لم يكن مجرد حلم الفصل الثامن 8 والتاسع 9 - زينب سمير

الصفحة الرئيسية
رواية لم يكن مجرد حلم بقلم الكاتبة زينب سمير، الفصل الثامن والتاسع
رواية لم يكن مجرد حلم
رواية لم يكن مجرد حلم

الفصل الثامن "8" من رواية لم يكن مجرد حلم - لـ اثأر لـ اخي ! 

_ كيف احبته وهو القاتل ! كيف دق القلب له وهو الخاطئ ! بالله كيف فعلت وهي اكثر الناس علما بحقيقته كما تظن _

اغدقها بهداياه ، كلماته الرومانسية الصادقة ، احاديثه الكوميدية الشيقة ، طريقة تعامله الراقية معها التي تشعرها بالتميز بأنه يخصها هي بتلك المعاملة ، مفاجأته التي راحت تتكرر بأستمرار وكل مفاجأة اجمل من التي سبقتها ، لدرجة انه اعترف انه يستغرق كثير من الوقت كي يفكر في مفاجأت جديدة ، لكنه لا يشعر بالملل او الزهق ، بل يفكر بحب ، يفعل بسعادة ، لان كل هذا لاجلها

لاحظت عدة مرات عطفه مع الغير ، توقف السيارة ليمنح طفلا مالا ، شراء الازهار من الاطفال حتي لو لا يريدها ، كذلك الاقمشة الورقية التي تستخدم لـ التنظيف ، سيارته تكون لامعة ورغم ذلك يجعل الاطفال بأشارات المرور تنظفها من جديد ، ثم يمنحهم باسما المال بوفرة

لاحظت اشياء فيه لا تدل علي انه قاتلا ، لكنه بالفعل كذلك !

تنهدت بتعب من كثرة التفكير ، تفكيرها به وبأحواله بات يرهقها كثيرا تلك الايام ، انتبه هو لها فصرف الموظف الذي كان يحدثه بشأن العمل ، ونظر لها هاتفا بأهتمام:-
_مالك ياهانيا ؟ زهقتي ولا اية !
نظرت له تنفي برأسها حديثه و:-
_لا مزهقتش ، سرحت بس كدا
اؤما بتفهم فعادت تقول بمرح:-
_قربت تخلص شغل ؟ انا جعت وعايزة اكل
_دقيقتين بس وهنخرج

كثرت زيارتهم ومقابلتهم مع الايام ، من عدة ايام كذلك ، فاتحها بموضوع الزواج مرة اخري ، وافقت ببسمة سعيدة حاولت ان تقنع نفسها بأنها مصطنعة لكنها بالفعل كانت حقيقية ، واخيرا قرر ان يصطحب اخيه وعمته ويذهبوا ليطلبوا يدها من والد ملك الذي كان يعد اقرب الاصدقاء لوالدها قديما ، في نهاية هذا الاسبوع..

_اتفضلي يابرنسيس
قالها ببسمة وهو يبعد المقعد عن الطاولة لتجلس عليه ، شكرته بطريقة درامية مترفعة وجلست ، جلس هو ايضا علي مقعدا مقابلا لمقعدها ، قال ببسمة:-
_طلبك المعتاد .. صح ؟
اؤمات بنعم وهي تبتسم ، فهو بات يحفظ كل ما يخصها ، ويهتم بجميع شئونها ، طلب الطعام لهم ثم نظر لها و:-
_تعرفي انك وحشاني اوي
رمقته بنصف عين مرددة:-
_علشان بس غيبت عليك يومين ! وسافرتهم مع اصحابي
قال بصدق:-
_والله مروا عليا ببطء اوي ، لولا اني كنت بروح البار واسلي نفسي كنت اتجننت
هانيا بتحذير:-
_سراج احنا مش قولنا مش هنسهر تاني ؟ ومش هنعرف بنات تاني
ضحك عاليا وهو يري غيرتها الواضحة عليه ، غيرتها اسعدته ومنحته شعورا بالكمال ، وهو يري من يحبها تغار وتري انه ملكها
اخيرا خرج صوته ناطقا:-
_انا بطلت اعرف بنات من اول ما شوفتك وحبيتك ياهانيا ، انتي في عيني بيهم كلهم والله ، والبار انا بطلت اروحه برضوا انا كنت بس بهزر معاكي
ابتسمت بأرتياح فظهرت غمازتيها ، تعلقت عيونه بضحكتها الجميلة وراح يراقبها بهيام ، انتبهت لنظراته فعلقت بخجل:-
_متبصليش كدا ياسراج
قال بقلة حيلة:-
_اعمل اية ان كنتي جميلة والواحد ميقدرش يبعد عينه عنك ؟!

