رواية بين أحضان الوحش كاملة للقراءة (جميع الفصول)

الصفحة الرئيسية

رواية بين أحضان الوحش كاملة جميع الفصول بقلم فاطمة حمدي

رواية بين أحضان الوحش الحلقة الأولى

وقفت الصغيرة علي أطراف أصابعهـا حتي تستطيع فتح الباب وتدلف إلي غرفة والديها ، دلفت بخطوات سريعة حتي وقفت أمام الفراش وهي تبتسم بمرح طفولي ، ثم صعدت تداعب وجه أبيهـا النائم وهي تهمس بخفوت : بابا حبيبي ، إصحي بقي إنت وحشتني قوم ..
فتح أكـرم عينيه وراح يبتسم لـ إبنته ، ثم تفوه بنعاس وهو يتمطع بتكاسل : حبيبي ، صباح الخير يا قلب بابا ..
قبلته ندي من وجنته وهي تقول بحماس : تيته بتقولك يلا عشان تفطر وصحي ماما كمان ..
زفـر أكرم بضيق وهو يقول بنفاذ صبر : ماما مفيش مرة تصحينا هي ولا تعمل فطار زي مخاليق الله حاجة تقرف يا نودي ..
وضعت ندي يدها علي فمها بحذر وهي تقول بخوف : شش يا بابا هتسمعك وتقوم تضربنا ..
ضحك أكرم وهو ينهض جالسًا بإيجاز ثم جذبها إلي أحضانه وهو يقول بحنان : متخافيش يا حبيبي ، متقدرش تضربك ولا حد يقدر يضرب حبيب قلب بابا خالص..
ضحكت بمرح وهي تتعلق بعنقه ، بينما قالت بتذمر : أنا عاوزة أروح المدرسة بقي يا بابا هروح إمتي ؟
أجابها مبتسما : هتروحي الشهر الجاي يا عيون بابا أنا قدمتلك خلاص وهتروحي مع صحباتك
- هييييه ، هتفت الصغيرة بمرح ، لتنتفض سها من فراشهـا قائلة بحدة : ندي إيه صوتك العالي ده مش عارفة إني نايمة ؟؟
رد أكرم مزمجرًا : قومي يا هانم بدل ما تزعقي لبنتك قومي فطريها وشوفي طلباتها زي كل الأمهات مش نيمالي كده ولا علي بالك ..
تأففت سها وهي تقول بضيق : هو أنت كل يوم هتسمعني الاسطوانة المشروخة دي يا أكرم ، إنت إيه مبتزهقش !!
صر أكرم علي أسنانه وتابع بغضب : أنا قايم أفطر ، قبل ما أمد إيدي عليكي ، تعالي يا ندي ..
خرج بصحبة إبنته ، تاركا زوجته تستشاط غضبا ، لكنها تسطحت مرة أخرى لتستكمل نومها بلا مبالاه ..
بينما قال أكرم وهو يمسد علي شعر إبنته : حبيبي روحي أنتي لتيته وأنا هدخل الحمام وجاي ماشي ؟
أومأت برأسها وركضت إلي خارج الشقة متوجهه إلي شقة جدتها حيث تقطن جدتها في الشقة المقابلة لهم بنفس الطابق ..
.............
وفي الطابق العلوي من نفس البناية..
تململت زينــة في فراشهـا وهي تفتح عينيها السمراوتين ببطئ وتغالب نعاسها ، نهضت بتكاسل ثم دلفت إلي المرحاض ومن ثم إرتدت ملابسها البسيطة ثم خرجت لتقول بإيجاز : صباح الخير ..
ردت والدتها السيدة نجلاء : صباح النور يا زينة ، خدي يا حبيبتي هاتي الفطار قبل ما شكري يصحي وبعدين يطين عيشتي !
زفرت زينـة أنفاسهـا بضيق وتابعت : يا ماما أنا عندي جامعة ، أنا مش شغالة عندكم ، قولتلك ميت مرة أنا مبحبش جوزك ده ولا بحب أعمله أي حاجه ..
قالت نجلاء بعتاب : عيب يا زينة ده في مقام أبوكي إتكلمي عنه كويس !
زينـة بحدة : في مقام مين ؟؟ .. ده ولا حاجة بالنسبالي ، بابا مفيش حد زيه لو كان عايش كان رحمني من الي أنا فيه ده !
تأففت نجلاء وقالت بنفاذ صبر :
- طيب خلاص إسكتي ، معلش ناوليني فول وطعمية بس من المطعم عشان مش قادرة أنزل ..
تنهدت زينة بضيق ثم قالت علي مضض : طيب .
إتجهت زينـة خارج المنزل وهي تتمتم بغضب ، بينما قالت نجلاء حانقة : مش عارفة بتكرهيه كده ليه بس !
......................

جلس أكـرم يتناول وجبة الإفطار بصحبة إبنته و والدته السيدة نادية ..
قالت نادية بإبتسامتها المعتادة : كُل يا حبيبي أنا عملالك البيض بالبسطرمة الي بتحبه ..
بادلها أكرم الإبتسامة وهو يقول بهـدوء : تسلم ايدك يا ست الكل ، ربنا ميحرمنيش منك .
بينما هتفت ندي بمرح طفولي : وأنا يا بابا ربنا مش يحرمك مني صح ؟
ضحك أكرم ومال عليها مقبلا جبينها بحنان ثم قال : وأنتي كمان يا قلب بابا من جوه يلا كُلي البسطرمة الي تيته عملتهالك بس نقول إيه الأول .. ؟
نظرت الصغيرة إلي جدتها وقالت مبتسمه : تسلم إيديكي يا تيته ، شكرا علي البسطرمة ..
ضحكت السيدة نادية ثم قالت بحنان : بالهنا والشفا يا قلب تيته... ثم تابعت بجدية وهي تنظر إلي ولدها : هي سها لسه نايمة برضو يابني ؟
أومأ أكرم بضيق وهو يتناول طعامه ، بينما قالت نادية بقلة حيلة : ربنا يهديها يابني !
زفر أكرم بضيق ، ثم قال بخفوت : أنا فقدت الأمل فيها يا ماما لولا ندي كان زماني طلقتها وخلصت منها ..
نادية بهدوء : معلش يابني أكيد ربنا هيهديها وترجع تحبها زي زمان ..
أكرم بحنق : لأ ، أنا مش بحبها يا ماما أصلا ولا عمري حبتها وأنتي عارفة وعارفة بحب مين ومين الي معشش في قلبي وهتجوزها يعني هتجوزها ..
نادية بتنهيدة : وهي مش هترضي تعيش معايا يا أكرم وكمان هي مش ميلالك يابني
رفع أكرم أحد حاجبيه متابعًا بثقة : مفيش حد ميميلش لـ أكرم الوحش يا أمي ! وأنا هعرف إزاي أخليها توافق .
ضحكت نادية بخفوت وتابعت : طيب يا وحش الوحوش إنت كُل وإنزل علي أكل عيشك !
نهض أكرم وهو يمسح فمه بظهر يده قائلًا بإيجاز : ماشي ياماما خلي بالك من ندي ..
نهضت الصغيرة تتعلق في ساقه وهي تهتف : هاتلي شكولاته وأنت جاي يا بابا عشان خاطري .
إنحني أكرم بجزعه وهو يقول بجدية : مينفعش شيكولاته يا ندي ، إنتي تعبانة يا حبيبتي والشكولاته هتتعبك أكتر تيته هتعمل كيكه
حركت رأسها بإعتراض وقالت بغضب طفولي : لأ مش عاوزة الكيكة الي من غير سكر دي أنا زهقت عاوزة أكُل شكولاته أو أي حاجه حلوه يا بابا مليش دعوه ..
أنهت جملتها وبكت وهي تشهق ، فتنهد أكرم وراح يجثو علي ركبتيه قائلًا بحنو : ندي حبيبي السكر هيعلي عندك وهتتعبي معلش يا حبيبي إستحملي شوية وإحنا لما نروح للدكتور هقوله إنك عاوزة تاكلي حاجة حلوة بس لازم هو يقول الأول عشان متتعبيش يا حبيبتي ماشي ؟
ظلت صامتة وتبكي فقط ، فجذبها إلي أحضانه وقال مداعبا : خلاص مفيش ملاهي ولا هوديكي الجنينه لو فضلتي تعيطي كده
إبتعدت عنه قليلًا وقد توقفت عن البكاء فورا ، لتهتف بفرحة : هنروح الملاهي ؟
أومأ برأسه مبتسمآ ثم تابع : اه بكرة هنروح بس لو فضلتي تعيطي كده مش هنروح ..
مسحت دموعها سريعا ببراءة ، ثم قالت بإبتسامة واسعه : خلاص مش بعيط يا بابا
ضحك أكرم ثم قبل وجنتيها بحنان وقال وهو يمسح علي رأسهـا : طب يلا بقي روحي إغسلي وشك ..
أومأت برأسها وركضت في إتجـاه المرحاض ، بينما قالت نادية بتأثر : ربنا يشفيكي ويعافيكي يا حبيبتي .
رد عليها أكرم بنبرة حزينة : صعبانة عليا أوي يا ماما ، دي طفلة ومحرومة من حاجات كتير مش عارف إزاي طفلة صغيرة كده وعندها السكر !!
قالت نادية بعتاب : لأ يابني متقولش كده ده أمر ربنا ولازم نقول الحمدلله إستغفر ربك يا أكرم
أكرم متنهدا : أستغفر الله العظيم ، الحمدلله علي كل حال .. يلا أنا نازل علي أكل عيشي يا امي خلي بالك من ندي..
أنهي كلامه وخرج من الشقة هابطا الدرج بينما رفعت نادية يديها للسماء تدعو له من داخل قلبها ؛: ربنا يرزقك من أوسع أبوابه ويحبب فيك خلقه يا أكرم يا إبن نادية ..
...............

إشترت زيـنة الطعام الذي طلبته أمهـا ، ثم سارت خارجة من المطعم الشعبي ذاك وسط معاكسات بعض الشباب لها ، بينما هي تتأفف بضيق شديد وهي ترمقهم بغضب ..
سمعت صوته الجهوري وهو يصيح بهم : جري إيه يا شحط منك ليه ، مش مكسوف علي دمك ياض إنت وهو وأنتوا بتعاكسوا بنات حتتكم ؟؟؟
وقفت زينـة تنظر له وإلي ملامحه الصارمة وهو يتحدث مع الشباب بجدية تامة ، بينما قال أحدهم بهدوء : آسفين يا وحش ، بس أصل البت حلوة شويتين !
جذبه أكرم من تلابيبه وعينيه تتوهج غضبا : إخرس !! كلمة زيادة وهقل منك أنت وهو !!
قال الآخير محاولا تهدئته : يا كبير هنخرس إهدي أنت بس وكل شئ هيبقي زي الفل .
تركه أكرم بعد أن رمقه بنظرات نارية ، ثم سار متجها إلي زيـنة قائلًا بجدية : لمؤاخذة يا زينة البنات ، أوعدك محدش هيضايقك تاني ولو حد ضايقك عرفيني بس وأنا أكسرلك صف سنانه الفوقاني والتحتاني !
رفعت زينـة أحد حاجباها قائلة بعنفوان أنثي : وبصفتك إيه بقي يا أخ أكرم ؟؟ علي فكرة أنا أقدر أدافع عن نفسي كويس أوي ومش محتاجة لحضرتك أبدا وياريت بعد كده متدخلش في الي ميخصكش !
رمقها أكرم بنظرات حادة ومغتاظة ، ليقول بثبات : بصفتي إبن حتتك يا آنسة زينة وبصفتي وحش المنطقة وبصفتي إن الكبير قبل الصغير بيعملي ألف حساب ! ... صمت قليلًا ثم تابع بخفوت : وبعدين أنتي في القلب ومعششه يا زينة البنات مش ناوية تحني عليا بقي ؟؟
لوت فمهـا بتهكم ثم سارت مبتعدة عنه بعد أن نظرت له ساخرة ، لكنه لم يهتم وإبتسم قائلًا بخفوت وهو يمسح علي رأسه : هتحني يعني هتحني ، ومبقاش أكرم الوحش أما وقعتك في حبي يا زينـة البنات ..
أنهـي حديثه الخافت وراح يسير في إتجاه ورشة الحدادة الخاصة به حيث أنـه يعمـل حداد في هذه المنطقة الشعبية ، وتسمي ورشة الوحش للحدادة وسُمي أكرم بهذا الإسم نظرًا لأنه قوي البنيه طويل القامة بملامح مصريه ورجولية بحتة لا يخشي أحدا سوي خالقه لا يترك حقه ولا يتهاون في الخطأ ودائما يسترد حقه بالقوة ..
..................

