًا اصابعه امام وجهه ولم يقل سوى كلمه واحدة بكل هدوء او ... برود 
-: اجلسي 
تفاقم غيظها من هذا المغرور المتعجرف الباااارد ! أو يجرؤ حقًا على القاء الاوامر  بعد كل هذا ! فقالت بما يشبه الصياح 
-: لن اجلس يا غيث... لن اجلس إلا عندما أعرف هل سنظل هكذا كثيرًا ؟ أنا تعبت وتحملت كثيرا ... لكن ما لا أقبله هو معاملتك هذه لي وكأني خادمتك! قالت جملتها الاخيرة بصياح هذه المرة وهي تضرب بيدها على المكتب في ثورة .... كل هذا ولم تتحرك به شعره ثم قال بنفس بروده 
-: أولم اتحمل انا لسنوات شغف..؟ أترفضين تحمل جنوني ومشاعري السلبية نحوك بضع اسابيع وأنا تحملت معاملتك لي كاللعبة لسنوات ؟ 
جلست بقوه على الكرسي قائلة بإنهاك 
-: ليس من العدل أن نقضي الحاضر وانت تحاسبني على الماضي ... لقد اعتذرت لك كثيرًا ... تحملت معاملتك .... كنت تقريبًا اجري وراءك  لا رضائك لكن الآن.... 
ابتلعت ريقها وكأنها تبتلع رمال الصحراء الساخنة قائلة 
-: لكن الآن أنا لن اقبل معاملتك هذه ثانية غيث ... لقد طفح الكيل حقًا ... أنا أحبك وأنت تعرف هذا وأنا تغيرت ... عندما ترى انك جاهز لتخطي ما حدث سأكون بانتظارك ... لكن إلى هذا الوقت تجاهلني وكأني غير موجودة ارجوك .. لأنني فعلًا تعبت 
ثم التفتت وهمت بالخروج عندما ناداها قائلًا 
-: انتظري شغف 
ابتسمت بانتصار وفرحة ثم اخدت نفسًا عميقًا وهي تستدير قائلة بثقل 
-: ماذا الآن ؟ 
فرد قائلًا الرد الذي كاد يجعلها تنفجر 
-: اجلسي ... لم اكلمك فيما اريدك به بعد 
نفخت بحنق وهي تفكر 
"البغييض ... كم هو بغييض ... وأنا الذي حسبته سيعتذر ويقول لي ما فات قد مات ويكون موقفًا رومانسيًا!" 
ذهبت وجلست على الكرسي أمام المكتب وهي تناظره بهدوء وبرود ظاهري مناقض لاشتعالها الداخلي بانتظار أن يتكلم فقال بصوت آمر 
-: هذا الذي رأيتك معه بحفل خطبة زياد.... سيف على ما اظن هل هو مديرك في العمل صحيح ؟ 
ردت باستغراب 
-: نعم هو المشرف علي لماذا تسأل؟ 
فرد ببعض البرود و السخرية في آن واحد وداخله يشتعل غيره غير ظاهره 
-:  وهل العلاقة بينك وبين مشرفك تؤهله لرفع الالقاب بينكم ؟ 
ردت بحده من الموقف وهي تشعر بسخريته المبطنة 
-:  وهل رأيتني وافقت مثلًا ! او قلت له حسنًا سيف ! انا للآن اناديه سيد سيف 
ثم اضافت بعصبية وهي تشوح بيدها وقد انتفخت أوداجها من الغضب 
-:وحتى أن ناديته سيف فقط ليس من شأنك غيث ! 
ضرب على سطح المكتب بيده كما فعلت منذ قليل وهو يقول بصوت جعلها تكاد تقفز من على كرسيها جريًا باتجاه الباب 
-: ماذا ؟ اسمعيني ثانية هكذا ! ليس من شأني صحيح ؟  وشأن من إذن آنسة شغف! 