لم تجد ردا فصمتت بخجل ، جاء النادل بالطعام ووضعه امامهم ، بدأ يأكل بشهية قلما يفقدها ، بلع قطعة من اللحم المشوي اللذيذ ثم هتف:-
_عايز اقول لـ نور اني بطلت اشرب واسهر في البار ، اعتقد هيفرح اوي
قالت بتسرع فزع:-
_لا متقولهوش ، متقولهوش
رمقها بتعجب من تسرعها ممزوج بعدم فهم ، اكملت هي بتوتر لتتلافي خطأ اندفاع حديثها:-
_قصدي استني لحد ما تبطل كل اللي بيزعله وتفرحه مرة واحدة
ابتسم وداخله يقول كيف لها ان تكون بكل ذلك الجمال !
راحت تكمل بمزاح وهي تعد علي اصابعها:-
_لسة فاضل نبطل نسهر خالص حتي لو مش بنعمل حاجة مضرة ، نبطل نشرب سجاير ، نقطع علاقتنا بكل البنات حتي لو كانوا كويسين
سراج بعبوس:-
_لية بس كدا
كادت تضحك علي ملامحه المتكفهرة لكنها استطاعت ان تكتمها وهي تقول:-
_علشان انا مش عايزة حد من جنس حواء يشاركني فيك

حسنا .. لقد قامت بتثبيته بنجاح
حتي صار يضحك كـ الابلة !!
****
تمر الايام بجديدها علي سراج فقط ، لكن .. نور الدين مازال لا يشغله شيئا سوي عمله ، نجوان لا تقوم بشئ جديدا
تقضي صباحها مع والدتها بمنزلهم وليلها بمنزل والدها ، نيرمين مع ازدياد صعوبة حالة سراج ليلا ، باتت اعصابها تالفة ، هي الاخري تشعر بتثقل الذنوب فوق اكتافها لمداراتها علي تلك الجريمة
لكن ما باليد حيلة
فـ هل تسلم ابن شقيقها بيدها لـ الشرطة والجحيم ؟!

قال سراج بصوت عالي وهو يقف ببهو المنزل:-
_يلا ياجماعة ، هنتأخر ياجماعة ، يلا يلا يلا
ظهرت نجوان اعلي الدرج التي اتت صباحا بملابسها كي تتجهز بالمنزل قبل ان يذهبوا لخطبة هانيا ، قالت وهي تهبط درجات السلم:-
_بطل تستعجلنا يابني ، لسة فاضل ساعة الا ربع علي المعاد !
وصلت اخيرا له فقالت بأعجاب وهي تتفحصه:-
_اية الحلاوة دي
دار حول نفسه بحركة سريعة سينائمية معلقا:-
_اية رأيك ؟
جاءه صوت نور الدين بدلا عنها:-
_جذاب كـ العادة ياسراج

ابتسم لـ اخيه واقترب يحتضنه بحب حقيقي ، ابتعد عنه يقول بصدق:-
_نور ، انت احسن اخ في العالم كله
ضحك نور الدين مرددا:-
_دا كله علشان هخطبلك هانيا ! دا انا كنت جوزتهالك من بدري بقي
_والله ياريت تجوزهالي علطول وسيبكم من فترة الخطوبة دي

_مستعجل علي اية بس ياسراج
قالتها نيرمين وهي تهبط لهم بزيها المحتشم الذي يناسب سنوات عمرها المتعدية لـ الاربعون
اجابها بنواح مازح:-
_بحبها يانـاس

وعلي مظهره العاشق هذا ضحك الجميع عليه ، كما ان نجوان كذلك رمقت نور الدين بنظرة متخفية ، تري ان كانت تظهر في عينيه نظرة جديدة من اي نوع
لكنها لم تجد سوي نظرات البرود المعتادة واللامبالاة ...