صعدت زينـة ومعها الطعام ، دلفت لتقول بإيجاز : إتفضلي ، ثم إتجهت إلي غرفتها جاذبة حقيبتها بسرعة ثم عادت تتجه إلى الباب ، بينما هتف شكري الذي خرج من غرفته بغضب : حضرتيلنا الفطار يابت أنتي ؟؟
عقدت زينـة حاجبيها وهي تهتف بغضب : بت !! ما تحترم نفسك!
صاح شكري بنبرة حادة : ما تلمي نفسك يا بت هو محدش مالي عينك ولا إيه ؟!
قالت زينة مشمئزة : أنت متكلمنيش كده ولا تعلي صوتك عليا أبدا !!
إتسعت عيناه بغضب ناري ، ليقترب منها صافعـا إياها بقسـوة جعلهـا تهبط أرضـا من شدة قوتهـا !!...
إنهمـرت العبـرات من عيني زيـنة التي وقعت علي الأرض آثر صفعـة زوج أمـها لهـا ، بينما إستمـر شكـري في سبهـا بألفاظـه البذيئة ، فـ تحاملت زينـة علي نفسـها ونهضت وهي تقول من بين شهقاتهـا : أنا بكرهك.
حاول صفعهـا مرة أخـري بشراسة إلا إنها ركضت خارجة من المنزل والدنيا ظـلام أمـام عينيها ولم تري أمـامهـا من كثـرة دموعها .
خرجت من مدخـل البنايـة وكـادت أن تصطدم في العربة الصغيرة التي تسمي ب (التوكتوك ) لتشعـر بذراعـه القوي يجذبها ويسقط بهـا علي الأرض .
لتنهض هي بسرعة شديدة وهي تصيـح به وكأنهـا تفرغ شحنة الغضب التي بداخلـها : أنت متخلف إيه الي عملته ده !!
صاح بهـا أكـرم هو الآخر بحدة : أنا برضو الي متخلف ؟؟ أنتي الي ماشية ولا شايفـة قدامك الحق عليا إني أنقذتك !! ده انتي عايزة قطع لسانك الطويل ده.
رمقتـه بنظـرات حادة ثم إنحنت تنظف ملابسهـا ولا تزال تبكـي بألم ، فقال أكرم بشئ من القلق : إنتي كويسة .. ؟
لم تجيب عليـه إنمـا سارت بصمت وهي تمسح دموعهـا ، فتنهد أكـرم بثقل وهو يقول محدثا نفسه بخفـوت : الصبر جميل يا زيـنة البنات ، بكرة تعقلي وترحمـي نفسك من الهم الي عايشـة فيه ومكانك يبقي في حضني أنا وبس !!

الحلقة الثانية

ظلت زينـة تسيـر ودموعها لم تتوقف ولو للحظة حتي إستقلت أول سيارة للأجري تمر أمامهـا لتذهـب إلي جامعـتهـا ...

وفي المنزل .

قالت نجلاء بحنق : ليه كده يا شكري بطل بقي تضرب في البت عمال علي بطال !
زمجر شكري هاتفا بنبرة حادة : بقولك إيه إسكتي بدل ما أمد إيدي عليكي إنتي كمان ، دي بت قليلة الأدب وكفاية إني مستحملها في بيتي !! حد غيري كان طردها برة لكلاب السكك تنهش فيهـا ..
ردت عليه بخفوت : متنساش إن دي شقة أبوهـا يا شكري وأنا بغباوتي كتبتها بإسمك ودلوقتي بتقول أنه بيتك عيني عينك .
نهرها بشدة وهو يهتف : إمشي غوري حضري الفطار ! غوري من وشي .
إنصاعـت له وإنصرفت من أمامـه حتي تتجنب بطشه وإلا سيفعـل ما لا يحمد عقباه وإن أزادت في الكلام سيضربهـا كعادتـه معهـا دائما !!...
..............

في منزل أكـرم .

نهضت سهـا أخيرًا بتكاسل حيث نهضت جالسة علي الفراش وهي تفرك عينيها وتتثائب بتكاسل .. نظرت حولهـا لتقول بحِنق : البيت هادي شكله نزل الورشه ، أووف راجـل خنيق ! ..
أنهـت جملتها وراحت تجذب هاتفها من علي الكومود ، ثم ضغطت أزراره ومن ثم وضعته علي أذنهـا منتظرة الرد من شخصٍ ما ..
ليأتيـها صوتا رجوليًا وهو يهمس بغزل : صباح الورد يا قلبي .
إبتسمت بدلال وهي تبادله الهمس : صباح النور ، وحشتني مش هشوفك بقي ولا إيه .. ؟!
أجابهـا بهدوء : أنا موجود في أي وقت يا جميل بس أنتي الي مبتجيش ..
ردت حانقة : مش عارفه أزوغ من أكـرم ، يومين كده وهقـوله راحة عند أختـي بس يارب يرضي وأنا أجيلك جري حبيبي
قال بمكر : قشطة يا سوسو وأنا في الإنتظـار وعلي نــاار !!
تفاجئت بالصغيـرة تفتح الباب وتدلف ثم قالت بتساؤل : بتكلمي مين يا ماما .. ؟
أغلقت الخط سريعـا ثم قالت بإرتباك : أبدا دي واحدة صاحبتي ، قوليلي فطرتي ؟
أومأت ندي : أيوة فطرت مع بابا وتيته .. ثم أكملت بمرح طفولـي : وبابا هيوديني المـلاهي بكرة يا ماما ..
سألتهـا سهـا بمـكر : هو قالك بكرة متأكدة يا نودي ؟؟
أومأت ندي مؤكدة : أيوة تعالي معانا يا ماما .
قالت سهـا متنهدة : لا يا حبيبتي روحي إنتي وإتبسطي ..
.............

في الجامعـة ..

جلست حزينـة تبكـي بصمت ، تذكرت حين توفي والدهـا منذ ثلاثة أعـوام كم كانت تحبـه وتشعر بالأمان حينهـا ، ولكن هيهات ليتركهـا ويرحل ، وتبقي هي وحيـدة ضعيفـة بدونـه ، فبعـد وفاتـه بعام تزوجت أمهـا من "شكري " وتركتـه يفعـل بإبنتهـا ما يشـاء حيث أنهـا إمرأة سلبية إلي حد كبيـر وضعيفـة شخصية أيضـا ورغم ما يفعله تحبه!! ..
شعـرت بيد حانيـة تلمـس كتفـها ، فإلتفت لتجدها صديقتهـا "إسراء" .
إبتسمـت إسراء وهي تسألها بحنو : مالك يا زينة فيكي إيه ؟
مسحت زينـة دموعها وهي تجيبها بحـزن : مفيش حاجه يا إسراء ..
قالت إسراء بتنهيدة : برضو جوز أمك صح .. ؟
أومأت زينـة برأسهـا وتابعـت بخفوت : أيوة .
تابعت إسراء بضيق : مد إيده عليكي تاني ؟ .. استغفر الله هو الراجل ده عاوز منك إيه !!
لم تجيب عليهـا بل ظلت صامتـه بحـزن شديد ، فقالت إسراء بهدوء : ربنا يبعتلك الإنسان الي يعوضك عن كل ده يا زينة ويكون ليكي الأمان والسند .
زمجرت زينـة وهي تقول عابسة : أتجوز راجـل عشان يبيع ويشتري فيا وأشوف المرار من أول وجديد !!
تابعت إسراء بتعجب : ليه كده يا زينة مش كل الرجالة زي جوز أمـك علي فكـرة !
حركت زينـة رأسهـا بإعتراض وهتفت : أكتريتهم كده ، كلهم زي شكـري وحشين وأنانين جدا ! أنا مش عاوزة أتجوز أنا هفضل لوحـدي لحد ما أموت وأرتاح .
رفعت إسراء حاجباها معا في دهشة وهي تقول بعتاب : بعد الشر عنك يا زينه ، يا حبيبتي خلي عندك امل واكبر دليل إن مش كل الرجالة زي شكري ، باباكي مش أنتي كنتي بتحبيه وبتقولي إنه حنين أوي عليكي ؟؟
إنفجرت زينـة باكية وهي تقول من بين شهقاتهـا : الله يرحمـك يا بابا
ربتت إسراء علي ظهـرهـا برفق وحنـان ، ثم قالت بتهـوين : ربنا يسعد قلبك يا زينـة .
..................

بعد مرور الوقـت .

عادت زينـة من جامعتهـا وهي تسير بحزن في الحارة الشعبيـة ، لم تنتبه إلا حين وقف أمامها مانعـا إياهـا من المشي بجسـده .
أردفت بضيق : أوعي !
قال أكـرم مبتسما : أنا عاوزك في كلمتين يا زينـة البنات تسمحيلي ؟؟
تأففت زينـة وهي ترفع رأسهـا عاليا ثم نظرت له قائلة بضيق واضح : خيـر ؟؟
رد هادئا بعد أن وضع كلتي يديه في جيب بنطاله: أنا عاوز أعـرف أنتي رفضاني ليه ؟؟؟ ..
زفرت أنفاسهـا ثم تابعت حانقة : أنا حرة ، رفضت وإنتهـي الكلام!
قال بصوت حاد : لا منتهاش ، أنا عاوزك في الحلال ورايدك يا بنت الناس !
قالت بتعجب : أنت إزاي بتكلم كده وأنت أصلا متجوز وعندك بنت !! .
رد عليها بلا مبالاه : متجوز لكن أنتي الي في القلب وبحبك وأنتي عارفة .
إنفجرت فيه قائلة بغضب : وأنا مش بحبك ، إبعد عني بقي !!
صُدمته كلمتهـا قليلًا ولكنه أردف بتصميم ونبرة جادة : تعرفي إنك عنيدة ودماغك ناشفه! وبنات المنطقة كلهم يستنوا إشارة من الوحش أنا مش عارف أنتي عاوزة ايه ؟
زينـة بتهكـم :
- عاوزاك تبعـد عني وتنساني وروح يا وحش شاور لحد غيري !!
أنهت جملتهـا وسارت تاركـه إياه يضغط على أسنانـه غيظـا ولكنه يحدث نفسه بإصرار أنها له ولن تبقي لغيـره أبدا !!

-بكرة تعقل يا صاحبي وتقع في حبك
قالها أنور صديقه وهو يربت علي كتفه بمرح..
فإبتسم أكرم وتابع: عارف يا أنور ما هي ليا يعني ليا!!!
...............

في المسـاء .