ثم أضاف بصوت اقل حدة ولكن آمر وهو يزفر بقوة 
-: سيف هذا.....علاقتك معه تكون في اطار العمل والعمل فقط وإلا سترين مني ما لا يعجبك 
سألت السؤال الفاصل بجنون يضاهي جنونه وصوت في عقلها يردد "لقد طفح الكيل" 
-: ألا تثق بي غيث ؟ 
رد قائلًا ببرود وهو يعقد يديه امام وجهه مجددًا 
-:  أنا لا أثق بمن هم حولك...أو لا أثق بك...افهمي كما تفهمين شغف لكن  لا علاقة معه مجددًا إلا في العمل وهذا آخر الكلام 
نهضت وهي تناظره بشئ من الذهول و....الخيبة قائلة 
-: حقًا لم اتوقعك تغيرت هكذا يا غيث ... بالرغم من كل صفاتي السيئة إلا أن الخيانة ليست من طبعي وانت تعرف بالتأكيد من كان الخائن ... عندما احب اخلص وكنت أظنك ادركت هذا الفترة الماضية ! 
ثم اردفت وهي تتنهد تبتلع دموعها وقد بان الدمع المترقرق فيهما 
-: من الآن وكل شئ انتهى بيننا أنا لن اعيش مع شخص لا يثق بي ويشك بأخلاقي ... انت تعرف جيدًا أني لم ولن احب غيرك لكن ... الحب ليس كل شئ ثم اضافت وهي تخرج بهدوء 
-: وداعًا غيث... 
ثم ابتسمت بسخريه وهي تكمل بألم 
-:  كحبيبين على الاقل 
واغلقت الباب وراءها بهدوء يناقض صخب مشاعرهما تاركة وراءها من يشعر بأنه أكبر احمق في العالم ... لكن ما انكسر سيصلح .. ولكن هل سيلتأم الجرح حقًا!! 
************ 
ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ 
بيت جمال الهواري 
ﺍﺳﺘﻴﻘﻈﺖ على ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﻨﺒﻪ في الواقع 
ﻫﻲ ﻟﻢ ﺗﻨﻢ ﻣﻦ الأصل ... هه وكيف تنام ! ﻧﻬﻀﺖ ﻣﻦ ﺳﺮﻳﺮﻫﺎ ﺑﺤﺮﻛﺎﺕ ﺭتيبة ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻟﻤﻴﺖ... تحممت وارتدت ﻣﻼﺑﺴﻬﺎ ﺑﺮﻭتينية وملامح جامدة محدقة في الفراغ ثم نزلت القت تحيه عابرة على والديها وذهبت للعمل بدون كلمة اخرى مما جعل والدتها تسأل ابيها باستغراب من حال ابنتها 
-: ماذا بها الفتاة يا جمال ؟ نظرة عينيها المليئة بالحيوية تبدو وكأنها انطفأت ! 
بينما جمال شاردًا في طيف ابنته وهو يستشعر حدوث شئ خاطئ 
-: لا اعرف لكن دعينا ننتظر لنرى ماذا سيحدث وأن احتاج الأمر تدخلي هذه المرة بالتأكيد سأتدخل......... 
******** 
*شركة الهواري & الهاشمي* (الفرع المشترك)
واخيرًا وصلت إلى مكتبها بعد عدد من الابتسامات المصطنعة للناس بداخل الشركة ... ها هي أمام مكتبها ويمكنها الانهيار ... لا اي انهيار! لقد انهارت بما فيه الكفاية ليلًا ... يكفى جفونها المتورمة من كثرة البكاء والتي حاولت اخفاءها بمساحيق التجميل ... فكرت "هو الخاسر...هي لن تُكسر بل ستبني نفسها بنفسها وستجتهد في عملها حتى لو كان قلبها عليل وكما قالت له ... *الحب ليس كل شئ* "
دخل سيف وهو يلقي التحية قائلًا 
-: مرحبا شغف .... أتيت مبكرًا اليوم ... هذا جيد لدينا عمل كثير 
في حال آخر كانت ستصحح له نطقه لاسمها مجردًا لكن لمجرد العند في هذا البغيض قالت بابتسامة لا تعرف من اين اتت بها 
-: مرحبا *سيف*.... أنا جاهزة وقد بدأت العمل لتوي 
استعجب قليلًا بفرح داخلي لنطقها اسمه مجردًا لكنه قال بعملية شديدة  يتصف بها مخفيًا مشاعره 
-: حسنًا انهي عملك الآن ثم يجب أن تأتي لتأخذي بعض الأوراق لتراجعيها قبل تسليمها لسيد زياد 
تمتمت بحسنًا وهو يدخل مكتبه بسرعة  خائفًا من انفضاح تأثيرها عليه هو..  سيف الغمراوي أصبح يخاف وممن!! 
