رواية بعض الهوى إثم بقلم سارة علي - المقدمة كاملة

الصفحة الرئيسية
بقلم الكاتبة العراقية سارة علي رواية بعض الهوى إثم كاملة عبر مدونة دليل الروايات (deliil.com)
رواية بعض الهوى إثم بقلم سارة علي
رواية بعض الهوى إثم بقلم سارة علي

رواية بعض الهوى إثم بقلم سارة علي المقدمة كاملة

قد يكون الهوى وجع لا ينتهي ... داء لا دواء له .... وإثم يقيدنا به الى الابد ...
ذنب ترفض قلوبنا العتيدة أن تغفره ... فالعشق والغفران لا يجتمعنا الا وثالثهما النسيان ....
والقلوب لا تنسى بل تتناسى ... !
البدايات دوما ما تكون جذابة .... ما عدا هذه المرة ...فبدايته تختلف تماما .... بدايته إعصار مثله بالضبط ....
هربت ...
زوجته العزيزة هربت مع عشيقها ...
كلمات مقتضبة سمعها على لسان خادمه العجوز تؤكد شكوكه التي ساورته مرارا ...
كلمات جعلته يقفز من مكانه ويحمل مسدسه ثم يخرج من غرفة مكتبه غير أبها بصراخ خادمه ولا والدته ...
هبط درجات السلم الطويل بخطوات سريعة راكضة متجها الى خارج القصر العتيد ...
تبعه رجاله ما إن رأوه يخرج من القصر ليستدير إليهم ويهتف بصرامة :
" محدش يلحقني ...."
ثم ركب سيارته السوداء العالية واتجه الى اول مكان خطر على باله عله يجد اية معلومات عنها ...
...........................................................................
أمام كوخ قديم يقع في أطراف البلدة هبط هو من سيارته الفخمة والتي لا تناسب اجواء هذا المكان ...
وضع مسدسه داخل جيب بنطاله ثم اتجه نحو الباب وأخذ يطرق عليها بعنف ...
ما ان فُتحت الباب حتى اقتحم المكان وقبض على ذراع المرأة العجوز التي فتحته ليصرخ بها بنبرة قوية :
" بنتك فين يا حفصة .....؟!"
ارتجف جسد المرأة بالكامل خوفا من هذا الرجل وبطشه الذي يرهب أعتى الرجال وأقواهم ...
" معرفش ...هي مش المفروض تبقى مراتك وعارف مكانها ...."
" بنتك هربت يا هانم ....هربت مع عشيقها وجابتلي العار ..."
هزت رأسها نفيا وإنكارا لما يقوله وقالت بنبرة مستنكرة:
" مستحيل بنتي تعمل كده ...انا بنتي أشرف من الشرف ... "
شدد من قبضته على ذراعها غير أبه بكونها إمرأة في سن والدته وهتف بها بنبرة عالية غاضبة :
" بقولك هربت مني ...وانتي اكيد عارفة هي هربت فين ومع مين ..."
" معرفش ...قلتلك معرفش .."
صرخت به ببكاء ليدفعها بعيدا عنه فترتطم بالحائط خلفها بينما أخذ هو يسير داخل الصالة الصغيرة للغاية ذهابا وإيابا قبل ان يتجه نحوها مرة اخرى قائلا بنبرة قاتمة :
" بصي انا مش عايز امد ايدي عليكي عشان انتي ست كبيرة وقد أمي ....بس لازم تعرفي إنك لو بتكدبي عليا هتاخدي عقاب قد عقاب بنتك لما الاقيها ..."
" بنتي شريفة متعملش كده ابدا ...."
ابتسم بتهكم ولسانه يردد :
" شريفة .... ضحكتيني والله ... عالعموم لازم تعرفي اني هلاقيها وساعتها مش هرحمهما ..."
ثم اتجه خارج الكوخ وقبل ان يغادره وقف للحظة يهتف بها للمرة الأخيرة:
" قولي لبنتك مش عاصي القاضي اللي يسكت عن حقه ... كلها كم يوم وهاجيبها هي وعشيقها ... أخليهم يركعوا قدامي ... يترجوا السماح مني .... وساعتها انا هعرف أتصرف معاهم .."

رواية بعض الهوى إثم

ماذل يحدث حينما نقرر الفرار ...؟! نبحث عن حريتنا المفقودة ...؟! نواجه المستحيل في سبيلها ... ؟! نحارب لأجلها حتى الرمق الاخير ....؟! ولكننا نجبن عند محاولة امتلاكها ...
في شقة متواضعة للغاية تقع في احدى المناطق المتوسطة الحال يجلس هو بجانبها محاولا تهدئتها قدر المستطاع بينما هي تبكي بإنهيار ...
" اهدي يا حبيبتي ...اهدي عشان خاطري ..."
" أهدى ازاي ...؟! انت مسمعتش اللي حصل ....؟! راح لأمي وهددها ... انت متعرفش هو ممكن يعملها ايه .. للاسف انا اتسرعت بهروبي مني ... كان لازم أفكر بيها الأول ..."
" لا يا ياسمين ... انتي متسرعتيش ولا حاجة ... احنا مكانش قدامنا حل تاني ... الهروب كان الحل الوحيد ...ولا انتي كنتي عايزة تفضلي معاه ...."
مسحت وجهها بباطن كفيها بإرهاق واضح قبل ان تهتف بحيرة :
" مش عارفة... بس لو حصل حاجة لماما ساعتها مش هسامح نفسي ابدا ...."
مسك بكف يدها مؤازرا إياها هاتفا بنبرة مساندة :
" مش هيحصل ليها حاجة باذن الله ...."
حل الصمت المطبق بينهما لفترة لا بأس بها حتى قطعت هي هذا الصمت وسألته :
" طب احنا هنعمل ايه دلوقتي ...؟! هنروح فين ...؟!"
أجابها وهو يتفحص ملامحها المرهقة بعينيه :
" هنفضل هنا فإسكندرية ... "
" طب وهنعيش فين فإسكندرية ...؟!"
" هنا مع ايلين اختي ...."
نظرت اليه بعدم اقتناع وقالت :
" طب هي هترحب بينا يعني ...؟! انا أعرف إنوا علاقتك بيها مش كويسه ..."
تنهد لوهلة ثم قال :
" متقلقيش ... ايلين طيبة وهترحب بينا ..."
لم يكن يعلم اذا ما كان يقنع نفسه أم يقنعها ... فهو غير متأكد من ردة فعل إيلين اذا علمت بفعلته ... لكنها لن ترضى عنه بكل الأحوال ....
" انا خايفة اوي يا رامي ... خايفة بجد ...عاصي شخص واصل اووي وإيده طويلة ...خايفة يلاقينا رغم كل اللي عملناه ...."
حاول رامي ألا يظهر غضبه وضيقه من حديثها المستمر عن عاصي ونفوذه فقال محاول طمأنتها :
" متقلقيش يا حبيبتي...باذن الله مش هيلاقينا ...."
اومأت برأسها محاولة الاقتناع بما يقوله هو ...