دلفت ندي إلي غرفـة والديهـا وهي تزفـر بغضب طفـولي ، فـ جدتها قد نامت وأبيها لم يأتي من العمل إلي الآن وأمهـا دلفت إلي الحمام حتي تغتسل .
فـ شعرت ندي بالملل وراحت تعبث في أشياء والدتهـا ومساحيق التجميل الخاصـة بهـا ، أمسكـت بأحمـر الشفـاه ووضعتـه علي شفتيها الصغيرتان بطريقـة مُضحـكة ، ثم نظرت إلي المرآة وأطلقت إلي نفسها قبلة في الهواء ، ومن ثم أفرغت كريم التجميل من عبوته علي يديها بسعـادة.. ومرح!
مر ربع ساعه وندي لم تكف عن تخريب المساحيق الخاصـة بوالدتهـا ، حتي خرجت "سها" من المرحاض فشهقت بصدمة وهي تهتف بصرامة: ايه ده؟!!!!!!!
إبتسمت ندي بمرح وهي تسألها ببراءة: ماما ايه رأيك في المكياج بتاعي.
صاحت بها بصوتٍ أرعبها: ده أنا هكسر عضمك يا جزمة، نهارك مش فايت!!
اتسعت عينيها رعبا وهي تراها ترفع الحذاء من قدمها إلا أنها ركضت صارخة بذعر، فركضت خلفها وهي تهتف بغضب: تعالي هنا والله لاموتك
انفجرت ندي باكية وهي تنادي من بين شهقاتهـا: يا بابا الحقني يا بابا.. يا تيته.. يا تيته الحقيني..
تفاجئت بأبيها يفتح الباب وكأنها وجدت منقذها وأمانها فهرولت اليه تمسك بقدمه وهي تبكي عاليا..
فانحني أكرم بجزعه ليحملها وهو ينظر إلى سها بحدة: عملتلها ايه؟!! ميت مرة أقولك متمديش ايدك عليها.
ردت عليه بحدة مماثلة: سبني اربي بنتي بمعرفتي دي بوظت الميكب بتاعي كله!!
- ما يتحرق الزفت!! ... قالها أكرم بغضب عارم ليستكمل بتحذير: أقسم بالله لو لقيتك بتضربيها تاني، ما هيحصلك كويس يا سها!!
زفرت سها وتركتـه ذاهبة إلي الغرفه وهي تهمهم بعصبية، ليتنهد اكرم ويجلس علي الأريكه واضعا إبنته علي ساقه، إبتسم وهو يداعب أنفها بيده ؛ خلاص يا روح بابا متزعليش حقك عليا أنا بقي
ظلت تبكي فأخذها إلي أحضانه رابتا علي ظهرها بحنان إلى أن قال مشاكسا: هتفضلي تعيطي مش هجبلك العروسه ها!!
نظرت له فاغرة شفتيها الصغيرتان بفرحة طغت علي ملامحها، ليضحك أكرم مقهقها عليها..
لتقول ندي بتساؤل: فين العروسه؟
قبل وجنتها بحنان وهو يقول: هننزل نشتريها دلوقتي انا وانتي يا حبيبي.
قفزت من علي ساقه في حركة واحده وهي تهتف: يلا بسرعة.
ثم أسرعت تبحث عن حذائها فضرب اكرم كفا علي كف قائلا : يخرب عقلك يا ندي كل ده عشان العروسة
جذبته من يده بعد ان ارتدت حذائها ليتجها الي الخارج ولقد نست ندي ما ازعجها منذ قليل!!
...........

في المسـاء. تحديدا الساعة الثانية صباحا..

دلف إلي المنزل يترنح يمينًا ويسارًا.
لمعت عينيه بمكر وهو ينظر إلى باب غرفتها..
إتجه الي باب الغرفه ليفتحه ويدلف سريعًا ثم أغلقه ما ان دلف..
إنتفضت زينه حينما سمعت صوت الباب وهو ينغلق، نهضت سريعا وأشعلت الإضاءة لتتسع عينيها رعبا وهي تهتف بذعر: انت ايه اللي جابك هنا، اطلع برة!!
ابتسم بخبث وهو يقترب منها ببطئ يكاد ان يحرقها..
ركضت ولكن ثوانِ لتجد نفسها بين ذراعيه وقدميها تركلان بالهواء.
صرخت بعنف فوضع يده علي فمها ليلقيها علي الفراش..لكنها جاهدت بكل قوتها ونهضت راكضه الي الباب وهي تصرخ باهتياج، خرج خلفها ليلحق بها الا انها قاومته بشراسة وهي تدفعه بكلتي يديها ولم تدري بنفسها الا وهي تمسك بالتحفة الموضوعة علي الطاولة وتدفعه بها بقوة حيث اصطدمت برأسه ليهبط علي الارض فورًا!!
صرخت وهي تضع يدها علي فمها وتشعل الاضاءة لتجد الدماء تسيل من رأسه بغزارة بينما آتيت "نجلاء " من خلفها تلطم علي وجهها بصدمة جلية.. !
جثت علي ركبتيها وتهتف بارتعاشه: ش شكري.!! .. في ايه؟ .. عملتي في ايه يا زينة!!!
لم تستطع زينه الكلام فلقد كانت في حالة من الصدمة والرعب ايضا!! هل مات؟؟ هل قتلته؟! ..
هزت رأسها بعنف وهستيريه وهي تري امها تصرخ مناديه علي الجيران..
- الحقوووني.. الحقوووني يا ناس شكري بيموت!!
صعد الجميع في خلال ثواني وبعد قليل كانوا في المستشفى جميعا..
ظلت السيدة نجلاء تسير ذهابا وإيابا بقلق بالغ علي زوجها، ثم نظرت الي ابنتها الباكية بشراسة وهي تهتف: لو مات عمري ما هسامحك فاهمه!!
نظرت لها بصدمة فإتجهت اليها وهي تهزها بعنف: عملتي كده ليه يا زينه، ها ليه قوليلي عاوزة تموتيه ليه.. ؟؟؟
أسرعت السيدة نادية تحاول تهدئتها حيث امسكت بها برفق وهي تقول: استهدي بالله يا نجلاء وتعالي اقعدي.
تركتها لتجلس وهي تلهث بشدة بينما كان أكرم يتابعها بصمت تام..
سألتها السيدة نادية بخفوت: قوليلي يابنتي ليه عملتي كده؟ حصل ايه؟
قالت زينة من بين شهقاتهـا: والله... هو.. الي اتهجم عليا و اعتدي عليا..
لطمت نادية علي صدرها بصدمة، وكذلك نجلاء التي قالت بصدمة: انتي بتقولي ايه؟؟؟
إنفجرت زينـة مرة أخرى باكية بمرارة، لتصيح نجلاء: انتي كذابة كذاااابه.

الحلقة الثالثة

إنهمرت العبرات من عينيها اكثر غزارة وهي تري امها تُكذبها!!!
بينما اتسعت عيني أكرم الذي هتف بحدة وغضب عارم:
ايييه!! اعتدي عليكي، ازاي يتجرأ ويعمل كده، ده لو ليه عمر انا هعرفه مقامه كويس الندل ده!
صاحت به نجلاء: لا شكري مش ممكن يعمل كده، اكيد زينه بتقول كده عشان تبرر الي عملته انا عارفه انها مش بتحبه اصلا! إنما شكري ميعملش كده انا متأكدة
قال أكرم ساخرًا ؛: متأكدة ازاي وهو راجل سُكري، أكيد رجع مش في وعيه واتهجم عليها وبعدين هي هتكذب ليه أصلا!!
وكزته السيدة "نادية " في ذراعه وهي تقول بخفوت: اسكت يا اكرم ملكش دعوة انت يابني
صمت اكرم وهو يمسح علي رأسه بضيق، بينما قال وهو ينظر إلى زينة نظرات ذات معني:
- زينة مينفعش تعيش في البيت ده تاني!
نظرت له زينه ببلاهه، ليستكمل اكرم بحزم وهو يرمقها بحدة: اه ولا عاجبك الي بيحصل ده؟!
خرج الطبيب مقاطعًا حديثهم وهو يقول متنهدًا:
خير ان شاء الله يا جماعة، ارتجاج في المخ بسيط اثر الخبطه وخيطنا الجرح بس!
تنهدت زينة بارتياح شديد عقب استماعها كلام الطبيب، وكذلك فعلت نجلاء التي ركضت إلي داخل الغرفه حتي تطمئن علي زوجها..
جلست زينه علي أحد المقاعد بانهاك شديد، فاقتربت نادية تجلس الي جوارها وهي تقول بتهـوين: اطمني يا حبيبتي الحمدلله انه عاش والا كانت هتبقى مصيبه لو مات!!
تنهدت زينه طويلا قبل ان تقول بحزن دفين: يارتني انا الي أموت وأرتاح من الي أنا فيه ده!
ردت سريعا: بعد الشر عليكي يا بنتي متقوليش كده ربنا يسعدك..
نظرت لها وأردفت بيأس: بس انا مش عارفه هعيش معاه ازاي تاني!! ماما مش مصدقه انه فعلا اتعدي عليا وانا عمري ما هديله الأمان!
- هو أنتي غاويه تتعبي نفسك وخلاص!!
أردف أكرم بحزم وهو يرمقها بنظرات مغتاظة، ليستكمل غاضبا:
ايه الي جابرك علي العيشة دي، قولتلك ميت مرة مكانك في حضني انا ومعايا برضو مفيش فايدة فيكي، دماغك ناشفه وعاوزة تتكسر!
إتسعت عينيها غيظـا لجراءته الزائدة عن الحد!!
ثم هبت واقفه قائله بضيق: انت ازاي تكلمني كده؟؟ احترم نفسك وانت بتكلمني.
صر أكرم علي اسنانه واقترب منها قائلًا بتحذير:
- انا محترم غصب عنك وأتكلم بالطريقة الي تعجبني، فوقي انتي لنفسك وقدري خوفي عليكي!
زفرت بحنق ثم تابعت بحدة: محدش طلب منك تخاف عليا! خاف علي نفسك وابعد عني أحسن مش هيحصلك كويس انت فاهم!!
رفع أحد حاجبيه ثم قال متذمرًا: ماتيجى تخديلك قلمين ما هو ده الي ناقص!!
تدخلت ناديه قائلة بصرامة: في ايه يابني انت وهي مش معقولة كده!
أردفت زينه بعصبية: خليه هو يسكت خالص ويبعد عني أنا فيا الي مكفيني!
كاد أكرم أن يتحدث فقاطعته أمه قائلة بجدية: بس بقي يا أكرم كفايه يابني.
ثم أكملت في تساؤل: طيب يابنتي انتي هتعملي ايه دلوقتي؟؟ مينفعش فعلا تعيشي مع الراجل ده تاني!
..........

داخل الغرفة.

جلست نجلاء جوار "شكري" علي الفراش، ثم وضعت يدها علي يده وهي تقول بخفوت: حمدالله علي سلامتك يا شكري كنت هتجنن عليك!
تفوه بصوتٍ خافت بالكاد سمعته هي:
- بنتك عاوزة تموتني يا نجلاء.
قالت بهدوء متساءلة: انت اعتديت عليها صحيح يا شكري؟؟
قال بتنهيدة: كذابة بنتك ضربتني بالتحفة عشان تخلص مني يا نجلاء، انا برضو هعتدي علي واحدة قد بنتي!! جوزك مش ندل للدرجة دي يا نجلاء.
اومات رأسها مؤكدة: انا قولت كده برضو يا اخويا، ماشي يا زينه!
رد عليها وهو يغلق عينيه بألم: البت دي مش لازم تستني في البيت يا نجلاء، دي كانت هتموتني!
أردفت في عتاب ؛ دي بنتي مهما كان يا شكري ومش معقولة امشيها لا يا اخويا مقدرش!!
نظر لها وقال: متطردهاش، لازم تتجوز انا هجبلها عريس!
............