الي متي سيكون ذو مشاعر ثلجية هكذا ؟!!
الي متي يالله ؟!!

اطلقت ملك صفيرا عاليا يعلن عن اعجابها بـ طلة هانيا ، فقد كانت جذبيتها تزيد عن المعتاد بكثير بـ تلك المستحضرات التجميلية الخفيفة التي وضعتها علي وجهها ، اكثر ما اهتمت به هو لون احمر الشفاه القاني الذي لونت شفتيها به ، احبت ان تظهر لـ سراج بـ طلة جديدة جميلة كي يري انها تستطيع ان تكون بأي شكل ، كذلك تخطف قلبه اكثر
قالت ملك بتغزل:-
_سراج عقله هيطير بيكي اوي
قالت بثقة ونظرات غامضة:-
_خليه يقع اكتر واكتر

فـ لحتي تلك اللحظة هي لا تعرف ان توصف مشاعرها الممزوحة بين الحب والكرة ، السعادة والحزن ، الفرح بالنصر وبالزواج !!

حقا لا تعرف أهي غيرت من مظهرها وجملته لاجله ام لاجل ان يقع فيها اكثر فـ تحقق انتصارا اعظم عندما ينكسر !

تنهدت عدة مرات بصوت عالي كي تبعد اي افكار سيئة عنها ، يجب ان تكون هادئة وعلي طبيعتها ، كي يري الحميع سعادتها ولا يشك احدا بها
خصوصا ذلك الشقيق الاكبر ... نور الدين
****
عَلي صوت جرس الباب ، فقالت ملك صارخة وهي تخرج:-
_العريس وصل ، العريس وصل

فتح والد ملك باب المنزل ، قابلهم بترحاب كبير ، ثم توجهوا جميعا لغرفة الصالون ، دارت بينهم احاديث كثيرة بمواضيع مختلفة كانت تدور بين نور الدين ووالد ملك والباقيين مستمعون فقط
همس سراج لنجوان الجالسة بجواره ، متوترا:-
_هي اتأخرت لية كدا ؟
ضحكت عليه ولم تكاد ترد ، حتي قطع حوارهم دخول هانيا الساحر ، تطلع لها سراج مشدوها ، اخذت عيونه تطلع لها من اسفلها لاعلاها عدة مرات بأعجاب واضح ، همس بأفتتان بصوتا خافتا:-
_كل الجمال دا بتاعي لوحدي !
سمعته نجوان فأقتربت من اذنه تهتف بمزاح:-
_غمض عينك لتحسدها
نظر لها بشزر ، وعاد ينظر لها ، سلمت علي الجميع حتي وصلت له ، كعادته امسك يدها وقبلها بحنان مردفا:-
_مبروك عليا انتي

ابتسمت بخجل ولم ترد ، كان والد ملك يعرف بردها مسبقا ، لذلك الجلسة لم تكن الا جلسة تعارف تجمعهم
انتهت بخبر هام
" حفلة الخطبة بعد اسبوعا من الان ، والزفاف بعده بثلاثة اشهر "

بقلم الكاتبة زينب سمير

ضاق صدر نور الدين وهو يري اختفاء اخيه عنهم يزيد ، بات يقابل تلك الفتاة ويراها اكثر منه ، يشعر بالغيرة عليه والغيرة منها ، يبدو انها ستخطفه منه ، هو لا يكره سعادة اخيه ، لكنه دوما ما رأي ان شقيقه ملكية خاصة ، تخصه هو وفقط ، لا يجب ان يحب احدا اكثر منه ، او حتي يهتم بأحدا