رواية بعض الهوى إثم بقلم سارة علي

في أروقة احدى المستشفيات الحكومية العامة كانت تسير بخطوات ثابتة تتفقد المرضى حولها وابتسامة مشعة ترتسم على شفتيها ... ابتسامة تمنح أمانا وراحة لمن فقد جزءا من صحته وأصبح مجبورا على البقاء حبيسا بين جدران هذه المشفى ...
انتهت اخيرا من فحص جميع مرضاها واطمأنت عليهم لتخلع ردائها الطبي وتبقى بملابسها البسيطة المكونة من بنطال جينز قديم وقميص ازرق ذو أكمام مربعة تصل الى منتصف ذراعيها مع حذاء رياضي اسود اللون...
خرجت من المشفى واتجهت الى الطريق العام لتركب المترو والذي أقلها الى منطقة قريبة من منزلها قبل ان تمشي سيرا على الاقدام لمدة نصف ساعة حتى تصل الى شقتها ...
وصلت الى شقتها لتفتح الباب وتدلف الى الداخل ... ما ان ولجت الى الداخل حتى خلعت حذائها ورمته على الأرض قبل ان تبدأ بفك إولى ازرار قميصها بينما هي تتجه نحو غرفة نومها الملحقة بصالة الجلوس ...
دلفت الى الغرفة لتنصدم بفتاة لا تعرفها نائمة في سريرها ... صرخت بصدمة لتستيقظ ياسمين من نومها فزعة على صوت صرختها بينما دلف رامي الى الغرفة مسرعا وقال محاولا تهدئتها :
" اهدي يا ايلين ... اهدي دي تبعي ..."
التفتت نحو رامي ترمقه بنظرات حادة قبل ان تهتف بعصبية وهي تقبض على ياقة قميصه :
" وبتقولها بكل بساطة ... ده انت بجح يا اخي ... بجد بجح ... "
" فيه ايه يا ايلين ...؟! ممكن تهدي ... "
قالها بتوسل لتحرر ياقة قميصه اخيرا وتهتف مشيرة بيدها الى ياسمين التي تنقل نظراتها بينهما بتوجس :
" مين دي وبتعمل ايه هنا ...؟!"
أجابها كاذبا:
" دي ياسمين صديقتي ... اتخانقت مع أهلها ومعندهاش مكان تبات فيه الكام يوم دول ...."
اتسعت عينا ياسمين بصدمة ... هو يكذب على اخته .... يخدعها ... وهي لن تورطها معهما بمصيبة كهذه فهي تعرف شر زوجها وإلى اين قد يصل ....
هبت ياسمين من مكانها وقالت نافية جميع ما قاله رامي :
" كدب ....اللي بيقوله رامي كدب ..."
" ياسمين ....!!"
قالها رامي محذرا لتنقل ايلين بصرها بين الإثنين بشك قبل ان تقول لكليهما بصرامة :
" انتوا الاتنين هتحكولي قصتكم ايه وجايين بتعملوا ايه هنا وإلا قسما عظما لأطردكم من هنا ....."
" انا هشرحلك .... "
قالتها ياسمين بتردد لتعقد ايلين ذراعيها أمام صدرها وتقول بترقب:
" احكي ...."
" انا ورامي بنحب بعض ... وانا هربت من جوزي معاه ..."
جحظت عينا إيلين بعدم تصديق بينما أخفض رامي رأسه بخجل ...
" الكلام ده صحيح يا رامي ....؟!!"
اومأ رامي برأسه وهو ما زال مخفضا برأسه لتضرب إيلين كفها بالأخر قبل ان تهتف بحسم :
" انتوا الاتنين تاخدوا حاجتكم وتخرجوا من هنا حالا .... "
" متعمليش كده يا ايلين ... احنا معندناش مكان تاني نروحله ..."
قالها رامي مترجيا إياها وهو يمسك بذراعها لتحرر ذراعها من يده بعنف وتقول بضيق :
" مشكلتكم مش مشكلتي ...انت ازاياصلا تجيب الاشكال دي عندي فالشقة ....؟! جايبلي وحدة هربانة من جوزها ..."
هطلت دموع ياسمين من عينيها لا إراديا وهي تستمع الى كلام ايلين الذي جرحها بقوة ...
"ملوش لزمة الكلام ده يا ايلين ..."
" لا ليه لزمه... دي وحدة هربانة من جوزها ...عايزني استقبلها فبيتي ازاي ..."
قفزت ياسمين من فوق السرير واتجهت خارج الغرفة ليلحق بها رامي بسرعة قائلا :
" رايحة فين يا ياسمين ....؟!"
أجابته وهي تجاهد لتسيطر على دموعها:
" لازم نروح من هنا يا رامي ....اختك معاها حق ... ملوش لزمة نورطها معانا ...."
" مفيش مكان نروحله غير هنا ...معندناش مكان نبات فيه ..."
توقفت ياسمين عما تفعله لتعتدل في وقفتها وتهتف بنبرتها الرقيقة :
" انا هروح لوحدي يا رامي ... وانت هتفضل هنا ...انا مش عايزة اورطك معايا ... كفاية اللي حصل لحد دلوقتي ..."
هتف رامي غير مصدقا لما تتفوه به :
" انتي اتجننتي يا ياسمين ....؟! احنا بدأنا الطريق سوا ولازم ننهيه سوا ...."
" لا يا رامي ...انا غلطت لما دخلتك فالمشكلة دي ... انت عارف عاصي ... وعارف نفوذه وممكن يعمل فيك ايه لو لقاك ... بلاش اورطك معايا اكتر من كده ..."
كانت ايلين تستمع الى حديثهما فخرجت على أثره وهتفت بنبرة قلقة :
" هو جوزك مين وبيشتغل ايه ...؟! وازاي هربتي مني ..؟!"
ابتلعت ياسمين ريقها وقالت بنبرة مترددة :
" بيشتغل رجل اعمال ... بس هو واصل اووي ... "
" ياربي عالورطة .....!!!"
قالتها ايلين بتوتر شديد لتحني ياسمين رأسها أرضا بينما يقف رامي بجوارها هاتفا بحرص شديد :
" انا بحب ياسمين ومستحيل اتخلى عنها .."
" وجوزها هتعمل معاه ايه ....؟!"
سألته إيلين بنبرة جادة ليرد رامي بنبرة خافتة مرتبكة :
" مش عارف ...."
ابتسمت ايلين بسخرية ثم ما لبثت ان قالت بتهكم :
" لا وواثق من نفسك اووي ...."
أشاح رامي وجهه بعيدا عنها بإحراج بينما تنهدت ايلين بقوة وقالت مستسلمة :
" خلاص افضلوا هنا لحد منشوف أخرتها .... "
انفرجت أسارير وجه رامي وقال:
" بجد يا إيلينا ....؟!"
اومأت ايلين رأسها على مضض :
" بجد يا رامي ...."
احتضنها رامي لا اراديا وهو يبتسم بسعادة بالغة ....
نحن نقتطف من القدر لحظات بسيطة ... ربما نجد فيها سعادتنا التي نبحث عنها ...لكننا نتناسى ان هذه اللحظات لا تدوم طويلا ....!