خرجت نجلاء بعد قليل من الغرفة لتتجه نحو زينه وهي تقول بحدة: شكري فاق وقالي انك كذابه!
قالت زينه بنفي تام: هو الي كذاب وستين كذاب الحيوان ده..
صفعة أسكتتها من يد والدتها لتتسع عينيها غير مستوعبة لما فعلته، فهدرت بها ناديه بغضب: حرام عليكي يا شيخة ارحمي البت بقي بتضربيها ليه!!
لترد بجمود: الظاهر اني معرفتش اربيكي يا زينه صبرك عليا بس لما نروح!
انفعلت زينه قائلة من بين شهقاتهـا: انا مش هروح معاكي ولا هدخل البيت ده تاني
نجلاء بعصبية: اومال هتروحي فين؟
- هروح في داهيه.. قالتها ببكاء مرير..
اخذتها ناديه في احضانها وهي تقول برجاء: طيب سبيها تقعد عندي كام يوم كده علي ما الحال يهدي يا نجلاء ارجوكي بلاش تقسي عليها اوي كده دي بنتك مهما كان.
اومأت نجلاء رأسها ثم قالت بجدية: خليها عندك النهاردة علي ما يطلع النهار وشكري يروح..
...............

بالفعل بعد مرور ساعة واحدة كانت زينة داخل شقة السيدة ناديه التي أحضرت لها طعاما قد احضره أكرم وأصر ان تأكل منه، ثم ذهب إلى شقته وتركها مع والدته بعد ان اطمئن عليها قليلًا وقلبه يتمني أن تخضع له وتبادله ذلك الحب الكبير الذي يكنه في قلبه لها وحدها..
إتجه اكرم الي غرفة ابنته ودلف ليتجه نحوها ويرفع عليها الغطاء ثم انحني يقبل جبينها بحنان أبوي، ابتسم حين وجدها تضم الدميه الي صدرها وكأنها ابنتها..
تنهد وقال بخفوت: ربنا يشفيكي يا حبيبتي ويباركلي فيكي..
طبع قبلة أخيرة علي جبينها وتركها ذاهبًا الي غرفته، ما ان دلف حتي تنهد باختناق، لم يرتاح يوما مع زوجته سها التي تزوج منها منذ سبعة أعوام زواجا تقليديا وإكتشف بعد الزواج انها ليست الزوجه الصالحة التي كان يتمناها لم يحبها وهي أيضا فقرر أن يعيش معها فقط من أجل إبنته منها التي أصيبت بمرض السكر فأصبحت كل كيانه ويخشي عليها بشدة لذا يحرس دائما ان يوفر لها الهدوء التام ورغم انه ذو شخصية قويه يُطلق عليه الوحش الا انه حين يري ابنته يصبح وكأنه طفلا مثلها..
........................

صباح يوم جديد..

عاد شكري الي المنزل مرة ثانيه بصحبة زوجته ومساعدتها ايضا، اخبرها بعد ذلك بخطته لزواج ابنتها من أحد أصدقائه بل واقنعها بالموافقة وكعادتها السلبيه دائما انصاعت له.......
هبطت إلي شقة السيدة نادية عازمة علي اقناع ابنتها.

إستيقظ أكرم علي صوت ابنته كعادة كل يوم لينهض ويجذبها اليه مقبلا اياها بحنان وهو يدغدغها بمرح لتقهقه الصغيرة عاليا بمرح وسعادة وهي تتعلق بعنق والدها.
اردفت من بين ضحكاتها: خلاص يا بابا خلاص.
توقف وهو يراها تلهث بشدة ثم همس: حبيب بابا يا ناس، صباح الحلويات علي احلي نونه
رفعت حاجبيها وقالت متذمرة ؛ انا عاوزة حلويات يا بابا يلا هاتلي مليش دعوة
قال بجدية: مش قولنا هنسأل الدكتور الاول يا ندي؟
اومأت برأسها وهي تقول بغضب طفـولي: طيب يا بابا!
ضحك وقال: عشان متتعبيش يا قلب بابا انا خايف عليكي.
أومأت مرة ثانية ببراءة فراح أكرم يفتح ذراعيه وهو يقول بمداعبه: طب فين البوسه والحضن بتوع بابا؟
قفزت الي حضنه مباشرة تعانقه بقوة ثم طبعت قبله علي وجنته الخشنه ليشدد من ضمها وهو يبتسم..
ثم هتف بإيجاز: يلا عشان نفطر بقي؟
اومأت موافقه ليحملها ويتجه الي خارج الغرفه تاركا زوجته نائمه بلا مبالاه..
..............

- الي بتقوليه ده لا يمكن يحصل انا لا هتجوز ولا هتنيل!!
اردفت زينه بتلك الكلمات بعصبية تامة في حين ردت امها بعصبية مماثلة..
- ليه ان شاء الله راجل ومقتدر ترفضي ليه يا قلب امك؟؟
ردت زينه بغضب:
راجل قد ابويا صح؟؟ حرام عليكي انتي بتعملي فيا كده ليه ده انا بنتك برضو!!
تنهدت نجلاء وهي تقول بهدوء: يابنتي انا عاوزة اطمن عليكي.
زينه بحدة: تطمني عليا ولا تزحيني من البيت زي ما قالك جوزك، عاوزاكي تطمني انا لا يمكن هرجع اعيش معاكم اصلا!!
زفرت نجلاء بحنق وتابعت ؛ يا بت افهمي ما انتي لازم تتجوزي وانا قلبي عليكي!
- تتجوز مين ان شاء الله؟؟
قاطعهما صوت اكرم الحاد وهو ينطق بهذه العبارة، لتردف نجلاء بضيق: شكري جايبلها عريس!
توهجت عينيه غضبا قبل ان يهتف بصوتٍ جهوري: شكري ده انا هقطع خبره وخبر الي يفكر يتعرض لزينه انتي فاهمه يا ست انتي ولا اعيد من تاني؟؟
اتسعت عيني نجلاء وهي تنظر له بعدم استيعاب، فما هذه اللهجة!! وكذلك فعلت السيده ناديه التي اردفت بحزم: اكرم عيب يابني في ايه!!
الا انه لم يصغي لها واكمل حديثه الحاد:
عرفي جوزك ان ما بعدش عنها ميلومش الا نفسه والا هعرفه مقامه كويس!
ردت عليه بصياح: انت ازاي بتكلمني كده؟
قال بثبات ولا يزال غاضبا بشدة: اومال اكلمك ازاي وانتي جايه بكل بساطة تبيعي بنتك!!
نجلاء بدهشة: ابيعها!
أومأ برأسه وهو يقول صارما: ايوة ودلوقتي تطلعي تقولي لجوزك يبعد عنها بدل ما اكسر عضمه حتت! وارجعه المستشفى تاني.
كادت نجلاء ان تصيح به إلا ان ناديه تدخلت منقذه للموقف لتقول:
معلش يا نجلاء تطلعي انتي دلوقتي وانا هتكلم مع زينه بس دلوقتي اطلعي عشان الجو يهدي والبنت تعرف تفكر براحتها
اومأت نجلاء بضيق شديد وهي ترمق اكرم بحدة ومن ثم صعدت علي مضض وهي تتأفف...

الحلقة الرابعة

جسلت زينـة تبكي بحيرة ماذا تفعل الآن هل تتزوج ممن في عمر والدها أم تخضع لطلب أكرم بالزواج منها أم تعود تعيش مجبرة مع أمها وزوجها الذي تعدي عليها!! ..
شعرت بيد صغيرة تربت علي ظهرها بحنان، فإلتفتت لتجد ندي تبتسم لها ببراءة.
بادلتها زينه الابتسامة وهي تمسد علي شعرها لتردف الصغيره بصوت حزين بعض الشيء: أنتي زعلانه عشان مامتك بتزعقلك؟
ضحكت بخفوت رغما عنها وتابعت: ايوة.
قالت ندي وهي تمط شفتيها الصغيرتان: عادي ما انا كمان ماما بتزعقلي وتضربني، متزعليش احنا زي بعض
تنهدت زينه بقوة ثم احتضنتها قائلة بحزن: بس انتي عندك اب يحبك يا ندي حتي لو مامتك بتزعلك، لكن انا معنديش بابا مات ومليش حد
تأثرت الصغيرة ثم أردفت ببراءة وتلقائية: خلاص عيشي معايا انا وبابا وانا اخلي بابا يحبك ويبقي باباكي انتي كمان.
فغرت فاها بتوتر ثم اردفت بتذمر: هو بابا مسلطك عليا ولا ايه يا ندي.
حركت ندي رأسها نافية وهي تقول ؛ لا بابا مش بيعمل كده بابا حلو.
ابتسمت زينه مجددًا وهي تربت علي رأسها لتتفاجئ بالباب يُفتح علي مصرعيه ويقف أكرم علي العتبه عاقدًا ساعديه امام صدره، ركضت الصغيرة نحوه وهي تهتف:
- بابا زينه زعلانه عشان معندهاش بابا وانا قولتلها هخلي بابا يحبك ويبقي باباكي ممكن يا بابا تبقي باباها هي كمان؟
رفع أكرم احد حاجبيه وهو ينظر إلى زينه مبتسما، ثم تابع: ممكن اوي يا نودي بس خلي بقي زينه هي توافق ابقي بابا وترجع عن الي في دماغها ده!
عادت تركض الصغيرة مرة أخرى إلي زينـة وهي تهتف: يلا وافقي بقا يا زينه، بابا وافق أهو.
تأففت زينـة وهي ترمقه بغيظ ليبادلها أكرم بنظرة تحدي وكأنه يُخبرها أنها ستصبح له براضها ام رغمًا عنها !! وهذا ما أغضبها أكثر..
أردف بجدية: روحي يا ندي شوفي تيته خلصت الفطار ولا لسه !
أومأت ندي وركضت إلي الخارج، فنهضت زينه عازمة علي الخروج من الغرفه إلا أنه منعها من الخروج بجسده الضخم ذاك..
أردفت بغضب: عديني!
حرك رأسه نفيا وهو يقول حازما: بصي يا بنت الناس كلمتين ملهمش تالت أنا صبرت عليكي كتير لكن لحد هنا وكفايه!
نظرت له قائلة بنفاذ صبر: يعني ايه؟؟
أكرم بجدية: يعني انتي ليا والنهاردة هكتب عليكي!
اتسعت عينيها غضبا وهي تردف: نعم؟؟؟؟؟
قال بصرامة: عندك حل تاني؟؟ لو موافقتيش أمك هتجوزك الراجل الي قد ابوكي، ولو متجوزتهوش هترجعي تعيشي مع جوز امك السكري ومش بعيد المرة الجاية بقي يحصل اغتصاب بسبب دماغك الناشفه دي!
خفق قلبها خوفا بعنف وسقطت دمعه حارة فوق وجنتها، فتنهد أكرم وقال بصوتٍ هادئ:
- أنا بحبك وشاريكي وهحميكي من الناس كلها هكون امانك وضهرك وأوعدك إني هسعدك ومش هضايقك صدقيني وثقي فيا.
مسحت علي رأسها بضيق وصمتت فإستكمل أكرم بتفهم: هسيبك تفكري براحتك من هنا لحد بليل لما أرجع من الشغل..
أنهي جملته وخرج من الغرفه تاركا إياها في حالة دمار لم تريده يوما ولم تريد الزواج منه ولكن ماذا تفعل؟؟
زفرت بعنف لتعود تجلس واضعه رأسها بين كفيها وهي تفكر في إيجاد حل...
.................