دخل لـ غرفة الطعام فوجد فقط عمته التي تجلس علي الطاولة ، سألها وهو يجلس علي مقعده الخاص:-
_سراج لسة منزلش ولا اية ؟
كانت شاهده علي ملامح غضبه التي تظهر كلما عرف بمقابلات سراج وهانيا ، لذلك خرج صوتها مترددا:-
_خرج يتغدي برة مع هانيا
اخذا نفسا عميقا ثم زفره بوجل يهمس بضيق بداخله:-
_هانيا ، هانيا ، هانيا ، انا زهقت منها
قطعت نيرمين حبل افكاره المتضايقة بقولها الحاني:-
_مش جه وقتك انت كمان يانور
طالعها بعدم فهم وجهل ، فـ تابعت:-
_انك تتجوز وتبني اسرة ياحبيبي

اول ما ظهرت امام عينيه كانت نجوان ، لكن خلف نجوان كان هناك ظلا اسود ، يطالعه بنظرات العتاب ، الممزوجة بالشر ، حرك رأسه عدة مرات يمينا ويسارا ليبعد عنه تلك التخيلات ، رمق عمته بنظرة جامدة هاتفا:-
_اكيد لما الاقي الانسانة المناسبة هفكر ياعمتي
نيرمين بتمني:-
_ربنا يعجل امركم انت ونجوان اللي قربت علي السبعة وعشرين ولسة معقدة زيك

والسبب انها تنتظره ، تريده هو وتتمناه
لكن هو .. لا يراها وان رأها فهناك الكثير من العقبات التي تقطع وتفصل بينهم
اولها ... الجريمة التي من بعدها لم يعد نور الدين ابدا بشخص برئ يستحق ان يكون زوجا لـ فتاة مثل نجوان
ثم ابا لأبناءها..

توجه سراج لساحة الركض بالنادي ، فقد علم انها هناك ، تنتظره فيها ، كان يخطو بخطوات سريعة نحوها ، متلهفة لرؤيتها ، حقا بات لا يشعر بالحب وفقط معها ، هو يغرق فيها بالتدريج ، ان لم يراها يوما ، يتعكر مزاجه لحتي يستطيع ان يراها مرة اخري ، مـر من البوابة والبسمة علي وجهه ، لكنها اختفت ، عندما رأها تقف مع رجلا وسيما ، تتضاحك معه وقد كانت السعادة مرتسمة جيدا علي شفتيها ، والضحكة تستطيع ان تسمعها من علي بعد عشرون مترا ، بداخله وجد نيرانا تحترق اثر الغيرة ، عيونه كذلك اشتعلت غضبا ، وهو يري رجلا اخري يجعلها تضحك بتلك الطريقة
شعورين بالحقيقة سيطرا عليه
الغيرة والخوف ، الخوف من ان يسرقها احدا منه ويستطيع ان يسلب قلبها وتتناساه هي بسببه ، عندما وصل تفكيره لامكانية انها من الممكن ان تحب احدا غيره بيوما ما

جن جنونه اكثر...

تقدم بخطواته الغاضبة منها ، قارب علي ان يصل لهم فأنتبهت هي له ، ابتسمت ابتسامة واسعة وكادت تحادثه بصوتا عالي لتلقي التحية عليه ، لكن ملامحه الغاضبة اصمتتها ، رمقت غضبه بتعجب ، لاحظت نظراته المشتعلة التي تنظر لمن يقف معها ، ابتسمت بخفوت وهي تستشعر غيرته
الا انها قالت سريعا تعرفهم علي بعضهم قبل ان تحدث مشاكل عندما وقف امامها:-
_سراج ..خطيبي ياياسر
ثم نظرت لياسر مكملة:-
_ياسر ، كان صاحب اخويا الله يرحمه وهو بمثابة اخ ليا

ظلت ملامحه متحفزة ولم تتغير حتي بعد حديثها ، لمح ياسر نظراتة الغاضبة ، فقال سريعا وهو يستعد لـ المغادرة:-
_طيب انا همشي دلوقتي ياهانيا
ابتسمت وهي تؤمي له و:-
_بس متنساش اللي اتفقنا عليه
رمق سراج بقلق ثم هي معلقا:-
_لسة برضوا مصرة !
اؤمات بنعم بتأكيد ، وقد رمقت سراج بـ نظرة غير مفهمومة بالمرة ، تلك الخطوة هي اخر خطوات مخططها الذي بعده ستكون قد دمرت سراج عدنان ومعه نور الدين الشقيق العاشق له

ياسر بخفوت وهو يغادر:-
_هجيبه بس هقولك للمرة الاخيرة ، انتي كدا بتضيعي نفسك

لا تقلق ما طلبته ليس لها ، بل لذلك الواقف امامك..

