Ads by Google X

قصة العذراء والثري كاملة - من الفصل الأول إلى الأخير

الصفحة الرئيسية
قصة العذراء والثري بقلم مريم غريب كاملة جميع الفصول من الفصل الأول إلى الفصل الأخير

الفصل الأول من قصة العذراء والثري

سمع صوت طرقات خفيفة علي باب مكتبه فرفع نظره عن تلك الأوراق المتناثرة من حوله وأذن بالدخول لمن يطرق ! ..
دلف إليه رجلا قد بلغ نصف عمره عل الأرجح .. مظهره وقور نوعا ما ورغم هيئته العالية وسنه الكبير إلا أنه يعزز ويحترم رب عمله ..
وهو ذلك الشاب الذي قد بلغ لتوه الثلاثين من عمره .. مجرد ثري عتيق كما يصفه الجميع مقارنة مع الأثرياء الجدد الكثيرين

لا أحد يعلم من أين جاء .. لا أحد يعرف عنه سوي سيرته الذاتية الخاصة بعمله وقصته مع النجاح ..
فـ هو إستطاع خلال سنوات قليلة أن يجمع الملايين وسط شائعات متضاربة حول ماضيه و أعماله ..

البعض قال أنه من أصل أرستقراطي عتيق و اخرون يؤكدون أنه كافح بصلابه و قاتل بشجاعة لينتقل من ضواحي مدينة القاهرة القديمة المتسمة بالفقر إلي مصاف الأثرياء ! ..

ومهما كان الأمر فإنه صاحب شخصية جادة واثقة وقاسية إلي أبعد حد ... إلي أن يبتسم .. عندها فقط يظهر سحره الأخاذ ووسامته الطاغية المتمثلة في أسنان لؤلؤية متاقضة مع بشرة سمراء برونزية وعينين عسليتين تشعران المرء بإنهما تخترقان المظاهر إلي الأعماق ! ..

فلا يجرؤ أحدهم علي الجدال في شخصيته لا نساء و لا رجال ..
فـ هو رجلا إستطاع ان يجبر الناس أجمع علي إحترامه و تقديره في أي مكان يضع قدمه به ..

كانت لهجته آمره حينما قال لموظفه المسن حديثا:
-تعالي يا كمال .. أدخل و أقفل الباب.
أطاع الرجل أمره دون كلمة أو حركة إضافية ثم وقف للحظة جامدا بمكاانه وراء مصراعي الباب وعيناه تحدقان فيه بقلق إلي أن شعر هو بإنزعاج مثقل من نظراته فقال:
-في إيه يا كمال ؟ .. مش قلتلك أدخل ! .. تعالي أقعد.
هذه النبرة وترته كثيرا فأجابه بتعلثم:
-مـ ما أنا داخل أهو يا سليم بيه.
فقال"سليم"رافعا حاجبيه بدهشة مشيرا إليه بالجلوس قباله:
-أقعد يا كمال.

تقدم المدعو"كمال" وجلس بمقعد قرب المكتب .. بينما وضع"سليم"يده ذات الأصابع الطويلة القوية علي ذراع مقعده وخاتمه الألماس يلمع في أصبع يده اليسري ثم قال دون أن يغير شيئا من ملامحه الباردة:
-هاه .. إيه الأخبار؟؟
تنحنح"كمال"بتوتر قبل أن يقول بأسف:
-مش عارف أقولك إيه؟!
صمت"سليم"تماما لعدة ثوان ثم تنهد وقال بإبتسامة صغيرة:
-رفضت .. مش كده؟؟