رواية بعض الهوى إثم المقدمة

في غرفة مكتبه كان يجلس على كرسيه يدخن سيجارته بشراهة وهو ينتظر قدوم اتصال من رجاله يخبرونه عن مكان زوجته او عن هوية الشخص الذي هربت معه ...
كان شاردا يفكر بياسمين وما فعلته... كيف تجرأت على تركه والهرب منه ... ولماذا فعلت هذا ...؟!
هو لا يتذكر انه قد أساء لها يوما .... صحيح كان يعاملها بشدة وصرامة ... لكن هذا طبعه مع الجميع ليس معها فقط ..
تذكر حينما طلبت الطلاق منه ... رفض حينها بشراسة لتصر عليه فإضطر أن يضربها ... كانت المرة الأولى التي يرفع بها يده عليها ...منذ ذلك الحين وقد شعر بتغيرها ... ودخل الشك الى قلبه بأن هناك أخر سكن قلبها ...
نفث دخان سيجارته عاليا قبل ان تفتح الباب وتدلف والدته الى الداخل ...
تقدمت نحوه بخطوات ثابتة وجلست على الكرسي المقابل له هاتفة بنبرة أجشة :
" قاعد لوحدك بقالك اكتر من ثلاث ساعات يا عاصي ... ايه رأيك تقوم أوضتك ترتاح شوية ...؟!"
" تفتكري انا ممكن اشوف راحة ومراتي هربانة مني ..."
" طز فيها ....وايه يعني هربت منك . .؟! متحملش نفسك فوق طاقتك ... لاقيتها كان بها ....ملقتهاش يبقى سيبك منها ..."
ضرب عاصي سطح المكتب بيديه وقال بعصبية كبيرة :
" ازاي ...؟! دي مراتي ... عارفة يعني ايه مراتي ....؟!"
نهضت الام من مكانها واقتربت منه واحتضنته وقالت بنبرة مواسية :
" عارفة يا حبيبي ...بس متستاهلش انك تعذب نفسك كده عشانها .."
حرر نفسه من بين احضان والدته بضيق جلي وقال :
" حتى لو ...لازم الاقيها وأحاسبها ...كفاية الي عملته ... دي هانت كرامتي ومسحت بيها الارض ..."
" ما عاش اللي يهين كرامتك يا عاصي ... "
ابتسم ساخرا وقال بمرارة لم يستطع اخفائها :
" للاسف عاشت وعملتها ..."
" انت السبب ....ياما قلتلك انها متنفعكش ... مش هي البنت المناسبة ليك ...بس انت اصريت عليها ... "
" كانت مناسبة ليا ...ابوها شريكي ... غنية زيي وجميلة ومن عيلة معروفة ...."
" يابني الحب اهم من ده كله ... "
" ومين قال إني محبيتهاش .... انا منكرش انوا كنت صارم معاها شوية بس حبيتها ... حبيتها اوي ... وبعدين مش الحب ده اللي خلاها تبيعني وتهرب مع رجل تاني ...."
حاولت والدته أن تهون عليه فهتفت به وهي تربت على ظهره:
" انساها يا عاصي ...بكره ربنا ينتقملك منها ... "
انتفض من مكانه وقال بغضب :
" انساها ايه بس ...؟! انا لا يمكن ارتاح ولا يهدالي بال الا لما الاقيها واجيب حقي منها ...."
رن هاتفه فحمله بسرعة وأجاب عليه دون ان ينتبه لإسم المتصل ليأتيه صوت رجله وذراعه الأيمن قائلا:
" عرفته يا عاصي بيه....وجبتلك كل المعلومات اللي تخصه ..."
" مين هو ...؟!"
" رامي شهاب عز الدين ... شاب صايع ملوش شغلانة معينة ....عايش فشقة صغيرة فمنطقة شعبية لوحده ....سابها من يومين ومحدش يعرف هو فين ..."
" طب وأهله ...؟!"
سأله عاصي بترقب ليجيبه الرجل :
" عنده اخت واحدة عايشة فإسكندرية بتشتغل دكتورة ...."
" يبقى تشوف اخته وعنوانها ...اكيد راح عندها ...."
قالها عاصي بنبرة جادة قبل ان يغلق الهاتف في وجهه وهو يفكر بأن غريمه بات معروف ...مجرد شاب صعلوك لا قيمة له ...
" تجيبها معاك ....!"
القى كلمته الاخيرة باقتضاب واغلق الهاتف وهو يفكر بأن كل شيء له مقابل وأن البادي أظلم ...
...................................................................
في فيلا راقية واسعة ...
على طاولة الافطار تجتمع عائلة كارم القاضي حيث كلا كارم وزوجته نادية والابنة الوحيدة كارمن ...
يتحدث الاب موجها حديثه لابنته قائلا:
" امتى السبق يا كارمن ...؟!"
تجيبه الابنه بجدية :
" كمان اسبوعين ... "
" مش هوصيكي ... عاوزين نجيب المركز الاول المرة دي ..."
قالها الأب وهو يغمز لها لتشمخ رأسها وتهتف بثقة طالما تحلت بها :
" ده شيء اكيد...انا ناوية اكون الاولى المرة دي وباذن الله هكون..."
ابتسم الاب لها بحنو بينما سألتها الأم :
" هتروحي التدريب النهاردة ...؟!"
اومأت برأسها وأجابتها :
" ايوه كمان ساعة ....."
لتقول الام بقلق واضح :
" خدي بالك من نفسك ....انا هخلص شغلي والحقك ...."
لتعترض الابنة :
" ملوش لزمة تيجي وتتعبي نفسك ... كلها ساعتين وهرجع ...."
الا ان الأم أصرت على قولها :
" انا قلت هاجي يعني هاجي ..."
نهضت كارمن من مكانها واتجهت نحو والدها ...طبعت قبلة على خده وهمست له بخفوت :
" اقنعها انها متجيش ...انا مش صغيرة عشان تلحقني فكل مكان ..."
ثم أهدت والدتها قبلة صغيرة قبل ان تخرج من غرفة الطعام لتلتفت الام الى زوجها وتسأله بحنق :
" كانت بتقولك ايه ...؟!"
" انتي بتغيري ولا ايه....؟!"
غمز لها الاب بعبث لترد بتذمر :
" مش وقته يا كارم ... قالتلك اني مروحش للتدريب صح..."
تحدث الاب بنبرة جادة حازمة :
" عشان ملوش لزوم فعلا انك تروحي ... نادية البت مبقتش صغيرة عشان تلحقيها فكل مكان ..."
ردت الأم بحدة غير مقصودة :
" دي بنتي الوحيدة وانا من حقي أخاف عليها ...انا مليش غيرها ..."
احتضن كارم كف زوجته وقال بنبرة حانية داعمة :
" وانا كمان مليش غيرها ...بس انتي كدة بتخنقيها ... "
" انا مش عايزاها تضيع من إيدي ...كفاية اللي ضاع زمان ..."
قالتها نادية بنبرة مختنقة وقد ترقرقت الدموع في عينيها ليتنحنح الاب محاولا تغيير الموضوع :
" متقلقيش عليها ...بنتك قوية ... ومحدش يقدر يأذيها او يجي جمبها ...."
اومأت الأم برأسها وجاهدت لكتم دموعها بينما نهض الاب من مكانه واتجه الى حديقة المنزل ليتنفس القليل من الهواء الذي سيساعده في طرد الافكار السلبية من رأسه ...