رغم ان سمعة ياسر في غاية السوء ، معروف عنه الكثير من المصائب الا انه كان يحب اخيها بصدق ، فهو يعرفه قبل ان يتحول من الشخص الجيد الي السئ ، يعرفه قبل ان يصبح موزعا لـ المخدرات...!!

اخيرا غادر ياسر ، قال سراج بتسأل غاضب:-
_مين دا !
ببساطة اجابت:-
_صاحب اخويا
سراج:-
_وصاحب اخوكي تقفي تضحكي معاه بالطريقة دي ؟ اي حد كان شافكم كان فكر انكم عشاق
اقتربت منه بدلال حتي وقفت امامه مباشرتا ، اسدلت رموشها بخفة وهي تقول بنبرتها الساحرة التي تجعله يتغيب عن الواقع بسببها:-
_عشاق مرة واحدة ! معقول ابص لحد واعجب بيه وانا معايا سراج عدنان
رمقها بنظرات تائهة .. ضائعة ، كانت كـ من اغرقته بـ بئر العشق
حتي انه تناسي ما يغضبه منها ، تابعت هي:-
_زي ما قولتلك هو مجرد اخ ، وبيساعدني اخد حق اخويا

بـ سرحها لم يستوعب اخر كلمات قالتها ومغزاها ، ايضا تغاضت اذنه عن نبرة الشر التي نطقت بها الجملة الاخيرة
ثم اخيرا لم تري عينيه ملامح وجهها التي ظهر منها الحقد والكره
وعيونها باتت تخرج منها شرارات الانتقام القاتل الذي حتي الحب لم يستطيع ان يقف امامه...

ستنتقم حتي لو كانت تموت عشقا فيه
فـ دم اخيها اغلي من مشاعر الحب التافهة تلك...
****
ياتري هانيا بتفكر تعمل اية ؟
كيف هتنتقم منه ؟ ولية ؟

الفصل التاسع "9" - الا تبادل المشاعر ! 

_ ياقلبه افرح اليوم ، فالغد ملئ بالمصائب _

كانت حفلة الخطبة ستقام بـ حديقة منزل عدنـان ، جاءت هانيا منذ الصباح لـ المنزل حتي تستعد لـ التجهز ، كان معها مجموعة من المساعدين ، كذلك اؤلئك الذي يرسمون الاوجهه بمستحضرات التجميل ببراعة ، بوسط ساعدتها بأن اليوم خطبتها ، كان هناك شيئا ينغص عليها تلك السعادة ، ذلك المنزل يضيق علي صدرها
وهي تتأمل ارجاءه شعرت بالاختناق ، شعور انه المكان الذي وُلد وتربي فيه قاتل يذبحها ، وقاتل من ؟! اخيها الحبيب
اصرت علي شيئا ضروريا بنهاية الموضوع ، وهو انها ستسكن في مكانا خارجيا عن حدود ذلك المنزل
بالنسبة لسراج ستجعله يوافق بكل نفسا راضية

فهي هانيا ، تلك التي بات يعشقها ..

طرق نور الدين باب غرفة سراج ثم دخل بعدما سمح له ، وجد اخيه جالسا بأستراخ علي فراشه ، يبتسم دون سبب ، ضحك دون شعور منه وهو يراه بتلك الحالة
هتف سراج عندما لمحه:-
_تعالي يانور اقعد جنبي
جلس بالفعل بجواره ، بنفس جلسته المستريحة قائلا:-
_مبروك ياعريس
بسعادة ظهرت جليا في صوته:-
_الله يبارك فيك .. عقبالك يانور يااخويا يارب
نور الدين بمشاغبة:-
_نخلص منك انت الاول بس
قال بملامح ممتعضة مصطنعة:-
_للدرجة دي بتحبني !
راح يدغدغه في حركه كان يفعلها كثيرا بالماضي عندما كانا صغارا ، راحت ترتفع ضحكات الاخر بقوة بينما همس نور الدين بحب صادق:-
_بعشقك مش بحبك بس والله