جلس أكرم بصحبة أمه وصغيرته يتناولون الطعام..
أردف أكرم في تساؤل: مندهتيش زينـة تفطر معانا ليه يا ماما؟
أجابته بإيجاز:
مش راضيه يا اكرم، بقولك ايه بقي انا عاوزاك متدخلش في الي ملكش فيه وتسيب البنت في حالها يا اكرم!
قال أكـرم بهدوء وهو يتناول طعامه ؛
مليش فيه ازاي يا ماما؟؟ لا بقي ده انا ليا فيه ونص وتلات تربع! .. انا عاوز زينه عاوزاها تبقي مراتي وحبيبتي وانتي عارفه كده كويس يا ماما ومش هرتاح الا لما توافق وتعيش معايا وتحبني كمان!
تنهدت ناديه بنفاذ صبر وقالت:
بس يابني انت كده هتفتح علي نفسك مشاكل كتيرة وانا عاوزة راحتك..
أكرم بتساؤل: مشاكل ايه دي؟
أجابته بجدية:
أولا أنت عارف ان زينه مش بتحبك ولو رضيت دلوقتي هترضي تعيش عشان مضطرة بس هتبقى مضايقة منك وكرهاك.. ثانيا بقي انت ناسي مراتك سها والي ممكن تعمله لما تسمع انك هتتجوز؟!
رفع أحد حاجبيه قبل أن يجيبها بجدية تامة:
أولا مراتي ملهاش فيه هي أخر واحده تتكلم مش عاجبها هطلقها انا عايش معاها عشان ندي وبس... اما بقي زينه فأنا هعرف احببها فيا بس الاول أملكها واضمن انها خلاص علي اسمي وبعدين متقلقيش عليا يا ام أكرم، ده انتي ام الوحش!
ناديه بتنهيدة: اهي فاتحة صدرك دي الي مخوفاني عليك يا اكرم..
أكرم ضاحكا: متخافيش عليا يا ست الكل ابنك قدها وقدود!
تفاجئ بزوجته تدخل إلي الشقه وهي تقول بتكاسل: صباح الخير
زفر أكرم بضيق، فقالت ناديه بهدوء: صباح النور يا سها، صاحيه بدري يعني النهاردة؟
تناولت الطعام وهي تقول بهدوء: اصلي قولت ألحق أكرم قبل ما ينزل عشان كنت عاوزة أروح لسمر أختي شويه..
قال أكرم بحدة: ما انتي كنتي لسه عندها من يومين ولا هو تنطيط وخلاص؟؟
تأففت سها وهي تقول بحنق: وايه يعني هو انا يعني هقعد اعمل ايه في البيت؟؟
صاح بها بنفاذ صبر:
تعملي ايه؟؟ تربي بنتك وتاخدي بالك منها وتشوفي طلبات بيتك زي اي ست انتي ايه!!!
لوت فمها بحنق قبل ان تردف بحدة مماثلة:
ما انا بعمل كل ده بس مفيش مانع يعني ارفهه عن نفسي شوية وازور اختي!
نهض أكرم قائلًا بغضب: مفيش خروج وتقعدي مع بنتك تشوفي طلباتها وتخليها تحس ان ليها ام!
كادت ان تعترض فصاح بها بصوتٍ جهوري: كلامي يتنفذ وعاوزك بقي ما تعمليش الي قولت عليه!!
أنهي جملته وخرج من الشقة لكنه تسمر فجأة حين وجد ندي تتكوم منكمشه علي نفسها علي احدي درجات السلم..
أسرع نحوها منحنيا بجسده قائلًا بقلق: ندي حبيبتي مالك بتعيطي ليه؟
أردفت الصغيرة من بين شهقاتهـا وهي ترتجف بخوف:
أنا خايفه يا بابا.
تنهد قبل أن يرفع انامله ليمسح دموعها بحنان وهي يردف: من ايه يا حبيبي، ينفع تخافي وبابا موجود؟
قالت وهي تومئ رأسها: ايوة عشان انت كل يوم تتخانق مع ماما وانا بخاف..
جذبها الي احضانه رابتا علي ظهرها برفق وهو يقول: متخافيش يا حبيبتي انا اسف حقك عليا يلا قومي اغسلي وشك ومتزعليش بقي
أومأت برأسها فقال مشاكسا وهو يشير بسبابته الي وجنته: كده حاف؟
ضحكت ثم امالت عليه وهي تقبله ببراءة ثم تابعت بتذمر طفولي: هتوديني المرجيحة تاني يا بابا
قهقه قائلًا من بين ضحكاته: هوديكي يا ندي بس لما افضي ماشي؟
صفقت بيديها الصغيرتين وهي تهتف: ماشي..
نهض أكرم بعد أن قبلها علي جبينها وتركض الصغيرة الي الداخل وهي تبتسم برضي..
.......

ذهب أكرم الي ورشته الخاصة به ليقبل عليه "أنور" صديقه المقرب وهو يهتف بصوته المبحوح:
صباح الفل يا وحش ..
رد أكرم بإيجاز وهو يرفع باب دكانته: صباح النور يا أنور، رايح علي فين كده؟ ..
أجابه وهو يشعل أحد سجائره: عندي سبوبه كده في السريع هعملها وراجع عينك أنت علي المحل يا شقيق..
أومأ أكرم: طيب..
سار أنور إلي منزل ما ليقوم بتصليح السباكة به حيث انه يعمل "سباك "....
.....

إلتقطت زينـة هاتفها لتجري إتصالا..
وضعته علي أذنهـا وانتظرت حتي يأتيها الرد من صديقتها إسراء..
ثوانِ معدودة وآتاها صوتها الهادئ وهي تقول: زينة حبيبتي فينك يابنتي مجتيش النهاردة الجامعة ليه؟؟
أردفت زينه بعد ان اطلقت تنهيدة مؤلمة:
- اسراء أنا تعبانه اوي ومش عارفه اعمل ايه انا في مصيبه
اسراء بقلق: مالك يا زينه فيكي ايه؟
قصت زينـة علي صديقتها ما حدث لها بالأمس وكيف اعتدي عليها شكري وقسوة والدتها عليها ايضا مرورا بعرض اكرم بالزواج منها..
أنهت حديثها وانفجرت باكية بمرارة فقالت اسراء باشفاق علي حالتها تلك..
- يا حبيبتي يا زينه كل ده يحصل وانا معرفش، طب يا حبيبتي اهدي بس وان شاء الله هنلاقي حل!
ردت بعصبية: حل ازاي يا إسراء مفيش حل للورطة دي أبدا!
صمتت إسراء قليلًا قبل أن تتابع بنبرة جادة:
بصي يا زينة أنا هقولك رأيي وانتي حرة، مفيش قدامك حل غير أنك تتجوزي اكرم ما هو ده الي هيقدر يحميكي غير كده هو بيحبك..
صاحت زينه: بس انا مش بحبه يا اسراء مش بحبه ولا بحب صنف الرجالة انا بكرهم كلهم..
إسراء بجدية: ماشي وهو ارحم من جوز امك ومين عالم يمكن تحبيه يا زينه
زينه بنفي تام: مستحيل طبعا!
إسراء بنفاذ صبر:
مفيش قدامك غير الحل ده وخليه زواج مؤقت لحد ما ترتبي امورك واتفقي معاه علي كده ماشي؟
تنهدت زينه وهي تمسح علي رأسها بضيق: هشوف يا إسراء سلام دلوقتي عشان مش طايقه نفسي!
أغلقت الخط وهي تزفـر بغضب، وراحت تفكر في كلام صديقتها.. فهل ستقبل زينه زواجها من ذاك الوحش العاشق.. ؟

الحلقة الخامسة

خرجت زينـة من الغرفه فتفاجئت بسها التي تجلس بصحبة السيدة نادية وإبنتها ندي..
هتفت ندي ما ان رأتها: ماما زينة هتعيش معانا..
رفعت سها حاجبيها بإندهاش وتابعت:
تعيش معانا؟!
جلست زينـة بارهاق ويأس قبالتهن علي الأريكه لم تعرف ماذا تقول لها الان..
أتقول انها ستتزوج من زوجها مجبرة علي فعل ذلك!
قالت ناديه متدخلة في الحوار:
زينه هتقعد عندي كام يوم يا سها عشان في مشاكل بينها وبين امها.
نظرت سها لها بشراسة فانها تعلم ان اكرم يريدها زوجه وحبيبه تعلم جيدا انه يعشقها هي وقد صرح لها ذات مرة بهذا الشئ، ورغم انها لا تحبه الا انها تحقد عليها الان فمن هذه حتي يعشقها الوحش!!
تحاشت زينـة النظر إليها وإزدردت ريقها بتوتر وهي تدعي الله سرًا ان يُنجيها من ذلك المأزق..
أصدر هاتف سها رنين معلنا عن وجود اتصال، فنهضت بعد ان رمقت زينه بنظرات ناريه مغتاظة وتوجهت الي شقتها..
ما ان دلفت حتي أجابت واضعه الهاتف علي اذنها:
- أيوة..
آتاها صوته هامسًا: مجتيش ليه يا بيبي؟
زفرت أنفاسها وتابعت بضيق ؛ أكرم مرضيش ينزلني
تابع بحنق:
اووف، ياربي ده انا كنت مستنيكي علي نار، يلا معلش يا قلبي تتعوض بعدين..
عضت على شفتها السفلي بغضب قبل ان تتابع حانقة:
انا زهقت منه ومن تحكمه فيا، نفسي أطلق منه بقي ونعيش انا وانت مع بعض.
تابع بمكر:
يا حبيبي وانا كمان بس مينفعش دلوقتي خالص.. سبيها بظروفها بقي
قالت بايجاب: حاضر..
قال بغزل: كنا بنقول ايه بقي امبارح؟
احمرت خجلا لتبادله همساته المحرمة وتغوص معه في عالم الحرام غير مباليه بأي شيء سوي انها وجدت ملاذها ومن يفهمها ونست انها تفعل ما لا يحمد عقباه..
...........