نظر إليه"كمال"مليا قبل أن يسرد عليه الأتي:
-يا ريهام يا بنتي فكري .. الفرصة مابتجيش إلا مرة واحدة في العمر وبصراحة إنتي عمرك ما هتلاقي حد زيه أو في مستواه ده مافيهوش غلطة يابنتي .. وبعدين ده كفاية بس المهر إللي هيدفعه .. مليون جنيه.
-أنا مش سلعة للبيع يا أنكل كمال .. هو مش هايشتريني بفلوسه وبعدين ما البنات كتير إشمعنا أنا؟!
-هو شاف صورتك في مكتب والدك وعجبتيه فطلب إيدك منه وعلي فكرة محمود بيه موافق جدا وهايبعت يجيبك من البلد عشان تتعرفي عليه.
-مستحيل يا أنكل أنا ليا كلام مع بابا في الموضوع ده .. الكل عارف وبما فيهم بابا إني مستنية نادر أبن عمي لما يرجع من السفر عشان نتجوز .. ماقدرش أخلف وعدي ولا بابا كمان.
-يابنتي دي أمور بتهدد مستقبلك .. فكري في الحظ إللي جالك ده شاب صغير و معاه ملايين وشاريكي يعني هياخد باله منك وهايحبك.
-يا أنكل كمال ماتضيعش وقتك الموضوع بالنسبة لي منتهي أصلا ومش هفتحه تاني إلا مع بابا عشان ينتهي خالص.

فرغ"كمال"من سرد تلك التفاصيل علي"سليم"ثم هز كتفيه بأسف قائلا:
-كنت أتمني أجبلك أخبار ترضيك يا سليم بيه.
فقال"سليم"بثبات وهو يحدق فيه بهدوء من خلال عينيه نصف المقفلتين:
-خلاص يا كمال .. خلاص .. إنت عملت إللي عليك.
-بس كنت حابب أبرر لها موقفها يا سليم بيه .. لاحظ إنها فعلا ماتعرفكش وعمرها ماشفتك عشان تاخد قررها بالجواز منك البنت عندها حق شوية أنا بقول لو ستنـ ...
فقاطعه"سليم"بقوة قائلا:
-كمال .. خلاص .. قلتلك إنت عملت إللي عليك .. تقدر تتفضل دلوقتي.
ثم أشار له بالخروج وعاد برأسه علي ظهر مقعده يفكر بعمق بينما"كمال"يسلك طريقه إلي الخارج وهو يجر خلفة أذيال الخيبة ! ....

بقلم الكاتبة مريم غريب

إختفت بلدة"ريهام"الريفية الصغيرة وسط الضباب الكثيف الذي توسطه ذلك القطار السريع المتجه نحو مدينة القاهر ...