بعد ارتفاع اذان المغرب ، بدا ضوء الصباح بالاختفاء ، راحت الاضواء الاصطناعية تسطع ، كان مظهر الحديقة في قمة البهاء والجمال ، وقفت نجوان بجوار نور الدين امام بوابة المنزل ، ليستقبوا الحاضرين ، كانت هي الاخري جميلة جدا ، لوهلة شرد بها نور الدين عندما رأها
لكن لحظات وعاد يرسم البرود علي ملامحه من جديد
ارتفع صوت التصفيق فـ التف نور الدين ببصره لـ الداخل ، وحد شقيقه يظهر وبيده هانيا ، الاثنين ساحرين ، في غاية الجمال
علقت عيونه علي اخيه بحب ، شعر انه سيقترب من البكاء ان ظل يراقبه هكذا ، لذلك ابعد بصره عنه ، فوقعت عيونه علي تلك التي ستمسي خطيبة اخيه بعد لحظات
كانت باهرة ، لم يستطيع ان يخفي اعجابه بطلتها ، جمالها جذاب للغاية ، نظر لها في نصب عيونها
وجدها هي الاخري تنظر له ، كانت نظراتها محترقة ، شعر كأنها تلقي سهاما سامة بأتجاهه ، تتمني لو ان قفزت ووصلت له ثم قتلته فورا

لا يعلم لكنه بالفعل شعر بذلك اثر عيونها الناظرة له بشراسة

همس سراج لـ هانيا ، بعدما جلسا علي مقعدهم الخاص:-
_انا عايز الحفلة تخلص
طالعته بأستغراب فتابع هو:-
_الكل عيونه عليكي وانا مش مستريح
ضحكت بخفة عليه ولم ترد ، لكن هو حقا بقي متحفزا لاي عيون تنظر لهم ، تلك التي تجاوره خاصة به وحده
لا يحق لغيره ان ينظر لها حتي ...

تنهدت ملك بحزن وهي تراقبهم من بعيد ، هانيا تخرج من عيونها انذارات الحب واضحة ، يظهر علي ساعدتها الحقيقية فرحتها بالامر ، لكنها رغم ذلك ستفعل وستنتقم

تقدمت منهم اخيرا ومعها نيرمين عمة سراج ، بـ يد نيرمين كان هناك مغلفا رقيقا ازرق اللون ، بداخله طقم من الالماس الصافي ، يعد شبكة لتلك العروس
وصلوا لهم وبدأت العيون تنظر لهم بحماس ، تجمع البعض حولهم كذلك
امسك يدها وضع فيها خاتما ماسيا غير ذلك الذي وضعه يوم ان اعترف بالحب ، ثم دبلة اخري رقيقة
كذلك شبك حول رقبتها عقدا من الالماس كان ملاءما لبشرتها الخمرية الفاتحة جدا
امسكت هي يده ، ادخلت فيها محبسه الفضي
وبهذا تم الاعلان عن خطبتهم سويا ،
اعلان علي نجاحها لحتي الان ، فهو يقبع بين يديها ، بين دائرة مخططاتها ، كما يقبع اصبعه بين دائرة فضية صغيرة .... تستطيع ان تتلاعب به الان كما تريد

كانت نيرمين تتحرك بين الحاضرين بخفة ، رسمت بسمة جميلة علي شفتيها كذلك ، تتأكد من راحتهم وما الي هذا ، وقفت فجأة وهي تري السيد محمود امامها ، لم تراه منذ ان جاء من الخارج ، حاولت ان لا تتجمع طرقهم
فكانت تعرف ان ما تشعر به الان كان سيحدث سابقا فكان من الافضل الا تقابله
ها هو قلبها ينبض بعنف ، تعرقت اطراف اصابعها اثر خجلها البين ، لا تعلم لكنها شعرت وكأنها مراهقة تقابل حبيبها لـ اول مرة
قطع اخر خطوات تفصل بينهم هو ، ثم خرج صوته بشوق:-
_نيـرميـن
اغمضت عيونها لفنية من الزمن بحنين ثم فتحتها ، لم تعرف ماذا عليها ان تفعل ، وجدته يمد يده لها ، فأصابها الارتباك ، وهي تمنحه يدها كذلك
قشعريرة اصابتها من اعلي عمودها الفقري لنهايته عندما تلامست ايديهم
لمح نور الدين ونجوان .. الاثنان ، فأسرع نور الدين لهم يعلم خجل عمته واحراجها فأسرع لها ليساعدها في محنتها

مد يده لـ السيد محمود عندما وصل و قال باسما:-
_نورتنا يامحمود بية
افلت يده من نيرمين ووضعها بين يديه مجيبا:-
_بنورك يانور يابني
ثم اقتربت نجوان تحتضنه بحب كذلك
بينما استأذنتهم نيرمين سريعا واختفت بارتباك وعيون السيد محمود تراقبها بعشق...
****
_ لازالت الكوابيس تراوده _

الايام تمر بسعادة صباحا ، ابتعد عن كل سئ بفضلها ، اقتلع التدخين ، ابتعد عن الخمر ، هجر السهر ، باتت هي محور حياته ، يحب ان يسمع صوتها بالصباح بعد ليلا ملئ بالكوابيس
نعم كوابيس لم يقصها عليها لحتي الان ، زادت فجعة الكوابيس بعدما ظن انها انتهت علي يدها ، ذلك الحادث الذي كان سيفعله بيوما ما ، ادخله في نزاعات من السواد ، بات يخشي الظلام بسبب تلك الكوابيس
الدم عندما يلمحه يصابه الجنون ، لذلك نور الدين منذ وقت الحادث يمنع الجميع من مشاهدة افلام الرعب ، وغيرها

لا يمر يوما الا اذا تقابلا ، ولا يمر يوما الا اذا كان يزداد حبها في قلبه اكثر ، كثرت مفاجأته الشيقة ، علم انها لا تهتم بالمال بقدر السعادة
فدوما كان يسعدها بابسط الاشياء التي كان يعلم انها تعني لها الكثير

_غمضي عيونك

قالها لها وهو يخرج من اسفل طاولة المطعم صندوقا ورقيا ، حجمه متوسط ، فعلت هي ما امر ، نزع عن الصندوق غطاءه ثم همس:-
_افتحي عيونك
فعلت ما قال فوقعت عيونها علي قطا ابيض اللون ، عيونه زرقاء ، كان حجمه صغير للغاية ، كادت تصرخ من فرط حماسها لكنها باللحظة الاخيرة وضعت يدها علي فمها
مدت يدها تخرجه من خارج الصندوق ، ثم قالت وهي تتحسسه:-
_دا ليا انا ؟!
اؤما بنعم وعلي وجهه بسمة واسعة لـ الغاية و:-
_ملك قالتلي عن قطك اللي مات وانك مش لاقيه نفس نوعه ، حاكتلي عن زعلك عليه ، دورت علي النوع كتير واخيرا لقيته
احتضنت القط بيدا واحدة ثم مدت اليد الاخري تمسك بها خاصته ، نظرت لعيونه تقول بصدق:-
_شكرا ، شكرا لانك بتقدملي كل حاجة بتبسطني من غير مقابل
ربت علي يدها الماسكة ليده ، بيده الاخرة مجيبا:-
_المقابل بتاعي واللي بيسعدني ضحكتك وسعادتك ياهانيا ، كل ما بتفرحي انا بفرح ، وانا عايز افرح فبفرحلك

صمت ثم اكمل بجدية:-
_لو انا استنيت مقابل لكل حاجة بعملهالك غير سعادتك ، يبقي انا مش بعملها علشان بحبك ، كدا ببقي بعملها علشان تتردلي بطريقة تانية ، دا كدا مسمهوش حب ، اسمه تبادل منفعة ، تبادل هدايا ، تبادل كل حاجة ... الا تبادل المشاعر

ابتسمت لحديثه الجاد ، ثم نظرت له بتقدير اكبر ، هو ليس كما يظهر ابدا ، كـ شاب مستهتر ، تافه ، لعبي
بل هو رزين لـ الغاية وبخصوص قصص الحب والمشاعر تخرج من فمه الحكم وقتها ...