- سرحانة في ايه يا بنتي؟
أردفت السيدة ناديه بهذه الكلمات موجهه حديثها لزينه التي انتبهت قائلة: ها..
عادت تكرر: بقولك سرحانه في ايه يا زينه
أغلقت عينيها بألم وتابعت: في حالي يا طنط ناديه، يعني عاجبك الي ابنك بيعمله ده؟
حركت رأسها نافية قائلة بإتزان: مش عاجبني اندفاعه طبعا ولا عاجبني اصراره لكن انا لازم اقولك انه بيحبك وعمره ما حب غيرك حتي انه عمر ما حب مراته، هو اتجوز مراته لما ابوه الله يرحمه قاله عليها جواز عادي لكن حب لا..
تابعت زينه باختناق: وانا ذنبي ايه بس، انا مش عاوزة اتجوز ولا عاوزة اخد واحد متجوز وابقي خطافة رجالة في عيون الناس وانا يعلم ربنا بقول يا حيطه داريني!
تنهدت ناديه:
يابنتي الناس عارفاكي كويس ومن ناحية سها هي عمرها ما حبت اكرم اصلا..
قالت زينه بتوسل: طيب هو انا مينفعش اقعد معاكي فترة يا طنط ناديه لحد بس ما ارتب اموري كده وبعدين اشتغل واحاول أجر شقه صغيرة اعيش فيها من غير ما أتجوز أكرم!
صاحت ندي مقاطعة حديثهما:
لا عيشي معانا يا زينه بابا حلو ليه مش بتحبيه بابا حلو
قالت ناديه ضاحكة: بس يا زقرده قومي العبي واتفرجي علي الكرتون يا ندي..
قفزت ندي وهي تقول بمرح: ماشي يا تيته بس خلي زينه تحب بابا عشان بابا حلو يا تيته..
أومأت ناديه بإيجاز: حاضر يا قلب تيته يلا روحي بقي
ركضت الي داخل الغرفه لتلعب بألعابها بينما قالت ناديه بهدوء:
- يا حبيبتي انتي تقعدي وتنوريني علي عيني وراسي بس انا خايفه عليكي، من الدنيا مفيش بنت بتعيش لوحدها الناس يا بنتي نفوسها وحشه..
زينه بحزن:
يعني كده انا مقدميش حل غير اني اتجوز اكرم صح؟
ردت عليها بجدية:
ينفع يبقي زواج علي الورق بس؟ يعني يكتب عليكي بس عشان كلام الناس ووعد مني بقي مخلهوش يلمسك وتعيشي معايا معززة مكرمه لحد ما تقرري انتي عاوزه ايه وحاجة من الاتنين يا اما هترتاحي ليه وتحبيه يا اما هتكرري الطلاق وساعتها هحترم قرارك ايا كان وهساعدك برضو، ولو بقي عاوزة تتجوزي الراجل الي امك جيباه انتي حره يا زينه بس انا زي امك بقولك مصلحتك مع ابني اكرم وانا معاكي..
صمتت زينه بحيرة، وهي تفرك مقدمة رأسها بضيق وظلت الافكار تتخبط داخلها ما بين الرفض والقبول..
.........

أسدل الليل ستائره كلما اقترب الليل كلما توترت زينـة فقد حان الوقت ان تقول قرارها كما قال أكرم لها انه في المساء سيأخذ منها القرار النهائي..
عاد إلي البيت منهكا بعد يوم شاق في العمل، إتجه الي شقة والدته وطرق الباب بلهفه فانه يشتاق لسماع ما انتظره طويلا منها..
فتحت السيده ناديه الباب فدلف اكرم قائلًا بخشونة: مساء الخير يا امي..
ردت مبتسمه: مساء النور يا اكرم.
سألها وعينيه تزوغ بالمكان: ندي نامت؟
أومأت هادئة: اه من بدري..
تنهد وقال:
واخبار زينه ايه يا ماما لسه مصدره دماغها؟!
اقتربت منه قليلًا وتابعت بصوتٍ خافت: افرح يا سيدي هي موافقه مبدئيا تتجوزك..
اتسعت ابتسامته وقال بذهول: بجد!!
قالت بحذر: بس انا وعدتها انه هيبقى جواز علي الورق بس لحد ما نشوف هنعمل ايه..
تجهمت قسمات وجهه وهو يردف بضيق: وتوعديها ليه يا ماما الله!
ناديه بغيظ: انا غلطانة اني اقنعتها توافق واقنعت امها كمان!
صمت أكرم وهو يزفر بضيق، فتابعت ناديه بخفوت: يابني الباقي عليك بقي انت الي لازم تحببها فيك طالما بتحبها ورايدها
أومأ أكرم علي مضض ليتفاجئ بها تخرج من الغرفه قائلة بهدوء وتوتر: مساء الخير..
ردت عليها وهو يتأملها بنظرات حانية نوعا ما: مساء النور يا زينة البنات..
إستأنف حديثه: اعمللنا شاي يا أمي..
تحركت ناديه في اتجاه المطبخ وتركتهما بمفردهما..
سار اكرم الي الأريكه وجلس مشيرا لها بحزم: تعالي اقعدي ولا هتفضلي واقفه كده؟
جلست قبالته وظلت صامته في حين قال أكرم بجدية: عرفت انك وافقتي علي الجواز من ماما..
إستجمعت شجاعتها وراحت تقول بثبات: ايوة لكن عندي شروط..
ضيق عينيه قليلًا ثم أردف بحزم: سامعك!
تنهدت وقالت: اولا ده هيكون زواج مؤقت بس لحد ما اشوف هعمل ايه وارتب نفسي..
وثانيا... قالها وهو ينظر لها بتمعن..
تابعت زينه بخجل: الجواز ده هيكون علي الورق بس عشان كلام الناس.. تمام؟
صمت وهو يمط شفتيه بعدم اقتناع، فواصلت زينه بحزم: اوعدني بكده!
قال اكرم بصرامة: اوعدك بايه انا بقولك بحبك ومضمنش نفسي في اي وقت..
زينه بحدة: يبقي مش موافقه هي دي شروطي.
عض شفته السفلي بغيظ وتابع: اوك، موافق بس انا كمان ليا شروط ولا هو حلو ليكي انتي بس؟
سألته بحنق: ايه هي الشروط دي؟
أرجع ظهره للخلف حيث استند علي ظهر الأريكه وقال رافعا أحد حاجبيه: كلامي هيتسمع ديما وواجب عليكي تطعيني حتي لو زواج مؤقت، ثانيا بقي لما اطلب منك اي حاجة تنفذيها.. تمام؟
تأففت وهي تقول: زي ايه مثلا؟
قال بثبات: اي حاجة غير حقوقي الشرعية الي انتي هتمنعيني منها، يعني مثلا جعان تأكليني مهموم تهوني عليا.. انهي جملته بغمزة من عينه، لتصيح زينه ؛ والله! انت هتعملي فيها سي السيد
أشار لها بسبابته وهو يقول بغضب: صوتك ميعلاش عليا لحسن انا غضبي وحش اوي اوي بعدين تندمي يا زينة البنات!
كادت ان تموت غيظـا من اسلوبه الغريب تماما.. يشد ويلين في آن واحد يغضب ثم يهدأ بل ويُغازلها ايضا!! فأي نوع من الرجال هذا؟!!!
آتاها صوته الرجولي: اتفقنا؟
قالت علي مضض: ربنا يسهل.. ثم تابعت في تساؤل: طيب ومراتك سها؟
أكرم بجدية: مالها؟ عادي هي ولا علي بالها اصلا متقلقيش انتي..
أومأت رأسها في صمت..
لينهض أكرم قائلًا بإيجاز: تمام يا عروسه هروح اجيب الماذون..
اتسعت عينيها قائلة بخوف: علي طول كده، استني شوية
رمقها بنظرات قاتله:
بلاش لعب عيال اومال وهستني ليه انا بقي؟ ولا عاوزة ترجعي في كلامك!
صمتت بضيق فإستكمل بحزم: حضري نفسك واندهي علي امك عشان تحضر كتب الكتاب..
انهي كلامه وخرج تاركا اياها في حالة يأس بل وإحباط من الذي ينتظرها بعد الان هو وعدها بتنفيذ شروطها ولكنها لم تثق به وتخشي ان يرتكب أي حماقة معها...
...............

بعد مرور ساعة من الزمن، كانت تقف أمام المرآة وهي تفرك كلتي يديها في بعضهما بتوتر وخوف شديدين، ازدردت ريقها بصعوبة بالغة حين دلفت أمها تحدثها بصلابه وهي تهتف: يلا يا عروسه، يعني وافقتي اخيرًا تتجوزي أكرم..
ترقرقت العبرات في عينيها قبل أن تردف بحزن دفين:
- كله بسببك انتي لولا انك فرطتي فيا وفضلتي جوزك عليا مكانش ده بقي حالي ووافقت اتجوز، هو انا يعني هعمل ايه وهروح فين؟ للأسف مفيش قدامي حل غير أكرم!
قالت نجلاء معاتبه: انا فرطت فيكي؟ ازاي بقي كل ده عشان مش راضيه اصدق ان شكري اتعدي عليكي!! وعاوزة اجوزك واطمن عليكي ابقي بفرط فيكي يا زينة!؟
مسحت زينـة دمعه حارة هبطت فوق وجنتها ثم تابعت بإيجاز: الكلام مش هيفيد بحاجة، الله يرحمـك يا بابا لو كنت موجود مكانش ده كله حصلي! ..
طرق أكرم علي باب الغرفة قبل أن يفتح وهو يقول بتلهف: يلا يا عروسه المأذون مستني إمضتك!!
ابتلعت ريقها بمرارة ورمقته بحدة ثم خرجت من الغرفه سريعًا واتبعتها أمها، فوقف أكرم قليلًا يتنشق عبيرها وهو يحدث نفسه بخفوت: بكرة تعرفي اني محبتش حد قدك يا زينة البنات! 

الحلقة السادسة

وقعت زينـة علي عقد زواجها من أكرم وقد أصبحت زوجته رسميا ولقد نال الوحش مبتغاه أخيرًا...
ظهرت علي شفتيه ابتسامه منتصرة فبادلته الابتسامة بنظرة كُره حاده لكنه لم يبالي وأطلق لها قبلة في الهواء فهو الآن سعيد.. سعيد للغاية..
إحتضنتها أمها وهي تبارك لها ثم إلتفتت تحادث أكرم:
خلي بالك منها يا أكرم..
قال أكرم وهو ينظر اليها نظرات ذات معني: في عنيا
تركتهم وصعدت إلي شقتها، بينما قالت السيده ناديه بجمود:
- يلا يا أكرم تصبح علي خير أدخل نام في شقتك!
تنهد أكرم وهو يقترب من زينـة قائلًا بغمزة:
- تصبحي علي خير يا.. يا مراتي العزيزة..
أشاحت زينـة بوجهها بعيدًا عنه ليقول أكرم مازحًا: بكرة تندم يا جميل..
نظرت له بغضب وهي تكز علي أسنانـها غيظـا من غزله الصريح ، بينما قالت ناديه بحزم: يلا بقا يا اكرم..
إستدار أكرم بجسده خارجا من الشقه ثم دلف إلي شقته وأغلق الباب خلفه وراح يسير في اتجاه غرفة صغيرته ليطمئن عليها كعادته كل يوم..
ما إن إطمئن عليها ذهب إلى غرفة النوم علي مضض، نظر إلي زوجته النائمه بحنق وهو يتأفف بضيق..
أخذ يبدل ثيابه ثم توجه إلي الفراش وتسطح عليه محدقا في سقف الغرفة وصورتها تتردد امام عينيه، ابتسم وهو يتذكر ملامحها البريئة الهادئة وعينيها السمراوتين الجميلتين، تمني لو ان تبادله القليل من الحب لو ان تتسطح الي جواره حتي يُشبع إشتياقه .. ولكنه راهن نفسه بأن يجعلها تذوب به وقريبا.. قريبا جدا...
..............

وكذلك تسطحت زينـة علي الفراش وكأنها في دوامه لم تعرف اين الفرار منها.. أصبحت في يوم وليلة زوجة لهذا الوحش، تزوجت منه وهي التي تبغض صنف الرجال جميعا ظنا انهم ك زوج امها الذي جعلها تعاني مرارا بعد ان توفي والدهـا..
لكنها وعدت نفسها أو أوهمتها أن هذا الزواج ما هو إلا إمضاء علي ورقة سيتنهي في أي لحظة ولن تخضع له مهما حدث!!
مر الوقت وغطت زينه في سبات عميق، لتستيقظ صباحا وتنهض عازمة علي الذهاب الي جامعـتهـا لتحاول جاهدة الاعتماد علي نفسها بل وعزمت علي ان تبحث علي عمل بجانب دراستها حتي توفر مالا تستأجر به منزل تعيش به بعيدا عن منزل الوحش ذاك..
خرجت من الغرفة بعد ان ارتدت ثيابها البسيطة، وجدت السيدة نادية تنهي صلاتها..
رفعت رأسها تنظر اليها وهي تسألها بدهشة: راحة فين يا بنتي؟
زينة بإيجاز: راحة الجامعة..
قالت بحذر: طيب بس مش لازم تعرفي أكرم؟
زينه وقد تجهمت ملامحها:
- لا مش لازم يا طنط، انا مليش كلام معاه اصلا!
ناديه بامتعاض:
ماشي، اقعدي افطري طيب.
تحدثت وهي تسير في اتجاه الباب:
معلش هتأخر هبقي أكل أي حاجة في الكليه..
توجهت سريعا خارج الشقه هابطة درجات السلم، بينما تنهدت ناديه وهي ترفع يديها للسماء داعية: يارب يحنن قلبك علي ابني ده ابن حلال ويستاهل كل خير يارب اصلح ما بينهم..
ثم نهضت بعد ذلك تُعد وجبة الافطار..