أخذت"ريهام"تراقب بشغف عبر النافذة الزجاجية للقطار ذلك المنظر الإلهي البديعي .. حيث حقول القمح التي تلتمع برونق ساحر تحت آشعة الشمس الذهبية .. :
-مابقاش فاضل كتير .. كلها نص ساعة بس و نكون في القاهرة.
أفاقت من تأملها علي صوت ذلك الشاب الغريب الذي أرسله لها والدها ليصطحبها معه إلي القاهرة ..
أدارت"ريهام"رأسها إليه فوجدته مستند برأسه علي المقعد بجانبها .. فإبتسمت بلطف قائلة:
-بصراحة دي أول مرة أنزل القاهرة .. أنا أصلا خايفة شوية و قلقانة.
فقال في إبتسامة قصيرة:
-ليه بس .. مافيش أي داعي للخوف .. لسببين .. أولا أنا معاكي .. ثانيا لأنك بنت شكلها محترم في كل حاجة فيها وماشية تمام في حالها فعمر ما حد هايقدر يرفع عينه فيكي خصوصا إنك مش في مناطق مهجورة المدينة والمناطق المجاورة عمرانه ومش كل الناس زي بعضها.
-عموما إنت طمنتني شوية.
قالت هذا مبتسمة ثم تنفست بعمق بينما أستفسر الشاب:
-أنسة ريهام إنتي عمرك أد إيه؟؟
أجابته"ريهام"بهدوء:
-أنا كملت عشرين سنة من شهرين بالظبط.
-مم .. بتدرسي؟؟
أطلقت"ريهام"ضحكة خفيفة ثم قالت:
-واضح إنك مافهمتش أنا قلتلك إيه من شوية .. بص حضرتك .. أنا كنت بدرس و أكتفيت بالثانوية العامة لأني لو كنت حبيت أكمل كنت هضطر أتنقل للقاهرة مع بابا وأنا لسا كنت بقولك
دلوقتي إني بخاف من الإختلاط و من الناس عامة من كتر العزلة يعني بقيت أخاف من الإختلاط انا حياتي كلها في بيتي تقريبا مش بخرج أبدا ده أنا جيت معاك بالعافية.
-بس مش غريبة يا أنسة ريهام .. واحدة جميلة زيك يعني تحبس نفسها كده في بلد ضيقة جوا بيت أضيق إنتي إللي والدك عنده قصور !!
-أنا مش متضايقة .. بالعكس أنا مبسوطة حبة وحدتي.
-وحدتك ! .. هو إنتي قاعدة في البيت لوحدك؟؟
-تقريبا كده .. أصل ماما ماتت من زمان و بابا أضطر يستقر في القاهرة عشان شغله وسابني أنا بقي في البيت تحت رعاية عمي وتقريبا يعني عايشة معاه لأن البيت جنب البيت.
كان يحدق فيها بقوة مبتسما فإضطربت"ريهام"قليلا ولكن سرعان ما إستعادت سيطرتها علي نفسها إذ أنها أشاحت بوجهها بعيدا عن نظراته الثاقبة التي لم تكن معتادة عليها قط ..
حتي تراءت لها كلمات والدها و الموظف"كمال" .. فـ هاهي ذاهبة .. إنها حقا في الطريق إلي هناك لحسم أمر زواجها من رجلا والدها مصر عليه أصرارا جامحا فقط لأنه ثري ! ..
لأول مرة تشعر"ريهام"بالمعني الحقيقي للخوف ..و ما أزاد من توترها أكثر فأكثر تفكيرها فيما هي مقدمة عليه من مجابهة قوية سيكون الخصم فيها هو والدها ...

-أنسة ريهام لو مافيهاش قلة ذوق وحشرية يعني .. لما إنتي مش حبة الإختلاط بالناس زي ما قلتي .. إيه إللي جبرك تيجي؟؟
كلام ذلك الغريب أعادها إلي الحاضر ثانية فإبتسمت قائلة:
-أصل بابا عايز يعرفني علي شريكه إللي طلب إيدي منه.
-أاااه .. و ياتري إنتي موافقة؟؟
-بصراحة لأ.
-طيب رايحة تقابليه ليه؟؟
-أنا مش رايحة أقابله أنا رايحة أفهم بابا و أقنعه إني مش عايزاه أنا أصلا بحب أبن عمي من زمان ومتفقين علي الجواز .. بس مش عارفة إيه إللي غير رأي بابا بالشكل ده؟!
أستفسر الشاب قائلا:
-هو شريكه إللي طلب إيدك ده أسمه إيه؟؟
قالت"ريهام"بهدوء منتظرة ردة فعله فور سماعه هذا الأسم:
-إسمه سليم شهدي ..
رنت لحظة صمت قصيرة قبل أن تستأنف"ريهام"حديثها:
-راجل الأعمال المشهور ده إللي بيقولوا عليه جمع ملايين في اقل من خمس سنين.
-أه اه .. عرفته.
-بس أشك إنه كسب الفلوس دي عن طريق مستقيم.
-قصدك إنه ماشي غلط؟!
-إللي يجمع الفلوس دي كلها في الوقت القصير ده مش ممكن يكون كسبها عن طريق الحلال.
حدق فيها الشاب قليلا قبل أن يقول و كأنه ألقي دعابة ثقيلة:
-عموما .. إحمدي ربنا إنك ما وقعتيش في الغلطة دي و إنك رفضتيه.
-ليه يعني؟؟
-بيقولوا عليه سمعته وحشة أوي .. تصوري إن في إشاعة بتقول إنه أعتدي علي بنت بتشتغل في بيته عمرها 15 سنة !
شهقت"ريهام"بفزع وخفق قلبها بشدة لهذا القول الدنيء .. ولكنها إستعادت رباطة جأشها إذ قالت له:
-يا نهار إسود .. ده حيوان .. إزاي يعمل كده في بنت صغيرة؟!
زم الشاب شفتيه بلا إكتراث ثم قال:
-عموما هو ما أنكرش الإشاعة و لا حتي أنكر الطفل إللي خلفته البنت من سنة بالظبط وده إللي مأكد ظنون الناس ويقينهم في إنه فعلا عمل كده.
أبتلعت"ريهام"ريقها بتوتر ثم قالت بصوت مرتجف:
-لما هو زبالة كده .. بابا وافق ليه عليه لما طلب إيدي؟! ..
ثم حدقت فيه بقوة متسألة:
-هو بابا عارف الحكاية دي؟!
أجابها الشاب بإيمائه من رأسه ثم قال في إبتسامة قصيرة:
-الدنيا كلها عارفة الحكاية دي يا أنسة ريهام .. دول كمان بيتحاكوا عن مغامراته مع الستات والبنات لدرجدة إنهم أطلقه عليه لقب كسانوفا ! ...
تحولت"ريهام"ببصرها عنه وهي تنظر أمامها للا شيء .. ما زالت مصدومة بما قاله لها ذلك الشاب الغريب .. لا تزال كلماته المفزعة ترن بأذنيها .. تري كيف هو إذن ذلك الرجل المتجبر؟! .. وكيف يثق به والدها إلي هذا الحد لكي يوافق ويبارك زواجهما ؟!! ...

أعادها صوته مرة أخري إلي الواقع:
-وصلنا .. وصلنا خلاص يا أنسة .. أهلا بيكي و لأول مرة في القاهرة !
...
بدأت السيارة الفارهة تبطيء وسط تلك الأشجار الكثيفة .. ثم توقفت كليا مما أتاح لـ"ريهام"أن تلقي نظرة سريعة علي البناء الأبيض المنخفض المحاط بكل تلك الخضرة .. :
-أوووه .. إيه ده؟! .. هو ده بيت بابا؟؟
سألت"ريهام"مندهشة فأجابها الشاب بإبتسامة ناعمة:
-وبيتك يا أنسة ريهام.
ظلت"ريهام"تتفحص المكان من داخل السيارة عبر زجاجها الشفاف بينما قال الشاب:
-أنا كده أديت مهمتي لحد دلوقتي ووصلتك .. ومضطر بقي أستأذن دلوقتي لأن لسا ورايا حاجات مهمة بصراحة لازم أعملها .. محمود بيه مستنيكي جوا.
عجزت"ريهام"عن الرد عليه فأكتفت بهزة من رأسها ثم فتحت باب السيارة وتقدمت بخطاها صوب باب ذلك القصر الفاخر .. بينما راحت عيناها تقيسان المكان من أعلي إلي أسفل من كل جوانبه مستمتعة بتلك المناظر الخلابة التي ذكرتها قليلا بمشهد الشروق الذي لطالما كانت حريصة كامل الحرص علي أن تراقبه فجر كل يوما جديد ! ...
و أخيرا وجدت الكلمات المناسبة لوصف المكان فقالت:
-قطعة من أحلامي ! ...
فرن بأذنها صوت مرح:
-أحلامك أوامر يا ريهام هانم.
ألتفتت"ريهام"نحو مصدر الصوت .. فإذا بفتاة ذات قامة متوسطة وملامح بسيطة صافية دلت علي صغر سنها البادي عليها بشكل ملحوظ .. إبتسمت"ريهام"ببساطة قائلة:
-صباح الخير.
فردت الفتاة التحية بتهذيب مع إبتسامة صادقة:
-صباح النور يا هانم .. أنا كنت مشتاقة جدا أشوف حضرتك علي الحقيقة مش في صورك إللي جوا بس .. و بصراحة إنتي أحلي بكتييير من الصور.
إبتسمت"ريهام"بحياء ثم قالت:
-ميرسي ليكي أنا متشكرة أوي علي المجملة الرقيقة دي.
-مش بجاملك يا هانم دي حقيقة.
-شكرا بردو بس هطلب منك طلب.
-أأمريني.
-أنا أسمي ريهام مش يا هانم تمام؟!
-العفو يا هانم العين ماتعلاش عن الحاجب بردو.
-ههه يا ستي عين وحاجب إيه بس .. بصي لو سمعتك قلتي يا هانم تاني هزعل منك ومش هرد عليكي.
-يا نهاري .. أومال أقولك إيه طيب؟؟
-ناديني بأسمي.
-ماينفعش يا هانم.
-بردو يا هانم؟؟
فتعلثمت الفتاة فقاطعتها"ريهام"قائلة:
-خلاص خلاص .. هقولك علي حل كويس .. لما نكون لوحدنا أنا ريهام .. ولو الحكاية طالبة رسميات أوي يبقي قدام الناس أنسة ريهام .. ماشي؟؟
فقالت الفتاة باسمة:
-ماشي يا .. يا ريهام.
-أيوه كده.
-محمود بيه مستنيكي جوا في الهول الكبير.
-طيب ممكن توديني للهول الكبير ده عشان ماعرفش طريقه.
-يسلام .. بس كده أمرك .. أتفضلي معايا.
ثم خطت الفتاة سالكة طريقها إلي الداخل تتبعها"ريهام"بخطي ثابتة إلي أن أوصلتها عند والدها ..
كان يجلس علي أحد المقاعد الوثيرة يدخن نوع من أنواع تبغه المفضل حينما لاحظ وجودها قفز واقفا بمكانه ثم علت شفتيه إبتسامة عريضة وفتح ذراعيه داعيا أبنته للسكون بينهما فأسرعت"ريهام"راكضة إلي أحضان أبيها حيث توسدت صدره باكية بصمت فربت علي شعرها بلطف قائلا:
-ريما .. وحشتيني يا روحي وحشتيني أوووي.
-وإنت أكتر يا بابا .. وحشتني أكتر والله.
قالتها بصوت مبحوح وهي نصف باكية بينما قال الوالد بعتاب:
-ياما إتحايلت عليكي تيجي تعيشي معايا هنا .. وكنتي دايما بترفضي . شفتي حرمتيني منك إزاي؟! .. بس خلاص بقي أنا مش هسمحلك تبعدي عني تاني أبدا عشان كده هجوزك لسليم.
أحست"ريهام"بجفاف في حلقها فور تفوه والدها بذلك فرفعت رأسها إليه ثم قالت بجمود:
-بابا .. أظن إني بلغتك رأيي قبل ما أوصل هنا.
تبدلت ملامح والدها بصورة سريعة كذلك نبرة صوته إذ أنه قال بحدة:
-يعني إيه يا ريهام؟ .. هتكسري كلامي ! .. أنا أديت كلمة للراجل وماينفعش أرجع فيها.
-بس يا بابـ ...
قاطعها بقوة قائلا:
-بس .. أنا مش عايز مناقشة دلوقتي.
-أومال نتناقش أمتي يعني حضرتك؟!
نظر إليها والدها متفحصا مظهرها وثيابها بعدم رضا ثم قال:
-لما تظبطي نفسك كده الأول .. يلا اطلعي أستحمي وألبسي من الهدوم إللي في دولابك فوق وأرمي الزبالة إللي جايباها معاكي دي .. إنتي ناسية إنتي بنت مين؟! .. للأسف أنا إللي غلطان مش إنتي .. أنا إللي غلطان عشان سمعت كلامك وخليتك قاعدة في البلد مع عمك.
ثم صمت لبرهة وتابع:
-يلا .. أطلعي أعملي إللي قلتلك عليه و أنزلي علطول.
تنهدت"ريهام"بضيق ثم ألتفتت لتجد تلك الوصيفة لا تزال موجودة بقاعة الجلوس .. وبدون ان تنطق بحرف إبتسمت ثم خطت أمامها لتوصلها إلي غرفتها ...

عندما تركتها الفتاة في غرفتها و أغلقت الباب وراءها .. أخذت"ريهام"تتأمل بإعجاب بالغ تلك السجادة السميكة التي تغطي الأرضية الخشبية .. و المفروشات الأنيقة الجميلة ومصابيح الزيت النحاسية التي تستخدم أحيانا عوضا عن إنقطاع الكهرباء ..
شعرت"ريهام"بسرور عارم لأنها وجدت كل ما كانت تتمناه في إنتظار مجيئها فقط ..
ولكنها توترت فجأة حينما تراءت لها صورة ذاك المجهول الذي لم تعرف حتي الأن شيئا عنه سوي أسمه وبعض المعلومات عنه و التي أفزعتها .. وضعت يدها علي عنقها في حين إزداد خفقان قلبها ..
مجرد التصور فقط بأن هذا الرجل يريد لمسها بعث بالقشعريرة بجسدها كله ..
وتذكرت تلك الفتاة الصغيرة ذات الخامسة عشر ربيعا و التي أعتدي عليها و أتخذها عنوة .. إنها الأن في السادسة عشر وطفلها من هذا الرجل قد بلغ عاما فقط ! رباه ..
أرتجفت"ريهام"من تلك الأفكار وتساءلت .. أي نوع من الرجال هو ؟ .. كيف إستطاع أن يفعل ذلك بفتاة لم تتجاوز بعد مرحلة الطفولة ؟! .. كيف وجد المتعة معها ؟! .. لابد و إنه مريضا أو كان له غاية في ذلك لا يعرفها سواه ! ...
طردت"ريهام"كل الأفكار من رأسها وصارت صوب الحمام الملحق بغرفتها الفسيحة .. فأغتسلت و خرجت ثم إتجهت نحو الخزانة و فتحتها .. أنتقت منها رداء باللون الأحمر ولما أنتهت من كل شيء .. راحت تتأمل ذلك الفستان الجميل الذي جعلها كـ ملكة فاتنة عادت للتو من العصور الوسطي ..
لم تكن قد أرتدت في حياتها كلها فستانا مثله ولذلك شعرت بالإرتباك جراء المظهر الجديد الذي ظهرت فيه .. فقد ترك الفستان و مساحيق التجميل الخفيفة أثرا واضحا عليها ..
وأدركت لأول مرة أن لها جسدا متكاملا فاتنا إذا ما وضعته في الإطار الصحيح .. حيث أن قوامها رشيق مكتنز ومتناسق يشع فتنة ودلال .. وشعرها الكستنائي الفوضوي تجمع في خصل حريرية الملمس و المرآة التي تنظر إليها في الغرفة تعكس شكلا لابد و أن يدير رؤوس معظم الرجال إليها إن شاهدوها ! ...

سمعت"ريهام"طرقا علي الباب ثم رأته في المرآة يفتح .. فألتفتت نحو وصيفتها التي دخلت مبتسمة وقالت لها:
-ماكدبتش لما قلت عليكي جميلة.
قهقت"ريهام"بخفة ثم قالت:
-إيه رأيك ؟ .. بجد حلوة ؟ .. اصلي أول مرة ألبس فستان بالشكل ده اول مرة ألطخ وشي كده أصلا علي الله أكون عرفت أظبطه أصلا كنت خايفة أعك.
أطلقت الفتاة ضخكة خفيفة ثم قالت:
-لا يا أنسة ريهام إنتي زي القمر بميك أب أو منغير وعلي فكرة إنتي ماعكتيش ولا حاجة كله تمام و إنتي حلوة اوووي.
إبتسمت"ريهام"بحياء قائلة:
-شكرا يا ... تصدقي أنا ماعرفتش أسمك إيه لحد دلوقتي؟؟
-أنا أسمي حنان.
-أسمك جميل زيك يا حنان.
-شكرا يا انسة ريهام .. محمود بيه بعتني ليكي بيستعجلك عشان الغدا.
أومأت"ريهام"برأسها ثم قالت:
-أنا جهزت خلاص ونازلة أهو.

ألتقت"ريهام"مرة ثانية بوالدها الذي وجدته جالسا بحجرة الطعام يترأس المائدة التي وضع عليها ما لذ و طاب من الكلاء و الشراب ..
ألقت عليه التحية برقة ثم جلست بجواره بينما أخذ ينظر إليها بإعجاب وفرح ثم قال:
-ما شاء الله .. والله و كبرتي يا ريما .. ليا حق بقي أوي إني أجوزك ده سليم ده بخته من السما والله.
تطلعت"ريهام"إلي والدها بضيق ثم قالت بحدة:
-يا بابا من فضلك بطل بقي تتكلم في الموضوع ده .. أنا جيت عشان أقعد معاك مش عشان أتجوز الباشا ده .. دي نقطة .. النقطة التانية بقي .. إنت ناسي نادر .. ناسي إن إحنا في حكم المخطوبين يا بابا؟!
تنهد الوالد بعمق ثم قال:
-بصي يا ريهام .. أنا أبوكي و أدري بمصلحتك .. نادر أبن عمك ماينفعكيش .. إنتي عيشتي في مستوي مش بتاعك بما فيه الكفاية و سيبتك علي راحتك خالص .. بس أن بقي الأوان أن بنتي ترجعلي و تعيش معايا و تتجوز راجل يستاهلها و يعرف يحافظ عليها و يحميها من أي حد و من أي حاجة .. و أنا شايف إن مافيش غير سليم بس إللي يقدر يوفرلك كل ده .. لأنه قدر يثبت نفسه في سنين قليلة ومعروف بقوته و بشخصيته الحادة الصغير قبل الكبير بيحترمه كل الناس بتعمله ألف حساب و دون عن ستات وبنات كتير إختارك إنتي لمجرد إنه شاف صورتك بس ..
وعلي فكرة بقي .. هو جاي كمان شوية عشان يتعرف عليكي.
قطبت حاجبيها بإستياء ثم قالت بغضب:
-إنت بتحطني قدام الأمر الواقع يا بابا ؟! .. طيب أنا بقي مش هقابل حد.
-ريهام.
هتف بحدة .. ثم تابع:
-بلاش تصرفات أطفال الراجل علي وصول.
-يابابا بس ماتقولش راجل .. مافيش راجل يعمل إللي عمله.
فسألها مستفهما:
-ليه هو عمل إيه يعني؟؟
-ماتعرفش عمل إيه ؟! .. هما الناس مش بيقولوا عليه إنه أغتصب بنت عندها 15 سنة و مخلف منها كمان !!
فقال مستنكرا:
-يا بنتي محدش يعرف الحقيقة دي مجرد إشاعات الناس بتروجها عشان يبوظوا سمعته بما إنه راجل ناجح وحقق إنجازات ضخمة في سن صغير.
-والله !! .. طيب لما هي إشاعات ماكدبهاش ليه؟؟
فأنفعل الوالد قائلا:
-إنتي مين إللي قالك الكلام ده؟؟
-مش مهم يابابا مين إللي قالي .. انا مش هقابل الحيوان ده يا بابا أنا أقرف أصلا أبص في خلقته بعد إللي سمعته عنه و لازم تعرف إن مش هيكون في أي إعجاب من ناحيتي إطلاقا ! ..
وفي موجة الغضب العارمة لم تلحظ"ريهام"نظرات والدها الشاردة التي راحت تحدق في شيء ما خلفها إلا عندما سمعت صوتا قويا وراءها يقول:
-أرجوكي كملي يا انسة .. انا حابب جدا أعرف رأيك المحترم كامل فيا.
وعندما إستدارت بعد لحظات أتسعت حدقتاها مما رأت فقالت بذهول:
-هو أنت ؟!! ..
google-playkhamsatmostaqltradent