رواية بعض الهوى إثم كاملة عبر مدونة دليل الروايات

انتهت من تدريبها اخيرا... ساعتان متواصلتان قضتهما في تدريب شاق ... لكنه ممتع ... كيف لا وهي تتعامل مع اجمل مخلوق بالنسبة لها .. فرسها الحبيب ... ذاك الذي اهداه والدها لها في ميلادها الخامس ... ليصبح رفيق دربها وشريكها في نجاحات متتالية حققتها ضمن سباقات الفروسية ...
كانت تسير وهي تحمل في يدها قنينة مياة باردة ... تتناول قليلا منها ثم تلهث بقوة ... تسير بخطوات بطيئة بينما هناك من يراقبها من بعيد ... يتأملها بثوب الفروسية المكون من بنطال ضيق يلتصق بجسدها كجلد ثاني فوقه سترة بيضاء خفيفة مع حذاء اسود ذو عنق طويل يصل الى منتصف ساقها .... كانت فاتنة بحق رغما عن التعب الواضح على محياها ... تلك المرة الاولى التي يراها فيها وهي تتدرب على فرسها ...لكنها جذبت انتباهه منذ اللحظة الاولى... بيضاء جميلة بشعر بني قصير يصل الى منتصف رقبتها ... وعينين خضراوتين لامعتين تخطفان الأنفاس ... مع ابتسامة جذابة تسلب العقل ...
سارع في خطواته وهو يلحق بها ... يريد الحديث معها ... التعرف عليها .... ولكن هناك من سبقه في الوصول اليها ... شاب لا يعرفه يقتحم طريقها ويحييها بإبتسامة بلهاء بينما ترد هي عليه بإيماءة مختصرة ....يبدو ان هذا الأبله عاشق من الدرجة الاولى والفاتنة تمقته بشدة ... ها قد جاءته الفرصة على طبق من ذهب وعليه ان يستغلها ... سارع بالذهاب اليها....وصل عندها وهتف مشيرا الى الشاب بنبرة حادة :
" فيه حاجة ...؟!"
تأمله الشاب بإبتسامة ساخرة وقال :
" وانت مالك ...؟!"
ليرد الأخير بثقة :
" انا قريبها ومن حقي اعرف انت عايز منها ايه ..."
نقلت كارمن بصرها بين الاثنين بملامح مندهشة ... لم تستوعب بعد ما يحدث امامها حتى سألها الشاب الاول :
" هو بجد قريبك ...؟!"
ولا تعلم لماذا وجدت نفسها تومأ بنعم ليحمحم الشاب معتذرا ويتحرك من أمامهما ...التفتت كارمن نحو الشاب الاخر لتجده يطالعها بإفتنان واضح ...
عقدت ذراعيها أمام صدرها وسألته بنبرة باردة :
" ممكن اعرف انت مين وعايز ايه ...؟!"
مد يده معرفا عن نفسه :
" هادي نصار ... حسيت انك مش حابة وجوده فساعدتك تتخلصي منه ...."
رفعت حاجبها غير مصدقة لما تسمعه ... هل يمزح معها ..؟! بأي حق يتدخل بها ....؟! وقبل ان ترد عليه او تفتح فمها بكلمة كان يكمل بجدية :
" وقبل متقولي اي كلمة .... انا معجب بيكي جدا ... وكنت حابب اتعرف عليكي اووي ..."
لترد هي بسخرية :
" وطبعا لقيت قدامك فرصة مناسبة فقلت تستغلها
..."
" بالضبط ...."
كادت ان ترد عليه بما لا يعجبه حينما وجدت والدتها تقترب منها وهي تهتف بها بينما تتفحص الشاب الواقف امامها بملامح مهتمة :
" خلصتي تدريب يا حبيبتي ...؟!"
اجابتها وهي تهز رأسها إيجابا :
" خلصت يا ماما ...."
ثم اكملت بسرعة وهي تتحرك بعيدا عنه :
" يلا بينا ..."
ركبت الاثنتان السيارة لتسألها الأم بفضول :
" مين الشاب اللي كنتي واقفة معاه يا كارمن ...؟!"
اجابتها الاخيرة كاذبة:
" زميلي فالتدريب ...."
" بس ...؟!"
" بس ...."
هكذا انهت كارمن الكلام فهي لم تحب ان تتحدث عنه .... فهو ليس سوى شاب عابث الحديث عنه غير مهم بالنسبة لها ....

تكمله المقدمة 

وفي فيلا اخرى لا تقل فخامة ورقي عن التي سبقتها ...
تسير بخطوات راكضة على جهازها الرياضي .... بينما صوت الاغاني العالية عبر سماعة اذنها يمنعها من سماع اي شيء قد يدور حولها ....
توقفت اخيرا عن الركض لتأخذ نفسا عميقا قبل ان تسير بخطوات متهالكة خارج الصالة الرياضية خاصتها وهي ترتشف القليل من الماء من قنينة الماء خاصتها .... اتجهت الى صالة الجلوس لتجد والدتها تنهي اتصالا مع أحدهم ... سألتها :
" كنتي بتكلمي مين يا ماما ....؟!"
أجابتها وهي تضع الهاتف على المنضدة أمامها :
" كنت بكلم اخوكي..."
هتفت الفتاة بسرعة ولهفة:
" يوسف .... !!! ليه مندهتيش عليا عشان أكلمه ..."
" مانتي بتكلميه كل يوم ..."
" عامل ايه ...؟!"
سألتها لتجيب الأم بجدية :
" كويس.... قال انوا هيجي اجازة كمان اسبوعين ..."
قفزت الفتاة من مكانها بحماس وقالت:
" بجد ...ده وحشني اوي ...."
لترد الأم بإشتياق :
" وواحشني انا كمان ...ياااه سبع سنين عدوا عليا كأنهم قرن بحاله ..."
ربتت على كتفها وهي تواسيها :
" معلش...المهم هو يكون مرتاح هناك ... ده اهم شيء ..."
ثم اردفت بجدية:
" انا هاروح اخد شاور ... "
" رند ... هتروحي مكتب عزمي بيه النهاردة ؟!...."
سألتها إمها بإهتمام لترد رند بجدية :
" اها هروح النهاردة باذن الله ...."
ثم اتجهت بسرعة الى غرفتها لتأخذ حمامها قبل ان تنطلق متجهة الى مقر عملها الجديد ...
...................................................................
وقفت رند أمام المرأة تتأمل ملابسها بثقة عالية ...فاليوم اول يوم لها في عملها كمحامية في مكتب محاماة السيد عزمي علام صديق والدها ... كانت ترتدي بنطال من الجينز الازرق طويل يصل الى كاحلها فوقه قميص من الشيفون الابيض يغطيه سترة سوداء اللون ... وضعت القليل من عطرها المفضل قبل ان تتأكد من ترتيب شعرها ثم تخرج من غرفتها متجهة الى خارج المنزل وتحديدا الى مكتب عملها ...
وصلت الى هناك بعد حوالي ربع ساعة ... خرجت من السيارة واتجهت الى البناية العالية التي يوجد بها مكتب المحاماة ... وصلت الى هناك لتجد السيد عزمي في انتظارها ... رحب بها بسعادة بالغة فهي قبل ان تكون ابنة صديقه هي بمثابة ابنة له ... جلست على الكرسي المقابل له بينما يجلس هو خلف مكتبه يشرح لها عن طبيعة عملهم ....تستمع هي له بإهتمام وشغف شديدين ... وفي اثناء حديثهما دلفت له السكرتيرة خاصته وقالت :
" عزمي بيه ...فيه واحد برة عايز يقابلك ضروري ...."
" دخليه ...."
تحركت السكرتيرة الى الخارج ليدلف بعد لحظات رجل كبير في السن يبدو عليه التعب والارهاق الشديدين ...
" اتفضل ..."
قالها عزمي وهو يشير الى الكرسي الاخر المقابل للكرسي الذي تجلس عليه رند ...
جلس الرجل على الكرسي وبدأ حديثه قائلا :
" ابني ....ابني يا بيه متهم بقضية قتل ... وهيعدموه ... وانا مليش حد غير ربنا وغيرك يقدر ينقذه ...."
" اهدى يا حج ... اهدى وفهمني بالراحة ... وانا هحاول اساعدك ..."
قالها عزمي متأثرا بالرجل ومنظره المؤلم ليجيبه الرجل :
" زي ما قلتلك يا بيه .... ابني اتهموه ظلم فقضية قتل .... وانت الوحيد اللي تقدر تساعدني بعد ربنا ... "
نهضت رند من مكانها وقالت بجدية :
" طب استأذن انا دلوقتي يا عمو ... وهاجي بكره فالمعاد اللي حددته باذن الله ..."
اومأ عزمي برأسه متفهما بينما خرجت رند من المكتب تاركة الحرية للرجل المسكين ليتحدث عن كل ما يجول بخاطره ...
...................................................................
كانت تقفز على درجات السلم حينما نهرتها والدتها:
" إيسل ... خدي بالك لأحسن تقعي ... "
توقفت عما تفعله وهبطت درجات السلم واقتربت من والدتها التي تحمل طبقا به بعض الجبن وطبعت قبلة على وجنتيها وقالت بحب :
" صباح الخير يا حبي ...مالك متعصبة عالصبح كده ليه ...؟!"
أجابتها الأم وهي تتجه نحو مائدة الطعام لتضع طبق الجبن عليه:
" مليش ... بس خايفة عليكي ...."
تنحنت إيسل وقالت بتساؤل :
" امال خالد فين ...؟!"
صدح صوت رجولي في ارجاء المكان :
" انا هنا اهو ..."
ثم اردف وهو يترأس مائدة الطعام :
" صباح الخير ...."
اجابته إيسل بإبتسامة :
" صباح النور...."
بينما تحركت الام عائدة نحو المطبخ لتجلس إيسل على الكرسي الجانبي لكرسي أخيها وتسأله بحيرة :
" هي ماما مالها ...؟! شكلها مدايق اوي ..."
صمت خالد لبرهة قبل ان يجيبها بحنق :
" ابوكي اتجوز ...."
تشدق فمها بإبتسامة ساخرة وهي تهتف :
" تاني ...قصدي رابع .... هي مش دي الجوازة الرابعة بردوا ....؟!"
اومأ خالد برأسه لتهتف إيسل بإستنكار :
" وهي ماما مدايقة عشان اتجوز ليه ...؟! هي لسه عندها أمل إنوا يتغير ويعقل ...؟!"
تنهد خالد بحيرة من وضع امه المؤلم فهي ما زالت تضمر في داخلها الكثير من الالم والحزن .... كيف لا وذلك المسمى بزوجها يتزوج للمرة الرابعة عليها ... ؟!
نهضت إيسل من مكانها فسألها خالد بتعجب :
" رايحة فين من غير فطار ....؟!"
اجابته :
" رايحة الجامعة طبعا ...اتأخرت على اول محاضرة ..."
ثم سارت دون ان تسمع اي كلمة منه ...
ركبت سيارتها واتجهت الى جامعتها ....ورغما عنها أخذت تفكر في ذلك المسمى والدها... كم تكره تصرفاته وصبيانته التي لا تنتهي ... هل عليها ان تتحمل كل تصرفاته تلك فقط لأنها ابنته .... تحمل اسمه ...سألت نفسها للمرة الألف دون ان تجد رد يريحها ... نعم هو والدها وعليها تقبله ... وتقبل زيجاته اللعينة ...
كانت تحاول ركن سيارتها في الكراج حينما باغتتها سيارة اخرى مرت بجانبها قبل ان تجرح سيارتها بخط طويل امتد على جانبها ....
ضربت المقود بكفي يديها وهبطت من من سيارتها بملامح متحفزة متأهبة للعراك ...
تأملته مليا ... شاب طويل وسيم يرتدي نظارة شمسية تخفي عينيه ... خلع نظارته لتظهر عيناه الواسعتان خلفها... اخذ يتأملها بملامح باردة ونظرات متعالية ساخرة وهي تقترب منه بملامح تقطر غضبا ...
وقفت أمامه متخصرة هاتفة به بنبرة عالية :
" ممكن افهم ايه اللي عملته ده ...؟!"
ثم أردفت بنبرة أكثر علوا غير مهتمة كونها في الجامعة :
" رد عليا ...ساكت ليه ...."
ليرد عليها بلا مبالاة اغاظتها :
" انتي اللي راكنة غلط ...أعملك ايه ...؟!"
اعتصرت كف يدها بقوة حتى لا تلكمه على وجهه بينما ظل هو يرميها بنظراته الهازئة ...
" انت ليك عين تتكلم ...مش كفاية الي عملته .."
رد بملل :
" خلصيني وقوليلي ادفعلك كام ..."
جحظت عيناه بعدم تصديق ...انه يتصرف معها ببرود واستهزاء ... ستقتله بكل تأكيد .... اتجهت نحو سيارتها واخذت تتفحصها وهي تهتف بصوت عالي :
" اعمل ايه انا دلوقتي ....السيارة ادمرت خالص ..."
التفتت نحوه لتجده يركب سيارته قبل ان يهتف بها :
" ابقي شوفي تصليحها يكلف كام وبلغيني ....."
ثم قاد سيارته بسرعة غير ابها بها .... اتسعت عيناها بعدم تصديق لما حدث قبل ان تضرب الارض بقدمها وهي تتوعد له بالكثير،...

( الرجل العابث ترغب به اغلب النساء ...وإن أنكرن هذا ..)

كلمات قليلة قرأها على مواقع التواصل الاجتماعي ليبتسم ساخرا قبل ان يقوم بمشاركته على صفحته الشخصية ...
اغلق هاتفه وهو يتنهد بضيق... اليوم يبدو مملا للغاية ... لا يعلم لماذا ...؟!
نهض من فوق سريره ووقف أمام النافذة يتأمل الحديقة الخارجية خلفها .... ورغما عنه اتجهت افكاره نحوها ... فوحدها هي من سرقت افكاره وسيطرت على قلبه ... لا يعرف كيف ومتى ...فهو العابث الذي لم يخضع لأي إمرأة كانت ... بل لم تؤثر به اي إمرأة ...هو الذي يتلاعب بالفتيات .... ويخضعهن له ... لكنها وحدها من وقع فريسة لها ... أحبها منذ أن شبت أمام عينيه ... وباتت هي بطلة أحلامه .... اتجه خارج غرفة نومه الى والدته وقد عقد العزم على فعل ما أجله طويلا ... هو لن ينتظر اكثر ... سينفذ ما يريده ...
وجد والدته تجلس امام التلفاز تتابع احد المسلسلات حينما اقترب منها وهتف بسرعة:
" ماما انا عايز اتجوز ...."
اتسعت عينا الأم وقالت بفرحة وعدم تصديق في أن واحد :
" بجد يا أسر ... مين هي العروسة ...؟! وتعرفها من امتى ....؟!'
" العروسة تبقى كارمن يا ماما ...."
اختفت ابتسامة الام وقالت :
" كارمن بنت خالك ..."
" ايوه هو فيه كارمن غيرها نعرفها ..."
انتفضت الام من مكانها وقالت :
" لا ... كارمن لا يا أسر ...."
" ليه يا ماما ....؟! ليه كارمن لا ...؟!"
قالها أسر غير مصدقا لما يسمعه ...والدته ترفض ابنة أخيها ... لماذا ...؟!
" هو كده ....قلت لا يعني لا ...وإياك تفتح الموضوع ده تاني حتى مع نفسك ..."
قالتها بعصبية كبيرة وهي تتجه خارج المكان تاركة إياه يحدق في أثرها بخيبة أمل كبيرة ....
اما هي فاتجهت الى غرفتها واخذت تسير داخلها بخطوات سريعة ...لا تصدق ما حدث معها ...ابنها يريد الزواج من تلك الفتاة ....ألم يجد غيرها ...؟!
لا والف لا ....ابنها الوحيد لن يتزوج من فتاة مثلها ...فهي وان تحمل اسم عائلة القاضي لكنها في الحقيقة مجرد لقيطة ....!!!
...................................................................

إستيقظت إيلين من نومها على صوت المنبه خاصتها ...
اعتدلت في جلستها وأخذت تتأمل ياسمين النائمة بجانبها بسلام غريب ... كانت تبدو مرهقة للغاية ....
تسائلت إيلين في داخلها عن السبب الذي يجعل واحدة مثلها تهرب من زوجها ... هل يعاملها بشكل سيء ...؟!
ربما يضربها او يسيء لها ... الله وحده يعلم ما تعرضت له لتفعل شيئا صعبا كالذي فعلته ...
حاولت أن تبعد تلك الأفكار عن رأسها فنهضت من فوق سريرها واتجهت الى الحمام الملحق بغرفتها ....
غسلت وجهها بالماء ثم نشفته جيدا قبل أن تتمعن النظر الى وجهها بالمرأة تسأل نفسها اذا ما فعلته صحيح أم خاطئ ...
هي الآن تتستر على زوجة هاربة مع حبيبها ... يا لها من جريمة بشعة في نظر المجتمع ...
حاولت أن تبعد هذه الأفكار عن رأسها فهي قررت مساعدتهما وعليها أن تتحمل تبعات قرارها ...
في الحقيقة هي لم يكن لديها خيار أخر فرامي مهما فعل سيظل أخوها الوحيد وواجب عليها حمايته ...
أعادت المنشفة الى مكانها ثم خرجت من الحمام وغرفة النوم الى صالة الجلوس لتجد رامي يجلس على الكنبة ويدخن في صمت ...
اقتربت منه وجلست بجانبه تسأله :
" انت كويس ...؟!"
لم يجبها فوجدت نفسها تسأله بشك لم تستطع ان تخفيه :
" انت فعلا بتحبها ....؟!"
نفث دخان سيجارته عاليا قبل ان يطفأها ويتنهد تنهيدة طويلة ثم يجيب بصدق :
" بحبها اوي ... لو مكنتش بحبها مكنتش هعرض نفسي للخطر ده ..."
" بس انت كل يوم بتمشي مع وحدة شكل ... خايفة تكون نزوة من نزواتك الكتير ...."
رد عليها قائلا بنبرة قوية واثقة :
" مستحيل ... انا بحب ياسمين جدا... ياسمين عمرها مكانت نزوة ... ولا هتكون ..."
تنهدت إيلين براحة فعلى الأقل اخوها لا يعبث مع الفتاة كما فكرت ...
هذا شيء جيد نوعا ما ...
" رامي... انت متأكد إنك هتستحمل كل حاجة عشانها ...؟!"
ارتبك وشعرت هي بإرتباكه الذي بان بوضوح على ملامحه فقال بنبرة متلكأة :
" انا هستحمل كل حاجة عشان خاطر ياسمين ..."
منحته إيلين ابتسامة خافتة وهي تفكر بأن رامي ليس بالقوة التي تجعله يقاوم رجل بكل هذه النفوذ والسلطة ...

رواية بعض الهوى إثم

عادت إيلين الى غرفتها بعدما انهت حديثها مع رامي لتجد ياسمين قد استيقظت من نومها ...
" صباح الخير ..."
قالتها ياسمين بإحراج وهي تنهض من فوق سريرها لترد عليها إيلين بإقتضاب :
" صباح النور ...."
دلفت ياسمين الى الحمام بينما جلست إيلين على السرير تفكر بكلام أخيها ...
هو يحب ياسمين وقد تأكدت من هذا بنفسها ...
لكن هل سيستطيع المقاومة والاستمرار في الهرب لأجلها ...
رفعت إيلين رأسها الى الاعلى تنظر الى سقف الغرفة وهي تفكر بأن ما يحدث ورطة كبيرة يجب الخلاص منها بأسرع وقت ...
عقدت العزم على أنها ستتحدث مع رامي وياسمين لتفهم منهما ما يريدان فعله او ينويان على فعله ....
خرجت ياسمين من الحمام وسألتها بتردد :
" ممكن أستعمل المشط ...؟! محتاجة اسرح شعري..."
" اكيد..."
اتجهت ياسمين الى طاولة التجميل الصغيرة وحملت المشط وأخذت تسرح شعرها حينما اقتربت منها إيلين وقالت :
" هو انا ينفع أسألك سؤال ..."
توقفت ياسمين عن تسريح شعرها وقالت وهي تومأ برأسها :
" طبعا اتفضلي ..."
تنحنت إيلين قائلة :
" هو انتي بتحبي رامي بجد ...؟!"
" انتي شايفة ايه ..؟! تفتكري ممكن أخرب بيتي واهرب من جوزي عشان شخص مبحبوش ...."
لم تستطع إيلين ان تمنع نفسها من القاء هذا السؤال على مسامعها فأردفت :
" وتفتكري انوا الوحدة تخرب بيتها وتهرب من جوزها حاجة سهلة ....؟!"
أشاحت ياسمين وجهها بعيدا عنها لتغمغم إيلين :
" انا مش قصدي حاجة بس نفسي أعرف ايه السبب القوي اللي يخليكي تعملي كده ...؟!"
أجابتها ياسمين بضيق خفي :
" محبيتهوش ...ولا هو حاول يحببني فيه ..."
ثم حملت نفسها وخرجت من غرفة النوم تاركة إيلين تفكر بما قالته ...
...........................................................................
غيرت إيلين بيجامتها البيتية وارتدت ملابس خروج مكونة من فستان زهري بسيط وحذاء رياضي ابيض اللون ...
حررت شعرها الطويل بعض الشيء ثم حملت هاتفها وخرجت من غرفتها لتجد رامي وياسمين يتحدثان سويا ...
" رايحة فين عالصبح كده ...؟!"
سألها رامي بتعجب لترد بجدية :
" رايحة الشغل ...."
" هو مش النهاردة اجازة ....؟!"
اومأت برأسها وردت عليه :
" هو اجازة بس أنا رايحة شغلي التاني ..."
" شغل ايه ...؟!"
" انا بشتغل فمحل ورد قريب من هنا ... بشتغل فأيام الإجازة بس ..."
اوما رامي برأسه متفهمتا بينما اتجها إيلين خارج الشقة ...
في أثناء سيرها نحو المحل توقفت أمام البحر تتأمله عن قرب ...
كم تعشق بحر اسكندرية بهواءه المميز ...
تكاد تجزم أنه أجمل هواء سيمر عليها في حياتها ...
أخذت نفسا عميقا محاولة طرد الأفكار السلبية التي تسيطر عليها منذ ليلة البارحة ثم ابتسمت بإنشراح وهي تحاول أن تقنع نفسها بأن كل شيء سيكون بخير ...
تطلعت الى ساعتها لتجد أن وقت عملها قد بدأ فسارت بخطوات راكضة نحو محل عملها ...
...........................................................................
ما ان خرجت إيلين من الشقة حتى قالت ياسمين موجهة حديثها لرامي :
" رامي احنا لازم نسيب هنا حالا ..."
" ليه بس ...؟!"
سألها رامي بحيرة لترد موضحة له سبب ما قالته :
" عاصي زمانه عرف انوا عندك اخت ساكنة هنا ... هو اكيد جاب كل المعلومات اللي تخصك ..."
" مش لما يعرف أنا مين الاول ....؟!"
" وانت تفتكر انوا لسه معرفش انت تبقى مين ...؟!"
" طب هنروح فين ...؟!"
سألها رامي لتجيبه :
" نروح أي أوتيل قريب من هنا ...."
قال رامي بسخرية :
" وهنجيب فلوس الأوتيل منين ...؟!"
ردت ياسمين بإحباط :
" مش عارفة ...بس إحنا لازم نسيب هنا فورا ..."
نهض رامي من مكانه فجأة واتجه الى غرفة نوم شقيقته ... فتح باب خزانة ملابسها واخذ يبحث فيها عن شيء ما ... وما ان وجده اخيرا حتى ابتسم بإنتصار ...
حمل الشيء وخرج الى ياسمين التي تطلعت اليه فوجدته يحمل صندوقا حجري فسألته بفضول :
" ايه ده ....؟!"
اجابها بجدية :
" الصندوق ده فيه دهب امي الله يرحمها ....هناخده ونبيعه ... وبفلوسه نأجر شقة هنا ...."
" بس ده بتاع اختك ...."
قال رامي بلا مبالاة فاجأتها :
" هنعمل ايه يعني ... معندناش حل تاني ... ولا عايزانا نعيش فالشارع ..."
صمتت ياسمين ولم ترد بينما اكمل رامي بصوت جاد:
" غيري هدومك بسرعة عشان نروح ...."
اومأت ياسمين برأسها وركضت مسرعة نحو غرفة النوم لتغير ملابسها بينما أخذ رامي يجمع أغراضهما المرمية في صالة الجلوس ثم وضعها في الحقيبة...
..........................................................................
عادت إيلين مساء الى الشقة وهي تحمل معها طعام العشاء الذي اشترته لهم ...
فتحت الباب ودلفت الى الداخل لتجد الشقة خالية من وجود اي منهما ...
نادت عليهما ظنا منهما أنهما في غرفة النوم او ربما احدهما في الحمام لكن ما من مجيب ...
جذب انتباهها ورقة موضوعة على الطاولة الصغيرة التي تتوسط غرفة الجلوس فإتجهت نحو الورقة بعدما وضعت الطعام على الكنبة وحملتها وقرأت ما بها ...
( اسف اوي بس احنا مضطرين نروح عشان جوز ياسمين ممكن يشك إننا هنا.... ميرسي يا إيلين على استقبالك لينا ... احنا بنشكرك اووي ... ادعيلنا ...)
اعتصرت إيلين الورقة داخل يدها ثم قالت :
" غبي..."
اتجهت نحو غرفة النوم وبدأت في خلع ملابسها ... فتحت باب الخزانة لتخرج بيجامة نظيفة لها فلفت انتباهها مكان الصندوق الفارغ ....
ابتلعت ريقها بخوف ثم ما لبثت ان اخذت تفتش عنه فلم تجده لتتأكد شكوكها ...اخوها رامي سرقها ... سرق ذهب والدتها الذي احتفظت به لسنين طويلة بعد وفاتها ...
جلست على السرير بوهن بينما أحاطت وجهها بكفي يديها وأخذت تبكي بألم ....لا تصدق ما فعله أخيها بها ...
توقفت عن بكائها وهي تستمع الى صوت طرقات على باب شقتها ... كانت طرقات قوية مستمرة ....
ارتدت بيجامتها بسرعة وخرجت بوجهها الباكي الاحمر الى الطارق لتتفاجئ بمجموعة رجال يقتحمون الشقة ويقلبونها رأسا على عقب غير مبالين بصراخها عليهم ...
انتهت المقدمة
google-playkhamsatmostaqltradent