............

تململ أكرم في فراشه بتكاسل، فتح عينيه ببطئ ليجذب هاتفه من علي الكومود، وينظر الي الساعة ليجدها العاشرة..
نهض عن فراشه وهو يقطب جبينه بإستغراب ثم يحدث نفسه:
غريبة البت ندي مصحتنيش النهاردة ليه! ..
توجه خارج الغرفة ليتجه الي غرفة ابنته دلف ليجدها تخبئ شيئاً ما تحت وسادتها بفزع..
عقد حاجبيه واقترب منها قائلًا بتساؤل: مالك يا ندي خايفه ليه كده؟
حركت رأسها وهي تمط شفتيها: مش زعلانه يا بابا.
جلس جوارها وهو يداعب أنفها بيده:
اومال مصحتيش بابا النهاردة ليه زي كل يوم.. ؟
قالت وهي تقضم اظافرها الصغيرة: مش عارفه يا بابا.
ضحك أكرم وهو يسألها: انتي شكلك عاملة.. حاجة وخايفه صح يا نودي؟
اتسعت عينيها وهتفت: انا لا مش عملت حاجة انا
رفع حاجبيه وهو يقول: هتكذبي علي بابا يا ندي؟
أطرقت ندي رأسها وهي تقول بخوف: يعني مش هتزعقلي يا بابا؟
قال أكرم: لا، متخافيش يا قلب بابا.
رفعت رأسها ثم قالت بحذر: انا أكلت شكولاته.
اتسعت عينيه وهو يقول: كده برضو يا ندي، وجبتيها منين الشكولاته دي؟
قالت بخوف وقد ادمعت عينيها:
ن نزلت جبتها من تحت، عشان انا كان نفسي فيها.
جذبها أكرم إلي أحضانه وهو يقول معاتبا:
السكر هيعلي عليكي يا ندي حرام عليكي، وازاي اصلا تنزلي لوحدك، لا يا ندي انا زعلان منك بجد!
انفجرت باكية ببراءة وهي تقول: انا اسفه يا بابا ب بس انا بحبها.
تنهد بقوة وهو يمسد علي شعرها: مش بايدي يا ندي علي عيني اني مانعك منها بس انتي تعبانه يا حبيبي وانا خايف عليكي.
ظلت تبكي وهي تتشبث به، فأخذ يهدئها وهو يُهدهدها بين يديه قائلًا بهدوء:
خلاص متعيطيش يا تاعبة قلبي، ربنا يستر ومتأثرش عليكي يلا نقوم نفطر مع تيته عشان نروح للدكتور..
نهض حاملا اياها وهو يدغدغها لتضحك وهي تمسح دموعها..
دلف إلي شقة والدته وقال مبتسما: صباح الخير يا ام اكرم.
ردت مبتسمه: صباح النور يا اكرم ثم نظرت إلي ندي وهي تتساءل: مالك يا ندي كنتي بتعيطي يا حبيبتي.
قال أكرم بحزم مازحا ؛ الهانم اكلت شكولاته.
ناديه بلهفه: يا خبر كده برضو يا ندي تتعبي يابنتي.
قالت ندي بمشاكسه: خلاص بقي يا تيته مش هعمل كده تاني
ضحكت ناديه: ماشي يا قرده.
سألها أكرم وعيناه مصوبه علي باب الغرفة: هي زينـة لسه نايمه ولا ايه يا ماما؟
أجابته بخفوت: لا نزلت.
تجهمت قسمات وجهه ثم هتف بحدة:
نزلت راحت فين؟؟
ردت عليه متنهدة: قالت رايحة الجامعة
أكرم بغضب جلي:
ازاي تنزل من غير ما تقولي هي مش عارفه انها علي ذمة راجل ولا ايه!؟ طيب ماشي لما تجيلي
قالت ناديه محاولة تهدئته:
يابني مجراش حاجة ما هي لازم تروح الجامعة برضو.
صر أكرم علي اسنانه وراح يجلس علي الأريكه وهو يزفر بعنف وقد توعد لها داخل داخل نفسه..
.......

في الجامعـة.

جلست زينه بصحبة صديقتهـا إسراء كعادتهما اثناء المحاضرات، أردفت إسراء بعدم تصديق:
يعني خلاص بقيتي علي ذمته يا زينة!!
أومأت زينـة في ضجر وتابعت: ايوة اتزفت واتجوزته انا مش عارفه عملت في نفسي كده ازاي!!
تابعت اسراء:
يمكن يا زينة تغيري رأيك وتحبيه.
زينه بحدة: لا يمكن طبعا!
اسراء بمزاح: انا لو منك احبه حد يلاقي حد يحبه في الزمن ده ويرفض انتي هبلة يا زينه علي فكرة..
زفرت زينه وتابعت:
اسكتي بقي يا اسراء ده وقت هزار يعني!!
اسراء ضاحكة: خلاص يا ستي سكت اهو، فكي بقي ومتزعليش.
نهضت زينـة وهي تقول بإيجاز: طب يلا يلا نكمل المحاضرات.
.............

في عيادة ما.

جلس أكرم قبالة الطبيب وهو يضع ابنته علي ساقه..
أردف الطبيب بجدية:
مفيش مانع من حاجة حلوة مرة واحدة بس في الاسبوع ودي تكون بدال وجبة وليكن مثلا العشا يعني تاكلها ومتتعشاش ويستحسن تحاول تحرقها بلعب رياضة
أومأ أكرم بتفهم ثم قال:
طيب وبالنسبة للشكولاته الي اكلتها النهاردة هتأثر عليها؟
تنهد الطبيب وقال:
ان شاء الله لا هي مش هتأثر عشان انت مشيت معاها علي العلاج مظبوط والسكر اتظبط هو صحيح اترفع شوية، بس الحمدلله مش أوي.
أومأ أكرم متنهدا بارتياح: الحمدلله.
ابتسم الطبيب: خليني اشوفها بعد شهر علي الأقل وانا كتبتلها علاج هنا عند اللزوم لو حست بدوخه تاخد منه.
اخذ اكرم منه الورقه ونهض قائلًا: تمام.
خرج بصحبة ابنته التي هتفت بمشاكسه: شوفت يا بابا مش حصل حاجة اهو
خبط رأسها بخفة وهو يقول ضاحكا : طب امشي قدامي يا زقرده..
.............

بعد مرور عدة ساعات..

كان أكرم يعمل في ورشته الخاصة والعرق يتصبب من جبينه، استوقفه صوت زوجته وهي تهتف: أكرم.
رفع أكرم رأسه ثم ترك ما في يده واقترب منها قائلًا بجدية:
- نازلة ليه يا سها؟؟
أجابته بهدوء: أختي تعبانه يا أكرم وانا لازم اشوفها الله يخليك توافق بقي!
زفر أنفاسه بحدة قبل أن يردف بحزم: طيب روحي ومتتأخريش! وبعدين مأخدتيش ندي معاكي ليه؟
ردت متلعثمه:
هي ماحبتش تيجي معايا يا أكرم وال ايه هتستني زينة بقي بتتجوز عليا يا أكرم!!
أكرم بتهكم: لا وانتي زعلانه اوي عشان اتجوزت يا سها تكونشي بتغيري عليا زي الستات؟
قالت سها بامتعاض: انت ليه بتعاملني كده يا اكرم! انت الي مدتنيش فرصة احبك علي فكرة! علي طول متحكم فيا كان طبيعي جدا ابقي...
قاطعها اكرم بنفاذ صبر: روحي لاختك ومتتأخريش يا سها!!
انهي كلامه وراح يستكمل عمله، وسارت سها تتأفف بضيق من أسلوبه الحاد دائما معها، وصلت إلي بيت ما في أحد ضواحي الحارة الشعبيـة تلك..
تلفتت حولهـا حتي تتأكد أن لا أحد يراها، ركضت سريعا من مدخل البناية وصعدت راكضه الدرج حتي وصلت إلي شقة ما وهي تلهث بخوف وما ان طرقت الباب فتح وجذبها إلي الداخل وأغلق الباب..

الحلقة السابعة

عادت زينـة من جامعتهـا بعد إنتهاء اليوم الدراسي..
ما أن لمحها أكرم تدلف من مدخل البناية أسرع وهو يصر علي أسنانـه غيظـا منها.
تفاجئت بقبضة حديدية علي ذراعها ألمتها في قوتها.
تألمت قليلًا وهي تصيح به: اااااي سيب ايدي في ايه!!
أكرم بصوت جهوري:
من اولها بتخلي بالاتفاق؟ احنا اتفقنا علي ايه امبارح؟؟
عقدت حاجبيها وأردفت: اتفاق ايه وبتاع ايه '! ليه هو انت ناوي تحبسني في البيت؟!
قال وعيناه تتوهج غضبا ؛ اه شكلي كده، بقولك ايه انا مبحبش الحال المايل لما اقولك كلمة تسمعيها مفيش خروج من البيت بدون علمي والا وقسما بالله هتندمي، ولازم تعرفي انك علي ذمة راجل!!
كتمت غيظها بداخلها ثم قالت بضيق ؛:
- بس انا مخرجتش اتفسح، انا خرجت للجامعة مش كل حاجة هجري استأذن منك!
إقترب منها أكثر وقد مال عليها قليلًا: كل حاجة فيها استئذان يا كده يا هخل باتفاقي معاكي انا كمان قولتي ايه؟!
اتسعت عينيها لوهله، وبالأخير قالت بخفوت: اوك ممكن تسيب ايدي بقي!؟
تركها علي مضض لتبتعد هي خطوة للخلف وهي تفرك مكان قبضته بألم، أشفق أكرم عليها واقترب مرة ثانية يمسح علي ذراعها بحنان وقال: وجعتك؟
إرتجفت قليلًا أثر لمسته ثم ابعدت يده بحدة: لأ، انا محدش يقدر يوجعني أصلا فاهم؟!
نظر لها بدهشة ثم تقوس فمه بابتسامة معجبا بهذه القطة الشرسه، اقترب منها أكثر وهو يقول غامزًا بمزاح: بحبك وأنت بتخربش، ثم إندفع فجأة طابعا قبلة علي وجنتها وهو يقول هامسًا: إدلع براحتك بكرة تندم يا جمييل!
أنهي جملته وتركها متجها إلي ورشته مرة ثانية تاركا إياها تبتلع ريقها بخجل شديد وقد توردت وجنتيها أثر لمسته وهمسته وقبلته أيضًا!
انتابها شعور غريب لاول مرة تشعر به ولكنها نفضت هذا الشعور عن عقلها وصعدت الدرج بخطوات سريعه أقرب إلي الركض..
ما ان دلفت من باب المنزل ركضت الصغيرة نحوها وهي تهتف بمرح:
- زينة وحشتيني أوي.
انحنت زينـة في مستواها وهي تقبلها بحنان ثم قالت بابتسامة: وانتي كمان يا حبيبتي وحشتيني.
أقبلت السيدة نادية عليها وهي تقول:
حمدالله علي سلامتك يا زينة يلا الغدا جاهز.
قالت زينه بهدوء: الله يسلمك يا طنط، معلش انا مش جعانه
قفزت ندي بغضب طفـولي وهي تهتف: لا هتاكلي معايا مليش دعوة انا مش أكلت عشان تاكلي معايا يا زينة البنات انتي.
قهقهت زينـة وهي تقول من بين ضحكاتها: زينـة البنات؟
أومأت الصغيرة ضاحكة: اه زي ما بابا بيقولك!
توترت زينـة وهي تعبس بوجهها ثم اتجهت الي طاولة الطعام وقالت:
طيب يلا ناكل..
ركضت ندي نحوها ثم جلست جوارها وهي تأكل بسعـادة بينما ضحكت ناديه وهي تجلس قبالتهما وتدعي في سرها: ربنا يهديكي علي ابني يا زينه والله ده طيب وابن حلال بس عاوز الي يفهمه!
............