نست نفسها بالعمل ووسط الاوراق إلى أن قاطعها صوت هاتفها يعلن عن اتصال ... لم تكلف نفسها عناء اخراجه من حقيبتها فهي ليست في مزاج للرد على احد الآن ... تكرر الرنين مرتين ثم ثلاثة فتمتمت بحنق 
-: من هذا الذي لا يفهم اني لا اريد الرد؟
اخرجته ببعض الحنق وهي تنظر إلى الشاشة فطالعها اسم *ياسمين* تنهدت بتعب وهي تشعر  بنفسها تريد مشاركة همومها لأحد ... ومن أفضل من صديقتها ... فتحت الخط وهي تقول 
-: مرحبا ياسمين ! 
ردت ياسمين بحنق 
-: والله كرم من سيادتك انك تواضعتي وقبلتي الرد على مكالماتي ... لماذا لم تردي منذ اول مرة ؟ 
ابتسمت ابتسامة لم تقوى على اكمالها
-: أنا في العمل هذه مخالفة للقوانين ردت ياسمين بلا مبالاة وهي تتأفف 
-: وإن يكن ....انها شركة ابيك وخطيبك في كل الاحوال 
اظلمت عيني شغف وتغضنت ملامح وجهها بألم وهي تقول 
-: لم يعد خطيبي أو اي شئ ياسمين لقد انتهت علاقتي بغيث إلى الابد ... كحبيبين على الاقل ولا اظن اننا سنفلح في تمثيل دور الأقارب المحبين 
ردت ياسمين بغير تصديق وهي تستقيم جالسة من نومتها واضعه كل تركيزها مع صديقتها 
-: أهو شجار جديد لترجعي إلي غدًا وتقولين لقد رجعنا لبعضنا ياسمين ... غيث حبيبي الوحيد وهذا الكلام ! ابتسمت شغف بسخرية من نفسها ومن كلامها  
-: ومنذ متى كنت اتغنى بحبه ! لقد كنت تاركة له هذه المهمة ... على العموم لن يحدث هذا ... أنا جادة... انا احبه وهو يحبني لكن.. 
وكررت نفس الجملة بتنهيدة للمرة التي لا تعرف عددها لتقنع نفسها قبل الآخرين -: الحب ليس كل شئ ! يجب أن يكون هناك ثقة واحترام متبادل بين الطرفين وهذا ما لا يوجد في علاقتنا او ما لم يصبح موجودًا ...
ابتسمت بسخرية مريرة عند نهاية كلامها فتمتمت ياسمين بإشفاق لحال صديقتها وكلامها الذي يقطر بؤسا 
-: ماذا حدث لكل هذا ؟ 
شردت عيناها بحزن 
-: الكثييير حدث الكثير مما يحكى ولا يحكى 
فردت ياسمين الآخرى بهم 
-: وأنا ايضًا حدث لي الكثير أتعرفين انني تركت عملي ؟ 
عقدت شغف حاجبيها بقلق وهي تعتدل في جلستها 
-:  تركتي عملك؟ كيف حدث هذا ؟ وأين تعملين الآن ؟ 
ردت ياسمين بحزن وهم مخفي وراء الحنق 
-: مديري اللزج هذا ... كان يتحرش بي لفظيًا في مكتبه القذر الذي يطلق عليه شركه وكنت اصمت لأجل عملي .... لكنه تطاول ولمسني ! 
ثم اكملت بلامبالاة وسط شهقة شعف 
-: فصفعته ... وقلت له كل ما كنت ادخره له من الكلمات منذ زمن ورحلت وبالتأكيد لن اذهب ثانية 
ردت شغف بإشفاق لحال صديقتها فهي تعرف ظروفها الصعبة 
-:  وماذا ستفعلين الان؟ 
ردت بتنهيدة 
-: ابحث عن عمل لكني بلا شهادة خبره معي لا يوجد شركة واحده لتقبل بي ... لكن بالتأكيد يوجد حل
ردت شغف بحزم  
-: حسنًا دعنا من جنونك هذا انك لا تريدين العمل بشركات ابي ... انا سأجد لك وظيفه جيده .... وسنقدم اوراقك بدون واسطة و ستعملين 
ثم اكلمت بغضب 
-: و أن حتى بواسطة وانت لا دخل لك  ثم ودعتها واغلقت المكالمة سريعًا حتى لا تعترض 
غافلة عمن سمع النصف الاول من المكالمة وقلبه يرقص طربًا ولا يعرف لماذا لكنه سيعرف اليوم ... بالتأكيد يجب أن يعرف ! دخل عليها المكتب وهو يتنحنح ويناظرها بتأنيب 
-: شغف ... لو سمعتك تتكلمين في الهاتف ثانية سيكون لي تصرف آخر ... هناك وقت للاستراحة 
ردت بصوت خافت ووجنتاها تشتعلان خوفا من سماعه لأي جزء في المكالمة  -: آسفة سيد سيف 
زفر بحنق لإرجاعها للألقاب بينهما 
-: حسنًا لقد حذرتك والآن خذي هذه الاوراق لتراجعيها 
اعطاها الاوراق وهو يحاول لمس يدها لكنها أخذتهم بسرعة غافلة عما يشعر به ثم استدار يذهب إلى  مكتبه عندما التفت اليها ثانية قائلًا بارتباك مضحك مع بنيته الضخمة...جدًا في الواقع.... 
-:  امممم شغف... بعد اربع ايام إجازة هل يمكننا أن ... نلتقي بالمقهى القريب من الشركة لنتحدث قليلًا 
عقدت حاجبيها وهي تناظره باستغراب في وقفته المرتبكة 
-: نتحدث في اي شئ ؟ 
ازداد ارتباكه وهو يلعن نفسه بداخله الاف المرات على هذا الارتباك المضحك بالتأكيد لكنه قال في النهاية 
-: اريد أن اكلمك في موضوع هام لا ينفع الكلام به هنا 
فقالت أخيرًا بتنهيدة 
-: حسنًا اذن في الثالثة يناسبك ؟ 
ثم اردفت بضحكة تخرجه من احراج الموقف 
-: اعذرني انه يوم الإجازة واستيقظ متأخرًا قليلًا 
رد قائلًا بابتسامة وداخله فرح بدرجة اخافته  ، لا يعلم لماذا توقع الرفض ! 
-: لا بأس أنه مناسب 
ثم دخل مكتبه وتركها تفكر معقودة الحاجبين في أثره فيما يريدها كتلة العضلات ؟ 
***** 
احد المقاهي 
-: هذا الاسلوب لن ينفع ابدًا 
قال بعصبيه ثم أردف بصوت عالٍ نسبيًا غير مبال بالمكان العام الذي يوجد فيه 
-: امي خط احمر شذا 
ردت ببرود جعله يتآكل غيظاً 
-: أنا لم أفعل شيئًا زياد انت تكبّر الموضوع بدون سبب 
رد قائلًا بحدة وهو يخفض صوته قليلًا هذه المرة وقد لاحظ بعض الانظار التي توجهت اليهما 
-: انتِ دائمًا ما تعاملينها وكأنها اقل شأنا منك بل انتِ تعاملين كل الناس هكذا وفي الحقيقة أنا قد مللت من غرورك هذا وعجرفتك الكاذبة هذه 
ثم اردف وهو يناظر برودها الذي يكاد يجعله يشد في شعره ... هو زياد الحكيم كما يطلق عليه غيث ... المتحكم بأعصابه دائمًا بأصغر تصرف قليل الادب منها مثل هذا تجعله يفقد اعصابه كليًا 
-: لعلمك فقط امي لم تخبرني بشئ لقد وجدتها تبكي في غرفتها وأنا من اجبرتها على أن تحكي لي ما حصل بينكما و... 
قاطعته بسخريتها المترفعة التي لا يطيقها 
-: آه بالطبع الأم تبكي امام صغيرها وتمثل دور المظلومة لكي ينجدها الابن من خطيبته الساحرة الشريرة.... 
قاطعها بصوت عال حانق وهو يهب واقفًا غير مبال حقا هذه المرة 
-: التزمي حدودك شذا 
ثم اخذ شهيقًا قويًا مخرجًا زفيرًا اقوى قائلًا بهدوء وكأن هذه العاصفة لم تحدث 
-: هذه العلاقة لن تنفع شذا ان طباعنا مختلفة وانا لن استطيع التعايش مع كل هذا الاختلاف ابدا للأسف ... 
ثم اضاف وهو يخلع خاتمه ويضعه على المنضدة وسط النظرات المتفرجة بشوق وكأنهم يشاهدون فيلما سينيمائيا و نظراتها المذهولة مما وصل إليه الموقف 
-: أنا آسف...حقًا آسف 
ثم مضى وتركها تغلي وتزبد وهي تقسم
-: أقسم اني لن اضيعك هكذا يا زياد لن أكون شذا الغارب أن فعلتها.... 
******** 
تنزل على السلالم بطاقمها الكلاسيكي الرمادي في المبني الفخم الذي يوجد فيه مكتبها ... مكتبها ! كم هي جميلة هذه الكلمة .... هي لا تحب ارتياد المصاعد وتخاف منها جدًا .....انه اول يوم لها في مباشرة العمل في المكتب ولم يأتي احد للتقديم على وظيفه أو لقضيه او حتي لاستشاره قانونية ... لكنها سعيدة  ...سعيدة جدًا ... يفرحها جدًا شعور أنها على اولى خطوات الاستقلالية وقد تأخرت كثيرًا لكن لا يهم ... وهي غارقة في وسط افكارها تتأمل السلالم من تحت قدميها في حركه تحبها اصطدمت بصدر عضلي كالجدار ...  تمايلت إلى الخلف من اثر الارتطام وكادت ان تسقط  لولا ذراعان  كالكماشات امسكا بمرفقيها يمنعانها من التهاوي ... تطلعت إلى اعلى بقامتها القصيرة نسبيًا إلى قامته المديدة وبنيته العضلية ... فكرت 
"ألا يوجد لهذا الشخص نهاية ! اين رأسه؟" 
واخيرًا انتهت من تأملها بالوصول إلى وجهه ... ذقنه الطويلة و شعره الطويل نسبيًا ايضًا ، بشره بيضاء تناقض سواد شعره ... هيئه بوهيمية لا تتناسب اطلاقًا مع ازيائه الرسمية التي يرتديها 
وجدته يبتسم لها بطريقه غريبة  فاحمرت من تأملها به لكل هذا الوقت واطرقت برأسها ارضًا وهي تتمتم باعتذار خافت وتهم بالمرور حين سمعت صوت رجولي جذاب 
-: انتظري يا آنسة هل انتِ بخير ؟
نظرت له من الدرجة التي تلي درجته وهي تقول 
-: نعم نعم أنا بخير ... شكرًا لك !
وجدته يدقق في ملامحها قليلًا ثم قال بمفاجأة 
-: هل انتي ملاك ؟ 
ثم اردف وكأنه اكتشف حل معضلة كبيرة 
-: ملاك الهاشمي صحيح ؟ 
نظرت له باستغراب تحاول التعرف على هيئته 
-: نعم أنا هي لكن ...! 
اعفاها من الحرج وهو يقول بابتسامته التي تظهر صفي اسنانه 
-:بالتأكيد لا تتذكريني أنا سامر ... سامر القاسم ... كنت زميل لغيث في الماضي لكن.... 
اكمل بصوت خافت قليلا مع شرود عينيه لثوانٍ
-: اخذتنا مشاغل الحياه 
نظرت له بتدقيق كل هذا وهما على الدرج ثم قالت 
-: نعم نعم أتذكر الاسم لكنك ! اقصد ...  لم تكن هكذا في الماضي !! 
انهت كلامها بسعال خافت من الإحراج فضحكمرجعاًا رأسه للخلف 
-: نعم تقصدين بنيتي العضلية وهكذا لقد.... 
ثم صمت وهو يعقد حاجبيه وكأنه قد تذكر او اكتشف شيئًا مهمًا ثم قال 
-: كيف نتكلم هكذا على الدرج !!  تفضلي امامي ..... لنذهب إلى مقهى قريب ... اريد ان اسألك على بضع اشياء
همت بالرفض بتهذيب عندما قاطعها وهما ينزلا الدرج 
-: بالمناسبة ملاك ماذا كنتِ تفعلين في هذا المبنى ... أنه ليس مسكونًا من عائلات او شيئًا من هذا القبيل ! 
ردت بتمتمة خافتة مصدومة قليلًا من سلاسة تنقله في الاحاديث هكذا وهذه تقريبًا اول مرة يحدثها فيها 
-: لقد ... لقد افتتحت مكتبي للمحاماة اليوم و... 
لم يمهلها فرصه ان تكمل حديثها عندما قال بحماس 
-: هل انتِ صاحبة مكتب الهاشمي للمحاماة؟ 
ردت عليه بإيماءة من رأسها وقد وصلا إلى مدخل المبني....قال وهو يبتسم 
-: بالتأكيد ... كيف لم اربط هذا بذاك !! يسعدني  إذن أن اكون أول عملائك ... لقد اتيت لهذا المكتب في استشاره قانونية معينة 
ابتسمت وبانت الفرحة على وجهها وهي تسأله بعملية 
-: استشارة في اي شئ بالضبط ؟ 
اخذ يشرح لها الموقف وهما يتمشيان جنبًا إلى جنب متجهين إلى المقهى القريب جدًا من المبني ... غافلين عن عين تراقبهما بحسره وندم ونار ... نار تنهش في قلوب الأحبة ..... 
******** 
اوقف السيارة قليلًا عندما أحس أن شروده سيأخذه بعيدًا عن القيادة فهو هائم على وجهه بسيارته يمشي في الطرقات بلا هدف لا يعرف تصنيف لشعوره الآن !  لا يعرف هل هو سعيد أم حزين ! لا بالتأكيد هو ليس حزينًا ... في الحقيقة لا يعرف ! يشعر بثقل كبير انزاح عن صدره وفي نفس الوقت يشعر بحمل اثقل يجثم على صدره ! هل هذا طبيعي ؟ كيف سيخبر والدته! هل سيرى نظرة الخيبة والحزن ثانية بعينيها ! لا  بالتأكيد لا... هو ليس الأول ولا الأخير الذي يفشل في علاقة... ثم اليس جيدًا أنه لم يرفضها من البداية كالباقيات!! بالتأكيد ستتف...... 
قاطع شروده في الطريق منظر لفت نظره لقد كانت...هي..! هي بكل جمالها و بهائها وطلتها التي تخطف انفاسه دائمًا بطاقمها الرمادي الذي يتناسب مع لون بشرتها البيضاء الشاحبة... لكنها ليست وحيدة ! يقف مقابلا لها شخص ضخم البنيه معكسًا ظهره له! فكر في نفسه بغضب حارق 
"من هذا؟؟ وكيف يقفان  هكذا جنب إلى جنب في مدخل هذا المبنى !" 
هم بالنزول والغضب يعميه لكن اثناء فتحه لباب السيارة صدح ذلك الصوت داخل عقله قائلًا 
"وستمنعها بصفتك من يا زياد! صديق اخاها ! ألا يمكن أن يكون هذا.." 
ترجم افكاره بصوت عالي وهو يخاطب نفسه مشدوها بأنفاس متقطعة  "خطيبها !" 
لا بالتأكيد لا ... كيف خطيبها ولم تعقد حفل خطبة !؟ فجاءه نفس الصوت في عقله معذبا 
"ربما حبيبها" 
وعلى اغلق الباب هذه الفكرة ارجع رأسه مسندًا اياها  للخلف على كرسي السيارة  مغمضًا عينيه بألم هامسًا يناجي طيفها المختفي برفقته 
-: ملاكي ... لا تتركيني لظلمتي ... لا تتركيني لهوتي السحيقة....
google-playkhamsatmostaqltradent