بقلم زينب سمير

امسك نور الدين كوبا من الشاي اخذ يرتشف منه وهو يقرأ كتابا بـ مكتبه الموجود بالمنزل ، انتهي منه فمد يده به ليضعه علي الطاولة ، كانت عيونه مازالت ناظرة لـ الكتاب منتبها له ولكلماته الشيقة
لكن بدلا من ان يضع الكوب علي الطاولة وضعه علي الـ لا شئ فـ سقط علي الارض
انتفض تاركا الكتاب ثم اتجه لـ الارضية
راح يلمم قطع الزجاج بعجل ، بالخطأ جرح اصبعه جرحا غائرا ، قد دخل فيه ايضا قطعه صغيرة من الزجاج
ضغط علي اسنانه بوجع ، ترك كل ما قام بجمعه
وتوجه لـ الخارج فورا ، كانت نيرمين ونجوان يجلسا ببهو المنزل كالعادة

هتف وهو يمسك يده بيده الاخري:-
_عمتي عايز.....

قطع حديثه دخول سراج لـ المنزل انتبهوا له ، نظر نور الدين لـ يديه التي راحت الدماء تنزف منها ، قبل ان يخفييها خلف ظهره لمحها سراج ، تطلع لها بهلع واضح
واتسعت عيونه ، تنهد نور الدين بقلة حيلة ولم يعرف ماذا عليه ان يفعل ، تناسي وجعه سريعا متقدما منه وهو يقول بصوت هامس:-
_سراج .. سراج انت سامعني

راح سراج يهز رأسه بعنف وهو مغمضا عيونه صائحا:-
_دم .. دم ، متموتش ارجوك متموتش
طالعته نجوان بعدم فهم وحزن ، اما نيرمين فأخذت ترمقه بقهرة ، ظل يلكزه نور الدين بكتفه بعنف لعله يفتح عيونه ، بالفعل فتحها واول ما وقع نظرة عليه يـد نور الدين الجريحة وقطرات الدماء التي تتساقط منها

فلم تمر لحظات عليه حتي كان يسقط علي الارض بتعب وهو يهمس:-
_انا السبب ، انا السبب

_مش بيرد
نطقت بها هانيا بضيق وهي تجول الغرفة ذهابا وايابا امام ملك الناظرة لها بضيق ، عادت تحادث ياسر مرة اخري لكن ايضا لا يوجد رد
خرج صوت ملك المتضايق:-
_انتي لسة مصرة تعملي اللي في دماغك دا !
اؤمات بنعم بتأكيد واصرار ، فصرخت ملك:-
_حرام عليكي تدميريه كدا ياهانيا
هانيا بصراخ مماثل هي الاخري:-
_وهو مكنش حرام عليه لما قتل اخويا ، والله اعلم قتل مين غيره والبية الكبير داري عليه عملته زي ما عمل مع اخويا
ملك:-
_ممكن ميكونش قتله ، اية يثبتلك ان كلام الراجل دا صح
جلست علي مقعدا يوجد بغرفتها هامسة:-
_لانه مش هيكدب عليا من غير سبب ، بعدين انا بقولك شوفته ، شوفت العربية وهي بتخبط اخويا ياملك في الفيديو

تنهدت ملك بضيق ، لا تعلم ماذا عليها ان تفعل
لكن لحظاتت وعادت تقول:-
_بس انتي بتحبيه ياهانيا !
قالت بعيون غاضبة ، ملامح مليئة بالكره:-
_مش معني اني بحبه اني هضيع دم اخويا

عَلي رنين هاتفها اخيرا بأسم ياسر ، امسكته واجابت سريعا:-
_الـو ياياسر ، جهزتلي طلبي ؟ زي ما اتفقنا عايزة الكمية الكافية اللي تخلي الواحد مدمن ...
****
ياتري هانيا ناوية علي اية بالظبط ؟

google-playkhamsatmostaqltradent