بعد مرور ساعة.

عادت سهـا إلي المنزل، دلفت إلي شقة السيدة نادية لتجد الثلاثة يجلسن ويشاهدن التلفاز ويتبادلن الضحكات بمرح..
شعرت بالدماء تغلي في عروقها وهي تري إبنتها منسجمة مع زينـة !!
هتفت بحدة: ندي!
نظرت لها ندي وهي تقول: نعم يا ماما.
صاحت سها:
تعالي هنا، يلا قدامي علي الشقة!! ..
قالت الصغيرة بإعتراض: لا أنا بتفرج علي الفيلم مع زينـة وتيته مش عاوزة ادخل جوه!
اتسعت عينيها بغضب وأسرعت تجذبها من يدها بقوة، لتهتف زينـة بضيق: براحة يا سها عليها في ايه مالك؟
صاحت بها بغيظ:
وانتي مالك انتي؟ ما تخليكي في حالك وابعدي عن بنتي ولا تكوني فاكرة نفسك بقيتي امها ولا حاجة لا يا حبيبتي امها لسه عايشه وعلي وش الدنيا!
نهضت زينـة وهي تقول بصرامة: ايه الكلام السخيف ده ومين قالك اني فاكرة نفسي امها؟ انتي مريضه في عقلك يا سها شكلك كده!!
دفعتها سها بيدها لتسقط زينـة علي الأريكه، ثم نهضت وكـادت أن تهجم عليها الا ان اوقفها صوته الصارم وهو يهتف: ايه الي بيحصل ده؟؟؟!!
دلف أكرم من باب الشقه وملامحه متجهمه ليردف بحدة: انتوا بتتخانقوا مع بعض ولا ايه؟!
أغلقت زينـة عينيها وهي تمسح علي رأسها بغضب شديد، بينما قالت سها بامتعاض: الهانم بتقل ادبها عليا، وفاكرة نفسها ست البيت انا مش عارفه ايه البلاوي الي جبتهالي دي!
صرخ اكرم في وجهها: امشي علي جوه!
ارتعدت اوصالها من صوته الغاضب فتحركت وهي تجر ابنتها معها الا انها هتفت بغضب: لا يا ماما سبيني انا عاوزة بابا!
قال أكـرم بحدة: سبيها!
تركتها ودلفت إلي شقتها لتركض الصغيرة إلي والدها تحتضن ساقه فمسد هو علي شعرها..
ليتفاجئ بها تصيـح به:
شوفت عملت ايه؟؟ قولتلك مراتك هتزعل قعدت تقولي ولا فارق معاها اتفضل بقي!
تنهد أكرم بجدية:
متشغليش بالك بيها وقولت صوتك ميعلاش عليا فاهمة ولا؟!!
زفرت بحنق قبل ان تهتف بغضب:
لا مش فاهمه واوعي تفتكر اني هسمع كلامك وتعملي فيها راجل وسي السيد!!
تحولت عينيه الي جمرتين وهو يندفع نحوها ثم جذب ذراعها ليلويه خلف ظهرها وهي يقول بصرامة أخافتها:
- أنا راجل غصب عنك وأوعي تتعدي حدودك معايا والا قسما بالي خلقني وخلقك لتشوفي وش مش هيعجبك يا زينه فاهمه ولا لاء؟؟
أدمعت عينيها بشدة وهي تحاول الفكاك من قبضته الحديدية، فتدخلت نادية بعتاب: يا أكرم سيبها عيب كده يابني..
قال بنفي ؛ هتعتذر انا مبحبش قلة الادب دي!
ردت عليه من وسط بكاؤها: مش هعتذر.
زادت من غضبه ليشتدد علي ذراعها اكثر وهو يقول بتحدي: هتعتذري.
اااه.. تألمت بشدة فإنه علي وشك كسر ذراعها ..
لتهتف ندي بخوف وهي ترتعش: يا بابا سيبها
لم يصغي أكرم انما قال بغضب ؛ اعتذري يا زينة
لا يوجد مفر امامها سوي انها تعتذر ورغما عنها ستتنازل عن القليل من كبرياء أنوثتها..
أردفت بخفوت ودموعها تهبط فوق وجنتيها بغزارة ؛ انا آسفة! ..
تركها علي الفور ولكنه لم يتخلي عن ملامحه الصارمة:
فكري تقلي أدبك تاني، دي بس قرصة ودن خفيفة..
مسحت دموعها بظهر يدها وهي تهمهم بخفوت، ليقترب منها قائلًا: متبرطميش!!
صمتت رغمًا عنها اتقاءا لشره وغضبه ذاك، إستدارت لتذهب إلي الغرفة فأوقفها صوته الصارم: تعالي هنا.. !
أغلقت عينيها بضيق وهي تشتم في سرها وتلعن حظها الذي أوقعها في براثنه..
تقدمت نحوه وهي تقول علي مضض: نعم!
قال بلهجة آمرة: حضريلي الاكل عشان جعان واعملي حسابك كل طلباتي من النهاردة انتي الي هتعمليها فاهمه؟
اتسعت عينيها قائلة: نعم؟
- الي سمعتيه يلا اتحركي بقولك جعان!
انهي حديثه وراح يجلس علي الأريكه فقالت ناديه بنفاذ صبر: انا هعملك الاكل يا اكرم اسكت بقي.
اكرم نفيا بحزم:
لا يا ماما هي الي هتعمل!
سارت زينـة الي المطبخ وهي تتأفف بضيق، بينما نظرت ناديه له بعتاب وغيظ ودلفت الي المطبخ خلفها حتي تُصلح ما أفسده هو...
بينما اقتربت الصغيرة منه وهي تقول بتذمر: انت وحش يا بابا مش حلو خالص!
تنهد أكرم وهو ينظر لها بدهشة: انا وحش يا ندي؟
أومأت برأسها وهي تقول: ايوة عشان ضربت زينة وزينة حلوة وانا بحبها، انا قولتلها بابا حلو بس خلاص هقولها بابا وحش وبيضرب.
جذبها أكرم اليه وهو يضحك بخفوت: كده برضو! ماشي انا زعلان منك، وبعدين انتي مش فاهمه حاجة يا ندي، يعني ينفع هي تقول علي بابا مش راجل؟ ها
حركت رأسها نافية ببلاهه، ليستكمل اكرم: طيب يبقي هي غلطانة برضو يا ندي وعيب تعلي صوتها عليا صح؟
أومأت الصغيرة برأسها ثم تابعت: بس هي حلوة يا بابا وبتلعب معايا مش تضربها تاني.
ضحك أكرم: هي من ناحية حلوة فهي حلوة بنت الايه، وانا بعشقها مش بحبها بس.
ابتسمت ندي باتساع وهي تهتف: وانا كمان يا بابا
...........

- حقك عليا يا زينة يابنتي.
أردفت السيدة نعمة بتلك الكلمات في حين قالت زينة بحزن:
انتي ملكيش ذنب يا طنط، العيب فيا انا الي رضيت اتجوزه كان عندي انام في الشارع ولا ابقي علي ذمته!
تنهدت ناديه وقالت:
والله يا زينة بكلمة حلوة هتكسبيه ده بيحبك ويتمنالك الرضي ترضي افتحي قلبك وحبيه مش كل الرجالة زي جوز امك صدقيني.
انتهت زينـة من اعداد الطعام ثم قالت وهي تتجه الي الخارج: كلهم زي بعض!
توجهت إلي خارج المطبخ ثم وضعت الاطباق علي الطاولة وهي تقول بحدة: اتفضل الاكل!
ركضت ندي نحوها وهي تهتف بمرح: زينة بابا زعلان عشان انتي قولتي ليه ان هو مش راجل.
هزت زينـة ساقها بعصبية تامة في حين نهض أكرم وتوجه الي طاولة الطعام ليجلس وهو يقول بابتسامة: تسلم ايدك يا زينة البنات!
اتسعت عينيها غيظـا فمنذ قليل كان يعنفها والآن يغازلها!!!!
رفع أحد حاجبيه قبل أن يردف: اقعدي كلي معايا!!
رمقتـه بجمود ودلفت الي الغرفه مغلقه الباب خلفها، وقلبها يخفق بعنف من نظراته المتفحصه لها ومن معاملته الغريبه ايضا!!
...........

انتهي أكرم من تناول الطعام ثم نهض يغسل يديه في المرحاض، استغل انشغال والدته في المطبخ بصحبة صغيرته فتوجه فورا الي الغرفه المتواجدة بها زوجته زينـة..
فتح ودلف لتنتفض هي قائلة بذعر: ايه الي جابك هنا، اطلع برة!
كانت تشير له بسبابتها لكنه لم يبالي واقترب منها بخفة الفهد، جذبها اليه لترتطم بصدره بينما ذراعيه التفا حول خصرها..
شهقت شهقه مكتومة من فعلته الجريئة فحاولت الفكاك منه الا انه ثبتها وهو يقول بصوت حنون: ششش اهدي يا حبيبي!
ابتلعت ريقها من همسه الذي اذابها ثم همست بتحشرج: لو.. لو... سمحت خليك عند وعدك احنا متفقناش علي كده ابدا ابعد عني..
- وانا عند وعدي يا زينـة البنات، قالها بهمس وهو ينظر إلى عمق عينيها الجميلتين.. ثم أكمل بنبرة خافته:
- أنا بحبك حسي بيا بقي والله العظيم عمري ما حبيت حد قدك حتي مراتي يشهد ربنا اني عمري ما حبيتها انا اتجوزتها عشان دي كانت رغبة ابويا الله يرحمه انما قلبي ما دقش غير ليكي انتي بس.
أغلقت عينيها رافضة كلامه خوفا من ان تضعف امام رجولته الطاغية تلك..
صاحت به: ابعد عني انا مش بحبك متتعبش نفسك معايا!
قال بإصرار: هتحبيني، انا متأكد
ردت بحنق: انت واثق من نفسك اوي!
غمز لها وقال: طبعا، ده أنا الوحش..!
طبع قبلة علي جبينها ثم ابتعد خطوتين للخلف وهو يقول: انا عند وعدي مش هقرب منك الا بارادتك انتي، لكن كلامي لو ما اتسمع انا اسف هخل بالاتفاق تمام يا زينة البنات؟
أومأت رأسها بضيق، ليطلق لها قبلة أخيرة في الهواء ويخرج تاركا إياها في دنيا أخري وشعور غريب يجتاحها، تري هل القلب دق ولاَنْ؟؟ يتبع.. الحلقة 8 و9 و10 اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent