رواية سل الغرام الفصل العاشر 10 - مريم غريب

الصفحة الرئيسية
الفصل العاشر 10 من رواية سل الغرام الجزء الثاني 2 من رواية عزلاء أمام سطوة ماله بقلم مريم غريب
رواية سل الغرام بقلم مريم غريب
رواية سل الغرام بقلم مريم غريب

سل الغرام الفصل العاشر 10 لمريم غريب بعنوان إنتظار ثمين !

حل الصباح الموعود... لذلك اليوم الذي إنتظرته لأشهر.. و كم كان الإنتظار شاقًا بكل ما للكلمة من معنى، خاصةً بعد الوصال المتجدد و إشتعال جذوة الحب بينهما مرةً أخرى

هكذا إرتأى زوجها الحبيب أن يسافر بنفسه خارج البلاد في رحلة عمل هامة ريثما تنتهي المهلة التي وعد بها شقيقها لإتمام زيجته المزعومة من إبنة عمه المطلقة !

اليوم هو يفي بوعده.. إذ عاد من سفرته، و من المقرر بإنه ينتظر حضور زوحته و أخويها هذا المساء بقصر عائلته الجليل حتى يتقدم أخيها رسميًا لخطبة إبنة عمه

و ها هي "سمر" قد إنتهت من تحضير الثوب الذي سترتديه الليلة و أيضًا إختارت رداءًا جميلًا من أجل "ملك"... و الآن لم يبقى سوى "فادي"

ترى كيف دبر حاله !!!

تركت "سمر" كل ما بيديها و توجهت إلى غرفة أخيها فورًا ...

وجدت الباب مواربًا، فدفعته بحذر و هي تهتف :

-فادي !

و خلال بحث قصير رأته يقف أمام فراشه، يستعرض بذلتين قام بشرائهما الإسبوع الماضي من أفخم الأسواق التجارية بالمدنية ...

-تعالي يا سمر. جيتي في وقتك ! .. قالها "فادي" دون أن يشح ببصره عن البذلتين

إقتربت "سمر" منه و هي تقول مشاكسة :

-إيه يا عريس محتاس و لا إيه ؟! .. و ضحكت بخفة

تجاوز "فادي" دعابتها و قال بتركيز شديد و هو يشير بسبابته :

-إيه إللي يليق عليا أكتر في أجواء الليل ؟ الأزرق و لا الكحلي ؟!!

سمر برقة : إنت تليق عليك أي حاجة تلبسها يا قلبي. شاغل دماغك أوي كده ليه إختار أي حاجة

يهز "فادي" رأسه بحيرة أكبر، ثم يقول بصرامة :

-لأ إختاريلي إنتي

إبتسمت له "سمر" قائلة :

-يسلام ! بس كده عنيا

و إلتفتت تنظر إلى أغراضه، عضت على إصبعها و هي تمعن النظر بالألوان و تتخيلهم على أخيها.. لتستقر أخيرًا على شيء ...

-دي يا فادي ! .. صاحت "سمر" و هي تنحني لتأخذ البذلة الزرقاء

مدت ذراعها لتستعرضها على جسمه و هي تقول بيهجة :

-تحفة اللون ده عليك و ماشي مع لون بشرتك جدًا و طولك الفرع ده

همهم "فادي" قائلًا :

-إممم متأكدة يعني ؟ شكلها حلو بجد ؟؟

أومأت "سمر" مؤكدة بقوة :

-جدًا.. بقولك تجنن

أفتر ثغره عن إبتسامة جذابة سعدت "سمر" لرؤيتها كثيرًا، ليصدمها باللحظة التالية عندما أخذ البذلة من يدها و ألقاها بعيدًا، ثم تناول الأخرى و هو يقول ببرود :

-متشكر أوي يا حبببتي على المساعدة. بس أنا هالبس دي.. يلا طرقيني بقى أديتي الغرض

سمر بذهول : بقى كده ياسي فادي بتسرح بيا و كمان بتطردني ؟ آه ياخويا ماكنش العشم

فادي و هو يضحك :

-معلش يا حبيبتي هو ذوقك حلو على عيني و راسي و أنا واثق من ده و الله. بس إنتي عارفة أنا محدش بيمشيني

-إنت هاتقولي ؟! .. غمغمت "سمر" بتهكم

-إنت مابتعملش إلا إللي في دماغك و بس. حتى لو كان مش في مصلحتك .. ثم قالت بحزن :

-كان فيها إيه يا فادي لو كنت نزلت معاك و جبتلك الهدوم دي و كنت تعتبرها هدية من أختك ؟ مش أحسن ما تصرف فلوسك إللي حوشتها من شغلك في تفاهات و إنت داخل على جواز كده !

يتلاشى مرح "فادي" و هو يستمع إلى كلامها، ليقول بلهجة متصلبة :

-100 مرة قولتلك فلوس جوزك ماتخصنيش. عمري ما هقبل أمد إيدي على شلن واحد منهم إنتي فاهمة !!

أجفلت "سمر" مرتبكة حين رأته يكاد ينفعل هكذا، فقالت مبتسمة و هي تحاول تخفيف هذا التوتر :

-هو في شلنات دلوقتي بردو يا فادي ؟!

رمقها بنظرة غاضبة، ثم أدار لها ظهره.. لتتآفف "سمر" بضيق شديد و تدور حوله حتى وقفت مقابله مرةً أخرى ...

-فادي.. ماتبقاش قماص بقى إنت عمرك ما كنت كده. أنا كان قصدي من كلامي إن في فلوسك إللي تعبت فيها و خسرت كتير عشان تجيبها مش لازم تدهورها كده. مش كفاية الطرف الصناعي صممت إنت إللي تتكفل بتمنه و تركيبه رغم إنه كلفك كتير جدًا !

نظر "فادي" لها قائلًا بغلظة :

-أومال كنتي عايزاني أقبل إحسان الباشا جوزك و عطفه عليا ؟ سمر أنا لو النار آيدة في جسمي و هو في إيده ينقذني عمري ما هطلب منه مساعدة.. مستوعبة كلامي ؟

سمر و هي ترمقه مشدوهة :

-كل ده ليه يا فادي ؟ مش الماضي خلاص.. إدفن كله و إتنسى ؟!

-لأ ! .. صاح "فادي" بعنف

فإرتعدت مزدردة ريقها بإضطراب، بينما يكمل مغالبًا ثوران غضبه الذي إندلع بغتة :

-إللي حصل ده أنا عمري ما نسيته لحظة و لا هنساه. بس إنتي أختي.. و واجبي أحافظ عليكي دايمًا و أحميكي مهما حصل. و أغفرلك. خصوصًا و أنا عارف إن كله كان بسببي. مش إنتي لوحدك المسؤولة

تصمت "سمر" أمام إعترافاته الدفينة و ما يخفيه بصدره لكل تلك المدة، الآن فقط تأكدت بأن تلك الخصومة بين أخيها و زوجها لن تزول أبدًا.. مهما حاولت الإصلاح بينهما

جهودها ذهبت سدى ...

-أنا هاروح أجهز ملك ! .. قالتها "سمر" بصوت أبح و هي تتصنع الإبتسامة

ربتت على كتف أخيها الموصول بالطرف الصناعي الجديد و هي تستطرد بلهجة محايدة :

-العربية هاتيجي تاخدنا للقصر الساعة 8.. لسا معاك وقت يا حبيبي !

و خرجت

لتتركه يقف كما هو، لا تخالجه ذرة من الندم على كلمة واحدة قالها.. بل أنه في الحقيقة يشعر بتحسن، و يتوق للمزيد ....

__________________

إجتمع ثلاثتهم داخل غرفة المكتب ...

كان "عثمان" يتكئ بمرفقيه على ظهر الكرسي الذي جلست فوقه أمه، بينما عمه "رفعت" يقف أمام الشرفة الزجاجية المغلقة

يحدق بطلائع الغروب و هو يكرر كلامه مجددًا بلهجة مختنقة :

-مش قادر أصدق إني هاعمل كده في بنتي !!

ينبعث صوت "فريال" الرقيق من خلفه على الفور :

-يا رفعت فات آوان الكلام ده.. إحنا كلنا فكرنا و قررنا سوا. بلاش تقسى على نفسك إنت مش ناقص

-بس أقسى على بنتي ؟!!! .. هتف "رفعت" مستنكرًا و هو يلتفت لينظر إليها

-و إزاي أفاجئها بحاجة زي دي منعير مقدمات كده أقولها في عريس جايلك الليلة و لازم توافقي ؟؟!!!

عثمان بصوته القوي :

-ده القرار الصح يا عمي.. عشان مصلحة هالة أولًا. و بعدين أيوة لازم تفاجئها. مش هايبقى فيها دماغ تفكر و هاتعمل كل إللي إحنا عايزينه. أطرق على الحديد و هو سخن. و صدقني بقولهالك تاني ده عشان مصلحتها

نظر "رفعت" له و قال عابسًا بشدة :

-قولي إزاي مصلحتها مع شخص زي ده ؟ قولي يا عثمان.. خلي بالك أنا سايبك تخطط مسار حياة بنتي. بسمع كلامك بس و موافق على كل إللي بتعمله.. عشان حتة تسجيل سمعتهولي. كأنه وصمة عار. مشاعر بنتي بالنسبة لك ده وصفها يابن أخويا

-عيب الكلام ده يا رفعت ماتقولش كده ! .. هتفت "فريال" بإحتجاج

لينفعل "رفعت" صائحًا :

-أومال أقول إيه ؟ عايزاني أقول إيه يا فريال ؟ بنتي بتحب إبنك و هو مابيحبهاش. رغم كده كنت فاكره هايتجوزها و يقول في عقل باله دي لحمي و دمي كرامتها من كرامتي.. لكن كل إللي قاله مراتي مراتي. مافيش على لسانه غيرها. و المطلوب مني أعمل إيه في بنتي ؟ عشان كل إللي حصلها بسبب حبها له. من أول سفرها برا لما خطب چيچي. لحد طلاقها بعد ما إتجوز و خلف.. أموتها يمكن أرتاح و هي كمان ترتاح !!!

تقوم "فريال" من مكانها و هي تقول بتأثر بالغ :

-بعد الشر عليك و عليها. و الله بقولها للمرة الألف أنا ماكنتش أتمنى زوجة لإبني غير بنتك هالة ! .. و جاءت لتمضي نحوه و هي تكمل بلهجة مواسية :

-و الله يا رفعت إنت ماتعرفش أنا بعتبر هالة إ آ ..

بترت عبارتها فجأة حين شعرت بقبضة إبنها تمسك بمعصمها بلطف حازم.. نظرت له بتساؤل حذر، ليومئ لها بألا تقلق، ثم ينظر إلى عمه و هو يقول واضعًا حدًا للنقاش :

-عمي.. خلاص إنتهينا من الموضوع ده. أنا عملت إللي شفته مفيد لمصلحة الكل. و سبب سفري المدة إللي فاتت دي كلها عشان مصلحة بنتك بردو. أنا ببذل كل جهدي عشان أخليها تشيلني من دماغها و تخف تتعلق بيا أكتر من كده. أرجوك ساعدني.. حياتنا كلنا متعلقة. هالة و سمعتها وسط الناس. و أنا و مراتي إللي عايز أرجعها لبيتها و لإبنها.. صدقني أنانية هالة و هوسها ده مش هايرجع علينا غير بالخساير. كلنا هانخسر. لازم تثق فيا المرة دي

-زي المغسل إللي ضامن جنة ؟! .. تساءل "رفعت" بسخرية مريرة

إلتوى ثغر "عثمان" بإبتسامة خبيثة لا تخلو الغرور و هو يرد عليه :

-بكرة هاتشكرني ! .. ثم قال بجدية :

-صافي و صالح على وصول. أنا بقترح تطلع تتكلم معاها لحد ما يوصلوا عشان لو إتزنقت معاها في الكلام يساعدوك. أهم حاجة مش عايز نظرة و لا كلمة منها غلط الليلة دي.. مفهوم ؟ مش عايز مراتي و أخوها يحسوا بأي حاجة

و ألقى "عثمان" بعض التعليمات الإضافية الأخرى، ثم توجه إلى الخارج و هو يستل هاتفه من جيبه و يجري ذلك الإتصال ...

-أيوة يا بيبي. وحشتيني ! .. قالها "عثمان" بإبتسامة عريضة حين آتاه صوت زوجته عبر سماعة الهاتف

ترد "سمر" بلهجة مقتضبة بعض الشيء :

-و إنت كمان وحشتني.. وصلت البيت بالسلامة ؟

يتجاهل "عثمان" نصف عبارتها و هو يسألها بإهتمام :

-مالك يا سمر ؟ صوتك عامل كده ليه.. إنتي كويسة ؟!

-آه كويسة الحمدلله. مافياش حاجة !

كان يعرف بالطبع مدى صدقها من مجرد كلمة واحدة تنطق بها.. إذ لم تكن بارعة يومًا بالكذب ...

-سمر إنجزي ! .. غمغم "عثمان" بضيق

-لو سمحتي قوليلي مالك ؟ حصل إيه المرة دي ؟؟

سمع تنهيدة قوية تصدر عنها و إستطاع أن يشعر بالدموع في صوتها و هي تقول بصوت متهدج :

-مافيش حاجة.. أنا بس. تعبت. تعبت أوووي يا عثمان

عثمان بقلق : في إيه يا سمر ماتجننيش ؟ لآخر مرة مالك ؟؟؟؟

صمتت لبرهة، ثم قالت بشجنٍ جم :

-محتاجالك أوي. عايزة أرمي كل حاجة من فوق كتافي و أترمي في حضنك و في حضن إبني.. أنا مالحقتش أرتاح معاك... و واقفة على رجلي بالعافية !

عثمان بحنان : كله هايبقى تمام يا حبيبتي. أوعدك هاترجعيلي في أقرب وقت. و محدش هايقدر ياخدك مني تاني.. وحياتك عندي هانسيكي الدنيا كلها. و كل التعب إللي قولتي عليه ده مش هاتفتكري منه حاجة

هذه الإبتسامة اللامرئية أحس بها جيدًا، و شعر بالرضا أكثر عندما سمعها بصوتها و هي تقول واثقة من وعوده :

-أنا لو عليا أجيلك حالًا و عمري ما أسيبك أبدًا.. بحبك !

علت إبتسامته هو الآخر و تنفس بعمق مسرورًا لنجاح مخططاته المدروسة حتى هذه اللحظة ...

__________________

كانت "هالة" تحاول تجاوز أبيها الذي يقف و يسد عليها منفذ باب غرفتها و هو يقول بصرامة :

-يابنتي إثبتي مكانك.. في كلمتين مهمين عايز أقولهم لك

تضرب "هالة" الأرض بقدمها كلأطفال قائلة بغيظ :

-يا بابي بلييزززز وسع. إنت لسا قايل عثمان رجع.. عايزة أنزل أشوفه إبعد بقى !

هز "رفعت" رأسه بقوة قائلًا :

-لأ. مش هاتنزلي غير لما تسمعي كلامي

زفرت "هالة" بحنق شديد و قالت و هي تلو بذراعيها :

-يا بابي عارفة. و الله عارفة.. عثمان قالي على كل حاجة قبل ما يسافر. أنا عارفة إنه طلب إيدي منك و إنت وعدتني إنه لو عملها هاتوافق !

يهدأ حماس "هالة" فجأة، عندما ترى تبدل ملامح أبيها من الصلابة إلى التوتر و التردد ...

-في إيه بابي ؟! .. تساءلت "هالة" بريبة

يتطلع "رفعت" إايها عاجزًا عن الرد بادئ الأمر، لكنه يضطر لمصارحتها ...

-هالة إنتي مش هاتتجوزي عثمان ! .. قالها "رفعت" بأقصى ما أستطاع من حزم و شدة

توسعت عيناها بصدمة، و قالت مفغرة فاها :

-مش هاتجوز عثمان ؟ ليه ؟ إنت رفضته يا بابي ؟؟؟؟

رفعت بنفس التعبير الصارم :

-هالة بقولك مافيش عثمان.. سامعة ؟ مش هاتتجوزيه. و مش عايز أسمع إسمه على لسانك أبدًا إنتي فاهمة ؟!!!

تضاعفت صدمتها أكثر، فألجمت لسانها و أسالت دموعها.. ليستغل "رفعت" الفرصة و يضيف بحسم :

-في واحد تاني جاي يتقدملك إنهاردة و أنا موافق عليه. و إنتي كمان.. لازم توافقي. أنا مش بطلب منك. أنا بقولك إللي هايحصل و هاتعمليه من سكات

هذا كله كثيرًا عليها.. تماسكها يهدد بالإنهيار، لكنها تغلبت على مشاعرها بصورة مؤقتة لتسأل أبيها بصوت مرتعش :

-مين ؟ مين يا بابي ؟!

رفعت بجمود : فادي حفظي.. أخو سمر !

رباه !

ذاك المعاق ؟؟؟؟؟؟؟

لم تكد "هالة" تستوضح أكثر عن صاحب الإسم و سقطت فورًا مغشيًا عليها !!
google-playkhamsatmostaqltradent